26 دولة منخرطة في توفير الضمانات الأمنية لأوكرانيا والمساهمة الأميركية قيد البلورة

ضغوط أميركية على الأوربيين لوقف شراء النفط الروسي وتمويل جهود موسكو الحربية

TT

26 دولة منخرطة في توفير الضمانات الأمنية لأوكرانيا والمساهمة الأميركية قيد البلورة

الرئيسان ماكرون وزيلينسكي خلال مؤتمرهما الصحافي الذي أعقب اجتماع «تحالف الراغبين»
الرئيسان ماكرون وزيلينسكي خلال مؤتمرهما الصحافي الذي أعقب اجتماع «تحالف الراغبين»

«تحالف الراغبين» الداعم لأوكرانيا عقد الخميس اجتماعاً حاسماً شارك فيه 33 رئيس دولة وحكومة، وأمين عام الحلف الأطلسي، ورئيس المجلس الأوروبي ورئيسة مفوضيته، إضافة إلى ستيف ويتكوف، الممثل الشخصي للرئيس الأميركي في الملف لأوكراني، غرضه الأول تأكيد جهوزية «التحالف» لتقديم الضمانات الأمنية التي تطلبها أوكرانيا لمرحلة ما بعد التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار. والهدف الثاني من المؤتمر «الضغط» على الطرف الأميركي حتى يكشف، بدوره، عما يلتزم به من ضمانات، خصوصاً أن انخراط الأوروبيين عملياً في الوفاء بما التزموا به مربوط إلى حد بعيد بالموقف الأميركي، وتحديداً فيما خص إرسال قوة أوروبية تنتشر على الأراضي الأوكرانية لطمأنة كييف وردع روسيا عن القيام بمغامرة عسكرية جديدة بعد التوصل إلى اتفقا سلام بينها وبين أوكرانيا.

أكبر اجتماع لـ«تحالف الراغبين»

الاجتماع، كما كان مقرراً، جاء «هجيناً»؛ إذ شارك فيه، حضورياً سبع رؤساء دول وحكومات إلى جانب الرئيسين الفرنسي والأوكراني وستيف ويتكوف، الممثل الشخصي لـترمب. وبالمقابل، فإن 29 رئيس دولة وحكومة تابعوه عن بعد، أبرزهم المستشار الألماني، ورئيس الوزراء البريطاني الذي شارك في ترؤس الاجتماع مع الرئيس ماكرون ورئيسة الوزراء الإيطالية. وعقد ويتكوف مجموعة من اللقاءات، أحدها على انفراد مع فولوديمير زيلينسكي، وآخر مع مستشاري الرئيسين الأوكراني والفرنسي، والمستشار الألماني ورئيس الوزراء البريطاني. والغرض من كل اللقاءات والاجتماعات وضع اللمسات الأخيرة على الضمانات الأمنية التي وافق الأوروبيون (ومعهم كندا، واليابان وأوستراليا) على توفيرها لكييف، إضافة إلى التعرف عن قرب وبشكل واضح على ما تنوي واشنطن، عملياً تقديمه في هذا السياق. وأراد الأوروبيون من خلال إبراز وحدتهم وحزمهم في توفير الدعم لأوكرانيا تحفيز ترمب على التحرك بشكل حاسم لصالح أوكرانيا.

ولأن الموقف الأميركي له تأثير حاسم على قرارات الأوروبيين؛ فإن اتصالاً جماعياً حصل بعد انتهاء اجتماعات الإليزيه، بين عدد من المسؤولين الأوروبيين ومن بينهم زيلينسكي وبين الرئيس ترمب لعرض ما قرروه عليه، وللتعرف على آخر قراراته. وفي بداية لقاء الإليزيه، قال ماكرون إنه «سيسمح بوضع اللمسات الأخيرة على الضمانات الأمنية المتينة التي ستقدم لأوكرانيا». وكان قد أعلن، مساء الأربعاء، أن «أوروبا جاهزة للمرة الأولى عند هذا المستوى من الانخراط والقوة» لدعم أوكرانيا، مضيفاً أن «العمل التحضيري» الذي قام به قادة الأركان الأوروبيون ووزراء الدفاع قد «أنجز»، وأنه «سيعتمد سياسياً» خلال الاجتماع. ولخص مارك روته، أمين عام الحلف الأطلسي الوضع بقوله إن حلفاء أوكرانيا ينتظرون الآن «ما يرغب الأميركيون في تقديمه بشأن مساهمتهم». من جانبها، أعلنت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين أن «تحالف الراغبين» سيعمل خلال اجتماع باريس على بناء قوة متعددة الجنسيات لأوكرانيا بدعم من الولايات المتحدة.

