نحو مئة قتيل في حرائق هاواي وسط انتقادات للسلطات

وسط انتقادات للسلطات بشأن طريقة تعاملها مع الكارثة الطبيعية

أعضاء فريق البحث والإنقاذ يسيرون على طول أحد الشوارع في لاهاينا، هاواي (أ.ب)
أعضاء فريق البحث والإنقاذ يسيرون على طول أحد الشوارع في لاهاينا، هاواي (أ.ب)
TT

نحو مئة قتيل في حرائق هاواي وسط انتقادات للسلطات

أعضاء فريق البحث والإنقاذ يسيرون على طول أحد الشوارع في لاهاينا، هاواي (أ.ب)
أعضاء فريق البحث والإنقاذ يسيرون على طول أحد الشوارع في لاهاينا، هاواي (أ.ب)

قضى 93 شخصاً على الأقل في الحرائق التي تجتاح جزيرة ماوي في هاواي حسبما أعلنت السلطات المحلية اليوم الأحد، وهي حصيلة ثقيلة أثارت انتقادات للسلطات بشأن طريقة تعاملها مع واحدة من أسوأ الكوارث الطبيعية في التاريخ الحديث للأرخبيل الأميركي.

وكان حاكم ولاية هاواي قد أفاد في وقت سابق اليوم بأن حصيلة ضحايا الحرائق التي دمرت بلدة سياحية تاريخية في هاواي بلغت 89 قتيلاً السبت. وقال جوش غرين للصحافيين: «هناك 89 وفاة جرى إحصاؤها»، مرجحاً أن الحصيلة «سوف تستمر في الارتفاع. نريد أن يكون الناس على استعداد لهذا»، وفقاً لما ذكرته وكالة الصحافة الفرنسية.

وقالت الوكالة الفيدرالية المسؤولة عن الاستجابة للكوارث الطبيعية (فيما)، إن حوالى 2207 مبان، معظمها سكنية، دمرت أو تضررت.

وكشفت سلطات هاواي أنها فتحت تحقيقاً في ملابسات الاستجابة للحرائق، حيث اعترفت عضو في الكونغرس عن الولاية بأن المسؤولين قللوا من تقدير خطرها، بينما أفاد سكان بأنهم لم يتلقوا أي تحذيرات.

وقالت فيلما ريد البالغة 63 عاماً: «اشتعلت النيران في الجبل خلفنا ولم يبلغنا أحد بضرورة الإخلاء».

أضافت: «أتعلم متى عرفنا أن هناك حريقاً؟ عندما وصل إلى الجانب الآخر من الشارع عندنا».

ولفتت ريد التي دمر الحريق منزلها أنها فرت مع عائلتها من الحريق بما استطاعت أن تضع في سيارتها من متعلقات، وهم الآن يعتمدون على المساعدات.

وقالت: «هذا هو منزلي الآن»، مشيرة إلى السيارة التي كانت تنام فيها مع ابنتها وحفيدها وقطتها.

ما زال السكان في حالة صدمة، وبدأوا لتوهم يدركون حجم الضرر في مدينة لاهاينا التي تحولت في غالبها إلى رماد.

يأسف أنتوني غارسيا (80 عاماً) المقيم في المدينة منذ ثلاثة عقود: «لقد أتى ذلك على كل شيء، كل شيء! هذا يفطر قلبي». في جواره، يحرك ناجون الرماد أملاً في العثور على صور أو أغراض لم تأت عليها النار.

رجل يحمل كومة من الأطباق التي انتشلها من أنقاض منزله المدمر في هاواي (أ.ف.ب)

لم يبق شيء تقريباً من المحلات التجارية والفنادق والمباني والمطاعم في المدينة الساحلية التي يبلغ عدد سكانها 13 ألف نسمة. وقد طاول اللهب شجرة بانيان مهيبة، وهي معلم جذب سياحي، لكن يبدو أنها نجت، وهي تقف الآن وسط الأنقاض.

خلال هذا الكابوس، تناقل السكان الأخبار والشائعات من شخص لآخر، وفق ما ذكر وليام هاري لوكالة الصحافة الفرنسية. وقال آخر بدا منزعجًا ولم يرغب في كشف اسمه: «أين الحكومة؟ أين هي؟».

