جورجيا تتحول «كابوساً» للجمهوريين

مدعون فيدراليون سابقون يتحدثون لـ«الشرق الأوسط» عن خطورتها على ترمب

ترمب يحيّي أنصاره في أيوا الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)
ترمب يحيّي أنصاره في أيوا الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)
TT

جورجيا تتحول «كابوساً» للجمهوريين

ترمب يحيّي أنصاره في أيوا الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)
ترمب يحيّي أنصاره في أيوا الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)

قد يصاب مراقب الساحة السياسية الأميركية بحالة من الملل وعدم الاكتراث لدى متابعة مسلسل الاتهامات المتتالية بحق الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب. فقد دفع تراكم التهم الواحدة تلو الأخرى في القضايا الأربع التي تواجهه، والتي وصل عددها إلى أكثر من ثمانين تهمة بعد قضية جورجيا، بالمشككين إلى تصعيد اتهاماتهم للسلك القضائي بالتسييس والانحياز، مؤكدين أن الرئيس السابق سيتجاوز «حملات الاضطهاد» ويصل إلى البيت الأبيض مجدداً.

لكن هل تتحقق هذه التوقعات؟ أم تُثبت ولاية جورجيا أنها النقطة الأهم والأخطر في مسلسل ترمب القضائي، وهي التي سبق أن سدّدت ضربة قاضية للجمهوريين في الانتخابات التشريعية عندما انتزعت منهم حلم الأغلبية في مجلس الشيوخ، واختارت ديمقراطيين اثنين لتمثيلها في المجلس لأول مرة منذ أكثر من عشرين عاماً؟

استبعاد خيار العفو

من صلاحيات الرئيس الأميركي أن يُصدر عفواً في قضايا فيدرالية، وهي صلاحيات استعملها رؤساء سابقون أبرزهم الجمهوري جيرالد فورد في الثامن من سبتمبر (أيلول) 1974. عندما أصدر عفواً شاملاً عن الرئيس السابق ريتشارد نيكسون في كل الجرائم الفيدرالية التي ارتكبها خلال فترة رئاسته، في القضية المعروفة بـ«واترغايت».

يستطيع ترمب العفو عن نفسه في القضايا الفيدرالية فقط (أ.ب)

لكن الأمر يختلف في قضايا الولايات، فصلاحيات العفو الرئاسي لا تشملها، وهذه هي حالة ولاية نيويورك حيث يواجه ترمب تهماً متعلقة بدفعات غير قانونية للممثلة ستورمي دانييلز، كما في ولاية جورجيا التي وجهت 41 تهمة للرئيس السابق في قضية الدفع للغش في الانتخابات.

إلا أن قوانين جورجيا أكثر صرامة في هذه الخانة، فهي من الولايات القليلة التي لا يتمتع فيها الحاكم بصلاحية إصدار عفو، إذ تنص قوانين الولاية على أن أي «طالب للعفو» يجب أن ينتظر لفترة 5 أعوام بعد بدء فترة الحكم بحقه في حال إدانته. هذا ما تحدّث عنه المدعي العام الفيدرالي السابق مايكل زيلدن، الذي قال لـ«الشرق الأوسط» إنه «رغم أن التهم الفيدرالية في غاية الجدية، فإن الأبرز في حالة الإدانة في قضية جورجيا، هو وجود فترة إلزامية للسجن لفترة 5 أعوام من دون أي احتمال لعفو رئاسي. والعفو في الولاية يحصل فقط بعد قضاء 5 أعوام من الحكم. وبالتالي، فإن نتيجة الإدانة في جورجيا هي الأكثر جدية».

قوانين ولاية جورجيا تقضي بقضاء 5 أعوام في السجن قبل النظر في أي عفو (رويترز)

ويشير المدّعي العام الفيدرالي السابق جون مالكوم، إلى احتمال أن يتمكن ترمب من العفو عن نفسه في القضايا الفيدرالية، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «أعتقد أن ترمب يستطيع العفو عن نفسه في حال أصبح رئيساً مجدداً، في أي جريمة فيدرالية. لكن ليس في أي إدانة متعلقة بالولايات». لكن مالكوم يطرح سيناريو آخر قائلاً: «رغم ذلك، فأنا أعتقد أنه من غير الممكن قانونياً أن تتم إدانته في جريمة ولاية، أو سجنه خلال فترة حكمه كرئيس».

ويرجّح بعض الخبراء القانونيين أن تتدخل المحكمة العليا لحسم قدرة عفو ترمب عن نفسه، لأنها تعد سابقة في التاريخ الأميركي. هذا ما يطرحه زيلدن قائلاً: «ليس هناك جواب حاسم في هذه القضية لأنها سابقة. وهناك انقسام عليها في صفوف خبراء القانون الدستوري، لكن أكثرهم يعتقدون أنه لا يستطيع العفو عن نفسه».