الرئيسان الفرنسي إيمانويل ماكرون والأوكراني فولوديمير زيلينسكي خلال مشاركتهما الخميس بقصر الإليزيه في قمة «تحالف الراغبين» (د.ب.أ)

قلق أوروبي من تصريحات بوتين

حقيقة الأمر، أن الاجتماع حصل في أجواء متشائمة إزاء نوايا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي تجاهل تاريخ الأول من سبتمبر (أيلول) الذي حدده الرئيس ترمب لحصول اجتماع قمة بينه وبين زيلينسكي. كذلك، فإن تصريح بوتين من بكين، الأربعاء، حيث أعلن أن بلاده «ستحقّق أهدافها في أوكرانيا بالسبل العسكرية إذا ما أخفقت المفاوضات مع كييف»، مشدداً على أن قوّاته تبقى «في موقع هجومي» على الجبهة بكاملها. كذلك، فإن ظهوره إلى جانب الرئيس الصيني شي جينبينغ ورئيس كوريا الشمالية وقادة أوروبيين وآخرين من «الجنوب الشامل» عُدّ بمثابة «تحدٍ» للغربيين. وقد أثار ذلك سخط ترمب الذي قال لموقع «ذا ديلي كولر» الأميركي، الثلاثاء: «أنا محبط جداً من الرئيس بوتين... آلاف الأشخاص يموتون، إنها حرب لا معنى لها».

وبرز التشاؤم الأوروبي في قول كير ستارمر إنه «لا يمكن الوثوق» في بوتين، بينما نُقل عن وزير الدفاع الألماني أن «لا مؤشرات» تدل على وقف لإطلاق النار أو التوصل لاتفاق سلام قريب، وأن بوتين «يستخف بالغرب». وثمة من عدَّ أن الأوربيين سعوا لاقتناص فرصة غيظ ترمب من بوتين لاجتذابه نحو سياسة متشددة إزاء روسيا، ولتنفيذ الوعد الذي قطعه خلال اجتماعهم به في البيت الأبيض يوم 18 أغسطس (آب) لجهة التزام واشنطن بتوفير «ضمانات أمنية» دون الكشف عما يعنيه حقيقة. ويراهن الأوروبيون على «تجاوبهم» مع مطالب ترمب، ومنها بدء تمويل شراء أسلحة أميركية لصالح أوكرانيا ورفع ميزانياتهم الدفاعية.

ماكرون وزيلينسكي: أميركا جزء من الضمانات الأمنية

خرج المجتمعون في باريس بنتائج يمكن وصفها بـ«الإيجابية» لجهة توفير الضمانات لأوكرانيا لمرحلة ما بعد الحرب. وإزاء البلبلة التي تحيط بهذا الملف؛ حرص الرئيس الفرنسي، في مؤتمره الصحافي المشترك مع الرئيس زيلينسكي، على التأكيد أن «تحالف الراغبين» سيكون جاهزاً لتفعيل هذه الضمانات مهما تكن الصيغة التي سيتوقف القتال بموجبها، أكانت وقفاً لإطلاق النار أو هدنة أو اتفاق سلام.

والأهم من ذلك، وهو ما شدد عليه ماكرون وزيلينسكي، تباعاً، أن 26 دولة غالبيتها الساحقة أوروبية، أكدت مساهمتها في نشر «قوة طمأنة» بمشاركات مختلفة أكانت براً أو جواً أو بحراً.

وامتنع ماكرون عن توفير تفاصيل حول طبيعة هذه المساهمات وكيفية توزعها، مؤكداً أنه تم التوصل إليها من خلال عمل دقيق لقادة أركان الجيوش الأوروبية وبالتعاون مع الحلف الأطلسي والولايات المتحدة الأميركية.

