زيلينسكي وستارمر يوقعان في كييف شراكة تاريخية لـ«مائة عام»

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر يوقعان اتفاقاً تاريخياً (أ.ب)
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر يوقعان اتفاقاً تاريخياً (أ.ب)
TT

زيلينسكي وستارمر يوقعان في كييف شراكة تاريخية لـ«مائة عام»

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر يوقعان اتفاقاً تاريخياً (أ.ب)
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر يوقعان اتفاقاً تاريخياً (أ.ب)

وقّع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، الذي تعدّ بلاده من أبرز داعمي أوكرانيا في حربها ضد روسيا، اتفاقاً «تاريخياً»، اليوم الخميس، ينص على شراكة لـ«مائة عام» بين كييف ولندن، وفق ما أفاد به مراسلو «وكالة الصحافة الفرنسية».

وقال ستارمر للصحافيين بعد التوقيع في كييف: «وقعنا معاً اتفاقاً تاريخياً هو الأول من نوعه، وهو شراكة جديدة بين المملكة المتحدة وأوكرانيا تعكس المودة الهائلة بين بلدينا».

كان ستارمر وصل إلى أوكرانيا في وقت سابق من اليوم لإجراء محادثات أمنية مع زيلينسكي، قبل أيام من تولي الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب منصبه.

وأعلنت الحكومة البريطانية أن ستارمر وزيلينسكي سيوقعان معاهدة «شراكة لمدة 100 عام» في كييف، تشمل مجالات مثل الدفاع والعلوم والطاقة والتجارة.

ودوت أصوات انفجارات في العاصمة الأوكرانية كييف اليوم مع انطلاق صفارات الإنذار بسبب هجوم جوي، وسط زيارة ستارمر.

وقال رئيس بلدية المدينة على منصة «تلغرام» إنه جرى تفعيل الدفاعات الجوية. وحذرت القوات الجوية الأوكرانية من هجوم بطائرات مسيرة.

وتعدّ زيارة ستارمر غير المعلنة أول رحلة له إلى أوكرانيا منذ توليه منصبه في يوليو (تموز) الماضي. وكان قد زار البلاد في عام 2023 عندما كان زعيم المعارضة، وعقد جولتَي محادثات مع زيلينسكي بمقر رئاسة الوزراء البريطانية في «10 داونينغ ستريت» منذ أن أصبح رئيساً للوزراء.

وتعدّ المملكة المتحدة من أكبر داعمي أوكرانيا العسكريين، فقد تعهدت بتقديم 12.8 مليار جنيه إسترليني (16 مليار دولار) مساعدات عسكرية ومدنية منذ بدء الحرب الروسية الشاملة قبل نحو 3 سنوات، كما دربت أكثر من 50 ألف جندي أوكراني على أراضيها.

ومن المقرر أن يعلن ستارمر عن تقديم 40 مليون جنيه إسترليني إضافية (49 مليون دولار) لدعم تعافي الاقتصاد الأوكراني بعد الحرب.

مسؤولون يستقبلون رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر لدى وصوله إلى محطة قطار كييف (رويترز)

ولكن دور المملكة المتحدة يتضاءل مقارنة بدور الولايات المتحدة، وهناك حالة من عدم اليقين العميق بشأن مصير الدعم الأميركي لأوكرانيا بمجرد تولي ترمب منصب الرئاسة في 20 يناير (كانون الثاني) الحالي.

فقد أعرب الرئيس المنتخب عن تحفظه على تكلفة المساعدات الأميركية لكييف، وقال إنه يريد إنهاء الحرب بسرعة، ويخطط للقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي أبدى إعجابه به منذ مدة طويلة.

وسارع حلفاء كييف إلى تقديم أكبر قدر ممكن من الدعم لأوكرانيا قبل تنصيب ترمب، بهدف وضع أوكرانيا في أقوى موقف ممكن لأي مفاوضات مستقبلية لإنهاء الحرب.

وأشار زيلينسكي إلى أنه في أي مفاوضات سلام، ستحتاج أوكرانيا إلى ضمانات بشأن حمايتها المستقبلية من جارتها الأكبر حجماً.

