ترمب بين بوتين وشي: ضغوط اقتصادية ورسائل نووية لتغيير معادلة الحرب في أوكرانيا

عقوبات النفط تدخل حيّز المواجهة المفتوحة... وموسكو تحذّر من «قرارات متهوّرة» أوروبية

صورة مُركَّبة للرئيس الصيني شي جينبينغ ونظيره الأميركي دونالد ترمب (أ.ف.ب)
صورة مُركَّبة للرئيس الصيني شي جينبينغ ونظيره الأميركي دونالد ترمب (أ.ف.ب)
TT

ترمب بين بوتين وشي: ضغوط اقتصادية ورسائل نووية لتغيير معادلة الحرب في أوكرانيا

صورة مُركَّبة للرئيس الصيني شي جينبينغ ونظيره الأميركي دونالد ترمب (أ.ف.ب)
صورة مُركَّبة للرئيس الصيني شي جينبينغ ونظيره الأميركي دونالد ترمب (أ.ف.ب)

بين التهديد بالعقوبات والرسائل النووية المبطّنة، يسعى الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى فرض واقع جديد في مسار الحرب الأوكرانية، واضعاً كلّاً من فلاديمير بوتين وشي جينبينغ أمام اختبار صعب: إما التفاوض بشروط واشنطن، أو مواجهة عزلة مالية وسياسية متصاعدة.

وبينما تتجه الأنظار إلى لقاء ترمب وشي المرتقب يوم الخميس على هامش قمة التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادئ، تبدو موسكو من جانبها أكثر حذراً، وسط تصاعد الانتقادات الأميركية للتجربة الصاروخية الروسية الأخيرة التي عُدَّت في واشنطن استفزازاً جديداً يقوّض فرص الحوار.

المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف (د.ب.أ)

ضغوط اقتصادية بأبعاد جيوسياسية

يقول مراقبون في واشنطن إن ترمب يستخدم سلاح العقوبات بطريقة مختلفة عن سلفه؛ إذ لا يكتفي بفرضها لردع موسكو، بل يوظفها أداةَ تفاوضٍ متعدّدة الاتجاهات تستهدف في الوقت ذاته كلّاً من الصين والهند والدول الأوروبية.

فالعقوبات التي أُعلنت أخيراً ضد شركات النفط الروسية الكبرى شملت للمرة الأولى كيانات مصرفية وتمويلية في هونغ كونغ ونيودلهي، في إطار ما وصفه مسؤول أميركي بـ«المرحلة الثانية من الضغط المالي»، التي تهدف إلى خنق موارد روسيا من الطاقة وتقييد تدفق الأموال نحو خزانتها العسكرية.

ووفق تحليل نشرته صحيفة «واشنطن بوست»، فإن هذه الإجراءات «قد تكون الأشد تأثيراً على الاقتصاد الروسي منذ بدء الحرب»؛ لأنها تمسّ مباشرة قنوات التصدير والعلاقات البنكية التي تعتمد عليها موسكو. كما أنها توجّه رسالة إلى بكين مفادها أن أي تواطؤ اقتصادي مع روسيا «لن يمرّ بلا ثمن».

ويقول جون هاردي، الخبير في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، إن ترمب «يريد تغيير قواعد اللعبة عبر معاقبة ليس فقط من يبيع النفط الروسي، بل أيضاً من يشتريه أو يموله»، وهو ما يضع الصين تحديداً أمام خيارين: الالتزام بالقواعد الأميركية أو خسارة الوصول إلى النظام المالي العالمي.

الصين في دائرة الاختبار

الثلاثاء، طلب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي علناً من ترمب أن «يضغط على شي جينبينغ لخفض دعمه لموسكو»، عادَّاً أن خطوة كهذه ستكون «حاسمة لتغيير مسار الحرب».

