اجتماع وزاري أوروبي طارئ قبل «قمة ترمب - بوتين»

حلفاء زيلينسكي يدفعون باتجاه مشاركته والضغط على الرئيس الأميركي للتشدد مع نظيره الروسي

الرئيسان الأميركي والروسي خلال لقائهما بأوساكا على هامش «قمة العشرين» في يونيو 2019 (د.ب.أ)
الرئيسان الأميركي والروسي خلال لقائهما بأوساكا على هامش «قمة العشرين» في يونيو 2019 (د.ب.أ)
TT

اجتماع وزاري أوروبي طارئ قبل «قمة ترمب - بوتين»

الرئيسان الأميركي والروسي خلال لقائهما بأوساكا على هامش «قمة العشرين» في يونيو 2019 (د.ب.أ)
الرئيسان الأميركي والروسي خلال لقائهما بأوساكا على هامش «قمة العشرين» في يونيو 2019 (د.ب.أ)

تتواصل الاتصالات الدبلوماسية الأوروبية قبيل القمة المرتقبة بين الرئيسين الأميركي والروسي في مدينة أنشورانج؛ كبرى مدن ولاية ألاسكا، بحثاً عن موقف موحد قادر على التأثير على مجريات القمة؛ تحديداً على الرئيس دونالد ترمب بشأن ملف الحرب في أوكرانيا. وآخر ما استجد الاجتماعُ الطارئ الذي عقده وزراء خارجية الاتحاد الأوربي من بُعد، الاثنين، بناء على دعوة من كايا كالاس، مسؤولة الشؤون الخارجية والأمن في الاتحاد، علماً بأن أورسولا فون دير لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية، وقعت البيان المهم الذي صدر عن رؤساء الدول والحكومات الـ6 الأكبر انخراطاً إلى جانب أوكرانيا في حربها مع روسيا.

خطوط حُمر

ويعدّ البيان رسماً لـ«الخطوط الحمراء» التي ينبغي على الرئيس الأميركي ألا يتجاوزها في بحثه عن «صفقة» لوضع حد للحرب الدائرة بين موسكو وكييف منذ 41 شهراً. وترى مصادر دبلوماسية أوروبية في باريس أن قدرة الأوروبيين على التأثير على ترمب «محدودة»، آخذين عليه تخليه عن الشروط التي وضعها بنفسه، مثل وقف إطلاق النار من أجل بدء مفاوضات سلام بين الطرفين. وترى المصادر أيضاً أن الرئيس ترمب، الذي كان أمهل نظيره الروسي حتى يوم الجمعة الماضي لوضع حد للحرب قبل أن يفرض على روسيا وعلى مشتري نفطها عقوبات رئيسية و«ثانوية»، استدار بشكل حاد بموافقته على عقد قمة ثنائية معه، يوم الجمعة المقبل، بعيداً عن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي وعن القادة الأوروبيين بحيث عاد إلى «أحادية» الإمساك بالملف الأوكراني.

من هنا، فإن الهمَّ الأول للأوروبيين الضغطُ على واشنطن ليكون زيلينسكي جزءاً من المفاوضات، وليكون لهم دور من أجل الحفاظ على مصالحهم «الحيوية». وقال المستشار الألماني، فريدريك ميرتس، الأحد، إن ألمانيا لن تقبل بمناقشة أو اتخاذ قرارات بشأن القضايا الإقليمية من قبل روسيا والولايات المتحدة «من فوق رؤوس» الأوروبيين أو الأوكرانيين. وواشنطن لا ترى مانعاً من لقاء ترمب ــ زيلينسكي «بعد» قمة ترمب ــ بوتين. وبعد أن كان الأوروبيون يتوقعون مزيداً من الانخراط الأميركي إلى جانب أوكرانيا، حذرهم جي دي فانس، نائب الرئيس الأميركي، في مقابلة مع قناة «فوكس نيوز»، الأحد، من أن «الأميركيين سئموا من الاستمرار في إرسال أموالهم؛ أموال ضرائبهم، لدعم هذا الصراع {الأوكراني} تحديداً»، مضيفاً أنه وترمب «يعتقدان أن أميركا أنهت دعم تمويل الحرب، فنحن نريد التوصل لتسوية سلمية». وبرأيه، فإنه إذا رغب الأوروبيون في تمويل شراء الأسلحة الأميركية لكييف، فإن بلاده لن تجد مانعاً يحول دون ذلك. وعملياً، تكون واشنطن قد تركت عبء تمويل الحرب على الأوروبيين وحدهم، وهو ما يسعون إلى تجنبه.

