هل تهدد «أزمة السيولة» حملة ترمب الانتخابية؟

فريقه يبحث خيارات التمويل لدفع غرامات حكمين مدنيين

هل تهدد «أزمة السيولة» حملة ترمب الانتخابية؟
TT

هل تهدد «أزمة السيولة» حملة ترمب الانتخابية؟

هل تهدد «أزمة السيولة» حملة ترمب الانتخابية؟

يجد دونالد ترمب، الرئيس الأميركي السابق والمرشح الجمهوري الأوفر حظاً في انتخابات الرئاسة، نفسه في مأزق كبير عقب أحكام مدنية تفرض عليه دفع ما يزيد على 443 مليون دولار.

وبعد أسابيع من تغريم ترمب بما مجموعه 88 مليون دولار في قضيتين رفعتهما ضده الكاتبة إي جين كارول، بتهمتي الاعتداء الجنسي والتشهير، فرض عليه قاض في نيويورك الجمعة غرامة ثقيلة بقيمة 355 مليون دولار بتهمة الاحتيال التجاري في نيويورك. وتهدد هذه الغرامات سيولة الرئيس السابق ورجل الأعمال الثري، وتثير تساؤلات حول مستقبله السياسي ومصير إمبراطوريته العقارية.

الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب خلال حضوره جلسة محاكمة بنيويورك في 11 يناير 2024 (أ.ف.ب)

وفيما تستمر فواتير ترمب القانونية في التضخم، بينما يواجه 4 قضايا جنائية مختلفة، يبحث فريقه خيارات دفع الغرامات المفروضة عليه، وسط تساؤلات حول ما إذا كان سيضطر إلى الاستعانة بمصادر تمويل أخرى، أو بيع أصول وعقارات، أو إعلان إفلاسه وهو خيار لجأ إليه في السابق؟

خيارات ترمب

أسئلة عدة طرحت خلال اليومين الماضيين، ملقية بظلال كثيفة على مستقبل أعمال «قطب العقارات»، والمستثمر الجديد في قطاعات مالية باتت تدر عليه عوائد كبيرة، فضلاً عن استثماراته في منصات التواصل الاجتماعي التي أصبح واحداً من أهم المُتابعين عليها، منذ أن دخل البيت الأبيض قبل 7 سنوات.

وقدر مؤشر «بلومبرغ» للمليارديرات أخيراً، صافي ثروة ترمب بنحو 3.1 مليار دولار، مع نحو 600 مليون دولار من الأصول النقدية. ويمكن للغرامات والعقوبات الأخيرة أن تلتهم ما يزيد على نصف السيولة المالية التي راكمها على مدى سنوات عديدة. ويمكن أن تدفع شركة ترمب إلى بيع المزيد من العقارات إذا أرادت تحرير الأموال النقدية. وفي العام الماضي، خفضت مجلة «فوربس» تقديراتها لصافي ثروة ترمب إلى 2.5 مليار دولار، أي أقل بـ600 مليون دولار من تقديراتها السابقة.

صورة من الحكم الصادر بحق ترمب (رويترز)

وبحسب كثير من المحللين، فإنه حتى ولو كان لدى ترمب القدرة على دفع الغرامة نقدا، فإنها قد تؤدي إلى تبخر سيولته النقدية التي قدرها ترمب نفسه العام الماضي بأنها «أكثر من 400 مليون دولار».

رجّح تقرير نشرته مجلة «بوليتيكو» أن يضطر الرئيس السابق إلى بيع «شيء ما»، لكن ليس بالضرورة أن يكون عقاراً، حيث يمكنه بيع بعض الاستثمارات أو الأصول الأخرى. لكن مشكلات ترمب المالية لا تقف عند هذا الحد. فرغم إعلانه بأنه سيستأنف قرار دفع 355 مليون دولار، نافياً حصول «أي احتيال» ومندداً بـ«استغلال القضاء ضد خصم سياسي متقدم بشكل كبير في استطلاعات الرأي»، لكنه قد لا يستطيع تأخير الدفع.

وإذا لم يتمكن من دفع الأموال أو الحصول على سند كفالة خلال استئنافه الحكم، سيسري الحكم على الفور، ويمكن أن تبدأ سلطات نيويورك في مصادرة أصوله فيها. ويقول خبراء القانون إن عليه أن يضع الأموال في حسابات ضمان لدى المحاكم، أو الحصول على كفالة مقابل المبالغ الضخمة المطالب بها أثناء استئنافه الأحكام.

رسم لترمب أمام القاضي آرثر أنغورون في نيويورك 2 أكتوبر (رويترز)

وأمام ترمب نافذة مدتها 30 يوما بعد الحكم الصادر في 26 يناير (كانون الثاني)، إما إيداع الغرامة إلى حساب المحكمة أو الحصول على كفالة أثناء استئنافه، وإذا اختار دفع الكفالة، فمن المرجح أن يضطر إلى تقديم وديعة بنسبة 20 في المائة من المبلغ، فضلاً عن ضمانات، ورسوم وفوائد، مما يجعل هذا الخيار أكثر تكلفة على المدى الطويل. وسيتطلب الأمر من ترمب أن يجد طرفاً ثالثاً على استعداد لتحمل إخطار إقراضه المال. كما أن هناك غرامات وعقوبات هائلة يجب دفعها، بشرط عدم إبطالها أيضا عند الاستئناف.