الاستمرار في السباق الرئاسي

تثير لوائح الاتهام الموجهة ضد ترمب تساؤلات حول قدرته على الاستمرار في السباق الرئاسي في حال فاز بترشيح حزبه الجمهوري. وقال مالكوم إن ذلك يعتمد على طبيعة الإدانة، فرغم أن «توجيه الاتهامات إليه أو إدانته لن تمنعه من الترشح أو حتى الفوز، يشير البعض إلى أنه في حال شارك في عملية تمرد على الدولة، فمن الممكن شطب اسمه من لوائح الانتخاب». لكن هذا قرار يعود لكل ولاية على حدة، وقد يصل الخلاف حوله أيضاً إلى المحكمة العليا.

من جانبه، يشير زيلدن إلى «سخرية مضحكة» في النظام القضائي الأميركي، «إذا تمت إدانة ترمب قبل الانتخابات، فهو لن يتمكن من التصويت، لكنه يستطيع الاستمرار بالسباق الرئاسي ويستطيع حتى أن يصبح رئيساً». لكن في مسار طموحه للرئاسة، يواجه ترمب تحديات من نوع آخر في ولاية جورجيا. فخلاف نيويورك وواشنطن، الزرقاوين بامتياز في تصويتهما للديمقراطيين في الانتخابات، وفلوريدا الحمراء التي اختارت ترمب مرتين، تتأرجح جورجيا بين الديمقراطيين والجمهوريين، الأمر الذي قد يلعب ضد الجمهوريين في الانتخابات المقبلة.

فالولاية، التي تتمتع بـ16 صوتاً في المجمع الانتخابي، سبق أن قلبت موازين القوى ضد الجمهوريين في مجلس الشيوخ في الانتخابات التشريعية، ومما لا شكّ فيه أنها ستلعب دوراً حساساً في حسم نتيجة الانتخابات الرئاسية خصوصاً إذا ما تأثر الناخب فيها بطبيعة التهم الموجّهة إلى الرئيس السابق.

رفض ترمب تهم التآمر لقلب نتائج انتخابات 2020 أمام محكمة بواشنطن في 3 أغسطس (رويترز)

محاكمة على الهواء

على خلاف قضايا المحاكم الفيدرالية التي يُمنع بثها أو أن توجد الكاميرات في قاعاتها، يسمح بعض الولايات ببث المحاكمات مباشرةً على الهواء. وهذه هي الحالة في جورجيا التي سمحت بوجود كاميرات في قاعاتها منذ عام 1980. وهذا سيُغيّر بشكل جذري من ديناميكية قضايا ترمب. ويقول المراسل القانوني في صحيفة «ذي هيل»، زاك شونفيلد، إن «هناك فرصة أن تُنقل محاكمة جورجيا وإجراءاتها في بث مباشر. فهذه هي طريقة عمل نظام محاكم جورجيا والقوانين التي يتّبعونها فيما يتعلق بوجود الكاميرات في قاعات المحاكم». لكن شونفيلد يذكّر بأن القرار في هذا الشأن غير نهائي بعد، لأن «هذه ليست قضية عادية»، إلا أنه في حال نُشرت وقائع المحاكمة مباشرةً، «قد يستطيع الشعب الأميركي والعالم حقيقةً رؤيته مباشرة وهو يرفض الإقرار بالذنب في هذه التهم».

اتهامات جورجيا قد تكون الأخطر على الرئيس الأميركي السابق (أ.ب)

وعن مستقبل ترمب السياسي، يقول زيلدن: «فيما يتعلق بالسيناريوهات القضائية، فهو سيكون بمواجهة محاكمات متتالية. لكن من غير الواضح ما إذ كانت أي من هذه المحاكمات ستؤثر عليه سياسياً. فحتى الآن، لم يُصَب بأي أذى مع قاعدته. بل على العكس، فإن بعض هذه القضايا تساعده».


مقالات ذات صلة

ترمب: بوتين يريد وقف القتال... وقد ألتقيه «قريباً جداً»

الولايات المتحدة​ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (يمين) ونظيره الأميركي دونالد ترمب قبيل اجتماع في هيلسنكي عام 2018 (أ.ف.ب) play-circle

ترمب: بوتين يريد وقف القتال... وقد ألتقيه «قريباً جداً»

أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الأحد، أن اجتماعه مع فلاديمير بوتين قد يتم «قريباً جداً»، وأن الرئيس الروسي يريد أن «يتوقف» القتال في أوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (ويست بالم بيتش)
شؤون إقليمية نتنياهو يستمع إلى روبيو خلال مؤتمر صحافي مشترك في تل أبيب اليوم (أ.ف.ب)

تفاهم أميركي ـــ إسرائيلي لحرمان إيران من «القنبلة»

أكد وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، عزم البلدين على منع إيران من امتلاك أسلحة دمار شامل.