الرئيس الأميركي خلال حديث منفرد مع المستشار الألماني بمناسبة «القمة الأطلسية» في لاهاي يوم 25 يونيو 2025 (أ.ف.ب)

بدوره، أعلن متحدث باسم المستشار الألماني، الاثنين، أن الرئيس ترمب وقادة أبرز الدول الأوروبية وأوكرانيا، إضافة إلى «حلف شمال الأطلسي» و«الاتحاد الأوروبي»، سيشاركون الأربعاء في «اجتماع افتراضي» يتناول ملف أوكرانيا، قبل يومين من «قمة ألاسكا» بين الرئيسين الأميركي والروسي. وقال المتحدث، شتيفان كورنيليوس، في بيان، إن هذه «المباحثات» التي ستجرى بمبادرة من برلين، ستتناول «التحضير لمفاوضات سلام محتملة» والقضايا «المتصلة بأراضٍ تجري المطالبة بها، وبالضمانات الأمنية»، فضلاً عن «خطوات إضافية» يمكن اتخاذها «لممارسة ضغط على روسيا».

«ميونيخ» مجدداً

في الأيام الأخيرة، لم تتردد جهات أوروبية في المقارنة بين ما قد يحدث من توافقات «ثنائية» بين ترمب وبوتين، وبين «اتفاقيات ميونيخ» عام 1938، التي وُقعت بين ألمانيا النازية وإيطاليا الفاشية من جهة؛ وبريطانيا وفرنسا من جهة ثانية، والتي شجعت هتلر وموسوليني على إطلاق الحرب العالمية الثانية في العام التالي للتوقيع. والمقصود بالمقارنة أن يوافق الرئيس الأميركي على مطالب بوتين الخاصة باقتطاع 20 في المائة من أراضي أوكرانيا، أي شبه جزية القرم والمقاطعات الأربع شرق وجنوب البلاد (دونيتسك، ولوغانسك، وزابوريجيا، وخيرسون) التي تحتلها القوات الروسية جزئياً. كذلك تشترط موسكو أن تتوقّف أوكرانيا عن تلقّي أسلحة غربية وتتخلّى عن طموحاتها للانضمام إلى «حلف شمال الأطلسي»، وتخفض عديد جيشها إلى النصف، وتتخلى عن مرابطة قوات أوروبية - «أطلسية» على أراضيها لتوفير «ضمانات أمنية» لكييف ومنع روسيا من استئناف حربها. وباختصار، ترى المصادر الأوروبية أن ترمب، بقبوله القمة من دون توافر شروط مسبقة، أسدى خدمة كبرى إلى بوتين بأن «فَكَّ مجاناً عزلته السياسية والدبلوماسية» وأعاد «تأهيله» على المسرح الدولي، وجعل روسيا صنواً للولايات المتحدة، وتناسى أن بوتين هو من أطلق الحرب وهاجم دولة جارة لبلاده في فبراير (شباط) من عام 2022، كما أنه قبل بالشروط التي وضعها الأخير؛ أي أن تكون القمة ثنائية من غير زيلينسكي أو أي رئيس أوروبي. وثمة من يذهب أبعد من ذلك؛ إذ يعدّ أن ترمب قد مكّن بوتين «عملياً» من أن يكون «وصياً» على أوروبا لجهة استبعادها عن اجتماعات لها ارتداداتها المباشرة على أمنها ومستقبلها. وقالت كالاس، الأحد، إن «أي اتفاق بين الولايات المتحدة وروسيا يجب أن يضم أوكرانيا والاتحاد الأوروبي؛ لأن الأمر يتعلق بأمن أوكرانيا وأوروبا بأسرها».

