مجلس النواب الأميركي ينتظر رئيسه

مساعٍ حثيثة لضمان فوز مرشح الجمهوريين باللقب

سكاليس يغادر مبنى الكونغرس بعد فوزه بترشح حزبه لرئاسة مجلس النواب في 11 أكتوبر 2023 (أ.ف.ب)
سكاليس يغادر مبنى الكونغرس بعد فوزه بترشح حزبه لرئاسة مجلس النواب في 11 أكتوبر 2023 (أ.ف.ب)
TT

مجلس النواب الأميركي ينتظر رئيسه

سكاليس يغادر مبنى الكونغرس بعد فوزه بترشح حزبه لرئاسة مجلس النواب في 11 أكتوبر 2023 (أ.ف.ب)
سكاليس يغادر مبنى الكونغرس بعد فوزه بترشح حزبه لرئاسة مجلس النواب في 11 أكتوبر 2023 (أ.ف.ب)

رغم انتزاع زعيم الأغلبية الجمهورية في مجلس النواب ستيف سكاليس ترشيح حزبه لرئاسة المجلس، لا يزال بعيداً كل البعد عن الحصول على أغلبية الأصوات اللازمة لضمان فوزه في عملية التصويت الرسمية لانتخاب رئيس.

فسكاليس الذي حصد 113 صوتاً فقط من أصل 221 جمهورياً، يحتاج إلى تأمين 217 صوتاً للفوز باللقب، وحتى الساعة لا تزال هذه الأصوات بعيدة المنال في ظل الاختلافات الجمهورية المتجذرة والانقسامات العميقة التي أدت إلى تنحية تاريخية لرئيس المجلس السابق كيفين مكارثي.

فعلى الرغم من أن سكاليس تمكن من الفوز بأغلبية الأصوات خلال عملية تصويت سرية لأعضاء حزبه في اجتماع مغلق، فإن الأصوات الـ99 الأخرى صبّت لصالح منافسه على اللقب رئيس اللجنة القضائية جيم جوردان، الذي سرعان ما سعى إلى رص الصف الجمهوري معلناً دعمه لسكاليس.

جوردان يتحدث مع الصحافيين بعد خسارته ترشيح حزبه لرئاسة مجلس النواب في 11 أكتوبر 2023 (أ.ب)

لكن هذا لم يقنع بقية المعارضين بدعمه، فسكاليس، البالغ من العمر 58 عاماً، مصاب بسرطان الدم، تم تشخيصه في العام الحالي ويخضع لعلاج الأشعة. وهو أمر يثير قلق بعض المعارضين مثل النائبة الجمهورية مارجوري غرين، التي قالت: «لقد أيدت جيم جوردان في التصويت السري، وسأصوت لصالحه في مجلس النواب». وأضافت غرين في تصريح على منصة «إكس» (تويتر سابقاً): «أحب ستيف سكاليس لدرجة أني أريد أن أراه يتغلب على السرطان، وألا يضحي بصحته في أكثر المناصب صعوبة في الكونغرس».

مايس في مؤتمر صحافي بعد تصويت الجمهوريين على مرشح لهم في 11 أكتوبر 2023 (أ.ف.ب)

إلا أن صحة سكاليس ليست السبب الوحيد وراء معارضة بعض الجمهوريين له، إذ أشارت زميلته نانسي مايس إلى دعمه للعنصريين البيض، فقالت: «لا أستطيع بضمير مرتاح أن أصوت لصالح شخص حضر مؤتمراً للعنصريين البيض وشبّه نفسه بزعيمهم».

وكان سكاليس حضر المؤتمر في عام 2002 عندما كان نائباً محلياً عن ولاية لويزيانا.

وقد نجى سكاليس، الداعم للرئيس السابق دونالد ترمب، من محاولة اغتيال في عام 2017 عندما أطلق مسلح معارض للرئيس السابق النار عليه خلال لعبة بيسبول في ولاية فيرجينيا، نجا منها بأعجوبة بعد إصابته بجروح خطرة.

ويواجه الزعيم الجمهوري مهمة صعبة لحشد دعم زملائه، الذين يتخوفون من تكرار سيناريو مكارثي في عملية التصويت، التي تطلبت 15 جولة لحسمها، وأظهرت عمق الخلافات الجمهورية، ما تسبب في إحراج للحزب لم يتعاف منه إلى يومنا هذا.

