الاتحاد الأوروبي يعتزم فرض عقوبات تستهدف «أسطول الظل» الروسي

صورة أصدرها حرس الحدود الفنلندي أمس تُظهر سفينة تابعة له خلال مهمة حراسة ناقلة نفط في البحر (أ.ف.ب)
صورة أصدرها حرس الحدود الفنلندي أمس تُظهر سفينة تابعة له خلال مهمة حراسة ناقلة نفط في البحر (أ.ف.ب)
TT

الاتحاد الأوروبي يعتزم فرض عقوبات تستهدف «أسطول الظل» الروسي

صورة أصدرها حرس الحدود الفنلندي أمس تُظهر سفينة تابعة له خلال مهمة حراسة ناقلة نفط في البحر (أ.ف.ب)
صورة أصدرها حرس الحدود الفنلندي أمس تُظهر سفينة تابعة له خلال مهمة حراسة ناقلة نفط في البحر (أ.ف.ب)

توعد الاتحاد الأوروبي، اليوم (الخميس)، بفرض مزيد من العقوبات على السفن الروسية بعد أن أعلنت السلطات الفنلندية فتح تحقيق يتعلق بـ«تخريب» ناقلة نفط أبحرت من ميناء روسي كابلاً كهربائياً يصل بين فنلندا وإستونيا، حسبما أفادت وكالة الصحافة الفرنسية.

وفي يوم عيد الميلاد، انفصل كابل «استلينك 2» البحري الذي ينقل الكهرباء من فنلندا إلى إستونيا عن الشبكة، بعد نحو شهر من قطع كابلين للاتصالات في المياه الإقليمية السويدية في بحر البلطيق.

وأثنت كايا كالاس، مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، على التحرك السريع لفنلندا «في الصعود على متن السفينة المشتبه بها»، مشيرةً إلى أن التكتل «يعمل مع السلطات الفنلندية بشأن التحقيق الجاري».

كايا كالاس مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي خلال اجتماع في بروكسل (أ.ف.ب)

وأضافت كالاس في بيان مشترك: «نُدين بشدة أي تدمير متعمَّد للبنية التحتية الحيوية في أوروبا. السفينة المشتبه بها جزء من أسطول الظل الروسي الذي يهدد الأمن والبيئة فيما يموّل ميزانية الحرب الروسية».

وتابع البيان: «سنقترح مزيداً من الإجراءات بما في ذلك العقوبات لاستهداف هذا الأسطول».

و«أسطول الظل» هي التسمية التي تطلق على السفن التي تتحايل على العقوبات المفروضة على موسكو بنقل النفط الروسي الخام المحظور بيعه.

سفينة الشحن الروسية «أورسا ميجور» تعبر مضيق البوسفور في إسطنبول بتركيا 4 ديسمبر 2023 (رويترز)

ووقعت عدة حوادث مماثلة في بحر البلطيق منذ الغزو الروسي لأوكرانيا عام 2022.

وأكد الاتحاد الأوروبي رداً على هذه الحوادث أنه يعزز «جهود حماية الكابلات البحرية، بما في ذلك تبادل المعلومات وتقنيات الكشف الجديدة وكذلك قدرات إجراء إصلاحات تحت سطح البحر».

واتفقت دول الاتحاد الأوروبي في وقت سابق من هذا الشهر على إدراج نحو 50 ناقلة نفط أخرى في القائمة السوداء من «أسطول الظل» الروسي، في إطار الحزمة اﻟ15 من عقوبات التكتل على موسكو.


مقالات ذات صلة

قتال عنيف بين «قسد» والفصائل الموالية لتركيا على محور سد تشرين

المشرق العربي «قسد» تواصل القتال على محور سد تشرين ضد الفصائل الموالية لتركيا بعدما سيطرت على منبج (غيتي)

قتال عنيف بين «قسد» والفصائل الموالية لتركيا على محور سد تشرين

وقعت اشتباكات عنيفة بين فصائل «الجيش الوطني السوري» وقوات سوريا الديمقراطية «قسد» على محور سد تشرين بريف حلب الشرقي أسفرت عن قتلى مصابين من الجانبين.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي طفل سوري يقف تحت صورة عملاقة للرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد مطلية بالعَلم الجديد في دمشق الخميس (أ.ب) play-circle 01:00

اعتراف روسي غير مباشر بالتغيير في سوريا

وجَّه وزير الخارجية الروسي رسائل عدة حول مواقف بلاده تجاه التغييرات في سوريا، توحي باعتراف روسي غير مباشر بالتغيير في سوريا، ولم يتطرق إلى وجود الرئيس المخلوع.