دعوة زيلينسكي

بناء على ما سبق، يتركز اهتمام الأوروبيين على الضغط على ترمب ليكون زيلينسكي جزءاً من «قمة ألاسكا». لكن، حتى اليوم، لا مؤشرات تدل على أن تحولاً كهذا يمكن أن يحدث ما دام بوتين معارضاً لقاءه الرئيس الأوكراني إلا وفق شروطه. وقال فانس إن «واحدة من أهم العقبات هي أن فلاديمير بوتين قال إنه لن يجلس إلى طاولة المفاوضات قط مع زيلينسكي. لكن الرئيس (ترمب) غيّر ذلك الآن». بيد أن شيئاً من هذا لم يصدر عن الكرملين. كذلك يتمسك الأوروبيون بشرط توفير ضمانات أمنية صلبة لكييف عن طريق نشر قوات أوروبية على الأراضي الأوكرانية في إطار أي اتفاق لإنهاء النزاع. غير أن هناك صعوبتين رئيسيتين؛ الأولى: رفض موسكو مرابطة قوات أوروبية على حدودها. والثانية: تمسك كييف وكثير من العواصم الأوروبية التي شَكّلت، بقيادة بريطانية - فرنسية، ما سمي «تحالف الراغبين» المستعدين لتوفير وحدات عسكرية لهذه المهمة، بالحصول على ضمانات أميركية لنشر هذه القوة. والحال أن واشنطن لم تقل مطلقاً إنها مستعدة لتوفير هذه الحماية مخافة أن تفضي إلى مواجهة مباشرة مع القوات الروسية.

مسؤولة السياسة الخارجية والأمن في «الاتحاد الأوروبي» كايا كالاس خلال اجتماع وزاري في بروكسل يوم 14 يوليو 2025 (رويترز)

أوكرانيا الخاسرة

ورغم مجمل هذه التحفظات، فإن أوروبا لا تجرؤ على «الانقطاع» عن واشنطن رغم ما تترهصه من تنازلات ستطلب من زيلينسكي أن يقدمها. فـ«الاتحاد الأوروبي» يعي، كما قالت كالاس يوم الأحد، أن «لدى الولايات المتحدة القدرة على إجبار روسيا على التفاوض بجدية». وكان بإمكانها أن تضيف أنها «الوحيدة القادرة على ذلك». وشددت كالاس على أن «السلام المستدام يعني أيضاً أن العدوان لا يمكن أن يُكافأ»، مضيفة أن «الأراضي الأوكرانية المحتلة مؤقتاً يجب أن تعود لأوكرانيا». لكن ترمب قال لصحافيين في البيت الأبيض، قبل يومين، متحدثاً عن هذه الأراضي: «نحن ندرس هذه المسألة، لكننا نسعى في الواقع إلى استعادة جزء من هذه الأراضي. إنها عملية تبادل. الأمر معقد... لكننا سنستعيد جزءاً من الأراضي، وسنتبادل جزءاً آخر. سيكون هناك تبادل للأراضي يعود بالنفع على الطرفين». ومضمون كلام ترمب لا يطمئن مطلقاً. فالمعروف أن القوات الأوكرانية لا تحتل أي شبر من الأراضي الروسية بعد إخراجها هذا العام من الأراضي التي احتلتها سابقاً في منطقة كورسك قريباً من الحدود المشتركة مع أوكرانيا. وبالتالي، فإن كييف لا تمتلك ما يمكنها المقايضة به. فضلاً عن ذلك، فقد نقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» عن المبعوث الأميركي، ستيف ويتكوف، قوله لمسؤولين أوروبيين، الجمعة، إن المقترح الروسي ينقسم إلى جزأين؛ الأول: ينص على انسحاب من المناطق الأربع التي ضمتها روسيا في عام 2022، يتبعه تجميد القتال على الخطوط الراهنة. والثاني: التوافق على خطة سلام بين بوتين وترمب يجري التفاوض بعدها مع زيلينسكي.