وحرص الرئيس الفرنسي على تأكيد أن ثلاث دول أوروبية رئيسية (ألمانيا وإيطاليا وبولندا) هي جزء من مجموعة الـ26 دولة. لكن المسؤولين الألمان وكذلك الإيطاليون يرفضون إرسال قوات لأوكرانيا. لكن المتوافق عليه داخل المجموعة أن تقدم كل دولة ما هي راغبة فيه أو قادرة عليه؛ إذ هناك «تكامل» بين الأطراف التي تتشكل منها. وقال مكتب ستارمر بعد الاجتماع إن رئيس الوزراء البريطاني «شدد على أن المجموعة لديها تعهد لا يمكن كسره تجاه أوكرانيا، بدعم من الرئيس ترمب، ومن الواضح أن عليهم الآن أن يذهبوا إلى أبعد من ذلك للضغط على (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين من أجل وقف القتال».

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مستقبلاً رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين على مدخل قصر الإليزيه (أ.ب)

النفط الروسي مجدداً

استفاد الرئيس ترمب من الاتصال الأوروبي بعد ظهر الخميس لتذكير هؤلاء بأن عليهم أن يتوقفوا عن شراء النفط الروسي الذي يؤمّن نحو 1.1 مليار دولار لموسكو، ويسهم في تمويل المجهود الحربي الروسي. وقال زيلينسكي إن دولتين أوروبيتين (المجر وسلوفاكيا) تواصلان شراء النفط الروسي في حينا تفيد معلومات أخرى بأن الغاز الروسي المسال ما زال يتدفق في بعض الأسواق الأوروبية. بيد أن الأوروبيين يريدون مواصلة الضغط على روسيا لحملها على تغيير مقاربتها ووضع حد للحرب.

بيد أن الوصول إلى هذا الهدف يفترض زيادة الضغوط على الرئيس بوتين كما شدد على ذلك زيلينسكي وماكرون ومسؤولون أوروبيون آخرون من خلال فرض عقوبات إضافية بعضها يتناول النفط والغاز الروسيين. ونبَّهت برلين، في بيان، من أنه «إذا واصلت روسيا كسب الوقت، فإن أوروبا ستزيد من ضغط العقوبات لزيادة فرص الحل الدبلوماسي». وأوضح ماكرون أن الأوروبيين سيفرضون عقوبات جديدة «بالتنسيق مع الولايات المتحدة» إذا واصلت موسكو رفض إحلال السلام في أوكرانيا. والواقع أن إدارة ترمب رفضت، حتى اليوم، الخوض في فرض عقوبات على روسيا. ومجدداً، طالب زيلينسكي بقمة تجمعه مع بوتين عادَّاً أن مقترحه بحصولها في موسكو يعني التهرب وعدم الرغبة في حصولها.


مقالات ذات صلة

موسكو تتهم الأوروبيين وأوكرانيا بعرقلة التسوية

أوروبا مواطنون روس يسيرون في أحد شوارع سان بطرسبورغ وخلفهم ملصق ضخم يصور جندياً مع كلام يقول: «فخر روسيا» (إ.ب.أ)

موسكو تتهم الأوروبيين وأوكرانيا بعرقلة التسوية

حملت موسكو الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي والعواصم الأوروبية المسؤولية عن الجمود الحاصل في جهود التسوية.

رائد جبر (موسكو)
أوروبا المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف (رويترز)

روسيا تسيطر على ثلاث قرى بشرق أوكرانيا وتؤكد رغبتها في إنهاء الحرب

قال الكرملين الاثنين إنه يريد أن تنتهي الحرب بأوكرانيا في أقرب وقت لكن جهود حل الأزمة تعثرت

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا وزيرا الخارجية الأميركي ماركو روبيو والروسي سيرغي لافروف قبيل مؤتمر ترمب وبوتين الصحافي... 15 أغسطس (أ.ف.ب)

لافروف: يجب أخذ مصالح روسيا في الاعتبار لإحلال السلام بأوكرانيا

قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، إنه مستعد للقاء نظيره الأميركي ماركو روبيو، ولكن يتعيَّن أخذ مصالح موسكو في الاعتبار حتى يتم إحلال السلام في أوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا منزل سكني اشتعلت فيه النيران بعد هجوم بطائرة مسيرة شنته أوكرانيا وفقاً للسلطات المحلية في منطقة موسكو الروسية (أرشيفية - رويترز)