وحسب مصادر دبلوماسية أوروبية، فإن ترمب ينوي بالفعل إثارة الملف الأوكراني خلال لقائه المرتقب مع شي، حيث سيطرح مسألة العقوبات الثانوية وضرورة التزام الشركات الصينية بها، مقابل حوافز تجارية تتعلق بالواردات الزراعية والطاقة.

لكنّ بكين، التي التزمت حتى الآن سياسة الحذر والتوازن، تجد نفسها في موقف لا تُحسد عليه: فهي لا تريد خسارة حليفها الروسي في مواجهة الغرب، لكنها في الوقت نفسه لا تستطيع المجازفة بتعريض اقتصادها للعقوبات الأميركية.

ويرى ديفيد شنكر، مساعد وزير الخارجية السابق، أن «ترمب يستخدم لغة الأرقام لا لغة التحالفات»، فهو يدرك أن الصين لا يمكنها تحمل إغلاق منفذها إلى النظام المالي بالدولار؛ لأن ذلك سيضرب أساس نموها القائم على التجارة الخارجية.

في المقابل، تحاول موسكو الإيحاء بأن العلاقات مع بكين «راسخة»، رغم أن مؤشرات السوق تُظهر تراجعاً فعلياً في مشتريات الشركات الصينية من النفط الروسي؛ وهو ما عدّه محللون إشارة مبكرة إلى نجاح الضغط الأميركي.

وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف يتفاعل خلال اجتماع مع نظيره الكازاخستاني إرميك كوشيرباييف في موسكو 22 أكتوبر 2025 (رويترز)

موسكو بين الردّ السياسي والقلق الداخلي

وفي مواجهة هذا التصعيد، قال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف، الثلاثاء، إن روسيا «غير قادرة بعد على تقييم احتمالات استئناف المفاوضات بشأن أوكرانيا»، مؤكداً أن الاتحاد الأوروبي يتخذ قرارات «متهورة» ستجلب له «المزيد من المشكلات».

وقال المتحدث باسم الرئاسة بيسكوف إن المعلومات الواردة من جهاز الاستخبارات الخارجية الروسية، بشأن استعداد فرنسا لإرسال قوات إلى أوكرانيا، «مثيرة للقلق»، داعياً الأوروبيين إلى التفكير فيما إذا كان الأمر يستحق التحالف مع الدول التي تبرر الإرهاب.

وأكد جهاز الاستخبارات الخارجية الروسية أنه بناءً على أمر من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، تستعد فرنسا لنشر قوة عسكرية قوامها ألفا جندي وضابط في أوكرانيا؛ لمساعدة نظام كييف، حسب ما ذكرته وكالة «سبوتنيك» الروسية للأنباء. وأوضح: «الآن، وفقاً للمعلومات التي تلقاها جهاز الاستخبارات، تم بالفعل نشر الفيلق في المناطق المتاخمة لأوكرانيا، في بولندا، ويخضعون لتنسيق قتالي مكثف».

ورغم محاولات موسكو التقليل من أثر العقوبات، فإن الأرقام تكشف عن أن عائدات النفط والغاز الروسية تراجعت بأكثر من 20 في المائة خلال العام الحالي، وأن السيولة في صندوقها السيادي انخفضت إلى أقل من 3 في المائة من الناتج المحلي، وفق تقديرات مؤسسات مالية غربية.

ستارمر وزيلينسكي يتحدثان للإعلام قبل اجتماع «تحالف الراغبين» في لندن 24 أكتوبر (إ.ب.أ)

ويشير خبراء اقتصاديون روس إلى أن الضغوط المتصاعدة بدأت تؤثر على الاستثمارات الداخلية، بينما حذّر وزير الخارجية سيرغي لافروف من أن «الأوروبيين يحضّرون لحرب كبيرة» وأنهم «يحاولون تطويق روسيا حتى في القطب الشمالي». وفي الوقت ذاته، شدّد لافروف على أمل بلاده في أن يواصل ترمب «سعيه للتسوية السياسية على أساس قمة ألاسكا»، في إشارة إلى اللقاء السابق بين ترمب وبوتين الذي أعاد فتح قنوات الاتصال غير الرسمية بين البلدين.

