مشكلات ترمب القانونية تمهّد الطريق لانتخابات رئاسية سريالية

سيحاول الرئيس الجمهوري السابق، البالغ 77 عاماً، التوفيق بين التجمعات الانتخابية وجلساته أمام المحكمة (أرشيفية)
سيحاول الرئيس الجمهوري السابق، البالغ 77 عاماً، التوفيق بين التجمعات الانتخابية وجلساته أمام المحكمة (أرشيفية)
TT

مشكلات ترمب القانونية تمهّد الطريق لانتخابات رئاسية سريالية

سيحاول الرئيس الجمهوري السابق، البالغ 77 عاماً، التوفيق بين التجمعات الانتخابية وجلساته أمام المحكمة (أرشيفية)
سيحاول الرئيس الجمهوري السابق، البالغ 77 عاماً، التوفيق بين التجمعات الانتخابية وجلساته أمام المحكمة (أرشيفية)

بعد توجيه لائحة اتهام إليه للمرة الرابعة، تمهّد الصعوبات التي يواجهها دونالد ترمب مع القضاء، الطريق أمام انتخابات رئاسية قد تكون مشحونة وسريالية، مع محاكمة المرشح الجمهوري بالسعي لقلب نتيجة الانتخابات التي يأمل في أن تعيده إلى البيت الأبيض.

سيحاول الرئيس الجمهوري السابق، البالغ 77 عاماً، التوفيق بين التجمعات الانتخابية وجلساته أمام المحكمة، مع سعيه للفوز بترشيح الحزب العام المقبل، وولاية جديدة في المكتب البيضاوي.

يقول ترمب إن التهم التي وجّهت إليه في الأشهر الأخيرة هي مؤامرة يحيكها الرئيس الديمقراطي جو بايدن، منافسه المحتمل في الانتخابات الرئاسية لعام 2024، لعرقلة محاولته دخول البيت الأبيض مجدداً.

وتساءل ترمب خلال تجمع انتخابي في نيو هامبشير: «كيف يمكن لخصمي السياسي الفاسد وغير النزيه جو بايدن أن يحاكمني خلال حملة انتخابية أتقدّم فيها بشكل كبير؟».

وأوضح ترمب أنه أجبر على «إنفاق المال والوقت بعيداً عن مسار الحملة الانتخابية من أجل محاربة الاتهامات والتهم الزائفة». لكنّه سعى في الوقت نفسه إلى تحويل المشكلات القانونية التي يواجهها لصالحه، قائلاً إنها تزيد من شعبيته.

وأضاف: «كل مرة يقدمون لائحة اتهام، نتقدم في صناديق الاقتراع».

ويبدو أن هذه هي الحال عموماً، على الأقل بين الجمهوريين العاديين الذين يشكّلون القاعدة الموالية لترمب.

وقال جوردن تاما، الأستاذ المساعد في الجامعة الأميركية، إن المحاكمات الجنائية المقبلة التي سيواجهها الرئيس السابق «ستؤدي حتماً إلى تعقيد حملة ترمب».

وأضاف: «قد يضطر لترك مسار الحملة الانتخابية في بعض الأحيان للمشاركة في الإجراءات القانونية» وتحويل بعض أموال حملته إلى الرسوم القانونية المتزايدة المترتبة عليه.

وأشار تاما الى أنه «ليس من الواضح ما إذا كان اضطراره للمشاركة في المحاكمات سيغيّر ملامح الانتخابات من وجهة نظر سياسية واسعة»، موضحاً أن مكانة المرشحين الرئيسيين بقيت على حالها إلى حد كبير.

«عبء»

اتهم المدّعي العام المكلف بالقضية جاك سميث ترمب بالتآمر لقلب نتائج انتخابات 2020 التي خسرها أمام بايدن، والاحتفاظ بوثائق حكومية سرية بعد تركه منصبه ومنع محققين من استعادتها.

وطلب سميث من القاضي الذي سيرأس المحاكمة الخاصة بقضية التآمر، تحديد يناير (كانون الثاني) 2024 موعداً لبدء المحاكمة، قبل أيام فقط من أول انتخابات للحزب الجمهوري في أيوا ونيو هامبشير.