تأتي زيارة ستارمر بعد يومين من زيارة وزير الدفاع الألماني، بوريس بيستوريوس، إلى البلاد، حيث يدرس الزعماء الأوروبيون الضمانات الأمنية التي يمكنهم تقديمها بوصفها جزءاً من أي اتفاق سلام قد يدفع به ترمب.

رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر يصل إلى محطة قطار كييف (رويترز)

وقال ستارمر، في بيان، إن «طموح (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين لانتزاع أوكرانيا من أقرب شركائها كان فشلاً استراتيجياً هائلاً... بدلاً من ذلك، نحن أقرب من أي وقت مضى، وهذه الشراكة ستنقل هذه الصداقة إلى المستوى التالي».

وتشمل الشراكة التي توفر 40 مليون جنيه إسترليني للتعافي الاقتصادي في أوكرانيا، دعماً إضافياً فيما يتعلق بالتحقق من توفر الحبوب وبالتجارة مع قطاع التكنولوجيا المزدهر في أوكرانيا، الذي أنتج معدات جاهزة للمعركة.


مقالات ذات صلة

روبيو... صقر جمهوري لمنصب وزير الخارجية

الولايات المتحدة​ ترمب وروبين في حدث انتخابي في كارولاينا الشمالية 4 نوفمبر 2024 (رويترز)

روبيو... صقر جمهوري لمنصب وزير الخارجية

حرص ماركو روبيو، الذي اختاره دونالد ترمب لوزارة الخارجية في إدارته الجديدة، أمام مجلس الشيوخ، الأربعاء، على مهاجمة الصين.

رنا أبتر (واشنطن)
الخليج الوساطة الإماراتية نجحت حتى الآن في إتمام 11 عملية تبادل أسرى حرب بين روسيا وأوكرانيا (الشرق الأوسط)

وساطة إماراتية جديدة بين روسيا وأوكرانيا تنجح في إطلاق 50 أسيراً

قالت الإمارات إنها نجحت في جهود وساطة بين روسيا وأوكرانيا في إنجاز عملية تبادل أسرى حرب جديدة شملت 50 أسيراً من الجانبين الأوكراني والروسي.

«الشرق الأوسط» (أبوظبي)
أوروبا انفجار طائرة مسيّرة في سماء العاصمة الأوكرانية كييف أثناء غارة روسية، وسط هجوم روسيا على أوكرانيا، 14 يناير 2025 (رويترز)

مستشار بوتين: أوكرانيا ومولدوفا قد تفقدان استقلالهما

قال مستشار للرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن أوكرانيا ومولدوفا يمكن أن تفقدا وضعهما كدولتين مستقلتين، وذلك في مقابلة مع صحيفة «كومسومولسكايا برافدا» الروسية.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
العالم فلسطيني يحمل جسداً ملفوفاً لضحية من ضحايا الغارات الإسرائيلية على غزة (أ.ف.ب)

أكثر من نصفهم في غزة... عدد قياسي لضحايا الأسلحة المتفجرة في 2024

خلُص تقرير جديد إلى أن عدد ضحايا الأسلحة المتفجرة من المدنيين وصل إلى أعلى مستوياته عالمياً منذ أكثر من عقد من الزمان.

«الشرق الأوسط» (لندن)
أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يلتقي وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس في كييف (د.ب.أ)

زيلينسكي يناقش مع وزير الدفاع الألماني بناء درع شاملة للدفاع الجوي

كشف الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أنه ناقش مع وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس بناء درع شاملة للدفاع الجوي، وتعزيز القدرات الدفاعية الأوكرانية.

«الشرق الأوسط» (كييف)

رئيس الحكومة الفرنسية نجا من السقوط في أول اختبار له بالبرلمان

رئيس الحكومة الفرنسية فرنسوا بايرو على مقاعد البرلمان (يمين) مستمعاً لكلمات النواب الخميس قبل التصويت على سحب الثقة من حكومته (أ.ف.ب)
رئيس الحكومة الفرنسية فرنسوا بايرو على مقاعد البرلمان (يمين) مستمعاً لكلمات النواب الخميس قبل التصويت على سحب الثقة من حكومته (أ.ف.ب)
TT