انقطاع الكهرباء في منطقة فورونيغ الروسية بعد هجوم أوكراني بمسيّرات

شنَّت أوكرانيا هجوماً في أثناء الليل بطائرات مسيّرة، أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي وإمدادات التدفئة مؤقتاً في منطقة فورونيغ في جنوب غربي روسيا.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا لقطة من فيديو نشرته دائرة الصحافة الرئاسية الأوكرانية لحريق في برج تبريد بمحطة زابوريجيا (أ.ف.ب)

وزير خارجية أوكرانيا يتهم روسيا بتعريض السلامة النووية في أوروبا للخطر «عمداً»

قال وزير خارجية أوكرانيا، أندريه سيبيها، السبت، إن روسيا تُعرِّض السلامة النووية في أوروبا «للخطر عمداً»، ودعا لعقد اجتماع عاجل لمجلس محافظي الوكالة الدولية.

«الشرق الأوسط» (كييف)

موسكو تتهم الأوروبيين وأوكرانيا بعرقلة التسوية

مواطنون روس يسيرون في أحد شوارع سان بطرسبورغ وخلفهم ملصق ضخم يصور جندياً مع كلام يقول: «فخر روسيا» (إ.ب.أ)
مواطنون روس يسيرون في أحد شوارع سان بطرسبورغ وخلفهم ملصق ضخم يصور جندياً مع كلام يقول: «فخر روسيا» (إ.ب.أ)
TT

موسكو تتهم الأوروبيين وأوكرانيا بعرقلة التسوية

مواطنون روس يسيرون في أحد شوارع سان بطرسبورغ وخلفهم ملصق ضخم يصور جندياً مع كلام يقول: «فخر روسيا» (إ.ب.أ)
مواطنون روس يسيرون في أحد شوارع سان بطرسبورغ وخلفهم ملصق ضخم يصور جندياً مع كلام يقول: «فخر روسيا» (إ.ب.أ)

أكد الكرملين، الاثنين، استعداد موسكو لاستئناف جهود التسوية السياسية لأوكرانيا، متهماً الأوروبيين وكييف بمواصلة وضع العراقيل أمام الحل السياسي. وتزامن ذلك مع إعلان الجيش الروسي عن إحراز تقدم جديد في منطقتي زابوريجيا ودونيتسك، وأكد بسط سيطرته بشكل كامل على 3 بلدات بعد معارك ضارية استمرت أسابيع.

وأعرب الناطق الرئاسي الروسي، ديمتري بيسكوف، عن قناعة بأن «أعداد الأوكرانيين المستعدين لقبول شروط روسيا» لإنهاء الحرب في تزايد، محملاً الرئيس فولوديمير زيلينسكي والعواصم الأوروبية المسؤولية عن الجمود الحاصل. وقال: «عدد الأوكرانيين المؤيدين لإنهاء الحرب بشروط روسيا يزداد».

وأشار إلى نتائج دراسة أعدتها يفغينيا غولوفاخا، مديرة معهد علم الاجتماع في الأكاديمية الوطنية للعلوم، وخلصت إلى أن عدد الأوكرانيين المستعدين لقبول مطالب موسكو قد تضاعف 4 مرات منذ عام 2022.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال أحد لقاءات العمل في الكرملين بموسكو الاثنين (إ.ب.أ)

أضاف الناطق الرئاسي: «من الطبيعي أن يشعر المجتمع هناك (أوكرانيا) بالرهبة، لكن من الواضح أن هناك إرهاقاً من الحرب. ومن المرجح أن هذا المنحى متواصل في النمو. سيستمر عدد هؤلاء الأشخاص في الازدياد».

وأكد أن روسيا منفتحة على حل النزاع بالوسائل السياسية والدبلوماسية، لكن «الوضع متعثرٌ ليس من مسؤوليتها». موضحاً أن «محاورينا لا يرغبون في مواصلة الحوار، ويبذلون قصارى جهدهم في دفع الأوروبيين إلى مزيد من التشدد؛ إذ يعتقدون أن أوكرانيا قادرة على كسب الحرب وحماية مصالحها بالوسائل العسكرية».

وأشار إلى أن الوضع الميداني يواصل في الوقت نفسه، التطور لصالح روسيا، ونبه إلى أن «وضع القوات المسلحة الأوكرانية على خطوط المواجهة يزداد سوءاً».

وشدد بيسكوف على أن «القناعة بقدرة كييف على كسب الحرب واهمة للغاية. سينتهي الصراع عندما تحقق روسيا أهدافها».

