ألمانيا تتجه لانتخابات مبكرة بعد طرد شولتس وزير ماليته

خلافات حول ميزانية العام المقبل أدت إلى تفكك الحكومة الائتلافية

المستشار الألماني أولاف شولتس متحدثاً في فعالية ببرلين غداة إقالته وزير المالية وإعلانه طرح الثقة بحكومته (د.ب.أ)
المستشار الألماني أولاف شولتس متحدثاً في فعالية ببرلين غداة إقالته وزير المالية وإعلانه طرح الثقة بحكومته (د.ب.أ)
TT

ألمانيا تتجه لانتخابات مبكرة بعد طرد شولتس وزير ماليته

المستشار الألماني أولاف شولتس متحدثاً في فعالية ببرلين غداة إقالته وزير المالية وإعلانه طرح الثقة بحكومته (د.ب.أ)
المستشار الألماني أولاف شولتس متحدثاً في فعالية ببرلين غداة إقالته وزير المالية وإعلانه طرح الثقة بحكومته (د.ب.أ)

عاشت ألمانيا هزَّتين في يوم واحد؛ الأولى مفاجأة عودة دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، والثانية انهيار الحكومة الألمانية، ما يعني أن البلاد متجهة لانتخابات مبكرة الأرجح نهاية مارس (آذار) المقبل عوضاً عن نهاية سبتمبر (أيلول).

الخلافات داخل الحكومة الائتلافية لم تكن خافيةً على أحد، إلا أن قلائل توقعوا انهيارها بهذه السرعة، خصوصاً أن السنوات الثلاث الماضية منذ تشكيلها شهدت أزمات متتالية، كانت دائماً الأحزاب المشارِكة في الائتلاف الحكومي تتخطاها بنجاح.

وزير المالية المقال كريستيان ليندنر (إ.ب.أ)

ورغم أن الأزمة هذه المرة كانت أعمق من سابقاتها، فإن التوقعات كانت بأن فوز ترمب قد يوحِّد الحكومة لمواجهة الإدارة الأميركية الجديدة والتحديات التي ستأتي معها. ولكن العكس حصل. فبينما كانت الأخبار تتوالى من الولايات المتحدة عن فوز ترمب، كان قادة الأحزاب الثلاثة في الحكومة يشاركون في اجتماعات أزمة متتالية؛ لمحاولة تخطي خلافاتهم حول ميزانية العام المقبل. وتبين مساءً أن الخلافات حول الآيديولوجيات الاقتصادية لم يعد بالإمكان تخطيها. فإصرار وزير المالية كريستيان ليندنر المنتمي للحزب الليبرالي على تمرير الميزانية تبعاً لتوجهاته الاقتصادية، دفع بالمستشار أولاف شولتس إلى إقالته.

وخرج شولتس ليلاً ليلقي بياناً مريراً، يتهم فيه وزير ماليته بخيانة ثقته والتصرف بأنانية، وليس بما هو لمصلحة البلاد. واتهم شولتس ليندنر بسحب دعمه من ميزانية العام المقبل التي تم التفاوض عليه «لفترة طويلة» من دون سبب. وأضاف إن ليندنر أراد تخفيض الضرائب عن «الأغنياء القلائل»، والاقتطاع من معاشات التقاعد، وهو ما وصفه شولتس بأنه «غير أخلاقي». وتحدَّث كذلك عن ضرورة زيادة المساعدات المالية والعسكرية لأوكرانيا «بما يخدم مصلحتنا الأمنية»، مشيراً إلى أنه «بعد الانتخابات في الولايات المتحدة، فإن ذلك يرسل إشارة مهمة جداً».

المستشار الألماني أولاف شولتس في مكتبه يتحدث على الهاتف قبيل إقالته وزير ماليته (أ.ف.ب)

وأعلن شولتس أنه سيطرح الثقة في حكومته في 15 يناير (كانون الثاني) المقبل، ما سيمهّد الطريق لانتخابات عامة في نهاية مارس. ويتوقع شولتس أن يخسر التصويت بالثقة بعد خسارته الأغلبية في البرلمان. ولكن تأجيل طرح الثقة بالحكومة للعام المقبل عرّضه لانتقادات من فريدريش ميرتز، زعيم حزب المعارضة المسيحي الديمقراطي، الذي دعاه لطرح التصويت بالثقة الأسبوع المقبل، وعدم إطالة أمد فترة عدم اليقين. ويتصدر حزب ميرتز استطلاعات الرأي للفوز في الانتخابات بحصوله على 32 في المائة من نسبة الأصوات، في حين يحل حزب «البديل لألمانيا» اليميني المتطرف ثانياً بنسبة تصل إلى 18 في المائة، ويأتي الحزب الاشتراكي ثالثاً بنسبة 16 في المائة.

ويأمل شولتس أن يكمل الحكم حتى منتصف يناير بصفته رئيس حكومة أقلية، لكن هذا يتطلب التعاون مع المعارضة لتمرير القوانين. وهو لمَّح لذلك في خطابه الليلي عندما قال إنه سيتحدث إلى ميرتز حول التعاون. وسارع لتعيين بديل عن وزير المالية المقال، هو المستشار المقرب له من حزبه الاشتراكي، يورغ كوكيس. وقرر وزير النقل فولكر فيسينغ المنتمي للحزب الليبرالي البقاء في منصبه والاستقالة عوضاً عن ذلك من حزبه، في حين اتبع الوزراء الآخرون من الحزب الليبرالي ليندنر بمغادرة الحكومة.

ورغم أمل شولتس في التعاون، فإن المعارضة لا تبدو مستعدة لذلك، وقد يدفع ذلك بالمستشار الذي قد يجد حكومته عاجزة عن العمل، إلى الدعوة لطرح الثقة بالحكومة في وقت أبكر من منتصف يناير.

