ما نعرفه عن الهدنة المقترحة في البحر الأسود بين روسيا وأوكرانيا

تعدّ روسيا وأوكرانيا من بين أكبر مصدّري الحبوب في العالم (أرشيفية - رويترز)
تعدّ روسيا وأوكرانيا من بين أكبر مصدّري الحبوب في العالم (أرشيفية - رويترز)
TT
20

ما نعرفه عن الهدنة المقترحة في البحر الأسود بين روسيا وأوكرانيا

تعدّ روسيا وأوكرانيا من بين أكبر مصدّري الحبوب في العالم (أرشيفية - رويترز)
تعدّ روسيا وأوكرانيا من بين أكبر مصدّري الحبوب في العالم (أرشيفية - رويترز)

أعلنت الولايات المتحدة، الثلاثاء، أنها حصلت على موافقة مبدئية من روسيا وأوكرانيا على وقف محتمل لإطلاق النار في البحر الأسود، خلال مفاوضات منفصلة مع مسؤولين أميركيين في السعودية.

ورغم أن موسكو وكييف تبادلتا الاتهامات بمحاولة إفشال الاتفاق، فإن التفاصيل العملية لتنفيذه ما زالت غير واضحة.

وفيما يلي ما نعرفه عن الهدنة المقترحة في البحر الأسود:

ما تم الإعلان عنه

أعلن البيت الأبيض، الثلاثاء، أن روسيا وأوكرانيا اتفقتا على «ضمان سلامة الملاحة، والتخلي عن استخدام القوة، ومنع استخدام السفن التجارية لأغراض عسكرية في البحر الأسود». وأكدت أوكرانيا هذا الاتفاق، وقالت إنها تريد الحصول على «تفاصيل» بشأن تنفيذه من الولايات المتحدة. وأكدته روسيا من جانبها، لكنها قالت إنها لن تلتزم به إلا عندما يتم رفع العقوبات التي تستهدف صادراتها الزراعية.

ولم يُعرف بعد موعد دخول هذه الهدنة المقترحة حيز التنفيذ؛ إذ لم تطرح واشنطن تواريخ محددة.

من جانبه، قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إنه يعتقد أن الاتفاق دخل حيز التنفيذ بمجرد أن أعلنته الولايات المتحدة، الثلاثاء. لكن الكرملين أصر على الالتزام المسبق بالشروط التي وضعها.

ما هو الوضع في البحر الأسود؟

حققت أوكرانيا، وهي ليست قوة بحرية، خلافاً لروسيا، نجاحات في البحر على مدى السنوات الثلاث الماضية فألحقت هجماتها بالطائرات المُسيرة والصواريخ خسائر كبيرة بالسفن الحربية الروسية التي أجبرتها على البقاء في شرق البحر الأسود.

في أبريل (نيسان) 2022، أغرقت القوات الأوكرانية الطراد موسكفا، مفخرة الأسطول البحر الأسود الروسي؛ ما شكل نكسة مهينة لموسكو.

بعد تدمير الأسطول الأوكراني بالكامل تقريباً، لم تحدث معارك بحرية حقيقية في البحر الأسود خلال الحرب. لكن أوكرانيا قادرة على مهاجمة السفن والمواني الروسية بالمسيرات البحرية. من جانبها، تقوم روسيا بقصف المواني الأوكرانية من الجو، وخصوصاً ميناء أوديسا.

حذرت أوكرانيا، الثلاثاء، من أنها ستعدّ تحرك السفن الروسية إلى ما هو أبعد من الجزء الشرقي من البحر انتهاكاً للاتفاق.

فشل اتفاقية الحبوب

كانت روسيا وأوكرانيا طرفين في اتفاق استمر من يوليو (تموز) 2022 إلى يوليو 2023 وسمح لأوكرانيا بمواصلة تصدير الحبوب عبر البحر الأسود دون أن تتعرض سفن الشحن التابعة لها لهجمات.

لكن روسيا انسحبت من الاتفاق الذي تم التوصل إليه بوساطة تركيا ورعاية الأمم المتحدة، جراء عدم الامتثال لاتفاقية أخرى تهدف إلى ضمان الصادرات الروسية من الأسمدة والمنتجات الزراعية على الرغم من العقوبات.

ومنذ ذلك الحين، بدأت أوكرانيا بالتصدير عبر طريق الشحن الذي يمتد على طول دول البحر الأسود الأوروبية مثل رومانيا وبلغاريا، وهو طريق أطول، لكنه بعيد عن مرمى السفن الحربية الروسية.

