بايدن وسوناك يسعيان لتطوير علاقة أكثر دفئاً بين واشنطن ولندن

الحرب في أوكرانيا والاقتصاد والصين على طاولة نقاشاتهما

بايدن وسوناك خلال لقائهما في بلفاست في 12 أبريل الماضي (رويترز)
بايدن وسوناك خلال لقائهما في بلفاست في 12 أبريل الماضي (رويترز)
TT

بايدن وسوناك يسعيان لتطوير علاقة أكثر دفئاً بين واشنطن ولندن

بايدن وسوناك خلال لقائهما في بلفاست في 12 أبريل الماضي (رويترز)
بايدن وسوناك خلال لقائهما في بلفاست في 12 أبريل الماضي (رويترز)

يتصدر ملف الحرب في أوكرانيا والمساعدات العسكرية وحلف شمال الأطلسي (الناتو) جدول أعمال رئيس الوزراء البريطاني، ريشي سوناك، خلال لقائه الرئيس الأميركي، جو بايدن، الخميس في البيت الأبيض. ووصل سوناك، مساء الثلاثاء، إلى قاعدة أندروز الجوية في رحلة تستغرق يومين وتستهدف التأكيد على علاقة بريطانيا القوية مع الولايات المتحدة، على الرغم من خروجها من الاتحاد الأوروبي، ومدى التنسيق في خطط المساعدات العسكرية منهما لأوكرانيا خلال المرحلة المقبلة، إضافة إلى ملفات التعاون الثنائي والتجارة ومخاطر صعود الصين ومستقبل الذكاء الاصطناعي.

ووضع ريشي سوناك إكليلاً من الزهور، الأربعاء، في مقبرة أرلنغتون الوطنية بالقرب من واشنطن، قبل التوجه إلى مبنى الكونغرس (الكابيتول) لإجراء محادثات مع المشرّعين، حيث يلتقي رئيس مجلس النواب كيفين مكارثي وكبار قادة الحزبين الديمقراطي والجمهوري. وسيحضر بعد ذلك مباراة للبيسبول بين فريق «واشنطن ناشيونالز» و«أريزونا دايموندباكس» بمناسبة يوم الصداقة الأميركية - البريطانية الذي يحتفل خلاله بـ238 عاماً من العلاقات بين البلدين.

زيارة سوناك تأتي في أعقاب تفجير سد نوفا كاخوفكار لتوليد الطاقة الكهرومائية، والذي أدى إلى تدفق المياه إلى المدن وإغراق الأراضي الزراعية في أوكرانيا، والذي تتبادل موسكو وكييف الاتهامات بشأنه. وعلى الرغم من إعلان البيت الأبيض رفض توجيه الاتهام لروسيا في تفجير السد والانتظار لجمع المعلومات، فإن اجتماع بادين وسوناك سيكون حاسماً في تحديد التدابير الدفاعية اللازمة لأوكرانيا التي يمكن اتخاذها لمساعدة القوات الأوكرانية في تنفيذ الهجوم المضاد الذي طال انتظاره لاستعادة السيطرة على الأراضي من القوات الروسية. وتلعب كل من الولايات المتحدة وبريطانيا الدور الأكبر في الجهود الدولية لتوفير الطائرات المقاتلة من طراز «إف - 16» لأوكرانيا. وقال سوناك للصحافيين، خلال رحلته إلى العاصمة الأميركية، إن أي هجوم متعمد على سد كاخوفكا يمثل «أكبر هجوم على بنية تحتية مدنية في أوكرانيا منذ بداية الحرب ويظهر ما يمكن لروسيا أن تقوم به في عدوانها ».

وتتبنى لندن وواشنطن المواقف نفسها بشأن النزاع في أوكرانيا وضد الصين، لكن سوناك يريد تعزيز موقع بريطانيا على الساحة العالمية بعد «بريكست». كما يسعى إلى تحسين العلاقات مع بايدن، التي تراجعت في عهد سلفيه بوريس جونسون وليز تراس.

وهذه الرحلة هي الأولى التي يقوم بها سوناك إلى العاصمة الأميركية منذ توليه منصبه في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكنه رابع لقاء له مع بايدن في غضون الأشهر الماضية. فالزعيمان التقيا في قمة «مجموعة السبع في اليابان»، وخلال زيارة الرئيس الأميركي إلى آيرلندا الشمالية في أبريل (نيسان) الماضي، وفي اجتماع دفاعي ثلاثي مع أستراليا في سان دييغو.

