ألمانيا: تأخر المفاوضات لتشكيل حكومة رغم المخاوف من انهيار اقتصادي

فريدريش ميرتس المستشار الألماني المنتظر ما زال يعمل على تشكيل حكومته (أ.ب)
فريدريش ميرتس المستشار الألماني المنتظر ما زال يعمل على تشكيل حكومته (أ.ب)
TT

ألمانيا: تأخر المفاوضات لتشكيل حكومة رغم المخاوف من انهيار اقتصادي

فريدريش ميرتس المستشار الألماني المنتظر ما زال يعمل على تشكيل حكومته (أ.ب)
فريدريش ميرتس المستشار الألماني المنتظر ما زال يعمل على تشكيل حكومته (أ.ب)

في وقتٍ تعيش فيه أوروبا أياماً قد تكون الأصعب منذ عقود، تسودها فترة عدم اليقين بسبب علاقتها مع حليفتها الأساسية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية؛ الولايات المتحدة، تبدو الدولة الأكبر اقتصادياً فيها، في حالة تشرذم مُقلق.

فألمانيا، التي تخشى انهيار اقتصادها بسبب حرب الرسوم الجمركية مع الإدارة الأميركية، وتتخوف من أن تجد نفسها دون مظلة أمنية أميركية، بعد التقارب الأميركي الروسي الأخير، تقودها حكومة فقدت شرعيتها بعد خسارتها الانتخابات النيابية في فبراير (شباط) الماضي. والحزب الفائز في تلك الانتخابات، الحزب المسيحي الديمقراطي، بزعامة فريدريش ميرتس، ما زال يُفاوض على تشكيل حكومته التي كان قد تعهَّد بالتسريع في تشكيلها؛ «لأن العالم لن ينتظرنا»، كما قال ميرتس عقب الفوز قبل أسابيع.

وفاز الحزب المحافظ، الذي تنتمي إليه المستشارة السابقة أنجيلا ميركل بنسبة 28 في المائة من الأصوات، وهي نسبة لا تسمح له بتشكيل حكومة منفرداً. ولا يسمح قانون الانتخابات الألماني لحزب واحد بالفوز، وهو أمر جرى تفصيله عن قصد؛ خوفاً من تكرار سيطرة حزب واحد على السلطة بعد تجربة النازيين.

تقدم «البديل من أجل ألمانيا» إلى مستويات قياسية يثير قلق الأحزاب الألمانية (د.ب.أ)

ودخل حزب ميرتس في مفاوضات حكومية مع الحزب الاشتراكي، الذي يقود الحكومة الحالية، رغم تسجيله نتائج سيئة في الانتخابات، وحصوله على نسبة لا تتجاوز الـ16 في المائة.

وبعد 6 أسابيع على التفاوض بين الطرفين، بدأت الشكوك تزداد بين الناخبين وداخل حزب ميرتس حول إمكانية تحقيق الوعود الانتخابية التي فاز «المسيحي الديمقراطي» على أساسها، خاصة فيما يتعلق بالهجرة ومواجهتها بقوانين أكثر تشدداً.

وقد تسبَّب استطلاعٌ للرأي، نُشر الأحد، في صدمة داخل حزب ميرتس، إذ أظهر ارتفاع حظوظ حزب «البديل من أجل ألمانيا» لتُساوي نسبة التأييد له، الآن، نسبة التأييد لـ«المسيحي الديمقراطي». وأظهر الاستطلاع أن كلا الحزبان يتمتع بنسبة تأييد تصل إلى 24 في المائة، ما يعني أن «البديل من أجل ألمانيا»، المصنف على أنه يميني متطرف، كسب 4 نقاط في الأسابيع التي تَلَت الانتخابات، في حين خسر حزب ميرتس 4 نقاط، وهو لم يشكّل بعدُ حكومته. ونقلت صحفية «بيلد» الشعبية عن أحد أعضاء «المسيحي الديمقراطي» قوله إن «البديل من أجل ألمانيا» سبق حتى الحزب المحافظ قبل عيد الفصح، في 20 أبريل (نيسان)، والذي كان ميرتس قد تعهّد بتشكيل الحكومة قبل حلوله.