رئيس الحكومة الفرنسية نجا من السقوط في أول اختبار له بالبرلمان

رئيس الحكومة الفرنسية فرنسوا بايرو على مقاعد البرلمان (يمين) مستمعاً لكلمات النواب الخميس قبل التصويت على سحب الثقة من حكومته (أ.ف.ب)
رئيس الحكومة الفرنسية فرنسوا بايرو على مقاعد البرلمان (يمين) مستمعاً لكلمات النواب الخميس قبل التصويت على سحب الثقة من حكومته (أ.ف.ب)

يدين فرنسوا بايرو، رئيس الحكومة الفرنسية، لبقائه في منصبه في السلطة للحزب «الاشتراكي»، الذي أنقذه بعد ظهر الخميس من موت محتم لو صوّت إلى جانب حجب الثقة منه، وهو المقترح الذي تقدّمت به مجموعة من نواب حزب «فرنسا الأبية»، ودعمه الحزبان «الشيوعي» و«الخضر». وحتى اليوم، لم يمضِ شهر على تشكيل حكومة بايرو.

إلا أنه، يوماً بعد يوم، تظهر هشاشتها، كونها لا تتمتع بالأكثرية المُطلقة في البرلمان، وطوق نجاتها الوحيد ألا تتفق «الجبهة الشعبية الجديدة»، التي تضم، نظرياً، الأحزاب الثلاثة المذكورة، إضافة إلى حزب «فرنسا الأبية» مع نواب «التجمع الوطني»، الذي تتزعمه مارين لوبن.

الرئيس إيمانويل ماكرون متحدثاً في إطار الاجتماع السنوي لسفراء فرنسا عبر العالم بقصر الإليزيه (رويترز)

وإذا حصل أمر مثل هذا، فإن بايرو سيسقط وسيكون سقوطه مدوياً. وسبق للطرفين أن توافقا في التصويت ضد ميشال بارنييه، سلف بايرو في الحكومة، ما فرضَ عليه الخروج من قصر ماتينيون، مقر رئاسة الحكومة، بعد أقل من 3 أشهر على دخوله إليه.

بيد أن وضع الحكومة الراهنة مختلف، والسبب في ذلك الخلاف الذي حصل داخل جبة اليسار. فالحزب «الاشتراكي» الذي عقدت قيادته ونوابه في البرلمان اجتماعات متلاحقة في الساعات الـ48 الماضية، رفض الانضمام إلى شركائه الثلاثة في «الجبهة الشعبية الجديدة» بالتصويت لإسقاط الحكومة، وحجته في ذلك أنه حصل على «تنازلات» من بايرو تستجيب جزئياً لمطالبه، ولكن من غير الحصول على مطلبه الأساسي الخاص بتعليق العمل بقانون التقاعد الذي أقر في عام 2023، والذي يرفضه أيضاً «التجمع الوطني» ونوابه الـ125.

الرئيس الفرنسي «في الوسط» مترئساً أول اجتماع للحكومة الجديدة يوم 3 يناير في قصر الإليزيه (أ.ب)

وبدلاً من ذلك، فقد وجّه بايرو الخميس لرئيس مجموعة النواب في البرلمان ونظيره في مجلس الشيوخ رسالة خطية ضمنها التزامه سحب مشروع إلغاء 4 آلاف وظيفة في وزارة التربية والتعليم، وإيجاد 2000 موقع إضافي لمواكبة الطلاب ذوي الحالات الخاصة، فضلاً عن السير بمشروع رفع نسبة الضرائب على ذوي الدخل المرتفع.

وبالنسبة لقانون التقاعد، فإن بايرو وجد مخرجاً للأزمة عن طريق إحالة الملف إلى التفاوض بين أرباب العمل والنقابات العمالية، مع الالتزام بطرح ما قد يخرج من حوارهم من مشروعات على البرلمان.

وبنظر الغالبية الاشتراكية، فإن ما حصلت عليه يعد «تنازلات حقيقية» من بايرو، في حين تهكم جان لوك ميلونشون، زعيم حزب «فرنسا الأبية» على الاشتراكيين؛ لأنهم باعوا أنفسهم بـ«أبخس الأثمان».