وإذا صحت هذه المعلومات، فإن أوكرانيا ستكون الخاسر الأكبر من هذه القمة، علماً بأن زيلينسكي كان قد أكد، خلال الأيام القليلة الماضية، أن بلاده «لن تتخلى أبداً» عن جزء من أراضيها لروسيا، وأن قانوناً صدر عن البرلمان الأوكراني يمنع ذلك.



سيارة تدهس حشداً في هولندا وتصيب 9 بينهم 3 بجروح خطيرة

عناصر من شرطة هولندا (أرشيفية - د.ب.أ)
عناصر من شرطة هولندا (أرشيفية - د.ب.أ)
TT

سيارة تدهس حشداً في هولندا وتصيب 9 بينهم 3 بجروح خطيرة

عناصر من شرطة هولندا (أرشيفية - د.ب.أ)
عناصر من شرطة هولندا (أرشيفية - د.ب.أ)

قالت الشرطة إن سيارة اندفعت نحو حشد من الأشخاص الذين كانوا ينتظرون مشاهدة عرض في مدينة بشرق هولندا، مساء اليوم الاثنين، ما أسفر عن إصابة تسعة أشخاص، ثلاثة منهم على الأقل إصاباتهم خطيرة.

وأوضحت شرطة جيلدرلاند، عبر وسائل التواصل الاجتماعي، أن الحادث لا يبدو متعمداً في الوقت الحالي، لكنها فتحت تحقيقاً.

وكان الناس ينتظرون مشاهدة عرض لمركبات مزينة بأضواء عيد الميلاد في مدينة نونسبيت، الواقعة على بعد نحو 80 كيلومتراً شرق أمستردام.

وقالت بلدية إلبورج المجاورة، عبر وسائل التواصل الاجتماعي، إن العرض توقف بعد الحادث.

وقال رئيس البلدية يان ناثان روزندال في بيان: «ما كان ينبغي أن يكون لحظة تضامن انتهى بقلق وحزن كبيرين».

وأضافت الشرطة أن السائقة، وهي امرأة (56 عاماً) من نونسبيت، أصيبت بجروح طفيفة، وتم توقيفها «كما هو معتاد في حوادث المرور الخطيرة»، دون تقديم مزيد من التفاصيل.


أوكرانيا: القوات الروسية تلجأ إلى التنقل بالخيول في ساحة المعركة

الدمار يظهر في حي أوكراني بمنطقة دونيتسك (الجيش الأوكراني - أ.ف.ب)
الدمار يظهر في حي أوكراني بمنطقة دونيتسك (الجيش الأوكراني - أ.ف.ب)
TT

أوكرانيا: القوات الروسية تلجأ إلى التنقل بالخيول في ساحة المعركة

الدمار يظهر في حي أوكراني بمنطقة دونيتسك (الجيش الأوكراني - أ.ف.ب)
الدمار يظهر في حي أوكراني بمنطقة دونيتسك (الجيش الأوكراني - أ.ف.ب)

قالت القوات الأوكرانية إنها رصدت جنوداً روساً يمتطون الخيول قرب خط المواجهة، في مؤشر على الأساليب الارتجالية التي تستخدم في ساحة المعركة.

ونشر اللواء الهجومي 92 التابع للجيش الأوكراني، اليوم الاثنين، مقطع فيديو يظهر على ما يبدو عدداً من الجنود الروس يتنقلون على ظهور الخيل أو البغال، ويتعرضون لهجمات بطائرات مسيرة صغيرة، وفقاً لـ«وكالة الأنباء الألمانية».