ومنذ بداية العام، عقدت روسيا وأوكرانيا 3 جولات تفاوض في إسطنبول.

وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف يتحدث مع نظيره الأميركي ماركو روبيو في كوالالمبور 11 يوليو 2025 (رويترز)

الكرملين: لافروف باقٍ

إضافة إلى ذلك، رأى وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، في مقابلة مع وكالة «نوفوستي» نشرت، الاثنين، أن الولايات المتحدة تواجه، على ما يبدو، صعوبات في إقناع زيلينسكي بعدم وضع عراقيل أمام التسوية في أوكرانيا. وقال: «أكد لنا الأميركيون في قمة ألاسكا أنهم يضمنون عدم عرقلة زيلينسكي جهود تحقيق السلام. ويبدو أن بعض الصعوبات قد نشأت في هذا الصدد. علاوة على ذلك، وعلى حد علمنا، تحاول بروكسل ولندن إقناع واشنطن بالتخلي عن نيتها حل الأزمة بالوسائل السياسية والدبلوماسية، والانخراط بشكل كامل في جهود الضغط العسكري على روسيا، أي الانضمام أخيراً إلى (فريق الحرب)».

كما أشار لافروف إلى أنه تم التوصل إلى توافقات محددة في اجتماع ألاسكا بين الرئيسين دونالد ترمب وفلاديمير بوتين، على رأسها معالجة الأسباب الجذرية للأزمة والعمل على التوصل إلى تسوية شاملة من خلال الحوار بدلاً من الانشغال بفرض هدنات مؤقتة.

ومع ذلك، قال الوزير إن موسكو «لا تتخلى عن مبادئها الأساسية: وحدة أراضي روسيا واختيار سكان شبه جزيرة القرم ودونباس ونوفوروسيا غير قابلين للتغيير... ننتظر الآن تأكيداً من الولايات المتحدة بأن اتفاقيات أنكوريج لا تزال سارية المفعول».

وحملت تصريحات لافروف أهمية خاصة على خلفية التكهنات التي انتشرت خلال الأسبوع الأخير حول تراجع ثقة بوتين به، وتقليص حضوره في الفعاليات المهمة التي تجمع الدائرة المقربة من الرئيس الروسي. وانطلقت هذه التكهنات بعد غياب لافروف عن اجتماع مهم لمجلس الأمن القومي الروسي ناقش ملف التجارب النووية وسبل المحافظة على الردع النووي. وقالت وسائل إعلام غربية إن سبب تهميش لافروف موقفه المتشدد خلال مكالمة هاتفية أجراها مع نظيره الأميركية مارك روبيو قبل أسبوعين؛ ما أسفر عن إلغاء ترمب قمة جديدة مع بوتين كان العمل جارياً لترتيبها.

مواطنون يفقدون الأضرار التي لحقت بمحطة محروقات أصابها القصف الروسي في خاركيف شمال شرقي أوكرانيا السبت الماضي (إ.ب.أ)

لكن الكرملين نفى صحة تلك التكهنات من دون أن يفسر سبب غياب لافروف عن بعض الفعاليات المهمة، وعاد بيسكوف، الاثنين، إلى تأكيد عدم وجود تغييرات حول مهام لافروف ومكانته.

وحث الناطق المتابعين على «تجاهل التقارير التي تزعم اختفاء وزير الخارجية عن المشهد». وقال: «سيرغي فيكتوروفيتش يواصل عمله بنشاط. جميع تلك التقارير كاذبة تماماً، لا تلقوا لها بالاً، كل شيء على ما يرام». وأضاف أن لافروف سوف يظهر في الفعاليات العامة ذات الصلة.

تطورات ميدانية

وكانت وزارة الخارجية وصفت التقارير الغربية حول لافروف بأنها «عنصر جديد من عناصر حرب المعلومات».

ميدانياً، أعلنت القوات الروسية فرض سيطرة كاملة على بلدتين في مقاطعة زابوريجيا وثالثة في دونيتسك.

وأفادت وزارة الدفاع في بيان بأن قواتها تمكنت بعد معارك من «تحرير بلدتي سلادكويه ونوفويه في مقاطعة زابوريجيا (جنوب أوكرانيا)، وبلدة غناتوفكا في دونيتسك (جنوبي شرق). وزادت أنه «تم تكبيد العدو 1530 عسكرياً خلال الـ24 ساعة الماضية».