وسط الخراب، يسعى السكان إلى فهم كيف بلغت المأساة هذا الحجم، وكذلك القضاء الذي فتح تحقيقاً بشأن طريقة إدارة السلطات الأزمة.

وشهدت ماوي انقطاعات عديدة للتيار الكهربائي، وتوقف رقم الطوارئ عن الخدمة في أجزاء من الجزيرة.

وأوضحت النائبة الديموقراطية في الكونغرس عن هاواي جيل توكودا، أن التنبيهات التي يتم إرسالها عادةً عبر الهاتف لم تصل بسبب «عدم وجود تغطية» و«من الواضح أننا لم نقدم حلولاً احتياطية لضمان سلامة السكان».

وأضافت في تصريح لشبكة «سي إن إن»: «لقد قللنا من خطورة الحريق وسرعته... علينا أن نتحسن».

وقال مدير عمليات «فيما» جيريمي غرينبرغ، وهو إطفائي قضى سنوات في العمل التطوّعي، إن درجة صعوبة السيطرة على الحريق كانت «استثنائية».

وفي تصريح لشبكة «إم إس إن بي سي» أشار إلى أن «سرعة تقدّم هذا النوع من الحرائق تبلغ طول ملعب لكرة القدم في عشرين ثانية أو أقل».

وتجاوزت حصيلة ضحايا الحرائق تلك التي نجمت عن التسونامي الذي ضرب هاواي في 1960 مع 61 قتيلاً، ما يجعل منها الكارثة الأكثر فتكاً في تاريخ الولاية.

رجل وابنه يقفان تحت غطاء من قماش في موقف للسيارات في مجمع الحرب التذكاري الذي يعمل حاليًا كمأوى ومركز للتبرعات في كاهولوي (أ.ف.ب)

وربما لم ينته الأرخبيل من إحصاء قتلاه، فقد وصلت فرق بحث وإنقاذ برفقة كلاب مدربة إلى جزيرة ماوي للبحث عن جثث محتملة، بحسب ما أعلنت السلطات.

وقال غرينبغ إن «فيما» والوكالات المعاونة لها تعمل على «إمداد ولاية هاواي بكل ما تحتاج إليه من موارد»، بما في ذلك المياه لأنحاء تلوّثت فيها الموارد العامة.

وأشار إلى أن الوكالة التي تدير مركزاً دائماً لتوزيع المياه في هاواي بصدد إرسال أكثر من 150 موظفاً إلى المنطقة المتضررة.

نازحون من سكان لاهاينا يجمعون الاحتياجات المختلفة في الملجأ في استاد الحرب التذكاري في كاهولوي (إ.ب.أ)

كان على عناصر الإطفاء مكافحة حرائق متزامنة متعددة تغذيها الرياح العاتية جراء الإعصار «دورا».

في مواجهة سرعة انتشار النيران، اضطر الناجون من لاهاينا إلى الفرار دون النظر خلفهم، ورمى بعضهم أنفسهم في المحيط للهروب من الحريق. يقول إيكولو برايدن هوبيلي إن النار كانت «شديدة مثل الجحيم»، وقد غادر مضطراً «تاركاً الكثير من الناس وراءه».

رجال يستخدمون دلوًا من الماء لإخماد البقع الساخنة (أ.ف.ب)

وتقدر تكلفة إعادة الإعمار بحوالي 5.52 مليار دولار في لاهاينا وحدها.

تأتي هذه الحرائق المدمرة في منتصف صيف سجلت خلاله سلسلة أحداث مناخية قاسية في أنحاء الكوكب، بما في ذلك موجة حر شديدة في جنوب الولايات المتحدة، وهي ظاهرة مرتبطة بالاحترار العالمي، وفق الخبراء.

وانتشرت الحرائق بسهولة أكبر في جزيرة ماوي، لأن الأمطار أقل من المعتاد هذا العام. ويعاني الجزء الغربي من الجزيرة، حيث تقع لاهاينا، حالياً من جفاف «شديد» إلى «معتدل»، وفق مرصد الجفاف الأميركي.