وقال اللواء 92، في منشور عبر تطبيق «تلغرام»، «يخسر المحتلون الروس معداتهم بسرعة كبيرة في هجماتهم المباشرة التي لا توفر سوى فرص ضئيلة للنجاة، إلى درجة أنهم باتوا مضطرين للتحرك على ظهور الخيل».

لقطة من فيديو نشرته القوات الأوكرانية تظهر ما يبدو وكأنه جندي روسي يمتطي جواداً ويحاول عبور منطقة مفتوحة قبل أن تصيبه طائرة مسيرة

وقال محللون إنه من المرجح أنه تم تصوير مقطع الفيديو في منطقة دنيبروبيتروفسك جنوبي البلاد، على الرغم من عدم إمكانية التحقق من الموقع بشكل مستقل.

وبحسب ما يظهر في اللقطات، كان الجنود الروس يحاولون عبور حقل واسع ومفتوح بأسرع ما يمكن.

وتعتمد القوات الروسية بشكل متزايد على مجموعات هجومية صغيرة للتقدم بسرعة نحو المواقع الأوكرانية ثم محاولة التحصن فيها. وأظهرت مقاطع فيديو سابقة جنوداً روساً يستخدمون دراجات نارية مخصصة للطرق الوعرة، ودراجات رباعية الدفع، ودراجات كهربائية كوسيلة للتنقل.

كما شوهد جنود أوكرانيون يستخدمون الدراجات الجبلية الكهربائية والدراجات النارية للتنقل بسرعة عبر ساحة المعركة.


شبهات «تجسس ألماني» أجبرت مدير مدرسة ملك بريطانيا على مغادرة اسكوتلندا

كورت هان (ويكيبيديا)
كورت هان (ويكيبيديا)
TT

شبهات «تجسس ألماني» أجبرت مدير مدرسة ملك بريطانيا على مغادرة اسكوتلندا

كورت هان (ويكيبيديا)
كورت هان (ويكيبيديا)

كشفت وثائق حكومية بريطانية رُفعت عنها السرّية مؤخراً، أن كورت هان، مؤسس مدرسة «غوردونستون» الشهيرة التي تلقّى فيها الملك تشارلز تعليمه في شبابه، خضع لمراقبة دقيقة من جهاز الاستخبارات الداخلية البريطاني (MI5)، على خلفية تقارير وُصفت آنذاك بـ«المقلقة»، شككت في ولائه لبريطانيا خلال سنوات الحرب العالمية الثانية، وفقاً لصحيفة «التايمز».

وتُظهر الملفات، التي كان مقرراً الإبقاء عليها سرية حتى عام 2046، أن هان أُجبر فعلياً على مغادرة اسكوتلندا عام 1940، بعد اتهامات رسمية بأنه قد يكون «جاسوساً ألمانياً خطيراً»، في واحدة من أكثر القضايا المثيرة للجدل في تاريخ التعليم البريطاني الحديث.

وكان هان، المولود في ألمانيا، يُشاد به بوصفه مربياً رائداً وصاحب رؤية تربوية ثورية، إذ أسس مدرسة «غوردونستون» عام 1934 في مقاطعة موراي شمال شرقي اسكوتلندا، بعدما اضطر إلى مغادرة بلاده بسبب انتقاداته العلنية لهتلر. ولاحقاً، استضافت المدرسة ثلاثة أجيال من العائلة المالكة البريطانية، من بينهم الأمير فيليب، دوق إدنبرة، والملك تشارلز.

غير أن اندلاع الحرب العالمية الثانية أعاد فتح ملف ولاء هان، وسط تصاعد المخاوف من غزو نازي محتمل للسواحل الاسكوتلندية. وتكشف مراسلات رسمية أن الدعوة إلى التحقيق معه، قادها توماس كوبر، المدعي العام الاسكوتلندي آنذاك، إلى جانب جيمس ستيوارت، نائب كبير منسقي الانضباط الحزبي لرئيس الوزراء ونستون تشرشل.