صاروخ «بوريفيستنيك» والرسائل النووية

لكنّ العلاقات بين واشنطن وموسكو ازدادت توتراً بعد إعلان روسيا نجاح تجربة لصاروخ «بوريفيستنيك» النووي، القادر، وفق الكرملين، على الطيران لمسافة 14 ألف كيلومتر.

ترمب سارع إلى انتقاد التجربة بشدة، قائلاً إن «على بوتين أن ينهي الحرب بدلاً من اختبار الصواريخ»، مضيفاً أن الولايات المتحدة «تملك غواصة نووية قبالة السواحل الروسية لا تحتاج إلى قطع تلك المسافة».

هذه التصريحات، التي رآها مراقبون «استعراضاً محسوباً للقوة»، عكست في الوقت نفسه تحولاً في لهجة ترمب تجاه بوتين، بعد مرحلة من الخطاب المرن.

ويقول الخبير في معهد الدراسات الأمنية جيفري لويس إن «الرسالة كانت واضحة: واشنطن لن تسمح بتحويل الحرب غطاءً لتجارب نووية جديدة». وأضاف أن ترمب «يستخدم الردع الرمزي ليعيد فرض معادلة الردع التقليدية، حتى وهو يعلن رغبته في التفاوض».

زيلينسكي وفون دير لاين لدى مشاركتهما بالقمة الأوروبية في بروكسل الخميس (د.ب.أ)

في المقابل، تصرّ موسكو على أن برنامجها الصاروخي «دفاعي بحت»، وأنه جزء من معادلة الردع التي تضمن أمنها القومي. وقال بيسكوف إن «روسيا لن توقف تجاربها لأنها لا تتلقى إملاءات من أحد»، متهماً واشنطن بـ«تصعيد غير مبرّر».

أما في أوروبا، فالتصعيد الأميركي بدأ يُحدِث شرخاً سياسياً بين العواصم الغربية. فبينما تدعم بولندا ودول البلطيق تشديد العقوبات، تبدي باريس وبرلين قلقاً من أن تؤدي المواجهة المفتوحة إلى مزيد من الاضطراب الاقتصادي. وفي كييف، تبدو الحكومة الأوكرانية مستفيدة من هذا المناخ. فقد أكد زيلينسكي أن الدعم المالي الأوروبي سيتيح لبلاده مواصلة القتال لعامين أو ثلاثة، مشيراً إلى أن المفوضية الأوروبية «تدرس الإفراج التدريجي عن الأصول الروسية المجمّدة» لتمويل أوكرانيا.

وقال الرئيس الأوكراني إن كييف مستعدة لإجراء محادثات سلام في أي مكان باستثناء روسيا وبيلاروسيا إذا كانت تلك المحادثات ستنهي الحرب، لكن قواتها «لن تتراجع» في ساحة المعركة للتنازل عن أراضٍ. وناشد زيلينسكي المشرعين الأميركيين فرض عقوبات أكثر صرامة على روسيا، وأضاف زيلينسكي إن 200 جندي روسي تقريباً موجودون راهناً في مدينة بوكروفسك في شرق أوكرانيا التي يحاول الجيش الروسي السيطرة عليها منذ أشهر.

هل تغيّر العقوبات سلوك موسكو وبكين؟

يرى باحثون في مراكز القرار الأميركية أن العقوبات الجديدة يمكن أن تؤدي إلى تغييرات تدريجية في الحسابات الروسية والصينية، شرط أن تُطبّق بصرامة ومن دون تنازلات تجارية متسرّعة. فالاقتصاد الروسي، حسب تقديرات «معهد استوكهولم للانتقال الاقتصادي»، يقترب من حالة ركود، في حين تواجه الصين تباطؤاً في صادراتها وانخفاضاً في معدلات النمو؛ ما يجعلها أكثر حساسية لأي اضطراب مالي.

