نظام تجسس أميركي سري للغاية رصد انفجار الغواصة «تيتان»

فرد من حرس السواحل الأميركي خلال البحث عن الغواصة «تيتان» (أ.ب)
فرد من حرس السواحل الأميركي خلال البحث عن الغواصة «تيتان» (أ.ب)
TT

نظام تجسس أميركي سري للغاية رصد انفجار الغواصة «تيتان»

فرد من حرس السواحل الأميركي خلال البحث عن الغواصة «تيتان» (أ.ب)
فرد من حرس السواحل الأميركي خلال البحث عن الغواصة «تيتان» (أ.ب)

تخفي حكومة الولايات المتحدة العديد من الأسرار، لكن القليل منها تحرص على الحفاظ عليه بشدة، منها كيف يستخدم الجيش الأميركي تكنولوجيا صوتية معقدة للتنصت على ما يفعله المنافسون على عمق ألف قدم تحت الماء.

ما دفعها للحصول على هذه الإمكانات كانت سياسة حافة الهاوية خلال الحرب الباردة، والخوف من اقتراب غواصات سوفياتية يمكنها إطلاق أسلحة نووية. والتوتر مع الصين اليوم يعيد التذكير بأهمية هذه الأنظمة، فالجيش الصيني يمتلك أسطولاً من عشرات الغواصات، منها 6 يمكنها حمل صواريخ باليستية.

وقال المحلل التقني لدى مؤسسة «راند» برايان تانيهيل، إن «أي شيء يخص الثلاثي النووي هو سري للغاية». ويشير مصطلح «الثلاثي النووي» إلى المبدأ الاستراتيجي الخاص بإطلاق الأسلحة النووية من البر أو البحر أو الجو.

وتابع تانيهل، في تصريحاته لصحيفة «وول ستريت جورنال»: «أي شيء يخص قدرات الولايات المتحدة على الاستشعار هو سري للغاية».

أحد هذه الأنظمة، لا نعرف أيها بالتحديد، التقط ما يعتقد المسؤولون إنه صوت انفجار الغواصة «تيتان» بعد ساعات من بدء رحلتها لموقع غرق السفينة «تايتانيك» يوم (الأحد). وقال مسؤولون أميركيون إن البحرية أرسلت هذه المعلومات إلى قيادة حرس السواحل.

ورغم أن البحرية لم يمكنها التأكيد بشكل لا يقبل الشك أن صوت الانفجار صادر عن الغواصة «تيتان»، فإن المعلومات التي قدمتها ساعدت في تقليص مساحة البحث عنها قبل العثور على حطامها يوم (الخميس).

تعود جهود الولايات المتحدة لتطوير أنظمة مراقبة تحت الماء إلى أكثر من قرن مضى، فجهاز السونار الذي يستخدم الموجات الصوتية لتحديد مواقع الأشياء استخدمه البريطانيون في الحرب العالمية الأولى لتحديد مواقع غواصات الأعداء.

وطورت الولايات المتحدة سوناراً بعيد المدى استخدمته خلال الحرب العالمية الثانية لتحديد مواقع «يو - بوت» (نوع من الغواصات) الألمانية في المحيط الأطلسي. في بدايات الحرب الباردة، عملت الولايات المتحدة على نظام مراقبة صوتي أطلقت عليه اسم «سوسوس» لكشف مواقع الغواصات النووية السوفياتية.

اعتمد «سوسوس» على شبكة من أجهزة تسمى «هايدروفون» ثبتت في أعماق البحر. وبقي اسم المشروع سراً حتى انهيار الاتحاد السوفياتي، وحتى الآن تعد أماكن وجود «الهايدروفون» وإمكاناتها سراً.

وذكر كتاب «تاريخ كشف مواقع الغواصات عن طريق الصوت» الذي أصدرته البحرية الأميركية أن «خطر حرب نووية أصبح حقيقة واقعة، وأدى لسباق تسلح» يرتكز على الغواصات وأنظمة كشفها عن طريق الصوت، وذلك في البحار التي حددها الأدميرالات السوفيات لتحقيق السيادة البحرية، واستخدام البحرية عنصراً أساسياً في الاستراتيجية السوفياتية العالمية.

الغواصة «يو إس إس ثريشر» التي تعمل بالطاقة النووية وغرقت خلال اختبار غوص (البحرية الأميركية)

استخدم «سوسوس» سابقاً للعثور على حطام السفن، بما فيها الغواصة التي تعمل بالطاقة النووي «يو إس إس ثريشر» التي غرقت خلال اختبار غوص قرب ساحل كاب كود في ولاية ماساتشوستس الأميركية، ما أدى لمقتل 129 شخصاً كانوا على متنها.

وفقاً لتانهيل، فإن هذا النظام ما زال مستخدماً حتى اليوم، وعلى الأرجح التقط أصوات انفجار غواصة «تايتان». لكن ربما استخدمت أنظمة أخرى أيضاً في البحث، وقد يمر وقت طويل قبل أن تبوح الحكومة بأسرارها في هذا الموضوع. وأضاف تانيهيل: «عندما تبدأ في الحديث عن الأنظمة الحربية المضادة للغواصات والسفن في شمال الأطلنطي، يقابلك حائط كبير من السرية».


