بايدن يعزز التحالف مع اليابان وكوريا الجنوبية في مواجهة السلوك الصيني «العدواني»

أعلن عن تعاون أمني جديد في قمة ثلاثية غير مسبوقة

بايدن وكيشيدا ويون قبل انطلاق قمة كامب ديفيد (إ.ب.أ)
بايدن وكيشيدا ويون قبل انطلاق قمة كامب ديفيد (إ.ب.أ)
TT

بايدن يعزز التحالف مع اليابان وكوريا الجنوبية في مواجهة السلوك الصيني «العدواني»

بايدن وكيشيدا ويون قبل انطلاق قمة كامب ديفيد (إ.ب.أ)
بايدن وكيشيدا ويون قبل انطلاق قمة كامب ديفيد (إ.ب.أ)

دشنت الولايات المتحدة «عهداً تاريخياً جديداً» من علاقات التعاون مع اليابان وكوريا الجنوبية في قمة هي الأولى من نوعها، جمعت الدول الثلاث في منتجع كامب ديفيد الرئاسي، الجمعة.

واتفقت الدول الثلاث على تعزيز التعاون ضد تحديات إقليمية مشتركة، وإجراء تدريبات عسكرية منتظمة، وإنشاء خط ثلاثي ساخن للتعامل مع الأزمات، بما يكرّس لعلاقات طويلة الأمد ويضمن الاستمرارية مع اقتراب موعد الانتخابات التشريعية في هذه الدول.

وأظهرت القمة التاريخية التي نظّمتها إدارة بايدن مع الرئيس الكوري الجنوبي يون سوك يو، ورئيس وزراء اليابان فوميو كيشيدا، «جبهة موحدة» لزعيمي البلدين الذين تخطيا خلافاتهما السابقة لمواجهة التحديات الإقليمية المتمثلة في طموحات الصين وتهديدات كوريا الشمالية.

وصدر ليلاً بيان مشترك عن القادة الثلاثة، أدان «السلوك الخطير والعدواني» للصين و«مطالبها البحرية غير القانونية» في بحر الصين الجنوبي. وقال زعماء الدول الثلاث «نعارض بشدة أي محاولة أحادية الجانب لتغيير الوضع القائم في مياه منطقة المحيطين الهندي والهادي»، وأضافوا «نعيد التأكيد على أهمية السلام والاستقرار في مضيق تايوان».

تعزيز الروابط

في بداية القمة، وصف الرئيس الأميركي جو بايدن، تعزيز الروابط بين الدول الثلاث بـ«أولوية» ستجعل الدول الثلاث أقوى وتدعم الأمن العالمي. كما أثنى على الشجاعة السياسية للقائدين الآسيويين، اللذين اجتمعا رغم خصومة الماضي للعمل «كقوة خير» عبر المحيطين الهندي والهادئ وفي جميع أنحاء العالم.

بايدن متوسّطاً وزيرة التجارة جينا رايموندو ووزير الخارجية أنتوني بلينكن خلال القمة (أ.ب)

من جانبه، رأى الرئيس الكوري الجنوبي يون، أن القمة تعزّز التضامن على أسس مؤسسية أكثر قوة لمواجهة التحديات التي تهدد الأمن الإقليمي وتتطلب التصدي لها من خلال بناء التزام أقوى.

أما رئيس الوزراء الياباني فأبدى أمله في صنع تاريخ جديد، قائلاً إن المجتمع الدولي عند نقطة تحول تاريخية، متعهداً برفع مستوى التنسيق الأمني مع كوريا الجنوبية والولايات المتحدة لمواجهة كوريا الشمالية، وتعميق الأمن الاقتصادي والتعاون التكنولوجي وتأمين سلاسل التوريد.

واتفق القادة الثلاثة على خطط لتعزيز التعاون في مجال الدفاع الصاروخي الباليستي لمواجهة التهديدات من كوريا الشمالية والصين، وتبادل المعلومات الاستخباراتية، وتعزيز الأمن السيبراني.