لكنّ آخرين يحذّرون من أن الإفراط في الضغط قد يدفع موسكو وبكين إلى تعزيز شراكتهما الدفاعية والتكنولوجية، بما في ذلك في مجالات الطاقة والملاحة العسكرية، وهو ما قد يعمّق الانقسام الدولي بدل الحدّ منه.

في نهاية المطاف، يبدو أن ترمب اختار مقاربة هجومية مزدوجة: تشديد العقوبات الاقتصادية بالتوازي مع الخطاب النووي التصعيدي، في محاولة لفرض شروط تفاوض جديدة. لكن هذا النهج، رغم فاعليته المحتملة، يبقى محفوفاً بالمخاطر. فكل تصعيد مالي أو عسكري يحمل في طياته احتمال توسّع الصراع، لا انحساره.

ومع اقتراب الشتاء، يدخل المشهد الأوكراني مرحلة جديدة من «الاختناق المتبادل»: روسيا تبحث عن متنفس اقتصادي، والصين عن توازن يحفظ مصالحها، وأوروبا عن استقرار طاقوي، بينما ترمب يحاول أن يترجم وعوده الانتخابية إلى وقائع استراتيجية، تجمع بين الضغط والردع والتفاوض في آنٍ واحد. فهل تنجح واشنطن في تحويل العقوبات إلى أداة سلام، أم أننا أمام فصل جديد من الحرب الاقتصادية الطويلة؟


مقالات ذات صلة

انقسام غربي وتخوّف أوروبي من «سلام أميركي متسرّع» في أوكرانيا

الولايات المتحدة​ المستشار الألماني ميرتس مع الرئيس الفرنسي ماكرون ورئيس الوزراء الكندي كارني (رويترز) play-circle

انقسام غربي وتخوّف أوروبي من «سلام أميركي متسرّع» في أوكرانيا

تعيش العواصم الأوروبية وكييف توتراً دبلوماسياً متزايداً، بعدما كشفت تقارير صحافية مضمون مكالمة حسّاسة جمعت الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، والمستشار الألماني…

إيلي يوسف (واشنطن)
الولايات المتحدة​ ترمب وإنفانتينو في حديث سابق حول المونديال (أ.ف.ب)

لماذا يُثير حصول ترمب على «جائزة فيفا للسلام» جدلاً؟

يُتوقع أن يُسلم رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) جياني إنفانتينو، للرئيس الأميركي دونالد ترمب "جائزة الفيفا للسلام" عند إجراء قرعة كأس العالم يوم الجمعة.

«الشرق الأوسط» (لندن )
أوروبا حريق في منطقة ستافروبول (أرشيفية)

الجيش الأوكراني يعلن استهداف مصنع كبير للكيماويات في جنوب روسيا

قال الجيش الأوكراني في ساعة متأخرة من يوم الخميس إن قواته ضربت مصنعا كبيرا للمواد الكيميائية في منطقة ستافروبول بجنوب روسيا، ما أدى إلى اندلاع حريق.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا آليات وجنود روس في جنوب شرقي أوكرانيا (رويترز)

أوكرانيا تعبر عن رغبتها في «سلام حقيقي وليس تهدئة» مع روسيا

قال وزير الخارجية الأوكراني أندريه سيبيها اليوم الخميس في كلمة أمام منظمة الأمن والتعاون في أوروبا إن أوكرانيا تريد «سلاماً حقيقياً وليس تهدئة» مع روسيا.

«الشرق الأوسط» (فيينا)
أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي وعقيلته أولينا يهبطان من طائرة تحمل شعار الرئاسة الأوكرانية لدى وصولهما إلى مطار دبلن (أ.ف.ب)

تقرير: رصد مسيرات قرب مسار طائرة تقل زيلينسكي إلى آيرلندا

ذكرت وسائل إعلام محلية في آيرلندا أن سفينة تابعة للبحرية الآيرلندية رصدت ما يصل إلى 5 طائرات مسيرة تحلق بالقرب من مسار طائرة الرئيس الأوكراني زيلينسكي.