وفي رسالة بعث بها كوبر إلى وزارة الداخلية في يونيو (حزيران) 1940، قال إن «الملف المُعد ضد هان، ربما يكون أخطر من أي ملف آخر»، مضيفاً أن جهاز «MI5»؛ «يعرف كل شيء عن هذا الرجل»، وأنه «إما جاسوس خطير أو عميل بريطاني».

واتهم كوبر مدرسة «غوردونستون» بأنها تشكّل موقعاً مثالياً للتجسس، نظراً لموقعها المشرف على خليج موراي، وقربها من مطارات ومحطة لاسلكية، فضلاً عن امتلاكها تجهيزات اتصالات مكثفة وعدداً كبيراً من أجهزة الاستقبال اللاسلكي. كما أشار إلى وجود عدد كبير من الألمان ضمن طاقم المدرسة، بعضهم ضباط سابقون في الجيش الألماني.

وأضاف أن مراقبة هواتف المدرسة خلال شتاء 1939 - 1940 كشفت عن مكالمات بعيدة المدى تتناول موضوعات تبدو «تافهة» عن الزراعة والماشية، لكنها، بحسب تقديره، كانت رسائل «مشفّرة».

وفي السياق نفسه، بعث جيمس ستيوارت برسالة إلى وزير الأمن الداخلي، السير جون أندرسون، متسائلاً عن إمكانية نقل المدرسة إلى «منطقة أقل حساسية». وجاء الرد أن هان يعتزم نقل المؤسسة إلى ويلز، وهو ما تم بالفعل في يوليو (تموز) 1940، «لتهدئة المخاوف المحلية»، وفق تعبير الوزارة.

وتضم الملفات أيضاً رسالة من مدير مدرسة مجاورة، اتهم فيها هان باستقبال نازي ألماني كان يتردد ليلاً على المدرسة، ويقوم بجولات تصوير للساحل الاسكوتلندي ومنشآت حيوية قريبة.

وعلى الرغم من كل تلك الشبهات، تُظهر السجلات الأمنية اللاحقة أن أجهزة الاستخبارات لم تعثر على أي دليل يثبت تورط هان في نشاط معادٍ لبريطانيا. وخلص تقرير رسمي لوزارة الداخلية إلى أنه «لا يوجد ما يبرر القلق»، مؤكداً أن هان «معجب بالمؤسسات البريطانية» ولا يكنّ أي عداء للبلاد.

كما تكشف الوثائق أن هان كان يزوّد مكتب الدعاية البريطاني بمعلومات بشكل غير رسمي، من دون علم وزارة الداخلية أو جهاز «MI5»، ما يرجّح أنه كان أقرب إلى متعاون غير معلن منه إلى مشتبه به حقيقي.

وإلى جانب الجدل الأمني، تسلّط الوثائق الضوء على فلسفة هان التربوية المثيرة للجدل، التي قامت على ما وصفه بـ«مختبر تربوي» قاسٍ، شمل تعريض التلاميذ لظروف بدنية شديدة؛ مثل الجري حفاة في الثلج، والاستحمام بالماء البارد، والتدريب البدني الصارم، في إطار إيمانه بأن «قوة الطفولة الروحية» يمكن الحفاظ عليها ومنع «تشوّه المراهقة».

وكان الأمير فيليب من أبرز المدافعين عن هان، واستلهم لاحقاً أفكاره في تأسيس «جائزة دوق إدنبرة». في المقابل، لم يُخفِ الملك تشارلز استياءه من سنوات دراسته في «غوردونستون»، واصفاً إياها لاحقاً بأنها «سجن بلباس اسكوتلندي».

وتوفي كورت هان عام 1974 عن عمر ناهز 88 عاماً في ألمانيا، بينما لا تزال مدرسته تواجه إرثاً مثقلاً بالانتقادات؛ ففي العام الماضي، قدمت «غوردونستون» اعتذاراً رسمياً بعد تحقيق اسكوتلندي خلص إلى وجود «ثقافة مروّعة من الإساءة والعنف» داخل المدرسة قبل عام 1990.