بايدن مستقبلا كيشيدا ويون في كامب ديفيد (رويترز)

وفي حين استغرقت المشاورات المغلقة ما يزيد على أربع ساعات، رجّح مسؤولون أميركيون أن تنصّ مخرجات القمة على التشاور حول طريقة التعامل مع أي تهديد أمني يواجه إحدى الدول الثلاث. لكنها لم تصل إلى حدّ إعلان التزام دفاعي جماعي، على غرار معاهدة حلف شمال الأطلسي التي تنص في مادتها الخامسة على التزام الدول الأعضاء الدفاع عن أي دولة تتعرض للهجوم. واكتفت إدارة بايدن بترسيخ مبدأ التشاور بين الدول الثلاث، وتعزيز خطوات للتعاون في الدفاع ضد الصواريخ الباليستية والتعاون في إجراء تدريبات عسكرية ثلاثية تُقام بشكل سنوي، وتطوير إطار للمساعدة الأمنية في جنوب شرقي آسيا وجزر المحيط الهادئ، وإقامة خط ساخن يمكّن القادة من التواصل في حالة حدوث أزمة.

الرد على استفزازات بيونغ يانغ

تعهدت واشنطن بالتشاور مع كوريا الجنوبية لتنسيق الرد على استفزازات كوريا الشمالية وتجاربها الصاروخية، وتلويحها باستخدام الأسلحة النووية. وفيما التزمت الولايات المتحدة بالدفاع عن كل دولة منفصلة عبر آليات تعاون ثنائي، كانت تأمل كل من طوكيو وسيول في الحصول على التزام أميركي ثابت بالدفاع على كل منهما. ويخشى حليفا واشنطن تراجع الرئيس الأميركي الذي قد يَخْلف بايدن في البيت الأبيض عن هذا الالتزام.

وقبل انعقاد القمة، قال الجيش الكوري الشمالي إنه أطلق طائرات حربية بعد أن انتهكت طائرة استطلاع أميركية أجواء المنطقة الاقتصادية قبالة الساحل الشرقي. وقال متحدث باسم الأركان العامة إن الحادث الذي وقع، الخميس، «استفزاز عسكري خطير»، وإن كوريا الشمالية تدرس إجراءات لردع أي اختراقات في المستقبل.

نهاية العداوة؟

تحمل قمة «كامب ديفيد» أهمية كبيرة لكل من سيول وطوكيو، بعد تاريخ مرير من العداوة التاريخية المرتبطة باستعمار اليابان لكوريا الجنوبية. ويخشى المراقبون من احتمالات نشوب خلافات دبلوماسية بين البلدين في المستقبل، إلا أن مسؤولين أميركيين أكدوا قبل القمة أن الجانبين لا يريدان الذهاب أبعد من تأسيس تعاون يخدم مصلحة الجانبين في مواجهة التحديات الإقليمية.

بايدن وكيشيدا ويون قبل انطلاق قمة كامب ديفيد (إ.ب.أ)

وقال كوربت كامبل، نائب مساعد الرئيس بايدن لشؤون المحيطين الهندي والهادئ، إن القمة تمثل شجاعة سياسية لكل من كيشيدا ويون، واصفاً انخراطهما في النقاشات بأنها «دبلوماسية مذهلة»، مضيفاً أن لديهما فرصة لصنع تاريخ يتجاوز قمة كامب ديفيد. وشدد كامبل على أن ما خرجت به القمة هي مجموعة مبادرات طموحة تسعى إلى تأمين التعاون الثلاثي اليوم وفي المستقبل، في قطاعات الأمن والتكنولوجيا والتعليم.

توسّع نفوذ الصين

بحثت القمة الثلاثية مستقبل العلاقات مع الصين، تأكيداً لرغبة واشنطن في تأسيس توافق مشترك قوي يواجه توسع نفوذ بكين. ولم يكن لدى اليابان وكوريا الجنوبية رغبة في إثارة غضب الصين، التي تعد شريكاً تجارياً رئيسياً لكل منهما.

