بعد احتلاله لشهور... الشرطة تجلي مئات المهاجرين من مسرح باريسي

تواجه الشرطة الفرنسية تجمعاً لدعم قاصرين غير مصحوبين بذويهم أثناء إجلائهم من مركز غيتيه ليريك الثقافي في باريس (إ.ب.أ)
تواجه الشرطة الفرنسية تجمعاً لدعم قاصرين غير مصحوبين بذويهم أثناء إجلائهم من مركز غيتيه ليريك الثقافي في باريس (إ.ب.أ)
TT
20

بعد احتلاله لشهور... الشرطة تجلي مئات المهاجرين من مسرح باريسي

تواجه الشرطة الفرنسية تجمعاً لدعم قاصرين غير مصحوبين بذويهم أثناء إجلائهم من مركز غيتيه ليريك الثقافي في باريس (إ.ب.أ)
تواجه الشرطة الفرنسية تجمعاً لدعم قاصرين غير مصحوبين بذويهم أثناء إجلائهم من مركز غيتيه ليريك الثقافي في باريس (إ.ب.أ)

أجلت الشرطة الفرنسية، الثلاثاء، أكثر من 400 مهاجر كانوا يحتلون مسرح غيتيه ليريك في وسط باريس منذ أكثر من 3 أشهر.

وأطلقت الشرطة الفرنسية عمليتها قبيل الساعة السادسة صباحاً (05:00 بتوقيت غرينيتش) في المسرح الذي شهد تجمع المئات من المتظاهرين للاحتجاج على الإخلاء.

مهاجرون يجلسون على الأرض بينما تقوم الشرطة بإخلاء المهاجرين من مسرح غيتيه ليريك (رويترز)
مهاجرون يجلسون على الأرض بينما تقوم الشرطة بإخلاء المهاجرين من مسرح غيتيه ليريك (رويترز)

واستولت مجموعة من المهاجرين المشردين في 10 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، على مسرح غيتيه ليريك، وهو ما أثار كثيراً من الأسئلة حول إدارة الأزمات الاجتماعية في فرنسا.

أمر قاضٍ بإجلاء المهاجرين من موقع مسرح غيتيه ليريك المملوك لمدينة باريس في غضون شهر (إ.ب.أ)
أمر قاضٍ بإجلاء المهاجرين من موقع مسرح غيتيه ليريك المملوك لمدينة باريس في غضون شهر (إ.ب.أ)

وبدأ احتلال المهاجرين للمسرح بعد أن استضاف مؤتمراً تحت عنوان: «إعادة الترحيب باللاجئين في فرنسا»، حيث توافد نحو 250 مهاجراً لحضور الحدث، ليقرروا البقاء بعد انتهائه بسبب حاجتهم إلى مأوى مع حلول فصل الشتاء.

اشتباكات مع ضباط شرطة مكافحة الشغب بعد أمر بإخلاء مسرح غيتيه ليريك الباريسي بعدما احتله 450 شاباً مهاجراً لمدة 3 أشهر (أ.ف.ب)
اشتباكات مع ضباط شرطة مكافحة الشغب بعد أمر بإخلاء مسرح غيتيه ليريك الباريسي بعدما احتله 450 شاباً مهاجراً لمدة 3 أشهر (أ.ف.ب)

وعلى الرغم من أن المسرح كان يشهد حدثاً ثقافياً، فإن المفارقة تكمن في أن المهاجرين الأفارقة الذين حضروا الحدث رفضوا مغادرة المكان، بل انضم إليهم لاحقاً نحو 50 مهاجراً آخرين، ليزيد عدد المهاجرين بشكل تدريجي.

ومع مرور الوقت، أُجبرت إدارة المسرح على إلغاء جميع العروض الفنية.

وكُتب على لافتة كبيرة على المسرح: «حياة 400 (شخص) معرضة للخطر، و80 وظيفة مهددة».

وردد المتظاهرون هتاف «عار، عار، عار على السلطات التي تحارب قُصر دون ذويهم» في تضامن مع المهاجرين، وحثوا السلطات المحلية على توفير سكن دائم لهم بدلاً من إجبارهم على الرحيل.