ومن المقرر أن تبدأ جلسات الاستماع في قضية الوثائق في مايو (أيار) 2024. ويواجه ترامب أيضاً تهماً بالابتزاز تتعلق بالانتخابات في جورجيا، ومحاكمة في مارس (آذار) في نيويورك على خلفية دفع أموال لممثلة إباحية في مقابل شراء صمتها بشأن علاقة خارج الزواج تعود إلى عام 2006.

وأطلق منافسو ترمب للفوز بترشيح الحزب الجمهوري القليل من التصريحات الحذرة حول مشكلاته القانونية المتفاقمة.

وقال لاري ساباتو، رئيس مركز السياسات في جامعة فيرجينيا: «هناك إجماع على أنه في مرحلة ما سيدرك الجمهوريون حقيقة أن الأعباء والجدل الذي يثيره ترمب يزداد ثقلاً، والخسارة أمام الديمقراطيين تزداد ترجيحاً».

وأشار تاما إلى أن معظم الناخبين الأميركيين لديهم رأي ثابت بشأن ترمب.

وأوضح أن «الناخبين الذين دعموه سيستمرون في دعمه، بغض النظر عما يجري في المحاكمات. الناخبون الذين لا يحبون ترمب سيستمرون على موقفهم ولن يصوتوا له».

وأضاف أنه إذا فاز ترمب بترشيح الحزب الجمهوري، قد تتوقف الانتخابات الرئاسية على عدد صغير من الناخبين المتأرجحين، ما بين 5 إلى 10 في المائة من السكان.

وقال: «أعتقد أنه بالنسبة إلى هؤلاء الناخبين، ستضر الإجراءات القانونية بترمب؛ لأنها بمثابة تذكير بعيوبه المتأصلة؛ شخصاً وقائداً».

وختم بالقول: «لكن ليس من الواضح على الإطلاق ما إذا كان ذلك سيحدد النتيجة. يبدو أن الانتخابات ستتوقف بالمقدار نفسه على قضايا أخرى مثل وضع الاقتصاد الذي غالباً ما يؤثر على نتيجة الانتخابات».


مقالات ذات صلة

بعد تصريح «الولاية رقم 51»... ترمب يسخر من ترودو بصورة لعلم كندا

الولايات المتحدة​ صورة ترمب مع العلم الكندي

بعد تصريح «الولاية رقم 51»... ترمب يسخر من ترودو بصورة لعلم كندا

قالت صحيفة «تلغراف» البريطانية إن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب بدا أنه يسخر من رئيس وزراء كندا جاستن ترودو بصورة يقف فيها بجوار العلم الكندي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي قوات أميركية بسوريا (رويترز)

الجيش الأميركي: مهمتنا في سوريا «تظل دون تغيير»

قالت القيادة المركزية الأميركية اليوم (الأربعاء) إن مهمة الولايات المتحدة في سوريا تظل دون تغيير، وذلك بعدما نفَّذت ضربة أمس دمرت خلالها أنظمة أسلحة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي دونالد ترمب متحدثاً إلى رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو خلال اجتماع في لندن 3 ديسمبر 2019 (أ.ف.ب)

وزير كندي: ترمب مزح باقتراحه أن تصبح كندا الولاية الـ51 لأميركا

قال وزير كندي إن الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترمب، كان يمزح عندما اقترح أن تصبح كندا الولاية الـ51 في الولايات المتحدة.

«الشرق الأوسط» (أوتاوا)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أ.ب)

ترمب يعرض على الملياردير ستيف فينبرغ منصب نائب وزير الدفاع

قال مراسل صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية، الثلاثاء، إن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب عرض على الملياردير ستيف فينبرغ منصب نائب وزير الدفاع.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شؤون إقليمية ملصق مطلوب من وزارة الخارجية الأميركية لقائد قوة الرضوان السابق في «حزب الله» إبراهيم عقيل مع عرض مكافأة بقيمة 7 ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات عنه (وزارة الخارجية الأميركية)

مسؤول أميركي: إسرائيل لن تحصل على مكافآت لقتلها مطلوبين على لوائح واشنطن

قال مسؤول أميركي إن إسرائيل غير مؤهلة لتلقي أموالٍ مكافأةً على المعلومات التي جمعتها ضد مطلوبين خصصت أميركا مكافأة مقابل معلومات عنهم.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