وأفاد التقرير العسكري اليومي عن سير العمليات على الجبهات، بأن القوات الروسية وجهت ضربة مركّبة باستخدام صواريخ من طراز «كينجال» المجنحة ضد أهداف أوكرانية، بما في ذلك مركز الاستخبارات الإلكترونية.

كما أشار التقرير إلى تقدم محدود حققته القوات الروسية في مدينة كراسنوأرميسك (مقاطعة دونيتسك) التي تشهد قتالاً ضارياً منذ أسابيع، تحول إلى حرب شوارع.

وقال البيان العسكري إن الجيش أحكم سيطرته على 244 مبنى في أحياء المدينة، مشيراً إلى «استمرار العمليات الهجومية النشطة وتطهير المنطقة الصناعية تماماً في كراسنوأرميسك».

كما أشار إلى استمرار المواجهات العنيفة في مدينة كوبيانسك بمقاطعة خاركوف شرق أوكرانيا، التي تحاصرها القوات الروسية منذ أيام.


ماكرون يستقبل محمود عباس في باريس غداً

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والرئيس الفلسطيني محمود عباس في لقاء على هامش اجتماعات الأمم المتحدة في نيويورك يوم 25 سبتمبر من العام الماضي (أ.ف.ب)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والرئيس الفلسطيني محمود عباس في لقاء على هامش اجتماعات الأمم المتحدة في نيويورك يوم 25 سبتمبر من العام الماضي (أ.ف.ب)
TT

ماكرون يستقبل محمود عباس في باريس غداً

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والرئيس الفلسطيني محمود عباس في لقاء على هامش اجتماعات الأمم المتحدة في نيويورك يوم 25 سبتمبر من العام الماضي (أ.ف.ب)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والرئيس الفلسطيني محمود عباس في لقاء على هامش اجتماعات الأمم المتحدة في نيويورك يوم 25 سبتمبر من العام الماضي (أ.ف.ب)

يستقبل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون نظيره الفلسطيني محمود عباس في باريس، الثلاثاء، لبحث الخطوات اللاحقة ضمن الاتفاق الذي أفضى إلى وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حماس» في قطاع غزة، بحسب ما أعلنت الرئاسة الفرنسية الاثنين.

وأفاد «الإليزيه» في بيان، نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية»، بأن ماكرون سيستضيف عباس «رئيس دولة فلسطين» التي اعترفت بها فرنسا رسمياً في سبتمبر (أيلول) على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.

وأوردت الرئاسة: «يأتي هذا اللقاء في إطار استمرار اعتراف فرنسا بدولة فلسطين والعمل الجاري لتنفيذ خطة سلام وأمن للجميع في الشرق الأوسط».

وأشارت في بيان إلى أن اللقاء سيتطرق إلى «الخطوات المقبلة لخطة السلام، لا سيما في مجالات الأمن والحكم وإعادة الإعمار، بالتعاون مع الشركاء العرب والدوليين، للتحضير لليوم التالي»، أي مرحلة ما بعد الحرب الإسرائيلية في القطاع، والتي اندلعت عقب هجوم «حماس» على إسرائيل في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

ويسري في غزة منذ 10 أكتوبر 2025، اتفاق لوقف إطلاق النار تمّ التوصل إليه بناء على خطة للرئيس الأميركي دونالد ترمب.

وأكد ترمب الخميس أن قوة دولية سيتم نشرها «قريباً جداً» في غزة، وذلك عقب إعلان واشنطن تقديم مشروع قرار في مجلس الأمن الدولي لدعم خطة الرئيس بشأن القطاع.

ويعتزم ماكرون خلال لقائه مع عباس تأكيد ضرورة «الوصول المستمر للمساعدات الإنسانية إلى غزة».

وسيطرح معه أهمية إصلاح السلطة الفلسطينية، بحسب «الإليزيه» الذي أكد أن ذلك «شرط أساسي لتحقيق استقرار دائم وظهور دولة فلسطينية قابلة للحياة وديمقراطية وذات سيادة، تعيش بسلام وأمان بجانب إسرائيل».