سكاليس في مؤتمر صحافي بعد فوزه بترشيح الحزب الجمهوري لرئاسة مجلس النواب في 11 أكتوبر 2023 (رويترز)

التعطيل التشريعي وتحديات داخلية وخارجية

فهذه الخلافات تعطّل فعلياً عمل الكونغرس، إذ لا يستطيع مجلس النواب القيام بمهامه قبل حسمها وانتخاب رئيس له. وإذا ما استمرت المعطيات على ما هي عليه فقد يتطلب الأمر أياماً قبل حصول هذا في وقت تواجه فيه الولايات المتحدة تحديات داخلية وخارجية.

فداخلياً، على الكونغرس إقرار تمويل المرافق الفيدرالية الذي ستنهي صلاحيته في الـ17 من نوفمبر (تشرين الثاني)، وهذه مهمة في غاية الصعوبة ستتطلب أسابيع من المفاوضات، وخير دليل على ذلك عرقلة إقرار التمويل حتى اللحظة الأخيرة في عهد مكارثي، الذي اضطر في النهاية إلى الموافقة على تمويل مؤقت وضعه في مواجهة معارضيه.

أما خارجياً، فأجندة الكونغرس مشبعة بالتحديات، من تمويل أوكرانيا إلى مساعدات طارئة لإسرائيل ووصولاً إلى التهديد الإيراني. وقد توعد سكاليس بأن أول بند على جدول أعمال مجلس النواب بعد انتخاب الرئيس سيكون الإعراب عن دعم الولايات المتحدة لإسرائيل. ويسعى بعض المشرعين إلى تحضير حزمة جديدة من المساعدات التي تتضمن دعماً لأوكرانيا وإسرائيل في الوقت نفسه بهدف إقرارها لدى حسم مسألة رئاسة مجلس النواب.

ماكونيل طرح مشروع قانون لتجميد الأصول الإيرانية (أ.ف.ب)

وفي الملف الإيراني، تتزايد ردود الأفعال الداعية إلى تجميد الأصول الإيرانية التي أفرجت عنها إدارة بايدن ضمن صفقة تبادل السجناء مع طهران. ويذكر المشرعون دور إيران في دعم «حماس» عبر طرحهم لمشروع قانون في مجلس الشيوخ يضمن تجميد الـ6 مليارات دولار.

وفي هذا الإطار قال زعيم الجمهوريين في المجلس ميتش ماكونيل إن «طريق تأمين الموارد والتدريب والأسلحة الفتاكة من إيران إلى الإرهابيين في الشرق الأوسط واضح كل الوضوح... على العالم أن يعيد فرض عواقب جدية على النظام الإيراني... على الولايات المتحدة أن تقود هذه الجهود وتجميد الأصول الإيرانية هي الخطوة الأولى».


مقالات ذات صلة

الرئاسة الفلسطينية: الإدارة الأميركية تتحمل مسؤولية المجازر اليومية بحق شعبنا

المشرق العربي الناطق الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة (وكالة الأنباء الفلسطينية- وفا)

الرئاسة الفلسطينية: الإدارة الأميركية تتحمل مسؤولية المجازر اليومية بحق شعبنا

أعلن الناطق الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية، نبيل أبو ردينة، إن «الضوء الأخضر الذي حصل عليه بنيامين نتنياهو من الإدارة الأميركية جعله يستمر في عدوانه».

«الشرق الأوسط» (الضفة الغربية)
الولايات المتحدة​ غيّرت حملة ترمب استراتيجيتها لمواجهة هاريس (أ.ف.ب)

هاريس توحّد صفوف الديمقراطيين وتستعد لمواجهة «حتمية» مع ترمب

نجحت حملة كامالا هاريس في توحيد صفوف حزبها وحشد دعم واسع، لكن هل يستمر حماس الناخبين الديمقراطيين تجاهها؟ وما حظوظها في الفوز على دونالد ترمب؟

رنا أبتر (واشنطن)
شؤون إقليمية بنيامين نتنياهو وبتسلئيل سموتريتش (يمين) وإيتمار بن غفير (يسار) (وسائل إعلام إسرائيلية)

الاستطلاعات تُبيّن أن نتنياهو قائد إسرائيل الأول

لم يكسب حزب الليكود شيئاً من خطاب زعيمه بنيامين نتنياهو في الكونغرس الأميركي، فيما استفاد منه المتطرفان إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش.