سوناك ينزل من الطائرة في قاعدة أندروز الجوية في ميريلاند مساء الثلاثاء (رويترز)

وتشمل زيارة سوناك محادثات مع المشرّعين في الكونغرس وقادة الأعمال، حيث يناقش سبل وضع ضوابط للذكاء الاصطناعي وتعزيز التجارة. ويسعى البيت الأبيض إلى تسليط الضوء على التقارب القوي بين البلدين، وإقامة علاقات ودية مع «داونينغ ستريت» بعد توترات كبيرة خيمت على العلاقات.

لكن سوناك (43 عاماً) وبايدن البالغ من العمر 80 عاماً، سياسيان مختلفان تماماً. فسوناك هو وريث رئيسة وزراء السوق الحرة مارغريت ثاتشر، ويخشى التدخلات الحكومية الكبيرة في الاقتصاد مثل قانون بايدن لخفض التضخم، وهو عبارة عن حزمة ضخمة من الإعفاءات الضريبية والإعانات التي تهدف إلى تعزيز الصناعات الخضراء وحماية البيئة. لكنه أيضاً براغماتي، وقد أعاد الاستقرار إلى الحكومة البريطانية بعد الشروط المضطربة لسابقيه بوريس جونسون وليز تروس. وكانت خيمت التوترات على سماء العلاقات الأميركية - البريطانية بعدما دافع رئيس الوزراء البريطاني الأسبق بوريس جونسون عن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وهو قرار قال عنه بايدن إنه يعتقد أنه أضر بالمملكة المتحدة. وحينما تولت ليز تراس منصب رئيسة الوزراء، اضطرت إلى الاستقالة بعد أقل من شهرين في منصبها بعد أن تسببت خططها المتهورة لخفض الضرائب في أزمة مالية. واتخذ سوناك (الذي اختاره المحافظون الحاكمون ليحل محل تروس) خطوات ثابتة لطمأنة واشنطن وتهدئة العلاقات مع الاتحاد الأوروبي، وإبرام اتفاق مع بروكسل لحل النزاع المستمر منذ فترة طويلة بشأن تجارة آيرلندا الشمالية.

ومن المرجح أيضاً أن يضغط سوناك للدفع بوزير دفاع المملكة المتحدة بن والاس ليصبح الرئيس التالي لحلف «الناتو» بعد تنحي الأمين العام ينس ستولتنبرغ في سبتمبر (أيلول) المقبل. ويتنافس على المنصب أيضا رئيسة الوزراء الدنماركية ميتي فريدريكسن، التي التقت بايدن في واشنطن الاثنين الماضي. والتزم المتحدث باسم مجلس الأمن القومي جون كيربي الحذر بشأن الموقف الأميركي من اختيار المرشح لمنصب رئيس حلف «الناتو»، مكتفياً بالقول: ليس لدي شك في أن الحرب في أوكرانيا ستكون موضوعاً رئيسياً في المناقشات خلال لقاء الخميس بين بايدن وسوناك.

وأشار مسؤول حكومي بريطاني إلى أن سوناك في اجتماعه مع بايدن سيدفع من أجل توثيق العلاقات الاقتصادية بين الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، على اعتبار أن التعاون الاقتصادي مهم للأمن مثل التحالفات الدفاعية. ويريد سوناك أيضا مناقشة سبل حماية سلاسل التوريد وكيفية ضمان أن الصين لا تحاصر السوق في إنتاج أشباه الموصلات والأجزاء الرئيسية الأخرى. وقبل وصول سوناك إلى واشنطن، أعلنت رئاسة الحكومة البريطانية أن حجم الاستثمارات بين المملكة المتحدة والولايات المتحدة يبلغ أكثر من ألف مليار جنيه إسترليني (1160 مليار يورو). وأوضح المسؤول الحكومي البريطاني أن سوناك لن يضغط من أجل الحصول على اتفاقية تجارة حرة بين المملكة المتحدة والولايات المتحدة. وفي لقاءاته مع المشرعين بالكونغرس ورجال الأعمال، يسعى سوناك إلى مناقشة فوائد ومخاطر الذكاء الاصطناعي، وكيفية التنسيق مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي حول المعايير لتنظيم وحوكمة هذه التكنولوجيات الجديدة.