وتزداد النقمة داخل حزب ميرتس على زعيمهم، بسبب ما يَعدُّون أنه نكث في كثير من الوعود الانتخابية التي أُطلقت خلال الحملة، ومنها تشديد قوانين الهجرة، وعدم رفع الدَّين العام. ويعتقد أعضاء في حزبه أنه قدَّم كثيراً من التنازلات للحزب الاشتراكي الذي يرفض اقتراحات الحزب المحافظ لتشديد الهجرة.

وكان ميرتس قد أعلن، بعد يومين على فوز حزبه، حزمة استدانة ضخمة لتمويل الدفاع والبنية التحتية، ما عَدَّه كثيرون من الناخبين «خيانة» بعد تكراره، خلال الحملة الانتخابية، أنه لن يرفع الدين العام. ويبرر ميرتس قراره ذلك بأنه جاء رداً على الآتي من واشنطن وما يبدو انسحابات أميركية من حماية أوروبا، بعد لقاء الرئيس الأميركي دونالد ترمب، بالرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، وبدء إدارة ترمب مفاوضات مع روسيا لإنهاء الحرب في أوكرانيا.

لكن الهجرة تبدو المسألة الأساسية التي تتسبب بفقدان حزب ميرتس التأييد له. ويرى أعضاء في حزبه أنه «لين» في المفاوضات التي تجرى مع الاشتراكيين، وأنه قدَّم لهم كثيراً في هذا المجال، رغم أنهم حزب خاسر في الانتخابات. ودخلت المفاوضات بين الطرفين أسبوعاً تصفه الأطراف المفاوضة بأنه «حاسم»، إذ سيناقش الطرفان الأمور التي ما زالت خلافية بينهما. ووصف أحد المفاوضين المفاوضات الحكومية بأنه «ما زال أمامها طريق طويل»، قبل التوصل إلى حل للخلافات المتبقية.

لكن سرعة التطورات الاقتصادية في ألمانيا بسبب الحرب التجارية المحتملة مع الولايات المتحدة دفعت أصواتاً داخل حزب ميرتس للمطالبة بالإسراع بتشكيل الحكومة. وقال المدير التنفيذي لشؤون البرلمان للتحالف المسيحي الديمقراطي، ثورستن فراي، إن هناك «حاجة لاتفاق على تشكيل حكومة ائتلافية، الآن، وبسرعة، لكي تنتشل البلاد من دوامة الركود وتحقق النمو الاقتصادي وتخلق أمناً أكبر». ووصف صعود الحزب اليميني المتطرف بأنه «مؤلم»، مضيفاً أن السبيل الوحيدة لمواجهة هذا الصعود هو بالتحرك بحَزم لتشكيل الحكومة.


مقالات ذات صلة

ميانمار: إقبال خجول على أول انتخابات تشريعية بعد 5 سنوات من الحرب الأهلية

آسيا رئيسة حزب رواد الشعب في ميانمار، ثيت ثيت خين، تُظهر إصبعها الملطخ بالحبر بعد الإدلاء بصوتها في مركز الاقتراع رقم 1 في بلدة كاماوت خلال الانتخابات العامة في يانغون (رويترز)

ميانمار: إقبال خجول على أول انتخابات تشريعية بعد 5 سنوات من الحرب الأهلية

شهدت مراكز الاقتراع في ميانمار اليوم (الأحد) إقبالاً خجولاً من الناخبين في انتخابات تشريعية يعتبرها المجلس العسكري الحاكم عودة إلى الديمقراطية.

«الشرق الأوسط» (رانغون (بورما))
آسيا لوحة إعلانية تحمل صور مرشحين من حزب الشعب في رانغون (أ.ف.ب)

ميانمار إلى صناديق الاقتراع وسط حرب أهلية وأزمة إنسانية حادة

يتوجه الناخبون في ميانمار (بورما) إلى صناديق الاقتراع غداً لاختيار برلمانهم في خضم حرب أهلية دمرت أجزاء من البلاد وسببت واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في آسيا.