تعدّ روسيا وأوكرانيا من بين أكبر مصدري الحبوب في العالم وهي منتجات ضرورية للكثير من الدول في أفريقيا وآسيا على وجه الخصوص.

ومنذ انتهاء اتفاق الحبوب، هاجمت روسيا على نحو متكرر مرافق ميناء أوديسا وتلك المقامة على نهر الدانوب، وهو طريق آخر لنقل الحبوب الأوكرانية إلى الخارج.

وتأمل أوكرانيا أن تنهي الهدنة هذه الهجمات. وقال المتحدث باسم البحرية الأوكرانية دميترو بلينتشوك هذا الأسبوع: «بالنسبة إلينا، الهدنة في البحر تعني نهاية قصف البنية التحتية للمواني الأوكرانية».

ماذا تريد روسيا؟

من جانبها، تأمل روسيا في تخفيف القيود الغربية المفروضة على بنك «روسلخوزبانك» الزراعي المملوك للدولة وغيره من المؤسسات المالية الروسية المرتبطة بالغذاء والأسمدة.

وأكدت الولايات المتحدة في بيانها أنها ستساعد في «استعادة قدرة روسيا على الوصول إلى السوق العالمية للصادرات الزراعية والأسمدة»، وستعمل على تحسين «الوصول إلى المواني وأنظمة الدفع لهذه المعاملات».

وقال الكرملين أيضاً إنه طالب بإنهاء القيود المفروضة على «معاملات تمويل التجارة» و«الخدمات المرفئية والعقوبات على السفن التي ترفع العلم الروسي والتي تشارك في تجارة المواد الغذائية... والأسمدة».

ولكن على المستوى العسكري، لن تساهم الهدنة في البحر الأسود إلا بشكل طفيف جداً في إنهاء الهجمات العسكرية على نطاق أوسع.

ومن الناحية العسكرية، تبدو مبادرة البحر الأسود «غير ذات معنى» لعدم حدوث أي معارك فيه، مثلما يؤكد المحلل الروسي سيرغي ماركوف.

ومن ثم، يقول ماركوف إن الأمر يتعلق قبل كل شيء بإظهار أن الرئيس الأميركي دونالد ترمب يسجل «نجاحات» في جهوده لإنهاء الحرب، حتى وإن كانت محدودة جداً.


مقالات ذات صلة

أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (يسار) يتحدث مع رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر (وسط) والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (إ.ب.أ)

أوكرانيا تتريّث في الرد على اقتراح واشنطن «المجحف» لاستثمار معادنها

أوكرانيا تتريّث في الرد على اقتراح واشنطن «المجحف» لاستثمار معادنها، وزيلينسكي يقول إن بلاده لن تعترف بالمساعدات العسكرية الأميركية السابقة بصفتها قروضاً.

إيلي يوسف (واشنطن)
أوروبا مبنى سكني تعرض لضربة بطائرة روسية بدون طيار وسط هجوم مستمر على أوكرانيا (رويترز)

روسيا تعلن السيطرة على قريتين في أوكرانيا

أعلنت روسيا، اليوم (السبت)، السيطرة على قريتين في شمال وجنوب أوكرانيا، مواصِلة تقدّمها على الخطوط الأمامية.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا عناصر من الشرطة والمسعفين في بلدة أوسترهوت جنوب هولندا (د.ب.أ)

هولندا: المشتبه به في عملية طعن في أمستردام أوكراني

قالت الشرطة الهولندية إن المشتبه به في هجوم طعن أصيب فيه خمسة أشخاص في وسط أمستردام يوم الخميس أوكراني.

«الشرق الأوسط» (أمستردام )
أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (أ.ف.ب) play-circle 03:44

كييف تتلقى نسخة جديدة لـ«اتفاق المعادن» من واشنطن... وزيلينسكي ينتظر دراسته

أعلن الرئيس الأوكراني، الجمعة، أنه تلقّى من الولايات المتحدة نسخة جديدة من الاتفاق حول المعادن النادرة في أوكرانيا، والتي تريد واشنطن استغلالها.