مقالات ذات صلة

بوتين يأمر بـ«اختبارات» في الوضع القتالي للصاروخ «أوريشنيك»

أوروبا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أ.ب)

بوتين يأمر بـ«اختبارات» في الوضع القتالي للصاروخ «أوريشنيك»

أمر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بإنتاج كمية كبيرة من الصاروخ الباليستي الجديد فرط الصوتي «أوريشنيك» ومواصلة اختباره في الأوضاع القتالية.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا صاروخ «يارس» الباليستي الروسي خلال إطلاق تجريبي (لقطة من فيديو لوزارة الدفاع الروسية)

ماذا نعرف عن الصاروخ فرط الصوتي الروسي الذي أُطلق على أوكرانيا؟

أشاد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الخميس، بإطلاق بلاده صاروخاً جديداً فرط صوتي على مصنع أوكراني. وهذا السلاح استخدمته روسيا للمرة الأولى.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
الولايات المتحدة​ وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف (د.ب.أ)

روسيا: تصرفات بايدن بشأن أوكرانيا محاولة لـ«إفساد» عمل إدارة ترمب

نقلت وكالة «سبوتنيك» للأنباء عن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف قوله (الجمعة) إن تصرفات إدارة الرئيس بايدن بشأن أوكرانيا محاولة لـ«إفساد» عمل إدارة ترمب.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا قبة مبنى مجلس الشيوخ في الكرملين خلف برج سباسكايا وسط موسكو 4 مايو 2023 (رويترز)

روسيا: قصف أوكرانيا بصاروخ فرط صوتي تحذير للغرب

قال الكرملين، الجمعة، إن الضربة التي وُجّهت لأوكرانيا باستخدام صاروخ باليستي فرط صوتي تم تطويره حديثاً تهدف إلى تحذير الغرب.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (د.ب.أ)

زيلينسكي: الضربة الروسية بصاروخ جديد تمثل تصعيداً واضحاً

ذكر الرئيس الأوكراني، الخميس، أن الهجوم الروسي على أوكرانيا بنوع جديد من الصواريخ الباليستية يمثّل «تصعيدا واضحا وخطيرا» في الحرب، ودعا إلى إدانة عالمية قوية.

«الشرق الأوسط» (كييف)

ترمب يختار بوندي بعد انسحاب غايتز لوزارة العدل

صورة مركّبة لبوندي وترمب وغايتز (أ.ف.ب)
صورة مركّبة لبوندي وترمب وغايتز (أ.ف.ب)
TT

ترمب يختار بوندي بعد انسحاب غايتز لوزارة العدل

صورة مركّبة لبوندي وترمب وغايتز (أ.ف.ب)
صورة مركّبة لبوندي وترمب وغايتز (أ.ف.ب)

اختار الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، مساء الخميس، بام بوندي المقرّبة منه والعضوة في فريق الدفاع عنه خلال محاولة عزله الأولى عام 2020، لتولي منصب وزيرة العدل، بعد انسحاب مرشحه المثير للجدل النائب السابق مات غايتز.

وكتب الرئيس المنتخب على منصته «تروث سوشيال»، بعد ساعات قليلة على انسحاب غايتز: «يُشرفني أن أعلن اختيار المدعية العامة السابقة لفلوريدا، بام بوندي، لتكون وزيرة العدل المقبلة»، مضيفاً: «لفترة طويلة جداً، استخدمت وزارة العدل أداة ضدي وضد جمهوريين آخرين، لكن ليس بعد الآن. ستعيد بام تركيز وزارة العدل على هدفها المقصود المتمثّل في مكافحة الجريمة، وجعل أميركا آمنة مرة أخرى. لقد عرفت بام لسنوات عديدة - إنها ذكية وقوية، وهي مقاتلة في (حركة) أميركا أولاً، وستقوم بعمل رائع بصفتها وزيرة للعدل».

من هي بام بوندي؟

وفي عام 2010، أصبحت بوندي أول امرأة تُنتخب لمنصب المدعي العام لولاية فلوريدا وشغلته لفترتين، من 2011 إلى 2019، وهي تشغل مناصب قيادية في مركز التقاضي ومركز القانون والعدالة في «معهد أميركا أولاً» للسياسة الذي لعب دوراً كبيراً في المساعدة على تشكيل السياسات لإدارة ترمب المقبلة.

وتُعد من الداعمين الأساسيين لترمب منذ فترة طويلة؛ حيث دعّمت ترشيحه للرئاسة عام 2016 ضد سيناتور ولايتها ماركو روبيو. وكانت جزءاً من فريق الدفاع عن ترمب خلال محاولة عزله الأولى، التي اتُّهم فيها بالضغط على أوكرانيا لإجراء تحقيق فساد بحق جو بايدن، منافسه الرئاسي آنذاك، من خلال حجب المساعدات العسكرية عنها.