مقالات ذات صلة

إسرائيل تتّهم شخصاً وتعتقل آخرَين للاشتباه بالتجسّس لصالح إيران

شؤون إقليمية جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي يتهم إيران بالسعي إلى تجنيد إسرائيليين للقيام بمهام أمنية في الدولة العبرية (رويترز)

إسرائيل تتّهم شخصاً وتعتقل آخرَين للاشتباه بالتجسّس لصالح إيران

أعلن جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (شين بيت)، الثلاثاء، توجيه تهمة التجسّس لحساب إيران لإسرائيلي واعتقال شخصَين آخرين.

«الشرق الأوسط» (القدس)
العالم رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيزي (رويترز)

أستراليا تطالب روسيا بـ«التوقف عن التدخل في شؤون الدول»

اتهمت روسيا أستراليا بإثارة «جنون الارتياب المناهض لروسيا» لاتهامها زوجين من مواليد روسيا بالتجسس، مما دفع رئيس الوزراء الأسترالي إلى مطالبة روسيا بالتوقف.

«الشرق الأوسط» (كانبيرا)
المشرق العربي مسلحون من «حزب الله» يكرمون القيادي بالحزب محمد نعمة ناصر الذي قُتل في غارة إسرائيلية بطائرة مسيرة في جنوب لبنان في أثناء موكب جنازته في بيروت (د.ب.أ)

كيف يتجنّب «حزب الله» تكنولوجيا المراقبة الإسرائيلية المتقدمة بتقنيات قديمة؟

لجأت جماعة «حزب الله» لاستخدام بعض التقنيات القديمة مثل استخدام الرموز في الرسائل وخطوط الهواتف الأرضية لمحاولة التهرب من تكنولوجيا المراقبة المتطورة لإسرائيل.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
آسيا زائرون يستخدمون المناظير لرؤية الجانب الكوري الشمالي من مرصد التوحيد في باجو بكوريا الجنوبية... الثلاثاء 25 يونيو 2024 (أ.ب)

كوريا الجنوبية: بيونغ يانغ تستأنف إرسال بالونات القمامة

قال جيش كوريا الجنوبية، اليوم الثلاثاء، إن كوريا الشمالية استأنفت إرسال المزيد من البالونات التي تحمل على ما يبدو نفايات إلى كوريا الجنوبية.

«الشرق الأوسط» (سيول)
أوروبا أفراد من الشرطة الألمانية (رويترز)

بينهم أوكراني وروسي... السلطات الألمانية توقف 3 أشخاص بتهمة التجسس

أُوقف ثلاثة رجال هم روسي وأوكراني وأرمني في فرانكفورت للاشتباه بأنهم قاموا بالتجسس.

«الشرق الأوسط» (برلين)

حريق غابات ضخم يجبر آلافاً على مغادرة منازلهم في كاليفورنيا (صور)

رجل في وسط حرائق الغابات في ولاية كاليفورنيا الأميركية (أ.ف.ب)
رجل في وسط حرائق الغابات في ولاية كاليفورنيا الأميركية (أ.ف.ب)
TT

حريق غابات ضخم يجبر آلافاً على مغادرة منازلهم في كاليفورنيا (صور)

رجل في وسط حرائق الغابات في ولاية كاليفورنيا الأميركية (أ.ف.ب)
رجل في وسط حرائق الغابات في ولاية كاليفورنيا الأميركية (أ.ف.ب)

اضطر نحو 4 آلاف شخص إلى مغادرة منازلهم في كاليفورنيا جراء حريق ضخم وعنيف كان يواصل تمدده بشكل خطير، (الجمعة)، على الرغم من تدخل 1700 من عناصر الإطفاء، ما يثير قلق السلطات.

ودمر حريق «بارك فاير» أكثر من 720 كيلومتراً مربعاً من الغابات و134 مبنى منذ اندلاعه بعد ظهر الأربعاء، في شمال الولاية التي يطلق عليها «غولدن ستايت».

عربة محاطة بألسنة اللهب في ولاية كاليفورنيا (أ.ف.ب)

وأعلنت إدارة الغابات والحماية من الحرائق في كاليفورنيا عدم السيطرة على الحريق، وأن نسبة «احتوائه 0 في المائة».

ويتمدّد الحريق بسرعة رجل يمشي، في منطقة ريفية تقع على بعد ثلاث ساعات بالسيارة شمال شرقي سان فرانسيسكو.

وأفاد مصور في «وكالة الصحافة» بأن الحريق يولّد عموداً هائلاً من الدخان الأسود، كبيراً جداً لدرجة أنه يشبه السحب خلال العواصف الشديدة في الغرب الأميركي.

وأعلن حاكم ولاية كاليفورنيا غافين نيوسوم، مساء (الجمعة)، حالة الطوارئ في مقاطعتين مهددتين بالحرائق، بهدف تسريع إجراءات السلطات.