«الشرق الأوسط» (كييف)

زيلينسكي يتهم بوتين بالسعي إلى إطالة الحرب عبر طرح «إدارة انتقالية» في أوكرانيا

مبنى سكني تعرض لضربة بطائرة روسية من دون طيار وسط هجوم مستمر على أوكرانيا (رويترز)
مبنى سكني تعرض لضربة بطائرة روسية من دون طيار وسط هجوم مستمر على أوكرانيا (رويترز)
TT
20

زيلينسكي يتهم بوتين بالسعي إلى إطالة الحرب عبر طرح «إدارة انتقالية» في أوكرانيا

مبنى سكني تعرض لضربة بطائرة روسية من دون طيار وسط هجوم مستمر على أوكرانيا (رويترز)
مبنى سكني تعرض لضربة بطائرة روسية من دون طيار وسط هجوم مستمر على أوكرانيا (رويترز)

اتهم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الجمعة نظيره الروسي فلاديمير بوتين بالسعي إلى إطالة أمد الحرب في أوكرانيا عبر طرحه فكرة «إدارة انتقالية» لكييف برعاية الأمم المتحدة، فيما تبادلت روسيا وأوكرانيا اتهامات مجدداً باستهداف منشآت للطاقة في كلا الجانبين، في انتهاك لاتفاق هش أعلنته واشنطن هذا الأسبوع ويهدف إلى وقف الضربات على مواقع الطاقة.

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (أ.ف.ب)
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (أ.ف.ب)

واتهمت وزارة الدفاع الروسية، السبت، أوكرانيا بمهاجمة منشآت للطاقة في البلاد خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية، رغم اتفاق وقف تبادل الهجمات على البنية التحتية للطاقة. وقالت الوزارة إن أوكرانيا هاجمت شبكات الكهرباء في منطقة بيلغورود عدة مرات مما أدى إلى حرمان نحو تسعة آلاف من السكان من التيار الكهربائي.

وقال زيلينسكي خلال مؤتمر صحافي في كييف: «كل ما يقوم به (بوتين) يؤخر أي احتمال (...) للتفاوض» بهدف «وضع حد للحرب». وطرح الرئيس الروسي في وقت سابق الجمعة فكرة «إدارة انتقالية» برعاية الأمم المتحدة في أوكرانيا، في اقتراح يتضمّن رحيل فولوديمير زيلينسكي، قبل إجراء مفاوضات بشأن اتفاق سلام بين البلدين.

وقال بوتين خلال زيارة لمدينة مورمانسك في شمال غربي روسيا «يمكننا بالطبع أن نبحث مع الولايات المتحدة وحتى مع الدول الأوروبية، وبالطبع مع شركائنا وأصدقائنا، برعاية الأمم المتحدة، في احتمال تشكيل إدارة انتقالية في أوكرانيا».

خدمات الطوارئ الأوكرانية تقوم بإخماد النيران بعد هجوم روسي في خاركيف (أ.ب)
خدمات الطوارئ الأوكرانية تقوم بإخماد النيران بعد هجوم روسي في خاركيف (أ.ب)

وهذه المرة الأولى التي يعرض فيها بوتين فكرة «إدارة انتقالية» قال إنّها ستقوم بـ«تنظيم انتخابات رئاسية ديمقراطية من شأنها أن توصل إلى السلطة حكومة تحوز ثقة الشعب، ومن ثمّ نبدأ مع هذه السلطات مفاوضات بشأن اتفاق سلام». غير أنّ الأحكام العرفية المطبّقة في أوكرانيا منذ بداية النزاع، تحظر إجراء انتخابات في وقت تتعرّض البلاد لعمليات قصف بشكل يومي.

كما أشار الرئيس الروسي إلى أنّ قواته تحافظ على «المبادرة الاستراتيجية» على خط المواجهة في أوكرانيا. وأعلنت روسيا السبت السيطرة على قريتين في شمال وجنوب أوكرانيا، مواصِلة تقدّمها على الخطوط الأمامية، في ظل تعثّر الجهود الرامية إلى التوصل إلى وقف شامل لإطلاق النار يسعى إليه الرئيس الأميركي دونالد ترمب منذ أسابيع. وذكرت وزارة الدفاع الروسية أن قواتها سيطرت على قرية شتشبراكي في منطقة زابوريجيا (جنوب) وقرية بانتيليمونيفكا في منطقة دونيتسك (شرق).

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يزور صفوف القتال الأمامية في منطقة دونيتسك يوم 22 مارس (إ.ب.أ)
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يزور صفوف القتال الأمامية في منطقة دونيتسك يوم 22 مارس (إ.ب.أ)

أعلنت السلطات الأوكرانية السبت أن ما لا يقل عن أربعة أشخاص قتلوا وأصيب 21 آخرون في هجوم بطائرة مسيرة روسية استهدف مدينة دنيبرو بوسط أوكرانيا.

وأشار الحاكم العسكري لمنطقة دنيبروبتروفسك، سيرهي ليساك، إلى وقوع انفجارات واندلاع عدة حرائق ووقوع أضرار جسيمة في المدينة. ونشر ليساك صور الدمار على قناته في «تلغرام»، وكتب: «لقد كانت ليلة صعبة».