«الشرق الأوسط» (دبلن)

ألمانيا تعيد الخدمة العسكرية وسط مظاهرات معارضة للقانون

لافتة ضد التجنيد خلال المظاهرات التي خرجت في عدة مدن ألمانية تزامناً مع تمرير قانون التجنيد (رويترز)
لافتة ضد التجنيد خلال المظاهرات التي خرجت في عدة مدن ألمانية تزامناً مع تمرير قانون التجنيد (رويترز)
TT

ألمانيا تعيد الخدمة العسكرية وسط مظاهرات معارضة للقانون

لافتة ضد التجنيد خلال المظاهرات التي خرجت في عدة مدن ألمانية تزامناً مع تمرير قانون التجنيد (رويترز)
لافتة ضد التجنيد خلال المظاهرات التي خرجت في عدة مدن ألمانية تزامناً مع تمرير قانون التجنيد (رويترز)

بعد قرابة 15 عاماً على إلغاء التجنيد الإجباري في ألمانيا، مهد البرلمان الفيدرالي (البوندتساغ) لإعادته بعد أن مرر قانوناً يعيد الخدمة العسكرية الاختياري في المرحلة الأولى، على أن يصبح إلزامياً في حال عجزت وزارة الدفاع عن تجنيد أعداد كافية من المتطوعين.

ووسط مظاهرات معارضة للقانون خرجت في أنحاء ألمانيا، قادها بشكل أساسي طلاب المدارس المعنيين بالقانون، صوّت النواب على إعادة التجنيد الاختياري بدءاً من مطلع العام المقبل.

وتأمل الحكومة الألمانية أن ترفع عديد جيشها من 183 ألف عنصر حالياً إلى 270 ألف عنصر ناشط، إضافة إلى 200 ألف آخرين من قوات الاحتياط بحلول عام 2035.

وينص القانون الذي حظي بموافقة أغلبية النواب، على إرسال استمارات لكل من يبلغ الـ18 عاماً، تتضمن معلومات حول الوضع الصحي، وأخرى تتعلق بمدى الاستعداد للخدمة في الجيش. وسيكون الشباب الذكور مجبرين على ملء الاستمارات، فيما تترك اختيارياً للفتيات.

ومن يعدّ قادراً على الخدمة، يتلقى عرضاً للتطوع، لـ6 أشهر بشكل مبدئي يمكن تمديدها. ويمكن للشباب رفض العرض المقدم في المرحلة الأولى. وسيتعين على وزارة الدفاع أن تطلع الحكومة و«البوندستاغ» كل 6 أشهر حول مدى التقدم المحرز في تجنيد مطوعين، على أن يطرح مشرع قانون مرة جديدة في حال لم يتم استقطاب أعداد كافية، يجعل من التجنيد إجبارياً لمن يتم اختياره بالقرعة.

واستغرق الاتفاق على القانون أشهراً بين طرفي الحكومة؛ إذ اعترض الحزب «المسيحي الديمقراطي» الحاكم بزعامة المستشار فريدريش ميريتس على القانون بشكله الأساسي الذي لم يأت على ذكر خطوات إضافية في حال عدم تجنيد أعداد كافية.

وأراد الحزب الحاكم أن يجعل من التجنيد إجبارياً في القانون نفسه، إلا أن الحزب الاشتراكي الذي ينتمي إليه وزير الدفاع بوريس بيستوريوس رفض اقتراح الحزب الحاكم، وتمسك بضرورة طرح المشروع للتصويت من جديد في حال الضرورة.

لافتة «لا للحرب» خلال مظاهرة ضد التجنيد في ألمانيا (رويترز)

ولكن بيستوريوس يبدو متأملاً بأن يلقى القانون تجاوباً، رغم المظاهرات التي خرجت تزامناً مع التصويت على القانون، واعتراضاً على تحويله إجبارياً. ووصف بيستوريوس المظاهرات التي قادها طلاب المدارس، بأنها «رائعة»؛ لأنها «تظهر أن الشباب مهتمون بالتجنيد». وتحدث عن ضرورة فتح نقاش مع من يهمه الأمر.