رائد جبر (موسكو)
شؤون إقليمية وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر (د.ب.أ) play-circle 03:14

إسرائيل تسعى دبلوماسياً إلى تصنيف الحوثيين تنظيماً إرهابياً في أوروبا

أصدرت إسرائيل تعليمات لبعثاتها الدبلوماسية في أوروبا بالسعي إلى تصنيف جماعة الحوثيين المتحالفة مع إيران باليمن تنظيماً إرهابياً.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
الاقتصاد حفارات النفط تعمل بالقرب من كالغاري في مقاطعة ألبرتا الكندية (أ.ب)

النفط يرتفع في مستهل تعاملات الأسبوع... والخام الأميركي يقترب من 70 دولاراً

ارتفعت أسعار النفط خلال جلسة الاثنين، بعد أن أظهرت بيانات أميركية تباطؤ التضخم بأكثر من المتوقع؛ مما أنعش الآمال في مزيد من تيسير السياسات النقدية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
أوروبا أوربو وكريسترسون وميلوني وكالاس وميتسوتاكيس خلال اجتماعهم في فنلندا اليوم (أ.ف.ب)

رئيس الوزراء الفنلندي: روسيا تشكل «تهديداً دائماً» للاتحاد الأوروبي

عَدَّ رئيس الوزراء الفنلندي بيتيري أوربو، اليوم الأحد، أن روسيا تشكل «تهديداً دائماً وخطراً» للاتحاد الأوروبي.

«الشرق الأوسط» (هلسنكي)

الوضع السياسي الفرنسي متفجر رغم تشكيل حكومة جديدة

الرئيس إيمانويل ماكرون ورئيس الحكومة المكلف فرنسوا بايرو في صورة تعود لشهر مارس 2022 خلال الحملة الرئاسية الأخيرة (أ.ف.ب)
الرئيس إيمانويل ماكرون ورئيس الحكومة المكلف فرنسوا بايرو في صورة تعود لشهر مارس 2022 خلال الحملة الرئاسية الأخيرة (أ.ف.ب)
TT

الوضع السياسي الفرنسي متفجر رغم تشكيل حكومة جديدة

الرئيس إيمانويل ماكرون ورئيس الحكومة المكلف فرنسوا بايرو في صورة تعود لشهر مارس 2022 خلال الحملة الرئاسية الأخيرة (أ.ف.ب)
الرئيس إيمانويل ماكرون ورئيس الحكومة المكلف فرنسوا بايرو في صورة تعود لشهر مارس 2022 خلال الحملة الرئاسية الأخيرة (أ.ف.ب)

منذ اليوم الأول، يُطرح السؤال حول عمر حكومة فرنسوا بايرو التي أُعلنت الاثنين الماضي، وحول قدرتها على التعامل مع الاستحقاقات الرئيسة التي تواجهها فرنسا، وعلى رأسها إقرار موازنة عام 2025 وخفض المديونية التي ضربت رقماً قياسياً بحيث وصلت إلى 3300 مليار يورو، فضلاً عن عجز المالية العامة والعثور على وفر قدره 60 مليار يورو، ومواجهة النقص في قطاعات رئيسة مثل الصحة والتعليم والرعاية الاجتماعية، وغيرها كثير.

ومشكلة بايرو، السياسي الوسطي البالغ من العمر 73 عاماً، أنه لم ينجح حقيقة في توسيع القاعدة السياسية لحكومته، بحيث جاءت كنسخة قريبة جداً من حكومة سابقه ميشال بارنييه التي استقالت بعد 3 أشهر فقط من تشكيلها بعد طرح الثقة بها في البرلمان.

الرئيس إيمانويل ماكرون ورئيس الحكومة الجديدة فرنسوا بايرو في عام 2017 (أ.ب)

رغم ما سبق، فإن بايرو الذي ترشح لرئاسة الجمهورية ثلاث مرات دون أن يتأهل أبداً للجولة الثانية الحاسمة، يؤمن بأن حظوظه في البقاء، عندما سيتاح للرئيس إيمانويل ماكرون حل البرلمان مجدداً، أصلب وأقوى من حظوظ سلفه. وحجته في ذلك أنه نجح في ضم شخصيات قوية إلى حكومته، ومنها رئيسان سابقان للوزارة (إليزابيث بورن في وزارة التعليم، ومانويل فالس في وزارة شؤون مقاطعات ما وراء البحار)، إضافة إلى جيرالد دارمانان (وزير الداخلية السابق) الذي أُعطيت له وزارة العدل، وبرونو روتايو المنتمي إلى اليمين التقليدي وقد حافظ على حقيبته السابقة (وزارة الداخلية).