وقالت السلطات الأوكرانية إنه في الحادث الأخير في دنيبرو قامت موسكو بشن 24 هجوماً بطائرات مسيرة، تم إسقاط معظمها. وقال ليساك إن 13 شخصاً احتاجوا للعلاج في المستشفى من إصاباتهم، كما دمرت الحرائق عدة منازل. ولحقت أضرار بأبراج ومبان عامة، كما اندلع حريق في مجمع مطاعم. وأضاف أنه «تم تدمير عشرات السيارات». وتتعرض مدينة دنيبرو الصناعية لغارات جوية روسية على نحو متكرر.

من جانبه، أفاد الرئيس الأوكراني بأنّ روسيا أطلقت أكثر من 170 مسيّرة على أوكرانيا خلال الليل، وضربت أهدافاً في مناطق دنيبروبيتروفسك وكييف وسومي وخاركيف وخميلنيتسكي. وقال زيلينسكي إنّ «روسيا تستخف بجهود حفظ السلام التي يتم العمل عليها عالمياً. إنها تطيل أمد الحرب وتنشر الرعب لأنّها لا تشعر بأي ضغط حقيقي».

ومنذ أسابيع، تتفاوض الولايات المتحدة مع كييف وموسكو بشكل منفصل، في سبيل التوصل إلى إطلاق نار في البحر الأسود ووقف الضربات التي تستهدف البنى التحتية للطاقة في روسيا وأوكرانيا. ورغم أنّ البلدين وافقا على الهدنة من حيث المبدأ، إلا أن تنفيذها لا يزال غير واضح، في وقت تتبادل كييف وموسكو الاتهامات بمحاولة إفشالها.

جندي أوكراني يطلق قذيفة صاروخية خلال تدريبات للواء الميكانيكي الـ24 في مكان غير محدد بشرق أوكرانيا (أ.ف.ب)
جندي أوكراني يطلق قذيفة صاروخية خلال تدريبات للواء الميكانيكي الـ24 في مكان غير محدد بشرق أوكرانيا (أ.ف.ب)

وفي سياق متصل، دعا المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة الجمعة إلى إنهاء «المعاناة المروعة» التي تتسبب بها الهجمات على المدنيين في أوكرانيا. وقال فولكر تورك لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة: «شهدت الأسابيع الأخيرة نشاطاً مكثفاً حول إمكانية التوصل لوقف لإطلاق النار في أوكرانيا، وهو أمر سيكون موضع ترحيب كبير».

أضاف أن «وقف إطلاق النار المحدود الذي يحمي ممرات الشحن والبنى التحتية خطوة مرحب بها إلى الأمام. الأمر الأكثر إلحاحاً الآن هو إنهاء المعاناة المروعة التي تتعرض لها أوكرانيا يومياً». وقال تورك: «ومع ذلك، وبالتوازي مع هذه المحادثات، يشتد القتال في أوكرانيا ويقتل ويصيب المزيد من المدنيين».

وارتفعت أعداد الضحايا في الأشهر الثلاثة الأولى من هذا العام بنسبة 30 في المائة مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. وأضاف: «بينما تستمر الحرب في الاشتعال، أدعو مجدداً إلى وقف الهجمات على المدنيين واستخدام الأسلحة المتفجرة في المناطق المأهولة بالسكان. يجب اتخاذ جميع الاحتياطات اللازمة لتجنب إلحاق الأذى بالمدنيين». وأشار تورك كما نقلت عنه «الوكالة الألمانية» إلى أن الغالبية العظمى من الضحايا المدنيين هم من الأوكرانيين الذين قُتلوا وجُرحوا على يد القوات الروسية.

وقال: «أشعر بالقلق إزاء تزايد استخدام الطائرات المسيرة القتالية قصيرة المدى من قبل طرفي النزاع. هذه الأجهزة الجديدة قتلت وأصابت مدنيين بما يفوق أي سلاح آخر منذ ديسمبر (كانون الأول)».

وشدد على أن «السلام (...) هو الآن أكثر إلحاحاً من أي وقت مضى»، مضيفاً: «هذا يعني عودة جميع أسرى الحرب والإفراج عن المدنيين المعتقلين تعسفياً (...) بمن فيهم أولئك المعارضون للحرب في روسيا (...) وعودة الأطفال الذين نقلهم الاتحاد الروسي». وأكد تورك أن الشعب الأوكراني بحاجة إلى أن يكون «في صميم جميع النقاشات حول السلام».