القضاء الفرنسي يأمر بالإفراج عن ساركوزي بعد 20 يوماً في السجن

الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي (أ.ف.ب)
الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي (أ.ف.ب)
TT

القضاء الفرنسي يأمر بالإفراج عن ساركوزي بعد 20 يوماً في السجن

الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي (أ.ف.ب)
الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي (أ.ف.ب)

غادر الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي السجن بعد ظهر الاثنين، بحسب ما أفاد مصدر مطّلع على الملف «وكالة الصحافة الفرنسية»، وذلك بعدما أمرت محكمة الاستئناف بالإفراج عنه إثر إدانته في قضية التمويل الليبي لحملته الرئاسية عام 2007.

وغادر ساركوزي سجن «لا سانتيه» في باريس حيث احتجز 20 يوماً، وذلك في سيارة زجاجها داكن، ترافقها دراجات نارية تابعة للشرطة.

وخلال جلسة النظر في طلب الإفراج، كانت النيابة العامة قد أوصت أيضاً بالإفراج المشروط برقابة قضائية عن ساركوزي الذي شارك في الجلسة عبر تقنية الفيديو من سجن «لا سانتيه» في باريس.

معمّر القذافي (إ.ب.أ)

وكانت النيابة العامة قد طلبت في وقت سابق اليوم، من محكمة الاستئناف في باريس إطلاق سراح ساركوزي. وقال ساركوزي الذي تابع الإجراءات القضائية عبر الفيديو: «السجن صعب، صعب للغاية، بالتأكيد على أي سجين، بل أقول إنه شاق».

وتشكل إطلالة ساركوزي عبر الشاشة الاثنين بسترة زرقاء داكنة وقميص أول صورة في التاريخ لرئيس جمهورية فرنسي سابق في السجن.

وأكد الرئيس الأسبق الذي استأنف الحكم الصادر بحقه بالسجن خمس سنوات بتهمة التآمر، خلال جلسة استماع استمرت حوالي خمسين دقيقة: «أناضل من أجل سيادة الحقيقة».

وأشاد ساركوزي البالغ 70 عاماً «بموظفي السجن الذين كانوا إنسانيين بشكل استثنائي وجعلوا من هذا الكابوس» أمراً «يمكن تحمّله».

وقد أثار هذا الاحتجاز غير المسبوق لرئيس سابق في تاريخ الجمهورية الفرنسية جدلاً حاداً في البلاد، كما أنه يشكل سابقة في الاتحاد الأوروبي، حيث لم يُسجن أي رئيس دولة سابق من قبل.

وأكد أحد محاميه، جان ميشال داروا الذي تحدث إلى جانبه عبر الفيديو، أن نيكولا ساركوزي، «على الرغم من كونه رجلاً قوياً وحازماً وشجاعاً، فإن هذا الاحتجاز كان مصدر معاناة وألم كبيرين له».

- معايير مختلفة -

وأكد كريستوف إنغران، أحد محاميه أيضاً، أن «الاحتجاز هو ما يُشكل تهديداً لنيكولا ساركوزي، وليس العكس»، مشيراً إلى أنه وُضع في الحبس الانفرادي لأسباب أمنية وأنه يستفيد من حماية ضابطين أثناء الاحتجاز.

الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي (أ.ف.ب)

وبرّر وزير الداخلية الفرنسي لوران نونيز هذه الإجراءات بـ«وضعه» وبـ«التهديدات الموجهة» إلى ساركوزي.

أمام زوجته كارلا بروني وابنيه بيار وجان، طلب المدعي العام داميان بروني «الموافقة على طلب نيكولا ساركوزي» بالإفراج عنه تحت الإشراف القضائي، مع منعه من الاتصال بالشهود والمتهمين الآخرين.

وأضاف المدعي العام: «لا شك أن ساركوزي يقدم ضمانات تمثيلية لا لبس فيها، نظراً لروابطه العائلية في البلاد ومصالحه المالية المعروفة جيداً لمحكمتكم. ونادراً ما تُوجد مثل هذه الضمانات للتمثيل أمام المحكمة على هذا المستوى أمام محكمتكم».

في 25 سبتمبر (أيلول)، أدانت محكمة باريس الجنائية ساركوزي بتهمة السماح عمداً لشركائه بالتواصل مع معمر القذافي في ليبيا لطلب تمويل غير مشروع لحملته التي أوصلته إلى الرئاسة الفرنسية عام 2007. واستأنف ساركوزي الحكم على الفور.