بالمقابل، فإن ماكرون احتفظ بوزيري الخارجية والدفاع (جان نويل بارو وسيباستيان لو كورنو) باعتبار وزارتيهما سياديتين وتحت إشراف رئيس الجمهورية، وفق ما ينص عليه دستور الجمهورية الخامسة.

رئيس الحكومة الجديد فرنسوا بايرو (الأول يساراً) في صورة مركبة مع الوزراء الرئيسين في حكومته الجديدة (أ.ف.ب)

هشاشة الحكومة

وتعيش فرنسا، منذ انتخابات الصيف الماضي، حالة من عدم الاستقرار السياسي. وأبلغ دليل على ذلك أنها عرفت خلال عام واحد أربعة رؤساء حكومات. وخلال العام المنقضي، عاشت فرنسا من غير حكومة فاعلة طيلة 174 يوماً. ورغم الصعوبات الاستثنائية التي تعاني منها البلاد، فإن الرئاسة والحكومة في عطلة حتى الثالث من يناير (كانون الثاني)؛ موعد أول اجتماع لمجلس الوزراء.

مانويل فالس الذي كان رئيس حكومة في عهد الرئيس الاشتراكي فرنسوا هولاند عُهد إليه بحقيبة مقاطعات فرنسا ما وراء البحار (أ.ف.ب)

أما بايرو، فإنه لن يكشف عن برنامج حكمه وتوجهاته السياسية إلا في خطاب مقرر يوم 13 من الشهر القادم. وفي أي حال، لن تكون بعيدة عن السياسات المتبعة منذ سبع سنوات؛ أي منذ وصول ماكرون إلى رئاسة الجمهورية في ربيع عام 2017. لكن الفارق الكبير أن ماكرون اليوم بعيد كل البعد عما كان عليه خلال ولايته الخماسية الأولى؛ فهو، من جهة، يفتقر اليوم لأكثرية مطلقة في البرلمان، بعكس ما كانت عليه حاله سابقاً حيث اتكأ على أكثرية ساحقة مكنته من إقرار القوانين والتشريعات واتباع السياسات التي ارتآها من غير وجود معارضة مؤثرة.

أما اليوم، فإن البرلمان يتشكل بشكل رئيس من ثلاث مجموعات نيابية، منها اثنتان (تحالف اليسار والخضر وحزب التجمع الوطني اليميني المتطرف) تعارضانه، في حين يحظى بدعم الكتلة المركزية. من هنا، حاجته لليمين التقليدي الذي أُعطي سبع وزارات في الحكومة الجديدة للحصول على دعمه. بيد أن مساندة اليمين المذكور متأرجحة. ورهان ماكرون على الخلافات الجوهرية التي تحول دون توافق اليسار والخضر واليمين المتطرف.

رئيس الوزراء الفرنسي المعيّن فرنسوا بايرو وسلفه المنتهية ولايته ميشال بارنييه خلال حفل التسليم (د.ب.أ)

لكن رهانه هذا غير مكفول النتائج، والدليل على ذلك أنهما صوتا معاً لإسقاط حكومة بارنييه، ولا شيء يمنعهما من التوافق مجدداً لإطاحة حكومة بايرو، رغم أن الأخير كرر في الأيام الثلاثة الأخيرة أن السياسة التي سيسير على هديها، والشخصيات الرئيسة التي ضمها إلى حكومته، ستوفر لها المناعة وتضمن لها الاستمرارية. ويعول الأخير على تجنيد أربعة وزراء دولة يتولون حقائب الداخلية والعدل والتعليم ومقاطعات ما وراء البحار، وعلى تجربتهم الحكومية والسياسية وحضورهم الإعلامي، للبقاء في السلطة لأشهر طويلة. وزعم بايرو أنه نجح في جمع شخصيات «تتحلى بالخبرة وقادرة على تحقيق المصالحة وترميم الثقة مع الفرنسيين».