واستخدمت الشرطة الغاز المسيل للدموع لفترة وجيزة في بداية عملية الإجلاء التي تمت دون أي حوادث تُذكر.

وأفاد قائد شرطة باريس لوران نونيز لقناة «بي إف إم» التلفزيونية بأن الشرطة اعتقلت 46 شخصاً، وأن 9 أشخاص أُصيبوا بجروح طفيفة.

وقال ديالو أيميدو (16 عاماً) الذي وصل إلى فرنسا في أكتوبر (تشرين الأول) 2024: «ليس لدينا مكان نذهب إليه، كنا بحاجة إلى مأوى في ليالي الشتاء الباردة. وبالتالي لم يكن أمامنا خيار سوى الإقامة في غيتيه ليريك».

وذكرت آن إيدالجو رئيسة بلدية باريس لإذاعة «فرنس إنتر»، الثلاثاء، أنه كان من الضروري إتمام عملية الإجلاء، وأن السلطات وفرت مساكن طارئة للمهاجرين.


مقالات ذات صلة

ليبيا: حبس 4 متهمين بقتل 10 مهاجرين والاتجار بالبشر

شمال افريقيا عدد من المهاجرين «المحررين» في شرق ليبيا (جهاز البحث الجنائي)

ليبيا: حبس 4 متهمين بقتل 10 مهاجرين والاتجار بالبشر

قالت النيابة الليبية إن شبكة التهريب أخضعت المهاجرين لمعاملة قاسية لإجبار ذويهم على دفع مبالغ مالية تحت وطأة مشاهدة التسجيلات المرئية التي توثِّق مشاهد تعذيبهم.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الولايات المتحدة​ فنزويليون عادوا إلى بلادهم من المكسيك حيث كانوا يحاولون دخول الولايات المتحدة (أ.ف.ب)

أميركا تستعد لترحيل أكثر من 500 ألف مهاجر

أعلنت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، مساء الجمعة، أنها بصدد إنهاء الوضع القانوني لنحو 532 ألف كوبي وهايتي ونيكاراغوي وفنزويلي قدموا إلى الولايات المتحدة

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ فنزويليون عادوا إلى بلادهم من المكسيك حيث كانوا يحاولون دخول الولايات المتحدة (أ.ف.ب)

الولايات المتحدة تنهي الوضع القانوني لـ500 ألف مهاجر

أعلنت الولايات المتحدة أنها بصدد إنهاء الوضع القانوني لمئات الآلاف من المهاجرين، مؤكدةً منحهم مهلة أسابيع لمغادرة البلاد.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أميركا اللاتينية مهاجرون فنزويليون وصلوا من المكسيك ينزلون من الطائرة في مطار سيمون بوليفار الدولي في مايكيتيا بفنزويلا يوم الخميس 20 مارس 2025 بعد أن تخلوا عن آمالهم في الوصول إلى الولايات المتحدة بسبب حملة الرئيس ترمب على الهجرة (أ.ب)

فنزويلا تستعيد مئات المهاجرين آتين بالطائرة من المكسيك (صور)

وصل أكثر من 300 مهاجر فنزويلي إلى كاراكاس آتين من المكسيك الخميس في طائرة استأجرتها السلطات الفنزويلية.

«الشرق الأوسط» (كاراكاس)
شمال افريقيا مسلح على رأس مهاجرين غير نظاميين بعد القبض عليهم بغرب ليبيا (المنطقة العسكرية الوسطى)

توقيف «عشرات» المهاجرين الأفارقة غرب ليبيا

أعلن جهاز مكافحة الهجرة غير المشروعة في ليبيا ترحيل أكثر من 200 مهاجر إلى بلدانهم، بالتعاون مع المنظمة الدولية للهجرة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

«حلفاء أوكرانيا» يبحثون في باريس ضمانات أمنية دعماً لكييف

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر في باريس يوم 17 فبراير 2025 (رويترز)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر في باريس يوم 17 فبراير 2025 (رويترز)
TT
20

«حلفاء أوكرانيا» يبحثون في باريس ضمانات أمنية دعماً لكييف

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر في باريس يوم 17 فبراير 2025 (رويترز)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر في باريس يوم 17 فبراير 2025 (رويترز)

يشارك 31 رئيس دولة وحكومة في «قمة السلام والأمن لأوكرانيا»، التي تستضيفها باريس الخميس، بدعوة من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، بالتفاهم والتضامن والتنسيق مع رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر. فالثنائي الفرنسي - البريطاني يعمل يداً بيد في الأشهر الأخيرة ومنذ بدأت تظهر ملامح سياسة الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، إزاء الحرب الروسية - الأوكرانية.