مصادر التمويل

ورغم تلك الصعوبات، لا تفرض المحاكم قيوداً على مصادر الأموال التي قد يستعين بها ترمب لدفع قيمة الغرامات المالية. فقد يلجأ إلى نقل أصول «منظمة ترمب» إلى نفسه، أو استخدام أموال حملته السياسية، أو الاستعانة بأموال اللجنة الوطنية للحزب الجمهوري.

ترمب يتحدث أمام المحكمة في نيويورك 15 فبراير (رويترز)

إلا أن القانون يضع قيوداً على استخدام أموال الحملة الانتخابية لأغراض شخصية، لا علاقة لها بالحملة، ناهيك عن أن جزءاً كبيراً منها قد استنزف في دفع رسوم الغرامات وأجور المحامين الذي يدافعون عنه في قضاياه المدنية والجنائية. وقدّرت تقارير المبالغ المنفقة في النصف الثاني من العام الماضي بنحو 29 مليون دولار من صندوق الحملة.

وفيما لا تفرض اللجنة الوطنية الجمهورية القيود نفسها، غير أن استخدام ترمب لأموالها قد يعرضها للإفلاس. لكن مساعيه لتغيير قيادتها عبر الدفع برئيس جديد، بدلا من رونا ماكدانيل، وتولي لارا ترمب، زوجة ابنه إريك، منصب نائب الرئيس، عده البعض مؤشراً على احتمال طلبه من اللجنة الوطنية مساعدته في دفع تلك الغرامات، التي قد «تهدده والحزب» بخسارة الانتخابات، على خلفية تعرضه لمؤامرة سياسية بغطاء من القضاء.


مقالات ذات صلة

أكثر من 800 مجموعة مالية أوروبية تتعامل مع شركات مرتبطة بمستوطنات إسرائيلية

العالم وسعت إسرائيل نشاطها الاستيطاني بوتيرة لم يسبق لها مثيل (رويترز)

أكثر من 800 مجموعة مالية أوروبية تتعامل مع شركات مرتبطة بمستوطنات إسرائيلية

أظهرت دراسة أجرتها منظمات للمجتمع المدني اليوم الثلاثاء أن أكثر من 800 مؤسسة مالية أوروبية لها علاقات تجارية بشركات مرتبطة بالمستوطنات الإسرائيلية.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
خاص دمار في ضاحية بيروت الجنوبية حيث اغتيل الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله (أ.ف.ب)

خاص اتفاق وقف النار على 3 مراحل تبدأ بانسحابات متزامنة

أفادت مصادر بأن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب موافق على الخطوات التي تتخذها إدارة الرئيس جو بايدن لإقرار هدنة من 60 يوماً بين لبنان وإسرائيل.

علي بردى (واشنطن)
أوروبا رجال إطفاء أوكرانيون يعملون في مكان ما بعد هجوم جوي في دنيبرو وسط الغزو الروسي لأوكرانيا (أ.ف.ب)

كييف تسعى إلى إقناع ترمب بجدوى الاستثمار في مواردها لمواصلة دعمها

تكافح أوكرانيا من أجل الاحتفاظ بأوراقها التي قد تتيح لها التوصل إلى اتفاق متوازن، بعدما بات من شبه المؤكد أن الإدارة الأميركية الجديدة مقبلة على هذا الخيار.

إيلي يوسف (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (رويترز)

ترمب يتخلص من مشكلاته القانونية قبل تنصيبه

بعد فوزه في الانتخابات، يبدو أن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب سيتخلّص من مشكلاته القانونية بعد طلب الادعاء إسقاط دعوى قلب نتائج انتخابات 2020.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس دونالد ترمب خلال جلسة محاكمة ضده في نيويورك (أ.ف.ب)

وزارة العدل الأميركية تُسقط كل الدعاوى الفيدرالية ضد ترمب

أسقطت وزارة العدل الأميركية قضيتين جنائيتين رفعتا ضد الرئيس المنتخب دونالد ترمب بتهم محاولته قلب نتائج انتخابات عام 2020، ونقل وثائق سرية إلى منزله في فلوريدا.

علي بردى (واشنطن)

القضاء يردّ دعوى التآمر المرفوعة ضد ترمب بتهمة محاولة قلب نتائج الانتخابات

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (رويترز)
TT

القضاء يردّ دعوى التآمر المرفوعة ضد ترمب بتهمة محاولة قلب نتائج الانتخابات

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (رويترز)

وافقت قاضية أميركية، يوم الاثنين، على طلب النيابة العامة ردّ الدعوى المرفوعة ضدّ الرئيس المنتخب دونالد ترمب بتهمة محاولة قلب نتائج الانتخابات الرئاسية التي خسرها قبل أربع سنوات.