ودافع كذلك الحزب الحاكم عن القانون، وقال نوربرت روتغن، نائب الكتلة النيابية للحزب خلال النقاش في البرلمان، إن التصويت مهم، خاصة أمام التهديدات الروسية، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة «لم تعد تعتبر في صفنا».

وصوّت حزب «البديل من أجل ألمانيا»، المصنف يمينياً متطرفاً ضد القانون، وكذلك حزب «دي لينكا» اليساري. وقالت نائبة رئيس كتلة «دي لينكا»، إن «الشباب لديهم مشاريع أخرى غير المخاطرة بحياتهم»، فيما اشتكت سارا ناني، المتحدثة باسم الأمن في الحزب «الخضر»، من أن القانون لا يقدم إجابات حول الخطة الوطنية الدفاعية.

ويشكو عدد كبير من الشبان المعارضين للقانون بأن الحكومة لم تفتح نقاشاً معهم، وأنها لم تأخذ مواقفهم بعين الاعتبار. وقالت رونيا، طالبة من منظمي المظاهرات التي خرجت في العاصمة الألمانية، إن المتظاهرين يؤكدون رفضهم القاطع للتجنيد الإجباري؛ لأنه تعدٍّ على حرية الشباب». وأضافت أن «التبرير بضرورة حماية بلدنا هو مجرد حجة».

وقال شاب من المتظاهرين الذين خرجوا في برلين، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إنه يرى أن الحكومة أخطأت بتمرير قانون من دون نقاش مع المعنيين به؛ أي الذين سيتم استدعاؤهم للخدمة وهم من المولودين في عام 2008 وما بعد.

المستشار الألماني فريدريش ميرتس ووزير الدفاع داخل «البوندستاغ» خلال جلسة التصويت على قانون التجنيد (رويترز)

وقال آخر إن الأمن «لا يتعلق بإجبار الأطفال على الخدمة، وإن الأشهر القليلة التي سيتم التطوع خلالها لن تكون كافية أصلاً لتعلم القتال في الجيش».

وشارك في المظاهرات طلاب في سن الـ12 عاماً، غادروا المدارس باكراً للانضمام للاحتجاجات. وقال أحدهم إنه «لا يريد أن يقاتل»، وإنه سيكون من الخطأ إرسال شباب في الـ18 من العمر للقتال.

وعلقت حكومة المستشارة السابقة أنجيلا ميركل التجنيد الإجباري عام 2011، ومنذ ذلك الحين، يواجه الجيش الألماني صعوبة في جذب متطوعين.

وانخفض عدد الجيش الألماني من 300 ألف عنصر عام 2001 إلى 180 ألفاً اليوم. وتأمل الحكومة بأن تعيد رفع عديد الجيش بحلول عام 2035 إلى 480 ألفاً، من بينهم قوات الاحتياط حالياً، من خلال التطوع الاختياري وجذب المتطوعين بمرتبات تصل إلى 3500 يورو شهرياً.

ومنذ الحرب في أوكرانيا، بدأت ألمانيا بزيادة الاستثمار العسكري، وتعمل على إعادة تقوية جيشها الضعيف عمداً بسبب تاريخها.

ويزداد القلق في ألمانيا، خاصة في ظل إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب التي يتخوف الألمان من أن تسحب المظلة الأمنية التي تزودها بها منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.

ويخطط ترمب لتقليص عدد الجنود الأميركيين المتمركزين في ألمانيا منذ عقود.