«الشرق الأوسط» (لندن - تل أبيب)
الولايات المتحدة​ ترمب يعرض مذكرة وقّعها للانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني في 8 مايو 2018 (أ.ب)

إدارة ترمب تحاول إعادة عاملين في برامج الأسلحة النووية تم فصلهم

أوقفت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب فصل مئات من الموظفين الاتحاديين الذين كانوا يعملون في برامج الأسلحة النووية الوطنية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أفريقيا ويني بيانيما وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة والمديرة التنفيذية لبرنامج الأمم المتحدة المشترك المعني بفيروس الإيدز (أ.ف.ب)

تجميد ترمب المساعدات الخارجية قد يتسبب في وفاة ملايين بالإيدز

حذّرت ويني بيانيما وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة من أن قرار الرئيس دونالد ترمب بتعليق التمويل الأميركي في الخارج قد يؤدي إلى وفاة ملايين إضافيين بسبب الإيدز.

«الشرق الأوسط» (أديس أبابا)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي دونالد ترمب (رويترز)

«أكسيوس»: ترمب يريد التفاوض مع إيران للتوصل إلى اتفاق نووي جديد

نقل موقع «أكسيوس» الإخباري عن مسؤولين أميركيين قولهم، اليوم (الأحد)، إن الرئيس الأميركي دونالد ترمب، يريد أن يتفاوض مبعوثه للشرق الأوسط ستيف ويتكوف، مع إيران.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

مصرع 9 جرَّاء فيضانات مميتة في شرق الولايات المتحدة

غرق السيارات بمياه الفيضانات في ولاية كنتاكي (أ.ب)
غرق السيارات بمياه الفيضانات في ولاية كنتاكي (أ.ب)
TT

مصرع 9 جرَّاء فيضانات مميتة في شرق الولايات المتحدة

غرق السيارات بمياه الفيضانات في ولاية كنتاكي (أ.ب)
غرق السيارات بمياه الفيضانات في ولاية كنتاكي (أ.ب)

لقي ما لا يقل عن 9 أشخاص حتفهم في شرق الولايات المتحدة، بينهم 8 في ولاية كنتاكي التي اجتاحتها أمطار غزيرة تسببت في فيضانات مميتة واستنفرت خدمات الطوارئ، حسبما أعلنت السلطات المحلية أمس (الأحد).

وقال حاكم كنتاكي آندي بيشير في مؤتمر صحافي: «يمكننا أن نؤكد أننا فقدنا 8 على الأقل من سكان كنتاكي». ووفقاً للحاكم، فإن معظم الأشخاص الذين لقوا حتفهم حوصروا في مركباتهم وسط المياه، بمن فيهم أم وطفلها.

توقف السيارات عند مدخل مجمع سكني غمرته المياه في ولاية كنتاكي (أ.ف.ب)

وحذَّر قائلاً: «نتوقع ارتفاع هذا العدد» من الوفيات، في حين أنقِذ أكثر من ألف شخص في الساعات الأربع والعشرين التي تلت الكارثة الطبيعية في كنتاكي (وسط شرق)؛ حيث أعلِنت حال الطوارئ. وحض الحاكم السكان على «الابتعاد عن الطرق».

غرق السيارات بمياه الفيضانات في ولاية تينيسي (أ.ب)

ووفقاً لعدد من وسائل الإعلام الأميركية، لقي شخص آخر حتفه في أتلانتا بولاية جورجيا (جنوب شرق) نتيجة سوء الأحوال الجوية. ونجمت الوفاة من شجرة «كبيرة جداً» اقتُلعت من مكانها بسبب الرعد قبل أن تسقط على منزله صباح أمس، وفق ما نقلت وسائل الإعلام عن مسؤول خدمة الإطفاء المحلية الكابتن سكوت باول.

وتجتاح حالياً موجة من البرد والأمطار والرياح الشديدة أجزاء من وسط الولايات المتحدة وشمال شرقها.

مياه نهر بارين تغمر الطريق في ولاية كنتاكي (أ.ف.ب)

ووفقاً لنشرة التنبؤات الجوية الصادرة أمس عن دائرة الأرصاد الجوية الوطنية: «ستحل كتلة هوائية قطبية شديدة البرودة على وسط الولايات المتحدة هذا الأسبوع، ما سيؤدي إلى موجة برد قياسية» إضافة إلى «انخفاض درجات الحرارة إلى -60 درجة فهرنهايت (-51 درجة مئوية)».