تعمل الحكومة الألمانية على بدء عمليات ترحيل «على نطاق واسع»، بحسب ما أعلن المستشار الألماني فريدريش ميرتس، تستهدف طالبي لجوء من أفغانستان وسوريا بشكل أساسي.
وكان وزير الداخلية الألماني ألكسندر دوربينت قد كشف عن مفاوضات بدأتها ألمانيا مع حكومة «طالبان» رغم عدم اعتراف برلين بها، ومع الحكومة السورية، للتوصل لاتفاق لترحيل المجرمين بشكل أساسي، واللاجئين المرفوضة طلباتهم بالدرجة الثانية.
وكان «الحزب المسيحي الديمقراطي»، بزعامة ميرتس، قد تعهّد خلال الحملة الانتخابية نهاية العام الماضي، بتطبيق سياسة هجرة أقسى وزيادة عمليات الترحيل، في محاولة لمواجهة صعود حزب «البديل من أجل ألمانيا» اليميني المتطرف، وكرد فعل على تكرار عمليات إرهابية العام الماضي نفّذها طالبو لجوء من أفغانستان وسوريا.
اتهامات بالشعبوية
يُتّهم ميرتس، من قبل وصوله إلى مقر المستشارية، باستخدام تعابير شعبوية في الحديث عن اللاجئين أو من هم من خلفيات مهاجرة، في محاولة لكسب ودّ ناخبي «البديل من أجل ألمانيا».

وقد تسبّبت تصريحات له قبل يومين في الإطار نفسه، في موجة انتقادات ضده، حتى من عمدة برلين الذي ينتمي إلى حزبه. وقال ميرتس قبل يومين خلال مؤتمر صحافي سُئل فيه عن سياسة الهجرة التي تتبعها حكومته لمواجهة تقدم اليمين المتطرف، إن حكومته حققت الكثير في هذا الخصوص، وإن أعداد اللاجئين الجدد انخفضت بنسبة 60 في المائة منذ تسلم حزبه السلطة. ولكنه أضاف: «بالطبع ما زال لدينا مشكلة في صورة المدن، ولهذا فإن وزارة الداخلية الفيدرالية تعمل الآن على تمكين السلطات من إجراء عمليات ترحيل على نطاق واسع».
وتسبّب تصريحه في موجة انتقادات واسعة لربطه بين «صورة المدن» حيث يتركز بشكل أساسي من هم من أصول مهاجرة، والجريمة والإرهاب، وخاصة أن من يتم ترحيلهم هم بشكل أساسي المدانون بجرائم.

وردّ عمدة مدينة برلين، كاي فاغنر، على ميرتس بالقول إن «برلين مدينة متنوعة وعالمية. وهذا دائماً ما سينعكس على صورة المدينة». وأضاف: «لدينا مشكلة مع العنف والنفايات والجريمة في المدينة، ولكن هذا لا يمكن إرجاعه لجنسيات محددة»، محذراً من التعميم لدى الحديث عن الجرائم وربطها بمجموعات مهاجرة معينة.
وتابع أن «الجريمة لا يجب التعليق عليها بالمشاعر، بل بمعلومات دقيقة». واعترف عمدة برلين في الوقت نفسه بأن ارتفاع عدد اللاجئين في العاصمة في السنوات الأخيرة، زاد من الضغوط على الخدمات وعلى جهود الاندماج. وعلّق على جهود الترحيل بالقول إنه «يمكن القيام بالمزيد»، وإنه على الحكومة الفيدرالية تقديم مساعدات إضافية للولايات، وإبرام اتفاقيات ثنائية مع الدول لتمكين السلطات المحلية من الترحيل إليها.
وانتقد شتيفان كراس، وهو سياسي في «الحزب الاشتراكي» المشارك في الحكومة، تصريحات ميرتس، وقال إنها تجعله «عاجزاً عن الكلام». وأضاف أن هكذا تصريحات «تجعل من هم من خلفيات مهاجرة في بلدنا غير مرحب بهم».
كما طالب «حزب الخضر» باعتذار علني في «البوندستاغ» من المستشار الألماني. وقالت زعيمة الكتلة النيابية للحزب، كاتارينا دروغيه، متوجهة لميرتس: «كيف يمكن لك أن ترى مشكلة في لون الأشخاص؟»، واصفة تصريحاته بأنها «مؤذية وغير لائقة وتمييزية».
هجوم بالسكين
ويأتي هذا الجدل المتصاعد حول اللاجئين في وقت بدأت فيه محاكمة طالب لجوء أفغاني هاجم بالسكين أطفالاً في يناير (كانون الثاني) الماضي في حديقة ببلدة أشافنبيرغ في ولاية بافاريا، وتسبّب في قتل طفل مغربي يبلغ عامين، ورجل في الـ41 من العمر سارع لمساعدة الأطفال. كما أصاب طفلة سورية، ورجلاً يبلغ 73 عاماً حاول إيقاف الهجوم. ورغم أن المدعي العام اتهم الرجل الأفغاني بارتكاب جريمتَي قتل، إضافة إلى تهم أخرى، فإن العقوبة التي يطالب بها ليست السجن، بل إيداعه المصح العقلي بشكل دائم.

ويقول المدعي العام إن الرجل يعاني من مرض نفسي، وهو مُشخّص بمرض الفصام. وتستمر محاكمته حتى نهاية الشهر الجاري. وحضر المتهم إنعام الله أ. إلى قاعة المحكمة في اليوم الأول من محاكمته. وبحسب صحافيين كانوا داخل القاعة، كان يتثاءب بشكل مستمر، وهو ما فسره محامي الدفاع عنه بسبب الأدوية التي يتناولها. وكان الأفغاني قد أودع المصح العقلي منذ اعتقاله بعد تنفيذ جريمته.
وأشعلت الجريمة آنذاك جدلاً كبيراً حول الهجرة، وخاصة أن الرجل كان من المفترض ترحيله إلى بلغاريا، وهي الدولة الأوروبية الأولى التي وصل إليها في الاتحاد الأوروبي، وحيث من المفترض أن يقدم طلب لجوء. ولم ترحّله السلطات عنوة بسبب إعلانه أنه سيغادر طوعاً، لكنه بعد ذلك اختفى عن الأنظار وبقي في ألمانيا.