وأعلن الرئيس الديموقراطي جو بايدن، حرائق هاواي كارثة طبيعية، مفرجاً عن مساعدات فيدرالية لجزيرة ماوي بهدف تمويل أعمال الإغاثة والإيواء الفوري وجهود إعادة الإعمار.

الأضرار الناجمة عن حرائق الغابات في لاهاينا (أ.ب)

وقدمت فرنسا السبت تعازيها لأسر وأحباء ضحايا الحريق المروع الذي اجتاح ماوي.

وقالت الخارجية في بيان: «تعرب فرنسا عن تعازيها لأسر الضحايا وأحبائهم، وتضامنها الكامل مع الحاكم جوش غرين وسكان جزيرة ماوي بولاية هاواي التي دمرتها الحرائق».


مقالات ذات صلة

فريق ترمب ينظر إيجابياً إلى اتفاق وقف النار في لبنان

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب في اجتماع مؤتمر الحزب الجمهوري 13 نوفمبر 2024 في واشنطن (أ.ب)

فريق ترمب ينظر إيجابياً إلى اتفاق وقف النار في لبنان

ذكرت شبكة «سي بي إس نيوز» الإخبارية الأميركية، اليوم الثلاثاء، أن فريق الرئيس المنتخب دونالد ترمب اطلع على خطة وقف إطلاق النار في لبنان وينظر إليها بشكل إيجابي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
رياضة عالمية الأرجنتيني خافيير ماسكيرانو مدرباً لإنتر ميامي (أ.ب)

الأرجنتيني ماسكيرانو مدرباً لإنتر ميامي

أعلن إنتر ميامي المنافس في الدوري الأميركي للمحترفين لكرة القدم تعيين الأرجنتيني خافيير ماسكيرانو مدرباً للفريق.

«الشرق الأوسط» (ميامي)
العالم طائرتان مقاتلتان من طراز «ميغ - 31» تابعتان للقوات الجوية الروسية تحلّقان في تشكيل خلال عرض فوق الساحة الحمراء في موسكو بروسيا في 9 مايو 2018 (رويترز)

مقاتلتان روسيتان تعترضان قاذفتين أميركيتين قرب مدينة كالينينغراد الروسية

اعترضت مقاتلتان روسيتان من طراز «سوخوي 27» قاذفتين أميركيتين من طراز «بي - 52 ستراتوفورتريس» بالقرب من مدينة كالينينغراد الروسية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن يعقد مؤتمراً صحافياً في ختام اجتماع وزراء خارجية «مجموعة السبع» في فيوجي بوسط إيطاليا في 26 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب) play-circle 01:03

بلينكن: محادثات اتفاق إطلاق النار في لبنان «في مراحلها الأخيرة»

أعلن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، الثلاثاء، أنّ الجهود الرامية للتوصل إلى وقف لإطلاق النار في لبنان «في مراحلها النهائية».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ جنود من الجيش الأميركي من الفرقة 82 يسيرون باتجاه قاعدة جوية أميركية بالقرب من أرلاموف في بولندا 5 أبريل 2022 (رويترز)

الجيش الأميركي يرصد طائرات مسيرة قرب قوات له في بريطانيا

قال الجيش الأميركي، اليوم الثلاثاء، إنه تم رصد طائرات مسيرة فوق ثلاث منشآت عسكرية تستضيف قوات أميركية في بريطانيا وبالقرب منها منذ أسبوع.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

ترمب يتخلص من مشكلاته القانونية قبل تنصيبه

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (رويترز)
TT

ترمب يتخلص من مشكلاته القانونية قبل تنصيبه

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (رويترز)

بعد فوزه في انتخابات 5 نوفمبر (تشرين الثاني)، يبدو أن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب سيتخلّص من مشكلاته القانونية بعد طلب الادعاء إسقاط الدعوى المتعلقة بمحاولة قلب نتائج انتخابات 2020 استناداً إلى سياسة وزارة العدل التي تمنع محاكمة رئيس يشغل المنصب.

