هل يتخلى الديمقراطيون عن بايدن؟

استطلاعات رأي موجعة للرئيس الحالي تطرح سيناريوهات انتخابية جديدة

تظهر استطلاعات الرأي تراجع شعبية بايدن في الولايات المتأرجحة (د.ب.أ)
تظهر استطلاعات الرأي تراجع شعبية بايدن في الولايات المتأرجحة (د.ب.أ)
TT

هل يتخلى الديمقراطيون عن بايدن؟

تظهر استطلاعات الرأي تراجع شعبية بايدن في الولايات المتأرجحة (د.ب.أ)
تظهر استطلاعات الرأي تراجع شعبية بايدن في الولايات المتأرجحة (د.ب.أ)

قبل عام تقريباً من الانتخابات الرئاسية الأميركية، تتصاعد الخلافات والتجاذبات بين المرشحين المتنافسين على مقعد الرئاسة في البيت الأبيض. أما بالنسبة إلى قاطنه الحالي جو بايدن، فالأرقام لا تبشر بالخير؛ إذ أظهرت الاستطلاعات الأخيرة تقدم منافسه الأبرز دونالد ترمب عليه في ولايات متأرجحة. السبب، بحسب الأرقام، سياساته الاقتصادية والأمنية والخارجية تحديداً الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.

يأتي هذا في حين يواجه الرئيس السابق سلسلة من القضايا الموجهة ضده، أبرزها في الوقت الحالي قضية الاحتيال المالي في نيويورك التي قد تكلفه إمبراطوريته العقارية. وبينما يحتدم الصراع بين الرجلين، يسعى المرشحون الجمهوريون جاهدين لإثبات أنفسهم في أرض المعركة الانتخابية، فحضروا لمرة ثالثة على مسرح واحد في المناظرة الجمهورية التي غاب عنها، كما جرت العادة، ترمب.

يستعرض «تقرير واشنطن» وهو ثمرة تعاون بين «الشرق الأوسط» و«الشرق»، دلالة أرقام الاستطلاعات الموجعة لبايدن، ودعوات بعض الديمقراطيين البارزين لانسحابه من السباق، كما يستعرض الخيارات أمام الناخب الأميركي، بالإضافة إلى حظوظ المرشحين الجمهوريين في انتزاع لقب ترشيح الحزب الرسمي.

بايدن يتحدث أمام اتحاد عمال السيارات بولاية إلينوي في 9 نوفمبر 2023 (أ.ب)

«انقلاب» ديمقراطي على بايدن

رأى مستشار الرئيس السابق باراك أوباما، دايفد أكسلرود، أن أرقام الاستطلاعات التي أظهرت تراجعاً لبايدن أمام ترمب «نشرت بذور الشك في الحزب الديمقراطي» وطرح احتمال سحب الرئيس الحالي ترشيحه من الرئاسة.

تصريح لافت من ديمقراطي بارز، لكنه أثار غضب مناصري بايدن كالأستاذ في جامعة جون هوبكنز، البروفسور روبرت غوتمان، الذي أعرب عن استيائه الشديد من أكسلرود، قائلاً: «من يحتاج إلى أعداء عندما يكون لديك أصدقاء مثل هؤلاء؟... يجب أن يدعم الحزب بايدن، خاصة في العام الذي يسبق الانتخابات»، وانتقد غوتمان ترشح النائب الديمقراطي عن ولاية مينيسوتا دين فيليبس ضد بايدن، عادّاً أن هذا سيزيد من حظوظ ترمب بالفوز.

أما ستيف هيرمان، كبير المراسلين في صوت أميركا، فحذّر من استطلاعات الرأي التي تجري قبل وقت طويل من الانتخابات، إلا أنه عدّ في الوقت نفسه أن الأرقام تشير بشكل واضح إلى «غياب روح الحماسة تجاه بايدن والقلق العام حول سنّه المتقدّمة»، ويضيف هيرمان: «إنه أكبر سناً من دونالد ترمب ببضع سنوات فقط، لكن لا يبدو أنه هناك أي قلق حيال سن ترمب...».