جانب من حريق الغابات في كاليفورنيا (أ.ف.ب)

وأجبرت النيران أربعة آلاف شخص على إخلاء قريتي كوهاسيت وفوريست رانش، بعد تمدّد النيران إلى بلدة تشيكو الصغيرة.

وتقع بلدة تشيكو على بعد نحو 20 كلم إلى الغرب من بلدة بارادايز التي دمّرها في عام 2018 حريق غابات قضى فيه 85 شخصاً، وكان الحريق الأكثر حصداً للأرواح في تاريخ كاليفورنيا. والمنطقة حالياً في حالة تأهب، ويستعد سكانها لأي احتمال.

وقال كوري هونيا، عمدة مقاطعة بوتي، مساء الخميس، للسكان: «عليكم أن تكونوا مستعدين للمغادرة». وأضاف: «إذا تمدّد الحريق. لا أستطيع أن أعدكم أو أضمن لكم أننا قادرون على إنقاذ حياتكم».

«سوريالي»

وشدّد هونيا، الجمعة، خلال مؤتمر صحافي جديد، على أن «الوضع متغيّر»، مذكراً بأن الحريق «اجتاز» قرية كوهاسيت خلال الليل.

وتحدّث سكان لوسائل إعلام محلية عن فرارهم الصعب من النيران عبر الطريق الوحيد في الغابات الذي يمكن سلوكه في المنطقة، حيث بالكاد اخترقت إنارة مصابيحهم الأمامية الدخان الأسود. وقال نيكو شيلتون لصحيفة «ساكرامنتو بي» إنه «كان من المقلق بالطبع معرفة أن هذا هو السبيل الوحيد للخروج». وقالت جوليا ياربو، التي دمرت النيران منزلها، عبر قناة «سي بي إس»: «أنا في حالة صدمة. الأمر سوريالي».

وترى السلطات أن الحريق سببه إجرامي. وتم توقيف رجل يبلغ 42 عاماً، صباح الخميس، يشتبه بأنه أشعل الحريق «بعدما شوهد رجل مجهول يدفع سيارة تشتعل فيها النيران» إلى موقع قريب من المكان الذي اندلع فيه الحريق، وفق بيان للمدعي العام في مقاطعة بوتي مايك رامزي.

تظهر مركبة مشتعلة بينما يستمر حريق بارك في الاشتعال بالقرب من باينز كريك في مقاطعة تيهاما غير المدمجة - كاليفورنيا (أ.ف.ب)

وميدانياً، أُرسلت تعزيزات من عدة مناطق في كاليفورنيا. وأصدرت الأرصاد الجوية الوطنية، الجمعة، إنذاراً باللون الأحمر، بسبب رياح قوية قد تعزز تمدد الحريق.

وقال مسؤول جهاز الإطفاء بيلي سي، الجمعة، بشأن الحريق: «نشهد تصاعداً هائلاً في الشمال». وأكد أن عمّال الإطفاء يبذلون ما في وسعهم، ويركزون جهودهم على حماية المناطق المأهولة.

وقال: «نأمل أن تتحسن الظروف الجوية بشكل ملحوظ بدءاً من نهاية هذا الأسبوع، مع انخفاض درجات الحرارة وزيادة الرطوبة النسبية، ما سيسمح لنا بالوصول بسهولة أكبر إلى مكان (الحريق) نفسه، بدلاً من البقاء في موقف دفاعي».

«أرقام قياسية»

وقال دانييل سوين، المتخصص في ظواهر الطقس المتطرفة في جامعة كاليفورنيا، مساء الخميس: «إنه فعلاً أول حريق خلال السنوات الأخيرة في كاليفورنيا يمكنني أن أصفه بأنه غير عادي، وهذا ليس بالأمر الجيد».

وقارن الخبير هذا الحريق الضخم بالحرائق التي دمرت كاليفورنيا في العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين، وكانت من بين الأسوأ في تاريخ هذه الولاية الأميركية الغربية.

استمرار حرائق الغابات في ولاية كاليفورنيا الأميركية (أ.ف.ب)

وأضاف: «الخبر السار الوحيد هو أنه لا توجد مدن رئيسية في المسار المباشر للحريق»، مقدراً أن يستمر الحريق «لأسابيع أو حتى أشهر».

وبعد فصلي شتاء ممطرين، يشهد الغرب الأميركي منذ يونيو (حزيران) موجات حر أدت إلى جفاف الغطاء النباتي، ما يساعد على انتشار النيران.

وقال الخبير: «حطمنا أرقاماً قياسية (في درجات الحرارة)، وذلك في منطقة واسعة جداً، تمتد من شمال غربي المكسيك إلى غرب كندا».

وتشتعل حالياً مئات الحرائق في كل أنحاء المنطقة، لا سيما في ولاية أوريغون وفي كندا.

ويقول علماء إن موجات الحرّ المتكررة دليل على ظاهرة الاحتباس الحراري المرتبطة بتغير المناخ الناجم عن اعتماد البشرية على الوقود الأحفوري.