ووافقت القاضية تانيا تشوتكان على طلب المدّعي الخاص جاك سميث ردّ هذه الدعوى لأنّ سياسة وزارة العدل تنصّ على عدم ملاحقة رئيس يمارس مهام منصبه، وهو ما سيكون عليه ترمب بعد أن يؤدي اليمين الدستورية في 20 يناير (كانون الثاني).

ووافقت القاضية على ذلك مع حفظ إمكان إعادة إحياء هذه الدعوى بمجرد أن يغادر ترمب منصبه بعد 4 سنوات.

وأوضح سميث أنه بعد مشاورات، خلصت وزارة العدل إلى أن سياستها منذ «فضيحة ووترغيت» عام 1973 المتمثلة في عدم محاكمة رئيس في منصبه «تنطبق على هذا الوضع غير المسبوق»، مضيفاً أن هذا الاستنتاج «لا يعتمد على مدى خطورة الجرائم المحدّدة أو قوة قضية الادعاء أو أسس الملاحقة».

وقالت القاضية إنّ «الحصانة الممنوحة لرئيس يمارس مهام منصبه هي حصانة مؤقّتة، وتنتهي عند مغادرته منصبه».

من جهتها، كتبت المدعية السابقة باربرا مكويد على «إكس»: «بالطبع، ربما لا تكون هناك شهية للملاحقة القضائية في عام 2029، لكنّ ذلك يبقي هذا الاحتمال مفتوحاً».

والقضية الأخرى في فلوريدا ستواجه المصير نفسه؛ فقد أعلن سميث أنه، للسبب عينه، لن يلاحق ترمب بتهمة الاحتفاظ بوثائق سرية بعد مغادرته البيت الأبيض عام 2021.

وكان سميث قد استأنف قرار القاضية الفيدرالية إيلين كانون في فلوريدا بإلغاء الإجراءات في يوليو (تموز) على أساس أن تعيين المدعي الخاص في القضية غير دستوري.

حصانة

هكذا، تخلص ترمب من متاعبه القانونية، خصوصاً بعد الحكم التاريخي للمحكمة العليا الذي أُقِرَّ في الأول من يوليو بأن «طبيعة السلطة الرئاسية تمنح الرئيس السابق حصانة مطلقة من الملاحقة الجنائية عن الأفعال الرسمية التي يتخذها بوصفه رئيساً».

لذلك، اضطُرَّ سميث لتقديم لائحة اتهام منقحة في نهاية أغسطس (آب) لإثبات الطبيعة الخاصة للوقائع التي يتّهم ترمب بارتكابها، والتي، وفق قوله، لا تغطيها الحصانة الجنائية.

وضمنت المحكمة العليا بحكم الأمر الواقع عدم محاكمة ترمب في هذه القضية قبل انتخابات 5 نوفمبر (تشرين الثاني)، وهو ما كان يريده.

وبمجرد دخوله البيت الأبيض، يستطيع دونالد ترمب التخلص من الدعويين أو حتى تجنّب إعادتهما إلى القضاء من خلال إصدار عفو عن نفسه.

لكن رغم ذلك، ربما تكون في انتظاره عقبة أخيرة في نيويورك قبل تنصيبه رسمياً في 20 نوفمبر عند النطق بالحكم عليه في المحاكمة الوحيدة من محاكماته الجنائية الأربع التي لم يتمكن محاموه من تأجيلها إلى ما بعد عام 2024.

وأدين ترمب بارتكاب 34 تهمة جنائية في مايو (أيار) بعدما خلصت هيئة محلفين إلى أنه قام بالتلاعب بشكل احتيالي بسجلات تجارية للتغطية على دفع مبالغ لنجمة الأفلام الإباحية ستورمي دانيلز مقابل صمتها عن علاقة جنسية مفترضة حتى لا تضر بحملته في انتخابات عام 2016.

لكن القاضي خوان ميرتشن الذي أرجأ النطق بالحكم مرات عدة، سمح لمحامي ترمب بتقديم استئناف لإلغاء الإجراءات بحلول الثاني من ديسمبر (كانون الأول).

كذلك يواجه ترمب في جورجيا تهمة الابتزاز على خلفية جهوده لقلب نتائج انتخابات 2020 في الولاية الجنوبية، لكن من المرجح تجميد هذه القضية خلال ولايته.