نفى الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، الجمعة، تهم إساءة التعامل مع تسجيلات أمنية طلبها محققون اتحاديون، وذلك بعد يوم من إضافة الادعاء تهماً جديدة لترمب بأنه أمر موظفيه في منتجع بفلوريدا بحذف مقاطع الفيديو، وأكد أنه لن يُنهي حملته الرئاسية لعام 2024 حتى لو ثبُتت إدانته وحُكم عليه في عدة تهم موجهة إليه. وتحدث ترمب في مقابلة إذاعية بعد يوم من توسيع الادعاء الاتحادي نطاق التحقيق في القضية المرفوعة ضده فيما يتعلق بتعامله مع وثائق سرية بعد تركه منصب الرئاسة. وذكر ترمب، الذي يسعى للفوز بترشيح الحزب الجمهوري للانتخابات الرئاسية لعام 2024، في المقابلة، أنه يعتقد أنه لم يكن مطالباً بتسليم التسجيلات الأمنية من منتجعه بفلوريدا، لكنه فعل ذلك على أي حال. وقال: «كانت تلك تسجيلات أمنية. سلمناهم إليهم».
وفي خضم ملاحقات قانونية متزايدة وخطيرة، شكل ظهور ترمب في ولاية أيوا، مساء الجمعة، في حفل عشاء «مجموعة لنكولن»، أكثر اللحظات إثارة، حيث شارك في هذا الحفل الانتخابي للجمهوريين مع كل المرشحين الجمهوريين المنافسين له.
ويواجه ترمب لائحة اتهامات رسمية في قضية الوثائق السرية، وتوقعات بصدور لائحة اتهامات أخرى في قضية التدخل في الانتخابات، والهجوم على الكابيتول، وأيضاً التحقيقات في ولاية جورجيا حول محاولات إلغاء نتائج الانتخابات 2020، والتأثير على مسؤولي الانتخابات في تلك الولاية.
ومساء يوم الخميس، فجّر المحقق الخاص جاك سميث، قنبلة في وجه ترمب، حيث وجه إليه لائحة اتهام رسمياً في قضية الوثائق السرية، مضيفاً ثلاث تهم إضافية شملت تعمّد عرقلة العدالة، والاحتفاظ المتعمد بمعلومات تتعلق بالأمن الوطني، واتهامات بأنه ومساعديه حاولوا حذف لقطات الكاميرات في منزله بفلوريدا التي التقطت عمليات نقل صناديق الوثائق إلى منزل ترمب، في محاولة لعرقلة تحقيقات الوثائق السرية. وتحتوي لائحة الاتهام الصادرة بحق ترمب تهمة إضافية بموجب قانون التجسس، تتعلق بالاحتفاظ عمداً بمعلومات الدفاع الوطني المتعلقة بالخطط العسكرية الأميركية لمهاجمة دولة أخرى (عرف بعد ذلك أنها تتعلق بإيران) وما يصل إلى 31 وثيقة سرية تحتوي على معلومات الدفاع الوطني بعد تركه منصبه. وتم التقاط تسجيل صوتي لترمب في ناديه للغولف بولاية نيوجيرسي وهو يتحدث بالتفصيل عن هذه الخطط ضد إيران، ويعترف بالحصول على الوثيقة ويقر بأنها سرية. ووجهت وزارة العدل اتهامات إليه وإلى مساعديه كارلوس دي أوليفريا، ووالت ناوتا، بمحاولة حذف تسجيلات كاميرا المراقبة في منتجع مارلارغو.