وكان المدّعي الخاص جاك سميث طلب، في وقت سابق الاثنين، من القاضية تانيا تشوتكان ردّ هذه الدعوى لأنّ سياسة وزارة العدل تنصّ على عدم ملاحقة رئيس يمارس مهام منصبه، وهو ما ستكون عليه الحال مع ترمب بعد أن يؤدي اليمين الدستورية في 20 يناير (كانون الثاني).

ووافقت القاضية على طلب المدّعي الخاص لكن ضمن قاعدة «حفظ الحقوق» أي مع حفظ إمكانية إعادة إحياء هذه الدعوى ما أن يغادر ترمب السلطة بعد أربع سنوات.

وقالت القاضية في قرارها إنّ «ردّ الدعوى مع حفظ الحقوق هو قرار مناسب هنا»، معتبرة أنّ «الحصانة الممنوحة لرئيس يمارس مهام منصبه هي حصانة مؤقّتة وتنتهي عند مغادرته منصبه»، وفق ما نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية».

الجلسات لم تبدأ

وترمب البالغ 78 عاماً متّهم بالتآمر لقلب نتائج انتخابات 2020 التي خسرها أمام جو بايدن، وبالاحتفاظ على نحو غير قانوني بوثائق مصنّفة سرّية بعد مغادرته البيت الأبيض، لكن لم تبدأ الجلسات في أيّ من هاتين القضيتين.

وقال سميث في مذكرة رفعها إلى القاضية تشوتكان التي تتولى القضية إنه يجب ردّ الدعوى في ضوء سياسة وزارة العدل بعدم توجيه الاتهام إلى رئيس في منصبه أو مقاضاته.

كذلك أعلن سميث أنه وللسبب عينه لن يلاحق ترمب بتهمة حيازته وثائق سرية بعد مغادرته البيت الأبيض عام 2021.

كان سميث استأنف قرار القاضية الفيدرالية إيلين كانون في فلوريدا بإلغاء الإجراءات في يوليو (تموز) على أساس أن تعيين المدعي الخاص في القضية غير دستوري.

إلا أنه عاد وعلّق في هذا الشهر الإجراءات في قضية التآمر لقلب نتائج الانتخابات، بعد فوز ترمب على منافسته الديمقراطية كامالا هاريس في استحقاق الخامس من نوفمبر (تشرين الثاني).

وفيما يخص قضية الوثائق السرية، قال سميث إنه سيمضي قدماً فيها ضد اثنين من المتهمين الآخرين، مساعد ترمب والت ناوتا ومدير دارة الرئيس في مارالاغو كارلوس دي أوليفيرا.

«انتصار كبير»

وفي تعليق على منصته «تروث سوشيال»، علّق ترمب بقوله إن هذه القضايا «فارغة ولا أسس قانونية لها وما كان يجب رفعها».

وقال ترمب «لقد تم إهدار أكثر من 100 مليون دولار من أموال دافعي الضرائب في معركة الحزب الديمقراطي ضد خصمهم السياسي، الذي هو أنا»، مشدداً على أن «أمراً كهذا لم يسبق أن حدث في بلدنا».

ورحّب مدير التواصل في فريق ترمب، ستيفن تشونغ، بخطوة رد قضية التدخل في الانتخابات، واصفاً إياها بأنها «انتصار كبير».

وجاء في بيان لتشونغ «يريد الشعب الأميركي والرئيس ترمب نهاية فورية لتسييس نظامنا القضائي ونتطلع إلى توحيد بلدنا».

وترمب متهم بالتآمر لقلب نتائج الانتخابات الأميركية والتآمر لعرقلة إجراء رسمي ألا وهو انعقاد الكونغرس للمصادقة على فوز بايدن. وخلال تلك الجلسة التي عًقدت في السادس من يناير (كانون الثاني) 2021، اقتحم مناصرو ترمب مقر الكونغرس.

وترمب متّهم أيضاً بالسعي إلى حرمان ناخبين أميركيين من حق التصويت بادعاءاته الكاذبة بأنه فاز في انتخابات 2020.

إرجاء وتجميد

إلى ذلك يواجه ترمب، سلف بايدن وخلفه، دعويين في ولايتي نيويورك وجورجيا.

وأدين ترمب بارتكاب 34 تهمة جنائية في مايو (أيار) بعد أن خلصت هيئة محلفين إلى أنه قام بالتلاعب بشكل احتيالي بسجلات تجارية للتغطية على دفع مبالغ لنجمة الأفلام الإباحية ستورمي دانيالز مقابل صمتها عن علاقة جنسية مفترضة حتى لا تضر بحملته في انتخابات عام 2016.

وأرجأ القاضي خوان ميرشان إصدار الحكم في قضية الاحتيال المالي للبت في طلب محامي الدفاع عن ترمب الذين دفعوا بأن أي إدانة يجب أن تلغى عملاً بقرار المحكمة العليا الصادر في يوليو (تموز) والقاضي بتمتع الرؤساء السابقين بحصانة شاملة تحميهم من الملاحقة القانونية.

وفي جورجيا، يواجه ترمب تهمة الابتزاز على خلفية جهوده لقلب نتائج انتخابات 2020 في الولاية الجنوبية، لكن من المرجح تجميد هذه القضية خلال ولايته.