وقبل قمة الخميس، استضافت كل من العاصمتين اجتماعاً بالصيغة نفسها، كما استضافتا اجتماعين عسكريين للاتفاق على التدابير «العملية» الضرورية لدعم أوكرانيا لتمكينها من أن تكون في موقع قوي خلال المفاوضات الجارية برعاية أميركية، من جهة؛ ومن جهة ثانية، بالنظر إلى أنها خط الدفاع الأول في وجه أي أطماع روسية مستقبلية...

تحالف واسع

وتندرج القمة في إطار ما يسمى «تحالف الراغبين» في دعم أوكرانيا. والملاحظ أن دائرة المشاركين لم تعد محصورة في الدول الأوروبية الأطلسية، بل امتدت لتشمل أستراليا ونيوزيلندا وتركيا. وفيما تحضر كندا، فإن الولايات المتحدة تُعَدّ الغائب الأكبر. بيد أن مصادر قصر «الإليزيه»، في معرض تقديمها القمة، تؤكد أن باريس ولندن تُطلعان واشنطن بالتفصيل على مجريات تقدم المحادثات بين دول التحالف.

وما تسعى إليه العاصمتان هو الإسراع في التفاهم على التدابير العملية التي ترغب كل دولة من الدول المشاركة في تقديمها، ووفق إمكاناتها. ومن المنتظر أن تركز القمة على 4 مسائل رئيسية؛ أولاها تحديد أنواع وأشكال الدعم «الفوري» الذي تحتاج إليه أوكرانيا في المرحلة الحالية من الحرب المستمرة مع روسيا، ومعرفة مساهمة كل طرف «بانسجام تام مع الآخرين». وكان مرتقباً وصول الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إلى باريس، مساء الأربعاء، للتحضير للقمة مع الرئيس إيمانويل ماكرون.

صورة جماعية لحلفاء أوكرانيا بعد اجتماعهم في لندن يوم 2 مارس 2025 (رويترز)
صورة جماعية لحلفاء أوكرانيا بعد اجتماعهم في لندن يوم 2 مارس 2025 (رويترز)

وتتمثل المسألة الثانية في وقف إطلاق النار الذي يريده التحالف «وقفاً كاملاً» من روسيا، على غرار ما التزمت به أوكرانيا. وعدّ «الإليزيه» أن «الكرة في الملعب الروسي»، وأن ثمة حاجة لاتفاق معروفة تفاصيله والشروط التي سيجري بموجبها العمل به، فضلاً عن آليات التحقق من تنفيذه ميدانياً، وتعيين الجهة التي قد تنتهكه، والتدابير الواجب اتخاذها في حال وقوع ذلك.

أما المسألة الثالثة، فتريد عبرها دول التحالف التفاهم على طبيعة ونوعية المساعدة الجماعية وطويلة الأمد لأوكرانيا. لذا؛ فإن هذه المسألة تحديداً تبدو أساسية؛ نظراً إلى الشكوك الكثيرة إزاء النيات الروسية المستقبلية، والتخوف مما تريده موسكو لاحقاً. ويعدّ التحالف، وفق مصادر «الإليزيه»، أن الجيش الأوكراني هو «خطّ الدفاع الأول في أوكرانيا، ولكن أيضاً عن أوروبا».

ولذا؛ فإن التوجه اليوم يقوم على اعتبار أن أفضل ضمان للأمن يمر عبر توفير الوسائل كافة للجيش الأوكراني «لتجنب مزيد من العدوان الروسي». وعليه؛ يريد «التحالف» مناقشة ملف حجم الجيش الأوكراني المستقبلي وهيكلته وكيفية استخدامه.