ويرى براين سايتشيك، مدير حملة ترمب السابق في ولاية أريزونا، أن «هناك تراجعاً ذهنياً فعلياً لدى جو بايدن وأعتقد أن الكثير من الناخبين لاحظوا ذلك». لكنه أشار إلى أن الديمقراطيين سيصوّتون في نهاية المطاف لجو بايدن كما أن الجمهوريين سيصوتون لصالح دونالد ترمب، مضيفاً: «سيتم الفوز بهذا السباق بفضل أصوات الناخبين الذين يحملون شهادات جامعية من الضواحي والذي دعموا ترمب في 2016، لكنهم تخلوا عن الحزب الجمهوري منذ ذلك الحين». وأعرب سايتشيك عن امتعاضه من عدم وجود وجوه أخرى في مقدمة السباق، مشيراً إلى أن «هناك عدداً قليلاً جداً من الناخبين الذين يرغبون في رؤية مواجهة ثانية بين ترمب وبايدن، باستثناء دونالد ترمب وجو بايدن نفسيهما».

المرشحون الجمهوريون على مسرح المناظرة الثالثة بفلوريدا في 8 نوفمبر 2023 (أ.ف.ب)

الحزب الجمهوري «حزب الخاسرين»؟

رغم أرقام الاستطلاعات المؤلمة لبايدن، تمكن الحزب الديمقراطي من تحقيق مكاسب انتخابية كبيرة في السباق المحلي لولاية فيرجينيا، حيث سيطر الحزب على مجلسي الولاية؛ الأمر الذي دفع بالمرشح الجمهوري فيفيك راماسوامي إلى وصف حزبه بـ«حزب الخاسرين»، وهو توصيف اعترض عليه سايتشيك قائلاً: «لن أقول إنه حزب الخاسرين، لكنه حزب يمر بحرب أهلية. هناك انقسام حقيقي هنا بين جناح ترمب والذي يضم شقاً شعبوياً وبين الجمهوريين التقليديين، والحزب في حالة حرب. وهذا يكلّفنا الانتخابات؛ إذ إن الحزب الجمهوري لم يحظ بانتخابات عامة جيدة منذ 2016. خسرنا في 2018 وفي 2022، وأعتقد بأنه يمكننا أن نضيف انتخابات مساء الثلاثاء على اللائحة».

أما غوتمان فعدّ أن ترمب «أنهك الحزب الجمهوري»، مشيراً إلى أن «الحزب تدهور بشكل أساسي ولن يعود إلى ما كان عليه».

من ناحيته، رأى هيرمان أن ما حدث هذا الأسبوع في فيرجينيا أمر «مشجّع جداً للديمقراطيين»، مشيراً إلى طريقة إدارة الجمهوريين حملاتهم الانتخابية في ولايات مثل فيرجينيا، في ملفات كالإجهاض، مضيفاً: «يبدو أن هذه المواقف الصارمة تبعد الكثير من الناخبين وليس فقط الناخبين الديمقراطيين والمستقلين».

السيناتور الديمقراطي جو مانشين أعلن عدم ترشحه لولاية ثانية (أ.ب)

بديل لبايدن؟

ومع تململ بعض الديمقراطيين والجمهوريين من الخيارات المتوفرة أمامهم في الانتخابات الرئاسية، يشير هيرمان إلى أن مرشح حزب ثالث قد يغير من المعادلة، «خاصة في الولايات المتأرجحة، حيث يتوقع أن تكون نتائج الانتخابات متقاربة جداً... هناك احتمال بسيط جداً لتغيير بايدن إذا أصبح عاجزاً عن تأدية عمله. والأمر نفسه بالنسبة إلى الجمهوريين في حال إدانة ترمب».