هل هناك تنسيق تركي أميركي روسي لإبعاد الأسد عن إيران؟

مقاتل من المعارضة يعبر الجدار المطلي بألوان العلم الإيراني في مدينة خان شيخون بريف إدلب حيث موقع عسكري  للقوات الإيرانية بعد سيطرة المعارضة السورية على البلدة (إ.ب.أ)
مقاتل من المعارضة يعبر الجدار المطلي بألوان العلم الإيراني في مدينة خان شيخون بريف إدلب حيث موقع عسكري للقوات الإيرانية بعد سيطرة المعارضة السورية على البلدة (إ.ب.أ)
TT

هل هناك تنسيق تركي أميركي روسي لإبعاد الأسد عن إيران؟

مقاتل من المعارضة يعبر الجدار المطلي بألوان العلم الإيراني في مدينة خان شيخون بريف إدلب حيث موقع عسكري  للقوات الإيرانية بعد سيطرة المعارضة السورية على البلدة (إ.ب.أ)
مقاتل من المعارضة يعبر الجدار المطلي بألوان العلم الإيراني في مدينة خان شيخون بريف إدلب حيث موقع عسكري للقوات الإيرانية بعد سيطرة المعارضة السورية على البلدة (إ.ب.أ)

حتى الآن، لا تزال «التخمينات» تهيمن على قراءة المشهد المتفجر في سوريا لفهم أسبابه ودلالاته، وموقف الولايات المتحدة منه. فالهجوم المفاجئ الذي شنته مجموعات سورية معارضة، بقيادة «هيئة تحرير الشام»، المصنفة إرهابية من واشنطن، وأدى إلى تغيير خريطة الحرب الأهلية في سوريا، كان لافتاً بتوقيته، فقد بدأ بعد يومين من إعلان وقف إطلاق النار في لبنان، بين إسرائيل و«حزب الله».

ورغم ما يراه معلقون أن تركيا قد تكون هي التي تقف وراء اندلاع هجوم المعارضة المسلحة في سوريا، فإنهم يلاحظون وجود «غض نظر» من إدارة بايدن على الحدث، قد يكون من بين أهدافه، ليس فقط الضغط على إيران وروسيا، بل ومحاولة التأثير على إدارة ترمب المقبلة، لضمان عدم سحب القوات الأميركية من شمال شرقي سوريا، والحفاظ على مظلتها لحماية الأكراد من أي هجوم تركي، في حال لم تفلح محاولات التوصل إلى صيغة مقبولة للحل في سوريا.

يلفت برايان كاتوليس، كبير الباحثين في «معهد الشرق الأوسط» في واشنطن، إلى إن الحرب الأهلية في سوريا «لم تنتهِ حقاً، فقد استمرت لسنوات دون أن يلاحظ العالم ذلك، ولكنها كانت تجري بمستوى أقل من الشدة».

ويتابع في حديث مع «الشرق الأوسط» أن نظام الأسد واصل قتل شعبه بدعم من روسيا وإيران وجماعات مثل «حزب الله»، لكن الصراع المتجدد (في المنطقة) أدى إلى تعقيد الأمور بالنسبة لمجموعة أخرى معارضة للأسد: المقاتلون الأكراد الذين كانوا قد سيطروا على أجزاء من محافظة حلب، وقال مسؤولون من المهاجمين، يوم الاثنين، إنهم يخلون المنطقة بالحافلات.

معارك عنيفة بين الجيش السوري والفصال المسلحة في حماة (أ.ب)

ويرى كاتوليس أن المحرك الرئيسي للأحداث الأخيرة «داخلي»؛ لأن الوضع لم يصل قط إلى فترة من الاستقرار المستدام، «فقد استغلت قوات المعارضة نقاط الضعف في بنية النظام، بسبب الفساد والركود والافتقار إلى الشرعية السياسية في أجزاء من سوريا، وتمكنت من إعادة تجميع صفوفها. فملايين السوريين يريدون العيش في حرية، وهذا لم يتغير، ويبقى أن نرى ما إذا كانوا سيحققون هذه الطموحات».

ويقول كاتوليس إن العوامل الخارجية مثل تركيا وروسيا وإيران مهمة، لكن التحدي المركزي يظل الانقسامات الداخلية في سوريا والصراع على السلطة والنفوذ بين مجموعة واسعة من الجماعات المتنافسة.