الضمانات الأميركية الغائبة

تبقى المسألة الرابعة هي الأكبر صعوبة؛ لأنها تتناول الضمانات التي تحتاجها أوكرانيا لأي اتفاق سلام مع روسيا. ويريد التحالف تشكيل قوة مشتركة تكون قوامها باريس ولندن، وبمساهمة كثير من الدول الأوروبية، لضمان أمن أوكرانيا المستقبلي ولمنع روسيا من معاودة مغامراتها في أوكرانيا. ووفق «الإليزيه»، فإن هناك «حاجة لتشكيل القوة العسكرية الضامنة، وتحديد شروطها وأحكامها ومهامها»، كما أن ثمة حاجة إلى أن «تُبنى بشكل متماسك». وتفضي هذه الإشكالية إلى موضوع «الأمن الأوروبي» بالمعنى الواسع. ودأب ماكرون على تأكيد أن «أمن أوكرانيا من أمن أوروبا، وأن ما يجري العمل به لمصلحة أمن أوكرانيا إنما هو أيضاً لمصلحة أوروبا».

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي متحدّثاً في كييف مساء الاثنين (أ.ف.ب)
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي متحدّثاً في كييف مساء الاثنين (أ.ف.ب)

ومن المتوقّع أن يناقش المجتمعون في باريس التدابير التي تحتاج إليها أوروبا مستقبلاً لضمان أمنها؛ مما يفتح الباب أمام الاستثمارات الأوروبية في الصناعات الدفاعية، والعلاقة بين ضفتَي المحيط الأطلسي، وحتى مصير «حلف شمال الأطلسي (ناتو)». وحقيقة الأمر أن ملف الضمانات الأمنية يبدو الأكبر صعوبة، وذلك لأسباب ثلاثة رئيسية؛ أولها: الغموض الذي ما زال يلف طبيعة هذه القوة المرتقب تشكيلها لتكون مهمتها ضمان أي اتفاق سلام يجري التوصل إليه بين روسيا وأوكرانيا؛ فلا عديدها معروف، ولا الدول المساهمة فيها محددة، ولا المهمة المنوطة بها واضحة، ولا زمنيتها.

ورغم أن الفكرة العامة عنوانها «طمأنة» كييف عبر نشر قوة أوروبية، فإن الصعوبة تكمن في «ترجمة» التوجه العام إلى عمل منظم. وثمّة عائق أساسي عنوانه رفض موسكو نشر أي قوة ينتمي أفرادها إلى «حلف شمال الأطلسي (ناتو)». والحال أن الأغلبية الساحقة من الدول الأوروبية أعضاء في النادي العسكري الغربي.

الرئيس الأميركي دونالد ترمب مستقبلاً نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في البيت الأبيض يوم 28 فبراير 2025 (د.ب.أ)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب مستقبلاً نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في البيت الأبيض يوم 28 فبراير 2025 (د.ب.أ)

ولم يُعرف بعد ما إذا كان موقف روسيا سببه الرغبة في الحصول على تنازلات مقابل السير بقوة أوروبية أو مطعّمة، أم إنه موقف قاطع ونهائي. ثم إن أكثرية الدول الأوربية لا تخفي ربط مشاركتها في القوة الموعودة بوجود «شبكة أمان» أميركية تضمن عدم تعرض القوة لاستهدافات روسية، والالتزام بالتحرك في حال وقوع ذلك. بيد أن واشنطن رفضت حتى اليوم تقديم أي التزام بهذا المعنى؛ مما يعني أن الأمور معلقة. فمن جهة؛ ما زال التقدم الذي تحقق جزئياً وهشاً ومشروطاً، ولا هدنة حتى اليوم ولا اتفاق سلام. ومن جهة ثانية؛ يرفض الجانب الأميركي تقديم تعهد بالتدخل الذي سيجعله في مواجهة مع القوات الروسية، وهو ما ترفضه واشنطن قطعياً.

يبقى أن باريس ولندن متحمستان. إلا إنهما تشكوان من استبعاد الأوروبيين عن المحادثات؛ مما يجعل حراكهما مرهوناً بما يحدث بعيداً عنهما.