جانب من القمة الثلاثية في كامب ديفيد (أ.ف.ب)

ورفض مسؤولون في البيت الأبيض التطرق لموقف طوكيو وسيول من غزو صينيّ محتمَل لتايوان، مؤكدين في مؤتمر صحافي (الخميس) أن التعهدات التي ستخرج بها القمة ستتضمن لغة قوية حول الأمن في بحر الصين الجنوبي، حيث تقوم البحرية الصينية بتوسيع قواعدها.

في المقابل، أعربت بكين عن استيائها من القمة وعدّتها محاولة من الولايات المتحدة لاحتواء نفوذ الصين في المنطقة عبر اجتماعات وصفتها بـ«الناتو المصغر». ودعا وزير الخارجية الصيني وانغ يي، كوريا الجنوبية واليابان، للعمل مع بكين لتحقيق نشاط اقتصادي أكثر فاعلية.



ترمب يختار بوندي بعد انسحاب غايتز لوزارة العدل

صورة مركّبة لبوندي وترمب وغايتز (أ.ف.ب)
صورة مركّبة لبوندي وترمب وغايتز (أ.ف.ب)
TT

ترمب يختار بوندي بعد انسحاب غايتز لوزارة العدل

صورة مركّبة لبوندي وترمب وغايتز (أ.ف.ب)
صورة مركّبة لبوندي وترمب وغايتز (أ.ف.ب)

اختار الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، مساء الخميس، بام بوندي المقرّبة منه والعضوة في فريق الدفاع عنه خلال محاولة عزله الأولى عام 2020، لتولي منصب وزيرة العدل، بعد انسحاب مرشحه المثير للجدل النائب السابق مات غايتز.

وكتب الرئيس المنتخب على منصته «تروث سوشيال»، بعد ساعات قليلة على انسحاب غايتز: «يُشرفني أن أعلن اختيار المدعية العامة السابقة لفلوريدا، بام بوندي، لتكون وزيرة العدل المقبلة»، مضيفاً: «لفترة طويلة جداً، استخدمت وزارة العدل أداة ضدي وضد جمهوريين آخرين، لكن ليس بعد الآن. ستعيد بام تركيز وزارة العدل على هدفها المقصود المتمثّل في مكافحة الجريمة، وجعل أميركا آمنة مرة أخرى. لقد عرفت بام لسنوات عديدة - إنها ذكية وقوية، وهي مقاتلة في (حركة) أميركا أولاً، وستقوم بعمل رائع بصفتها وزيرة للعدل».

من هي بام بوندي؟

وفي عام 2010، أصبحت بوندي أول امرأة تُنتخب لمنصب المدعي العام لولاية فلوريدا وشغلته لفترتين، من 2011 إلى 2019، وهي تشغل مناصب قيادية في مركز التقاضي ومركز القانون والعدالة في «معهد أميركا أولاً» للسياسة الذي لعب دوراً كبيراً في المساعدة على تشكيل السياسات لإدارة ترمب المقبلة.

وتُعد من الداعمين الأساسيين لترمب منذ فترة طويلة؛ حيث دعّمت ترشيحه للرئاسة عام 2016 ضد سيناتور ولايتها ماركو روبيو. وكانت جزءاً من فريق الدفاع عن ترمب خلال محاولة عزله الأولى، التي اتُّهم فيها بالضغط على أوكرانيا لإجراء تحقيق فساد بحق جو بايدن، منافسه الرئاسي آنذاك، من خلال حجب المساعدات العسكرية عنها.

هيغسيث وكينيدي تحت المجهر

وكان غايتز قد أعلن، الخميس، انسحابه من الترشح لمنصب وزير العدل، بعد تصاعد الضغوط عليه، جراء أدلة بدت دامغة، تُظهر تورّطه في تجاوزات أخلاقية، كانت لجنة الأخلاقيات في مجلس النواب قد فتحت تحقيقاً فيها منذ عام 2021. وقال في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي، إن «ترشيحه أصبح مصدر إلهاء». وعُد انسحاب غايتز أول ضربة سياسية لمرشحي ترمب، لشغل مناصب في إدارته المقبلة، واختبار قدرته في الدفاع عن مرشحيه من الذين يواجهون تُهماً مماثلة.