مدير «يوروفيجن» يتوقع مقاطعة 5 دول للمسابقة بسبب مشاركة إسرائيل

مقر اتحاد البث الأوروبي في جنيف - الجهاز الذي ينظم «يوروفيجن» (أ.ف.ب)
مقر اتحاد البث الأوروبي في جنيف - الجهاز الذي ينظم «يوروفيجن» (أ.ف.ب)
TT

مدير «يوروفيجن» يتوقع مقاطعة 5 دول للمسابقة بسبب مشاركة إسرائيل

مقر اتحاد البث الأوروبي في جنيف - الجهاز الذي ينظم «يوروفيجن» (أ.ف.ب)
مقر اتحاد البث الأوروبي في جنيف - الجهاز الذي ينظم «يوروفيجن» (أ.ف.ب)

أعلن مدير مسابقة «يوروفيحن»، مارتن غرين، أن 35 دولة ستشارك في النسخة المقبلة من مسابقة «يوروفيحن» التي ستقام في فيينا في مايو (أيار) 2026، بينما من المتوقع أن تقاطعها خمس دول، بعد قرار السماح لإسرائيل بالمشاركة فيها.

وقال مارتن غرين، في مقابلة مساء الخميس، مع التلفزيون السويدي بعد قرار اتحاد البث الأوروبي السماح بمشاركة إسرائيل في مسابقة الغناء المباشر الأشهر في العالم: «نقدّر أن 35 هيئة بث ستشارك على الأرجح» في النسخة المقبلة.

وبعد القرار الصادر، الخميس، عن هيئة البث الأوروبية، أعلنت إسبانيا وآيرلندا وهولندا وسلوفينيا مقاطعة المسابقة، بينما من المتوقع أن تعلن آيسلندا قرارها في العاشر من ديسمبر (كانون الأول).

وأشار غرين إلى أن خمس دول تعارض بشدّة مشاركة إسرائيل، مضيفاً: «أحترم موقفها تماماً».

وتابع: «آمل حقاً أن تعود في عام 2027 هيئات البث التي تقول إنّها لن تكون حاضرة في السنة المقبلة».

وقد أثارت الحرب في قطاع غزة دعوات متزايدة لاستبعاد إسرائيل من مسابقة الأغنية الأوروبية، في ظل شكوك كذلك بالتلاعب بنظام التصويت.

وشدد غرين على الطابع غير السياسي لهذا الحدث. وقال: «ليست الحكومات هي التي تشارك في (يوروفيحن)، بل هيئات البث العامة والفنانون».

وأشار إلى أنه خلال الاجتماع الذي عُقد الخميس، أجرى أعضاء اتحاد البث الأوروبي نقاشاً «صريحاً وصادقاً ومهماً أيضاً... ما اتفقوا عليه هو اقتناعهم الراسخ بأنه لا ينبغي استخدام مسابقة الأغنية الأوروبية منصةً سياسية».

وأكد أن المسابقة يجب أن تحافظ على «مقدار معيّن من الحياد».


الجيش الأوكراني يعلن استهداف مصنع كبير للكيماويات في جنوب روسيا

حريق في منطقة ستافروبول (أرشيفية)
حريق في منطقة ستافروبول (أرشيفية)
TT

الجيش الأوكراني يعلن استهداف مصنع كبير للكيماويات في جنوب روسيا

حريق في منطقة ستافروبول (أرشيفية)
حريق في منطقة ستافروبول (أرشيفية)

قال الجيش الأوكراني في ساعة متأخرة من يوم الخميس إن قواته ضربت مصنعا كبيرا للمواد الكيميائية في منطقة ستافروبول بجنوب روسيا، ما أدى إلى اندلاع حريق.

وكتبت هيئة الأركان العامة للجيش على تطبيق تلغرام أن مصنع نيفينوميسكي أزوت تعرض للقصف يوم الخميس، موضحة أن المنشأة تنتج مكونات للمتفجرات ووصفتها بأنها واحدة من أكبر المنشآت من هذا النوع في روسيا.

ولم يصدر على الفور رد فعل من جانب المسؤولين الروس، ولم تتمكن رويترز من التحقق من صحة ما أعلنه الجيش الأوكراني بشكل مستقل.