نظير مجلي (تل أبيب)
الولايات المتحدة​ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لدى إلقاء خطابه أمام الكونغرس في واشنطن أمس (أ.ف.ب)

إلقاء يرقات داخل فندق نتنياهو في واشنطن (فيديو)

أطلق ناشطون مؤيدون لفلسطين آلاف اليرقات وديدان الطحين والصراصير داخل فندق ووترغيت في واشنطن.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ رئيسة مجلس النواب الأميركي السابقة نانسي بيلوسي (أ.ب)

بيلوسي: خطاب نتنياهو في الكونغرس هو الأسوأ مقارنة بأي شخصية أجنبية

وصفت رئيسة مجلس النواب الأميركي السابقة الخطاب الذي ألقاه رئيس الوزراء الإسرائيلي في الكونغرس بأنه «الأسوأ»، مقارنة بأي شخصية أجنبية أخرى تمت دعوتها.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

100 يوم تفصل ترمب وهاريس عن الانتخابات الرئاسية الأميركية

دونالد ترمب وكامالا هاريس (شبكة «سي إن إن» الأميركية)
دونالد ترمب وكامالا هاريس (شبكة «سي إن إن» الأميركية)
TT

100 يوم تفصل ترمب وهاريس عن الانتخابات الرئاسية الأميركية

دونالد ترمب وكامالا هاريس (شبكة «سي إن إن» الأميركية)
دونالد ترمب وكامالا هاريس (شبكة «سي إن إن» الأميركية)

يدخل السباق إلى البيت الأبيض مرحلة مفصلية اعتباراً من الأحد؛ حيث يُتوقع أن تشهد الأيام المائة المتبقية قبل الانتخابات الرئاسية الأميركية، منافسة محمومة، في ختام حملة خلطَتْ أوراقَها محاولةُ اغتيال الرئيس السابق دونالد ترمب وخروج الرئيس جو بايدن من الباب الضيق.

بعد أسابيع من التجاذبات الداخلية والتسريبات الصحافية المشكّكة في قدرة بايدن على الفوز بولاية ثانية، أعاد انسحاب بايدن من السباق ودعمه نائبته كامالا هاريس لخوضه، توحيد صفوف الحزب الديمقراطي، وشدّ عصبه في مواجهة المنافس الجمهوري ترمب الساعي للعودة إلى مقر الرئاسة الأميركية.

وقالت هاريس، خلال لقاء لجمع التبرعات في بتسفيلد بولاية ماساتشوستس، شمال شرقي البلاد، السبت: «نحن لم نكن مرجَّحين في هذا السباق، هذا صحيح. لكن هذه حملة أساسها الناس، والدعم الشعبي».

في اليوم نفسه، كان ترمب يَعِد مؤيديه خلال تجمع في ولاية مينيسوتا (شمال) بأنه «في نوفمبر (تشرين الثاني)، سيقوم الشعب الأميركي برفض التطرف الليبرالي المجنون لكامالا هاريس بشكل ساحق».

كامالا هاريس نائبة الرئيس الأميركي (رويترز)

وبينما تمتد عادةً الحملات الرئاسية الأميركية لنحو سنتين، أُعيد إطلاق نسخة عام 2024 من الصفر تقريباً؛ ما سيجعل منها الحملة الانتخابية الأقصر على الإطلاق.

وبات بحكم المؤكد أن تواجه السيناتورة المدعية العامة السابقة الديمقراطية هاريس (59 عاماً)، ترمب، في الانتخابات التي يرى محللون أن نتيجتها قد تكون مرهونة إلى حد بعيد بنتيجة أصوات نحو 100 ألف ناخب، في عدد محدود من الولايات الأساسية.

وقال أحد واضعي الاستراتيجيات في الحزب الجمهوري، مات تيريل، لشبكة «بي بي سي»، إن «الأمر يتعلق بأولئك الناخبين المستقلين الذين لم يحسموا خيارهم. التضخم، الهجرة، الاقتصاد ومعدلات الجريمة هي ما يشغل بالهم».