«الشرق الأوسط» (رانغون)
شمال افريقيا شكّل التراجع النسبي لنفوذ «جهاز الردع» محطةً مفصليةً في هذا التحول عززت سيطرة «الوحدة» على العاصمة (الشرق الأوسط)

سقوط قادة ميليشيات يُعيد رسم خريطة النفوذ الأمني في العاصمة الليبية

يرى مراقبون ليبيون أن التحول الأبرز في المشهد المسلح بغرب ليبيا تمثل في مقتل عبد الغني الككلي، رئيس جهاز «دعم الاستقرار»، قبل سبعة أشهر، ثم التخلص من الدباشي.

جاكلين زاهر (القاهرة)
المشرق العربي إحدى جلسات البرلمان العراقي (إ.ب.أ)

أحزاب عراقية تحت الضغط قبل تجاوز المدد الدستورية

تعتمد القوى العراقية في مفاوضاتها على ما يُعرف بمعادلة النقاط مقابل المناصب، وهي آلية غير رسمية تقوم على تحويل عدد المقاعد البرلمانية رصيداً من النقاط.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي قوى «الإطار التنسيقي» خلال أحد اجتماعاتها بحضور رئيس الحكومة محمد شياع السوداني (أرشيفية - واع)

سباق مع الوقت لحسم الرئاسات العراقية الثلاث

تتسابق القوى السياسية العراقية مع الوقت لحسم اختيار الرئاسات الثلاث، وسط انسداد سياسي وتعدد المرشحين.

حمزة مصطفى (بغداد)

إزالة قنبلة من الحرب العالمية الثانية زنتها نصف طن من ورشة في بلغراد

قنبلة من الحرب العالمية الثانية (أ.ف.ب)
قنبلة من الحرب العالمية الثانية (أ.ف.ب)
TT

إزالة قنبلة من الحرب العالمية الثانية زنتها نصف طن من ورشة في بلغراد

قنبلة من الحرب العالمية الثانية (أ.ف.ب)
قنبلة من الحرب العالمية الثانية (أ.ف.ب)

أعلنت الشرطة الصربية عن إزالة قنبلة جوية تبلغ زنتها 470 كيلوغراماً تعود إلى الحرب العالمية الثانية من ورشة بناء في وسط العاصمة بلغراد.

ووفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، استخدمت هذه القنبلة الأميركية الصنع من طراز «إيه إن إم44» خلال غارات جوية نفّذها الحلفاء على مواقع ألمانية خلال تحرير بلغراد من الاحتلال النازي سنة 1944.

وقبيل إزالة القنبلة، خضعت الورشة التي تقع بالقرب من منطقة سكنية ومركز تبضّع لعملية استطلاع دقيقة «لضمان ظروف آمنة»، وفق ما كشفت الشرطة. وطُلب من سكان المنطقة مغادرة منازلهم ونقل سيّارتهم إن تسنّى لهم ذلك.

ونُقلت القنبلة إلى مركز تدريب للجيش على بُعد 180 كيلومتراً من بلغراد حيث سيجري تفكيكها في الأيام المقبلة.

وخلال السنوات الأخيرة، عُثر في صربيا على عدة قنابل غير منفجرة تعود إلى حروب سابقة، أُزيلت جميعها بأمان من دون أن تنفجر. وفي سبتمبر (أيلول) 2024، أزيلت قذيفة مدفعية عمرها 100 سنة تبلغ زنتها نحو 300 كيلوغرام من ورشة بناء بالقرب من البرلمان الصربي في بلغراد.

وفي فترة سابقة من هذا العام، عثر على قنبلة كبيرة تعود لحملة القصف الذي شنّه حلف شمال الأطلسي (ناتو) في جنوب صربيا. وفي عام 2021، أزيلت قنبلة من الحرب العالمية الثانية بزنة 242 كيلوغراماً من ورشة في ضاحية بلغراد.


السلطات اليونانية تنقذ 108 مهاجرين جنوب جزيرة كريت

علم اليونان (رويترز)
علم اليونان (رويترز)
TT

السلطات اليونانية تنقذ 108 مهاجرين جنوب جزيرة كريت

علم اليونان (رويترز)
علم اليونان (رويترز)

أنقذت السلطات اليونانية 108 مهاجرين كانوا على متن قارب خشبي، الأحد، جنوب جزيرة كريت، على مسافة نحو 41 ميلاً بحرياً جنوب جافدوس، الجزيرة اليونانية الواقعة في أقصى جنوب البلاد.