أوليفيه فور(ا.ف.ب)

وفي الكلمة التي ألقاها بمناسبة جلسة البرلمان، أعلن أوليفيه فور، أمين عام الحزب «الاشتراكي» رسمياً أن نواب حزبه لن يصوتوا لصالح حجب الثقة «ليوفروا للمفاوضات الفرصة للتوصل إلى نتيجة». وقرار الاشتراكيين يعطي بايرو متنفساً حتى الأزمة المقبلة التي قد تحل في أي وقت، وعند طرح أي مشروع قانون في البرلمان.

وحرص فور على إبقاء كل الخيارات مفتوحة أمام حزبه، إذ أعلن أن «حجب الثقة يمكن أن يأتي في أي لحظة».

تجدر الإشارة إلى أن طرح الثقة ببايرو وحكومته جاء بعد يومين فقط من مثوله لأول مرة أمام البرلمان لعرض خطته الحكومية. ولا شك في أنه سيعود إلى الواجهة عند بدء البحث بمشروع ميزانية عام 2025، التي لم تقر بعد، بخلاف ما هو مطلوب قانوناً.

حقيقة الأمر أن بايرو واقع بين سندان اليسار ومطرقة اليمين، وأي خطوة يقوم بها لهذا الطرف تُثير الطرف الآخر. وفي ملف التقاعد، كان بايرو يرغب في التجاوب مع الاشتراكيين، إلا أنه تلقّى تحذيراً حازماً من الجناح اليميني لحكومته، الممثل بنواب حزب «اليمين الجمهوري» الذي يتمتع بـ47 نائباً، وهو الحزب الوحيد المتحالف مع أحزاب «الكتلة الوسطية» المشكلة من 3 أحزاب داعمة للرئيس ماكرون.

وعمد لوران فوكييز، رئيس الحزب إلى التنبيه من أن حزبه «لن يتهاون» إزاء تقديم تنازلات لليسار، أو المس بقانون التقاعد. من هنا، فإن بايرو، رئيس «الحركة الديمقراطية» الوسطية، والحليف التاريخي لماكرون، كمن يسير على حبل مشدود، ويمكن أن يقع في هذا الجانب أو ذاك في أي لحظة.

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس حكومته فرنسوا بايرو (رويترز)

من هنا، فإن الانقسام الذي أصاب جبهة اليسار يعد خبراً جيداً لرئيسي الجمهورية والحكومة اللذين راهنا، منذ زمن طويل، على حصوله. وكذلك، فإن الصعوبات القضائية التي تعاني منها مارين لوبن، واحتمال إدانتها في المحاكم، ومنعها من ممارسة حقوقها المدنية، ومنها حق الانتخاب، والترشح بسبب ما عدّته محكمة فرنسية احتيالاً واستخدام أموال الاتحاد الأوروبي لأغراض حزبية، وليس لتسيير عمل نواب حزبها في البرلمان الأوروبي، يمنع اليمين المتطرف من السعي اليوم لإسقاط الحكومة. وفي أي حال، فإن أمراً مثل هذا إذا حصل قبل الصيف المقبل، فسيكون بمثابة أزمة حكم، ولن يبقى أزمة حكومية.

الصعوبات القضائية لزعيمة حزب «التجمع» الوطني اليميني المتطرف مارين لوبن تكبّل قدرتها عن المناورة (إ.ب.آ)

وتجدر الإشارة إلى أن الرئيس ماكرون، الذي دفع البلاد إلى أزمات سياسية متلاحقة، بسبب قراره حل البرلمان في الربيع الماضي، وإجراء انتخابات مسبقة، لم يكن بمستطاعه حله مرة أخرى قبل مرور عام كامل على الإجراء الأول، وذلك حسب النصوص الدستورية. من هنا، جاء رهانه على بقاء بايرو، السياسي المخضرم، على رأس الحكومة أقله حتى الصيف المقبل. وفي هذه الحال، فإن ماكرون الذي ينأى بنفسه شيئاً فشيئاً عن الأمور السياسية الداخلية، مهتماً بالدرجة الأولى بأزمات العالم «من أوكرانيا إلى الشرق الأوسط...»، وتاركاً المجال حرّاً لبايرو لإدارة شؤون الداخل، سيتمكن من استعادة المبادرة عندما يستعيد حق حل البرلمان مجدداً. وحتى ذلك التاريخ، فإن بايرو سيكون رهينة لأهواء معارضيه يميناً ويساراً.