هيغسيث وكينيدي تحت المجهر

وكان غايتز قد أعلن، الخميس، انسحابه من الترشح لمنصب وزير العدل، بعد تصاعد الضغوط عليه، جراء أدلة بدت دامغة، تُظهر تورّطه في تجاوزات أخلاقية، كانت لجنة الأخلاقيات في مجلس النواب قد فتحت تحقيقاً فيها منذ عام 2021. وقال في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي، إن «ترشيحه أصبح مصدر إلهاء». وعُد انسحاب غايتز أول ضربة سياسية لمرشحي ترمب، لشغل مناصب في إدارته المقبلة، واختبار قدرته في الدفاع عن مرشحيه من الذين يواجهون تُهماً مماثلة.

كينيدي متوسّطاً تولسي غابارد ومايك جونسون خلال عرض مصارعة حضره ترمب في نيويورك 16 نوفمبر 2024 (إيماجن)

ويواجه ترمب ضغوطاً لإعادة النظر على الأقل في ثلاثة مرشحين آخرين، هم: بيت هيغسيث لمنصب وزير الدفاع والمتهم كذلك بتجاوزات أخلاقية، وروبرت كينيدي لمنصب وزير الصحة الذي يخشى بعض الجمهوريين مواقفه المتشددة في اللقاحات، وتولسي غابارد المرشحة لمنصب مديرة الاستخبارات الوطنية، التي وصفتها نيكي هايلي المندوبة السابقة لدى الأمم المتحدة بـ«المتعاطفة مع الصينيين والإيرانيين والروس».

وحتى الآن، يُشدد الجمهوريون على دعم هيغسيث وكينيدي وغابارد. وأعلنوا استعدادهم في الوقت الحالي على الأقل، لتثبيتهم في مناصبهم، في جلسات الاستماع التي ستبدأ بعد تنصيب ترمب في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل. وقال السيناتور الجمهوري، كيفن كرامر، إن ترمب بصفته «ضحية للحرب القانونية» يدرك تماماً أن الملاحقات القضائية غير عادلة، وأن غايتز والآخرين لم تتم إدانتهم بأي جرائم.

وقال السيناتور الجمهوري، جون كينيدي، إنه لن يحكم على أي من المرشحين بناءً على «الشائعات»، ويريد عقد جلسات استماع لفحص اختيارات ترمب. وقال السيناتور ماركوين مولين: «نحن نعيش في عصر يتم فيه الكشف عن ماضي الجميع، بغض النظر عن ظروفهم، ويستخلص الناس رأيهم قبل أن يكون لديهم الوقت لمعرفة الحقيقة كاملة».

ارتياح جمهوري

بام بوندي تتحدّث خلال فعالية انتخابية داعمة لترمب في أغسطس 2020 (إ.ب.أ)

وعقد غايتز اجتماعات متعددة مع أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين، لاختبار فرصه في الحصول على تأكيد ترشحه. لكنهم أبلغوه، بمن فيهم أولئك الذين دعّموه، أنه قد يخسر على الأقل 3 أصوات جمهورية، مما قد يؤدي إلى رفض ترشحه، في ظل الأغلبية الضيقة للجمهوريين على مجلس الشيوخ الجديد.

وفور إعلانه الانسحاب، بدا العديد من أعضاء مجلس الشيوخ مرتاحين لقراره. وقالت السيناتورة الجمهورية سينثيا لوميس: «أعتقد (...) أنه شعر أن هذا سيكون مصدر إلهاء كبير، ومن الجيد أن يدرك ذلك، وأن يكون على دراية بنفسه». وقال بعض أعضاء مجلس الشيوخ إنهم يريدون رؤية تقرير لجنة الأخلاقيات بمجلس النواب الذي طال انتظاره، والذي يُفسّر بعض هذه الادعاءات.

وكان النائب الجمهوري مايكل غويست الذي يرأس اللجنة، قد رفض التعليق، قائلاً إنه «لم يكن هناك اتفاق من جانب اللجنة على إصدار التقرير». وفي الأسبوع الماضي، ضغط رئيس مجلس النواب مايك جونسون على اللجنة لعدم نشر التقرير بشأن غايتز، بحجة أن ذلك سيشكّل «خرقاً فظيعاً للبروتوكول» للقيام بذلك بعد استقالة غايتز، مما يجعله خارج اختصاص اللجنة. وحثّ جونسون النائب غويست بشكل خاص على عدم نشر النتائج.