ووفقاً لـ«وكالة الأنباء الألمانية»، نقلت صحيفة «إيكاتيميريني» اليونانية، الأحد، عن خفر السواحل اليوناني القول، إن سفينة عابرة ترفع علم ليبيريا رصدت المهاجرين في البداية، ثم انتشلتهم قبل أن يتم نقلهم بأمان إلى ميناء باليوخورا في جزيرة كريت.

وذكر مسؤولون أن المهاجرين يخضعون حالياً لتقييم احتياجاتهم الطبية والإنسانية. وكان مسؤولون ذكروا في وقت سابق الأحد، أنه قد تم إنقاذ إجمالي 830 لاجئاً ومهاجراً في سلسلة من عمليات الإنقاذ جنوب جزيرة كريت اليونانية خلال الأيام الأخيرة.

وذكرت وسائل إعلام يونانية أنه جرى إنقاذ نحو 400 شخص، الجمعة فقط، في عمليات شملت قوارب صيد وقوارب دورية تابعة لخفر السواحل اليوناني ووكالة حماية الحدود التابعة للاتحاد الأوروبي (فرونتكس).


لافروف: أوروبا «تصب الزيت على النار» في الشرق الأوسط

وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في مؤتمر صحافي (أرشيفية - أ.ب)
وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في مؤتمر صحافي (أرشيفية - أ.ب)
TT

لافروف: أوروبا «تصب الزيت على النار» في الشرق الأوسط

وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في مؤتمر صحافي (أرشيفية - أ.ب)
وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في مؤتمر صحافي (أرشيفية - أ.ب)

قال وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، في مقابلة حول نتائج عام 2025 أجرتها معه وكالة «تاس» الروسية للأنباء، إن الدول الأوروبية تسعى إلى تصعيد التوترات في الشرق الأوسط، لأن الاستقرار في المنطقة لا يصب في مصلحتها.

وأضاف لافروف: «من المحزن، وإن لم يكن مفاجئاً لأي أحد، أن بعض أعضاء المجتمع الدولي، وفي مقدمتهم الأوروبيون، يصبون الزيت على النار، كما يقال. فهم يواصلون محاولاتهم لرسم خطوط انقسام جديدة في الشرق الأوسط، انطلاقاً من فرضية أنهم لن يستفيدوا من إقامة دول المنطقة علاقات جوار متينة فيما بينهم»، حسب ما ذكرته وكالة «تاس» الروسية للأنباء.

وأشار لافروف إلى أنه في عام 2025، «شهدنا أحداثاً غير مسبوقة، حيث شنت إسرائيل، بالتعاون مع الولايات المتحدة، عدواناً مباشراً على إيران، استهدف منشآت مرتبطة بالبرنامج النووي الإيراني بهجمات بصواريخ وقنابل، على الرغم من أن هذه المنشآت تخضع لضمانات الوكالة الدولية للطاقة الذرية».

وأكد لافروف أن «روسيا أدانت هذه الأعمال بشدة، فهي تتعارض كلياً مع المعايير الدولية والمبادئ الأخلاقية المعترف بها عالمياً. كما أن تصريحات المسؤولين الإسرائيليين عن استعدادهم لاستخدام القوة ضد طهران في المستقبل تثير قلقاً بالغاً».

فمن ناحية أخرى، قال لافروف، خلال المقابلة، إن روسيا لا ترى أن نظام فولوديمير زيلينسكي الأوكراني ورعاته الغربيين مستعدون لإجراء مفاوضات بناءة. وأضاف لافروف: «نرى أن نظام فولوديمير زيلينسكي ورعاته الأوروبيين غير مستعدين للدخول في مفاوضات بناءة».

وأشار لافروف إلى أن «هذا النظام يقوم بترهيب المدنيين من خلال استهداف البنية التحتية المدنية في بلادنا بأعمال تخريبية».