من ناحيته، أشار غوتمان إلى احتمال طرح أسماء بديلة، كالسيناتور الديمقراطي المعتدل جو مانشين، الذي أعلن عدم ترشحه لولاية ثانية كسيناتور عن ولاية ويست فيرجينيا، ما قد يكون مؤشراً على استعداده لخوض السباق في حال تغيرت المعطيات مع بايدن، وقال غوتمان: «لا يزال أمامنا عام قبل الانتخابات وشخص مثل السيناتور مانشين يتمتّع بسمعة جيدة، وقد يغير ديناميكية الانتخابات».

ويوافق هيرمان مع هذا الطرح، مشيراً إلى تجمع انتخابي جديد بعنوان «نو لايبلز»سيعقد تجمعاً لاختيار مرشح في تكساس العام المقبل، وقد يكون مانشين هو المرشح المذكور.

المرشح المستقل روبرت كينيدي جونيور في حدث انتخابي بولاية بنسلفانيا في 9 أكتوبر 2023 (رويترز)

أما سايتشيك فيسلّط الضوء على المرشح روبرت كينيدي جونيور، الذي قرر خوض السباق مستقلاً بعد أن حاول منافسة بايدن في انتخابات الحزب الديمقراطي. وأشار سايتشاك إلى أن روبرت كينيدي من شأنه أن يهدد حظوظ ترمب بالفوز بسبب مواقفه المثيرة للجدل كـ«معارضة اللقاحات، ونشر نظريات المؤامرة».

واستبعد سايتشاك ما يتردد من أنباء عن احتمال ترشح حاكم ولاية كاليفورنيا، كيفين نيوزم، أو ميشيل أوباما، زوجة الرئيس السابق لمنافسة بايدن، وهما اسمان كررهما راماسوامي في المناظرة الجمهورية، عادّاً أنه يسعى لاستقطاب الأنظار فحسب.

ترمب يدلي بإفادته أمام محكمة نيويورك في 6 نوفمبر 2023 (رويترز)

ترمب والقضايا

بالتزامن مع كل هذه المعطيات، لا يزال ترمب بمواجهة عدد من الدعاوى القضائية في المحاكم الأميركية، وقد أشار استطلاع أجرته صحيفة «نيويورك تايمز» بالتعاون مع جامعة «سيينا» إلى انه في حال تمت إدانته، فسوف يغير 6 في المائة من الناخبين في الولايات المتأرجحة تصويتهم لصالح بايدن.

ووصف غوتمان، الذي يعمل في المجال السياسي منذ عام 1970، الحملة انتخابية الحالية بـ«غير الاعتيادية»، وفسر قائلاً: «ترمب سيكون في قاعة المحكمة معظم الوقت، وما زال لديه قاعدة من المؤيدين، الذين سيدعمونه حتى إذا أطلق النار على شخص ما في الجادة الخامسة، كما قال من قبل، لكن إن تمت إدانته في إحدى هذه المحاكمات، ستختلف الأمور وقد ينقلب الناس ضدّه».

ويوافق سايتشاك مع هذه النقطة، مشيراً إلى أن القضية الأبرز التي ستزعزع من توازن ترمب هي القضية المتعلقة بالغش في الانتخابات في ولاية جورجيا المتأرجحة، ورأى أن قضية الاحتيال المالي في نيويورك ليست بالأهمية نفسها؛ لأنها قضية «تمت إدانته فيها، وما يتم بحثه حالياً هو طبيعة الأضرار والغرامة التي يجب أن يسددها... في حال تمت إدانته في مقاطعة فولتن أو أي مكان آخر... فكرة وجود رئيس للبلاد في السجن هي فكرة صعبة جداً».


مقالات ذات صلة

مجلس الشيوخ الأميركي لتجميد الأسلحة الهجومية لإسرائيل

الولايات المتحدة​ يصوّت مجلس الشيوخ الأربعاء على تجميد الأسلحة الهجومية لإسرائيل (رويترز)

مجلس الشيوخ الأميركي لتجميد الأسلحة الهجومية لإسرائيل

يصوّت مجلس الشيوخ الأميركي، الأربعاء، على مشاريع تهدف إلى صدّ تسليم الأسلحة الهجومية لإسرائيل بسبب ممارساتها خلال الحرب في غزة.