وأضاف: «في الوقت الراهن، أعتقد أن الرئيس السابق ترمب يحسن التعامل مع هذه المسائل. الانتخابات ستكون استفتاء على المرشحين المتنافسين».

ويترقب المعسكر الديمقراطي المؤتمر الوطني للحزب الذي يبدأ في 19 أغسطس (آب)، ويتوقع أن يُتوِّج هاريس رسمياً مرشحة للحزب، بعدما بدأت في الأيام الماضية حملتها بالحصول على دعم مندوبين وشخصيات نافذة في الحزب، إضافة إلى تبرعات مالية سخية.

بهجة لن تدوم

نجحت هاريس في إعادة تحفيز القواعد الشعبية للحزب، في اختلاف واضح عما كان عليه الوضع قبل أسابيع فقط.

المرشح الجمهوري للانتخابات الرئاسية الأميركية دونالد ترمب (أ.ف.ب)

وكان الرئيس بايدن (81 عاماً) اختار الاستمرار في حلبة المنافسة الانتخابية ضد ترمب (78 عاماً) رغم الشكوك المتزايدة لدى الديمقراطيين والناخبين بشأن قدراته الجسدية والذهنية مع تقدمه في السن.

إلا أن أداءه الكارثي في المناظرة التلفزيونية الأولى بين المرشحين، في 27 يونيو (حزيران)، قطع الشكّ باليقين لناحية ضرورة الذهاب نحو خيار بديل.

في مقابل التخبط لدى الديمقراطيين، بدا الجمهوريون في موقع قوة، مع مؤتمر وطني عام عكس توحد الحزب خلف ترمب الذي اكتسبت حملته وصورته زخماً إضافياً، بعد نجاته من محاولة اغتيال خلال تجمع انتخابي في بنسلفانيا.

رضخ بايدن في نهاية المطاف للضغوط، وأعلن انسحابه في 21 يوليو (تموز)، أثناء عزل نفسه لإصابته بـ«كوفيد». لم يدم الفراغ طويلاً؛ إذ أعلن بايدن، في اليوم نفسه، دعم هاريس، أول امرأة تتولى نيابة الرئيس، وأول سوداء وجنوب آسيوية تشغله، لنيل بطاقة الترشيح الديمقراطية بدلاً منه.

بعد يومين فقط، عقدت هاريس لقاءً انتخابياً كان الأكبر للديمقراطيين منذ بدء الحملة، وجمعت 120 مليون دولار من التبرعات خلال أيام، بعدما رهن العديد من المانحين الديمقراطيين دعمهم المالي بشرط انسحاب بايدن من السباق.

الرئيس الأميركي جو بايدن يرتدي سترة بعثة الولايات المتحدة للأولمبياد (رويترز)

وبعدما كان التقدم في سنّ بايدن سلاحاً بيد ترمب، انقلب السحر على الساحر، وبات الجمهوري البالغ 78 عاماً، أكبر مرشح رئاسي سنّاً في تاريخ الانتخابات.

ضخّ ترشح هاريس زخماً جديداً لدى الديمقراطيين في استطلاعات الرأي، إذ تمكَّنت، خلال أسبوع فقط، من تقليص فارق النقاط الثلاث لصالح ترمب إلى النصف.

لكن الديمقراطيين يدركون أن الطريق للاحتفاظ بالبيت الأبيض ليس سهلاً. وقال المتخصص في استطلاعات الرأي ضمن فريق ترمب توني فابريزيو: «بعد فترة وجيزة، سينتهي شهر العسل بالنسبة إلى هاريس، وسيعاود الناخبون التركيز على دورها الشريك والمساعد لبايدن».

من جهته، قال جيمس كارفبل أحد واضعي الاستراتيجيات في الحزب الديمقراطي لشبكة «إم إس إن بي سي» إن على الديمقراطيين الكفّ عن الاحتفال بفرح والتحضير للعاصفة المقبلة.

وقال: «إنهم يهاجموننا وسيواصلون القيام بذلك. هذا النوع من الابتهاج لن يكون ذا فائدة لفترة طويلة». حتى الرئيس السابق باراك أوباما قرع جرس الإنذار بالنسبة لمعسكره الديمقراطي، مذكّراً بضرورة استعادة ثقة الناخبين قبل التمكن من الفوز.