إليزابيث بورن التي كانت ثاني امرأة تكلف برئاسة الحكومة في تاريخ الجمهورية الفرنسية عُينت وزيرة للتربية في الحكومة الجديدة (أ.ف.ب)

رهان بايرو، ككافة الرهانات، يمكن أن يتحقق، كما أنه يمكن أن يفشل. ونقلت صحيفة «لوموند» عن توماس أرهارد، المحاضر في العلوم السياسية في جامعة «باريس 2 - بانتيون»، قوله إن «حكومة بايرو ليست أفضل حالاً من حكومة بارنييه؛ إذ إنها تفتقر للشرعية البرلمانية، ولأن الجمعية الوطنية لا تعتبر نفسها مرتبطة باختياره ولا بتعيين حكومته». وتجدر الإشارة إلى أن 19 وزيراً من الحكومة السابقة أُعطوا حقائب وزارية في الحكومة الجديدة، وأن 13 وزيراً منها ينتمون إلى الكتلة المركزية الداعمة لماكرون.

انتقال القرار السياسي من الإليزيه إلى البرلمان

مارين لوبان زعيمة اليمين المتطرف (إ.ب.أ)

ويرى المحللون السياسيون أن مشكلة الرئيس الفرنسي تكمن في أنه فقد القدرة على التحكم بالحياة السياسية، وأن مركز القرار انتقل من قصر الإليزيه إلى البرلمان؛ ذلك أن الجمهورية الخامسة قامت على مبدأ أولوية الرئاسة على غيرها من المؤسسات، بفضل الصلاحيات الواسعة التي أرادها مؤسس الجمهورية الخامسة، الجنرال ديغول، لرئاسة الجمهورية، والتي فصّلها على قياسه. ولكن ذلك يفترض أنه يحظى بأكثرية برلمانية تمكنه من أن يقود وينفذ السياسة التي يقررها، وهذا غير قائم اليوم. والخطر الأكبر الذي يهدد ماكرون عنوانه السقوط السريع لبايرو، وهو ما يدفع باتجاهه زعيم اليسار المتشدد جان لوك ميلونشون، وزعيمة اليمين المتطرف مارين لوبان. وإذا سقط بايرو يكون ماكرون قد استنفد آخر ذخائره، وسيجد نفسه مقوداً إلى الاستقالة؛ إذ إن ما تعيشه فرنسا لن يكون مجرد أزمة عابرة، بل إنها ستواجه أزمة مؤسسات وأزمة نظام، ولا خروج منهما إلا من خلال انتخابات عامة، ورئاسية بالدرجة الأولى.

جان لوك ميلونشون زعيم حزب «فرنسا الأبية» اليساري (إ.ب.أ)

بيد أن ماكرون نجح، حتى اليوم، في إبعاد اليسار عن السلطة رغم أن تحالف اليسار (الاشتراكي والشيوعي وحزب فرنسا الأبية والخضر) حلّ في المرتبة الأولى في الانتخابات الأخيرة، وطرح مرشحته (لوسي كاستيه) لرئاسة الحكومة وفق ما يقتضيه العرف المعمول به في فرنسا. لكن ماكرون ناور مرتين بنجاح وأبقى اليسار بعيداً عن السلطة بحجة أنه لا يملك الأكثرية المطلقة في البرلمان، إلا أن نجاحه كان مؤقتاً. واليوم، يعاني من تراجع شعبيته؛ إذ إن ثلاثة أرباع الفرنسيين لا يبدون ارتياحاً إزاء أداء رئيس الجمهورية، بحسب استطلاع للرأي أجرته مؤسسة «إيفوب» ونشرت نتائجه أمس. ولا شيء يشير إلى أنه سيستعيد شعبيته المفقودة؛ إذ إن نجاح الألعاب الأولمبية، وأيضاً الانتهاء من ترميم كاتدرائية «نوتردام»، كان لهما الأثر الإيجابي، ولكنه اندثر سريعاً. فهل سيبتعد عن المسرح السياسي الداخلي ويركز على لعب دور في السياسة الخارجية رغم تراجع نفوذ بلاده بسبب أوضاعها الاقتصادية ونزاعاتها السياسية، أو أنه سينتظر الصيف القادم ليحل البرلمان مجدداً ويحاول تغيير الخريطة السياسية لصالحه بحيث ينهي ولايته الثانية ربيع عام 2027 من غير أضرار كبرى؟ سؤال تصعب الإجابة عنه اليوم، وهو متروك للقادم من الأيام.