وشهدت ألمانيا في السابق حكومات أقلية، ولكنها لم تكن قادرة على الاستمرار أكثر من أسابيع قليلة.

زعيم حزب المعارضة المسيحي الديمقراطي فريدريش ميرتز الذي يتصدر حزبه استطلاعات الرأي للفوز بالانتخابات المقبلة (إ.ب.أ)

وتتناقض الآيديولوجية الاقتصادية للحزب الليبرالي مع الحزبين، الاشتراكي والخضر، اللذين يؤيدان إنفاقاً أكبر على الخدمات الاجتماعات وضرائب أعلى، في حين يدعو الليبراليون للعكس. وعادة يعدّ الحزب الليبرالي شريكاً طبيعياً للحزب المسيحي الديمقراطي، الحزب اليميني الوسطي، الذي تنتمي إليه المستشارة السابقة أنجيلا ميركل. وخط الاتفاق الحكومي قبل 3 سنوات سياسات معينة على الأحزاب الثلاثة المضي بها. ولكن نسبة الرضا عن الحكومة تتقلص بشكل كبير منذ أشهر، خصوصاً الحزب الليبرالي الذي تشير الاستطلاعات إلى أنه يحظى بنسبة تأييد لا تتعدى 4 في المائة، ما يعني أنه لن يدخل البرلمان في الانتخابات المقبلة، ذلك أن القانون يحدد حصول الحزب على 5 في المائة من الأصوات على الأقل لدخول البرلمان.

ويعتقد كثيرون بأن هذا ما دفع ليندنر للتمرد على شولتس، في محاولة لزيادة حظوظ حزبه وإبعاده عن الحكومة، التي شهد عهدها ركوداً اقتصادياً في ألمانيا وأزمة يبدو أنها تتعمق يومياً.

ومنذ تعيين شولتس مستشاراً واجهت حكومته تحديات اقتصادية صعبة وغير مسبوقة، بدأت بأزمة وباء «كورونا»، وتلتها الحرب في أوكرانيا التي أثرت بشكل كبير على ألمانيا التي كانت تعتمد في معظم وارداتها من الغاز على روسيا.

وفي الأسابيع الأخيرة، أعلنت شركة «فولكسفاغن» إغلاق 3 مصانع إنتاج لها من أصل 10 مصانع في ألمانيا، ما عكس بشكل واضح مدى عمق الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها البلاد. وفي السنوات الماضية منذ تسلم حكومة شولتس، أغلقت مئات الشركات الصغيرة والمتوسطة أبوابها؛ بسبب ارتفاع النفقات والضرائب.



خطة هولندية لمكافحة «معاداة السامية»

اشتباكات في أمستردام بعد مباراة كرة قدم بين مكابي تل أبيب وأياكس بالقرب من محطة أمستردام سنترال (رويترز)
اشتباكات في أمستردام بعد مباراة كرة قدم بين مكابي تل أبيب وأياكس بالقرب من محطة أمستردام سنترال (رويترز)
TT

خطة هولندية لمكافحة «معاداة السامية»

اشتباكات في أمستردام بعد مباراة كرة قدم بين مكابي تل أبيب وأياكس بالقرب من محطة أمستردام سنترال (رويترز)
اشتباكات في أمستردام بعد مباراة كرة قدم بين مكابي تل أبيب وأياكس بالقرب من محطة أمستردام سنترال (رويترز)

أعلنت الحكومة الهولندية، اليوم الجمعة، إطلاق خطة جديدة لمكافحة «معاداة السامية»، بعد أسبوعين من صدامات بين مشجعي كرة قدم إسرائيليين وشبان، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وخصص مجلس الوزراء مبلغاً إضافياً قدره 4.5 مليون يورو سنوياً لهذه الخطة، سيجري استخدام جزء منه لتعزيز أمن المؤسسات اليهودية والكنس.

وقال وزير العدل ديفيد فان ويل: «للأسف، ازدادت معاداة السامية في هولندا، خلال العام الماضي، كما أظهرت الأحداث التي وقعت في أمستردام قبل أسبوعين».

بعد مباراة في الدوري الأوروبي «يوروبا ليغ» بين أياكس أمستردام وفريق مكابي تل أبيب الإسرائيلي، في 7 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، تعرّض مشجعون للأخير إلى الملاحقة والضرب في شوارع العاصمة الهولندية، ما أدى إلى إصابة عدد من الأشخاص بجروح، وإثارة سخط في كثير من العواصم الغربية.

واندلعت حوادث متفرقة قبل المباراة، شملت هتافات معادية للعرب رددها مشجعو مكابي وحرق علم فلسطيني في ساحة دام المركزية، قبل أن يتعرض أنصار الفريق الإسرائيلي لأعمال عنف.

وعَدَّت إسرائيل والسلطات الهولندية أن هذه الأحداث «معادية للسامية».

ونُقل خمسة من مشجعي مكابي إلى المستشفى لفترة وجيزة؛ لتلقي العلاج بعد إصابتهم في أعمال العنف التي أثارت غضب قادة غربيين.

وتشمل استراتيجية الحكومة أيضاً تشكيل فريق عمل معنيّ بمعاداة السامية، وإصدار قوانين أكثر صرامة بشأن «تمجيد الإرهاب» والتحقيق في أعمال العنف المرتكبة خلال الاحتجاجات.

كما سيجري استهداف مشجعي كرة القدم من أجل القضاء على الهتافات المعادية للسامية في الملاعب.

وقال رئيس الوزراء ديك شوف، للصحافيين: «إنه مزيج من القمع والوقاية».