كينيدي متوسّطاً تولسي غابارد ومايك جونسون خلال عرض مصارعة حضره ترمب في نيويورك 16 نوفمبر 2024 (إيماجن)

ويواجه ترمب ضغوطاً لإعادة النظر على الأقل في ثلاثة مرشحين آخرين، هم: بيت هيغسيث لمنصب وزير الدفاع والمتهم كذلك بتجاوزات أخلاقية، وروبرت كينيدي لمنصب وزير الصحة الذي يخشى بعض الجمهوريين مواقفه المتشددة في اللقاحات، وتولسي غابارد المرشحة لمنصب مديرة الاستخبارات الوطنية، التي وصفتها نيكي هايلي المندوبة السابقة لدى الأمم المتحدة بـ«المتعاطفة مع الصينيين والإيرانيين والروس».

وحتى الآن، يُشدد الجمهوريون على دعم هيغسيث وكينيدي وغابارد. وأعلنوا استعدادهم في الوقت الحالي على الأقل، لتثبيتهم في مناصبهم، في جلسات الاستماع التي ستبدأ بعد تنصيب ترمب في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل. وقال السيناتور الجمهوري، كيفن كرامر، إن ترمب بصفته «ضحية للحرب القانونية» يدرك تماماً أن الملاحقات القضائية غير عادلة، وأن غايتز والآخرين لم تتم إدانتهم بأي جرائم.

وقال السيناتور الجمهوري، جون كينيدي، إنه لن يحكم على أي من المرشحين بناءً على «الشائعات»، ويريد عقد جلسات استماع لفحص اختيارات ترمب. وقال السيناتور ماركوين مولين: «نحن نعيش في عصر يتم فيه الكشف عن ماضي الجميع، بغض النظر عن ظروفهم، ويستخلص الناس رأيهم قبل أن يكون لديهم الوقت لمعرفة الحقيقة كاملة».

ارتياح جمهوري

بام بوندي تتحدّث خلال فعالية انتخابية داعمة لترمب في أغسطس 2020 (إ.ب.أ)

وعقد غايتز اجتماعات متعددة مع أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين، لاختبار فرصه في الحصول على تأكيد ترشحه. لكنهم أبلغوه، بمن فيهم أولئك الذين دعّموه، أنه قد يخسر على الأقل 3 أصوات جمهورية، مما قد يؤدي إلى رفض ترشحه، في ظل الأغلبية الضيقة للجمهوريين على مجلس الشيوخ الجديد.

وفور إعلانه الانسحاب، بدا العديد من أعضاء مجلس الشيوخ مرتاحين لقراره. وقالت السيناتورة الجمهورية سينثيا لوميس: «أعتقد (...) أنه شعر أن هذا سيكون مصدر إلهاء كبير، ومن الجيد أن يدرك ذلك، وأن يكون على دراية بنفسه». وقال بعض أعضاء مجلس الشيوخ إنهم يريدون رؤية تقرير لجنة الأخلاقيات بمجلس النواب الذي طال انتظاره، والذي يُفسّر بعض هذه الادعاءات.

وكان النائب الجمهوري مايكل غويست الذي يرأس اللجنة، قد رفض التعليق، قائلاً إنه «لم يكن هناك اتفاق من جانب اللجنة على إصدار التقرير». وفي الأسبوع الماضي، ضغط رئيس مجلس النواب مايك جونسون على اللجنة لعدم نشر التقرير بشأن غايتز، بحجة أن ذلك سيشكّل «خرقاً فظيعاً للبروتوكول» للقيام بذلك بعد استقالة غايتز، مما يجعله خارج اختصاص اللجنة. وحثّ جونسون النائب غويست بشكل خاص على عدم نشر النتائج.