رنا أبتر (واشنطن)
الولايات المتحدة​ ترمب خلال لقائه مع الجمهوريين في مجلس النواب 13 نوفمبر 2024 (رويترز) play-circle 03:13

تعيينات ترمب المثيرة للجدل تهيمن على إدارته الجديدة

شهد أول أسبوع منذ فوز ترمب بالانتخابات الرئاسية، سلسلة تعيينات تماشى بعضها مع التوقعات، وهزّ بعضها الآخر التقاليد السياسية المتّبعة في واشنطن.

رنا أبتر (واشنطن)
الولايات المتحدة​ زعيم الأغلبية الجمهورية الجديد جون ثون في مجلس الشيوخ في 13 نوفمبر 2024 (رويترز)

جون ثون زعيماً جديداً للجمهوريين في «الشيوخ»

انتخب الحزب الجمهوري في جلسة تصويت مغلقة السيناتور عن ساوث داكوتا جون ثون ليصبح زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ.

رنا أبتر (واشنطن)
الولايات المتحدة​ بسط الجمهوريون سيطرتهم على الكونغرس الأميركي (أ.ب)

«جمهوريو أميركا» يبسطون سيطرتهم على المرافق الفيدرالية

وقع مجلس النواب في قبضة الجمهوريين، ليلوّن المرافق الفيدرالية باللون الأحمر، ويمهد الطريق أمام الرئيس المنتخب دونالد ترمب لبسط سيطرته وتمرير أجنداته.

رنا أبتر (واشنطن)
الولايات المتحدة​ ستيفانيك وترمب في نيوهامشير 19 يناير 2024 (أ.ف.ب)

ترمب يختار داعمة شرسة لإسرائيل مندوبة في الأمم المتحدة

بدأ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب تشكيل فريقه الذي سيحيط به في البيت الأبيض، فطلب من النائبة الجمهورية إليز ستيفانيك أن تتسلّم منصب مندوبة بالأمم المتحدة.

رنا أبتر (واشنطن)

ترمب يختار بوندي لـ«العدل» بعد انسحاب غايتز

بام بوندي تتحدّث خلال فعالية انتخابية داعمة لترمب في أغسطس 2020 (إ.ب.أ)
بام بوندي تتحدّث خلال فعالية انتخابية داعمة لترمب في أغسطس 2020 (إ.ب.أ)
TT

ترمب يختار بوندي لـ«العدل» بعد انسحاب غايتز

بام بوندي تتحدّث خلال فعالية انتخابية داعمة لترمب في أغسطس 2020 (إ.ب.أ)
بام بوندي تتحدّث خلال فعالية انتخابية داعمة لترمب في أغسطس 2020 (إ.ب.أ)

اختار الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، بام بوندي، المقربة منه والعضوَ في فريق الدفاع عنه خلال محاولة عزله الأولى عام 2020، لتولي منصب وزيرة العدل بعد انسحاب مرشحه المثير للجدل النائب السابق مات غايتز.

وكتب ترمب على منصته «تروث سوشال» بعد انسحاب غايتز: «يُشرّفني أن أعلن المدعية العامة السابقة لفلوريدا، بام بوندي، لتكون وزيرة العدل المقبلة»، مضيفاً: «لفترة طويلة جداً، استُخدمت وزارة العدل أداة ضدي وضد جمهوريين آخرين، لكن ليس بعد الآن. ستعيد بام تركيز وزارة العدل على هدفها المقصود المتمثل في مكافحة الجريمة وجعل أميركا آمنة مرة أخرى».

في سياق آخر، منح القاضي في المحكمة العليا لولاية نيويورك، خوان ميرشان، أمس، ترمب، الإذن بالسعي إلى إسقاط قضية «أموال الصمت»، وأرجأ بذلك النطق بالحكم الذي كان مقرراً الأسبوع المقبل.