لا إزاحة للأسد

ورغم الأوضاع التي تحدث عنها الباحث الأميركي فإن الموقف الأميركي لم يتغيّر كثيراً على مدى عقد من الزمن، وأكده مجدداً المتحدث باسم الخارجية الأميركية قبل يومين. إذ وعلى الرغم من خسارة الأسد مصداقيته، فإن الولايات المتحدة لا ترى إزاحته من السلطة أولوية، مثلما أنها لا تدعم الفصائل المعارضة أيضاً.

صحيفة «نيويورك تايمز»، من جهتها، تحدثت عن أن المبادرات التي جرى تقديمها للأسد من الولايات المتحدة وبعض دول الخليج وحتى إسرائيل، للتخلي عن تحالفه الإقليمي الأكثر أهمية مع «حزب الله» وإيران، قد تنحرف عن مسارها بسبب هجوم الفصائل المستمر. لافتة إلى أن الأسد سيكون الآن «أكثر تردداً في التخلي عن إيران وحلفائها، الذين ما زالوا أفضل رهان له للقتال مرة أخرى، من أجل بقاء نظامه».

صورة من لقاء الأسد وعراقجي يوم 1 ديسمبر 2024 (الخارجية الإيرانية)

من جهة أخرى، تحدثت أوساط مطلعة في واشنطن، عن واقع مختلف على الأرض، وقالت لـ«الشرق الأوسط» إن الرئيس الأسد أكثر استعداداً الآن للتجاوب مع تلك المبادرات لفك الارتباط مع إيران.

وألمحت إلى اتفاق أوّلي لفتح مسار التفاوض بين الأسد مع الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، بضغط من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وأشارت المصادر إلى أن «تلقي الجيش النظامي مساعدات روسية في الدفاع عن حماة، هو «للقول إنه لن يتم التخلي عن النظام».

تابعت المصادر أنه، في الوقت نفسه، يجري الحديث عن ضمانات لانسحاب المسلحين من حلب، قد تتم إما قبل تسلم ترمب منصبه، وإما بعده بقليل، على أن يتم التخلص من العناصر غير السورية في الفصائل، وتشكيل فيلق تابع لوزارة الدفاع السورية يضم العناصر السورية المسلحة، بضمانة تركية روسية، وفتح مسار نهائي لإخراج إيران من المعادلة في سوريا.

دخان يتصاعد وسط المعارك بين الجيش السوري والفصائل المسلحة في حلب (د.ب.أ)

ورغم أن هجوم الفصائل الذي يقال إن تركيا تتعاون ضمناً معها عبر حدودها في شمال سوريا، قد تكون من بين أهدافه تحقيق أهداف تكتيكية لأنقرة، حيث تحظى بنفوذ أكبر في الصراع، لكن لا يخفى أيضاً أنه جاء أيضاً في الفترة الانتقالية بين إدارتي الرئيس جو بايدن والرئيس المنتخب دونالد ترمب.

ويرى مراقبون أن تركيا قد تكون تحاول استغلال هذه الفترة، لتوجيه ضربة للنفوذين الروسي والإيراني في سوريا، بعدما أضعفت إسرائيل إيران و«حزب الله» اللبناني، الداعمين للرئيس السوري بشار الأسد، وانشغال روسيا بحربها في أوكرانيا. وهو ما أكد عليه وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، (الأربعاء)، قائلاً إن رفض الرئيس السوري بشار الأسد المشاركة «بأي شكل ملموس» في عملية سياسية، فتح المجال لهجوم تلك الفصائل وتقدمها يظهر أن داعميه، مثل روسيا وإيران، مشتتون.

وقال مراقبون إن المقاتلين الأكراد الذين تعدهم تركيا عدواً تاريخياً وضعيفاً للغاية لمواجهة الفصائل التي تدعمها ويقودون الهجوم، لم يكن لديهم خيار سوى قبول عرض الخروج الآمن إلى شمال شرقي سوريا، حيث أشركتهم الولايات المتحدة في القتال ضد تنظيم «داعش»، خلال العقد الماضي.

ومع مراوحة هجوم الفصائل على أبواب مدينة حماة، في تغيير جذري لاستجابة دمشق للهجوم على حلب، بدا أن شبح تجدد الحرب الأهلية صار حقيقياً، وقلب المعادلة بالنسبة للولايات المتحدة التي حاولت قبل سنوات طي صفحة الحرب من دون أن يثمر ذلك عن أي نتائج إيجابية تذكر.