ويواجه ترمب الآن 40 تهماً (بإضافة 3 تهم إلى 37 تهمة سابقة)، وتصل عقوبة التهم الثلاث الإضافية مجتمعة إلى 30 عاماً حداً أقصى في حالة الإدانة. فيما تصل عقوبة محاولة حذف تسجيلات كاميرات المراقبة وعرقلة العدالة إلى 20 عاماً عقوبة قصوى، وتصل عقوبة الاحتفاظ عمداً بأسرار الدفاع الوطني بالسجن لمدة تصل إلى 10 سنوات. أما التهم المتعلقة بانتهاك قانون التجسس، فقد تزيد عقوبة السجن إلى 50 عاماً. ويقول المحللون إن التهم الجديدة قد تبطئ القضية التي من المقرر أن تحال إلى المحاكمة في مايو (أيار) المقبل، وقد تدفعها إلى ما بعد انتخابات 2024. وبعد ساعات من تسلمه لائحة الاتهامات الإضافية في قضية الوثائق السرية، توجه ترمب إلى وسائل التواصل الاجتماعي للدفاع عن نفسه عبر «سوشيال تروث»، وقال: «ماذا حدث لقضية وثائق جو بايدن الفاسد؟». وأضاف: «لقد كان لديه (بايدن) وثائق 20 ضعفاً مما لدي ولم يكن مشمولاً بقانون السجلات القانونية». وأصدر فريق حملته الانتخابية بياناً قال فيه: «جاك سميث مشوش، ويعلم أنه ليست لديه قضية، ويبحث عن أي طريقة لتنفيذ مطاردة الساحرات غير القانونية، وجعل أي شخص آخر غير دونالد ترمب يرشح نفسه ضد جو بايدن الفاسد».
التهمة الأخطر بسبب حيازته خطة حرب تحوي معلومات سرية حول هجوم محتمل على إيران، وانتشار تسجيل لترمب وهو يتحدث عن حيازته الوثيقة في منتجع الغولف الخاص به في يوليو (تموز) 2021 مع أشخاص ليس لديهم تصريح أمني لمراجعة هذه المعلومات السرية، فإن ترمب قد يواجه تهماً إضافية بموجب قانون التجسس، وهو ما يزيد من الخطر القانوني للرئيس السابق في خضم السباق الانتخابي لعام 2024. ويشير إيلي هونيغ المحلل القانوني بشبكة «سي إن إن»، إلى أن اتهام ترمب بالاحتفاظ عمداً بمعلومات الدفاع الوطني في ما يتعلق بخطط الحرب وعرضها لمدنيين ليس لديهم تصريح أمنى هو الاتهام الأخطر، إضافة إلى عرقلة العدالة. وبموجب هذه الاتهامات، فإن ترمب لم يحاول فقط الاحتفاظ بوثائق يعلم أنه ليس من المفترض أن تكون بحوزته، لكنه حاول أيضاً التستر على محاولاته الاحتفاظ بالملفات عن طريق حذف أدلة التسجيلات لكاميرات المراقبة. ونفى ترمب لفترة طويلة أنه ارتكب أي مخالفات فيما يتعلق بقضية الوثائق السرية، ودفع بأنه غير مذنب في 37 تهمة. ويواجه ترمب قضايا جنائية أخرى. فقد وجهت إليه هيئة محلفين كبرى في مانهاتن بنيويورك 34 تهمة جنائية بتزوير سجلات مالية ودفع أموال لإسكات نجمة الأفلام الإباحية ستومي دانيالز، خلال الانتخابات الرئاسية عام 2016. كما يواجه ما يصل إلى أربع سنوات في السجن لكل تهمة، وهو ما يعني أنه قد يواجه 136 عاماً في السجن إذا ثبتت إدانته في كل هذه التهم، ناهيك عن توقعات باتهامات حول جهوده لتغيير نتيجة الانتخابات والهجوم على الكابيتول وقضية التأثير على نتيجة الانتخابات في ولاية جورجيا.
ولا شك أن الاتهامات الجديدة تضيف مزيداً من المخاطر القانونية للرئيس السابق في خضم حملته الانتخابية للوصول إلى البيت الأبيض مرة ثانية. ولا يزال ترمب مثل بعض الجمهوريين متمسكاً بالدفاع على أنه لم يرتكب جريمة، وأن حيازته للوثائق السرية ليست جريمة. ولا يزال متمسكاً بأن انتخابات 2020 قد سرقت منه، وأنه بريء من أي اتهامات تتعلق بهجوم مناصريه على مبنى الكابيتول بعد تصريحاته بتزوير الانتخابات. ويبدو أن المحقق الخاص سميث مستعد للمضي قدماً في لوائح اتهامات إضافية وجمع أدلة أكثر صلابة على أن ترمب كان واهماً، وأن تزوير الانتخابات ليس إلا وهم صادق في ذهن ترمب وحده، وأنه كان يروج لكذبه بشأن تزوير الانتخابات عن قصد.