مولدوفا تتهم روسيا بـ«تدخل كبير» في الانتخابات الرئاسية

الناخبون يختارون رئيسهم بين الحلم الأوروبي ونفوذ موسكو

سيدة وطفلتها خلال الإدلاء بصوتها في مركز اقتراع خلال الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية بكيشيناو (رويترز)
سيدة وطفلتها خلال الإدلاء بصوتها في مركز اقتراع خلال الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية بكيشيناو (رويترز)
TT

مولدوفا تتهم روسيا بـ«تدخل كبير» في الانتخابات الرئاسية

سيدة وطفلتها خلال الإدلاء بصوتها في مركز اقتراع خلال الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية بكيشيناو (رويترز)
سيدة وطفلتها خلال الإدلاء بصوتها في مركز اقتراع خلال الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية بكيشيناو (رويترز)

قال ستانيسلاف سيكريرو، مستشار الأمن القومي لرئيسة مولدوفا، إن السلطات رصدت «تدخلاً كبيراً» من جانب روسيا في جولة الإعادة لانتخابات الرئاسة، الأحد. وأضاف سيكريرو، في منشور على منصة «إكس» للتواصل الاجتماعي عن التدخل المزعوم، أنه «محاولة يحتمل بقدر كبير أن تؤدي إلى التلاعب بالنتيجة».

وتُواجه الرئيسة الحالية مايا ساندو، المؤيدة للغرب، التي كثّفت جهود بلادها للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، والإفلات من فلك موسكو، مُنافسها ألكسندر ستويانوغلو، المدَّعي العام السابق المدعوم من حزب الاشتراكيين المُوالي لروسيا، وفقاً لما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

تأتي جولة الإعادة بعد أسبوعين من الجولة الأولى، التي جرت جنباً إلى جنب مع استفتاءٍ أيّد فيه مواطنو مولدوفا بهامش طفيف تعديلاً دستورياً يضمن وضع الدولة على مسار الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي. واتخذت الشرطة إجراءات صارمة لمحاولة تجنب تكرار ما قالت إنه مخطط واسع النطاق لشراء الأصوات استخدمه إيلان شور، الهارب المدعوم من روسيا، في الجولة الأولى.

وتنفي روسيا التدخل، بينما ينفي شور ارتكاب أي مخالفات. ويعيش شور في روسيا، ودعا الناس علناً، عبر منصات التواصل الاجتماعي، للتصويت ضد ساندو، ووعدهم بدفع أموال مقابل اتباع تعليماته. وتقول ساندو إن التدخل أثَّر على نتائج انتخابات 20 أكتوبر (تشرين الأول)، وإن شور سعى إلى شراء أصوات 300 ألف ناخب؛ أي أكثر من 10 في المائة من عدد السكان.

الحلم الأوروبي ونفوذ موسكو

مولدوفيون مقيمون في روسيا يصطفون أمام مركز اقتراع بمبنى سفارة بلادهم بموسكو (إ.ب.أ)

بعد أسبوعين على استفتاء حول الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، فاز فيه المؤيدون للتكتل بفارق ضئيل، بدأ الناخبون في مولدوفا يدلون بأصواتهم لاختيار رئيسهم، وتأكيد مستقبلهم الأوروبي أو رفضه، في دورة ثانية من انتخابات تجري في ظل مخاوف من تدخل روسي. وتتواجه الرئيسة المنتهية ولايتها مايا ساندو (52 عاماً) المؤيدة بشدة للغرب، التي ابتعدت عن موسكو بعدما غزت أوكرانيا الواقعة على حدود مولدوفا، مع المدعي العام السابق ألكسندر ستويانوغلو المدعوم من الاشتراكيين المؤيدين لروسيا.

ومن دون المجازفة والخوض في أرقام، يتوقع المحللون في الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية حدوث معركة شرسة تهيمن عليها، كما حدث في الانتخابات التشريعية التي جرت في جمهورية سوفياتية سابقة أخرى هي جورجيا. وتصدرت ساندو بفارق كبير الدورة الأولى من الانتخابات الرئاسية في 20 أكتوبر بحصولها على 42.5 في المائة من الأصوات، مقابل 26 في المائة لستويانوغلو، لكن خصمها يعول على دعم عدد من المرشحين الصغار.

«بطاقات اقتراع نزيهة»

وخلال المرحلة ما بين الدورتين، كثف المعسكر الرئاسي حملته على شبكات التواصل الاجتماعي وفي القرى؛ سعياً للتصدي لعمليات مكثفة لشراء الأصوات، نددت بها السلطات في الاستفتاء، مشيرة إلى أنها أثرت على النتائج التي جاءت أكثر تقارباً مما كان متوقعاً، إذ فاز مؤيدو الانضمام بغالبية اقتصرت على 50.35 في المائة.

وفي رسالتها الأخيرة إلى 2.6 مليون مولدوفي، دعت الخبيرة الاقتصادية السابقة في البنك الدولي، إلى التعبئة حتى تكون الكلمة الأخيرة «لبطاقات الاقتراع النزيهة». وأفادت الشرطة بتنظيم رحلات جوية وحافلات لنقل الناخبين المولدوفيين بين روسيا وبيلاروسيا وأذربيجان وتركيا. وبعد الإدلاء بتصويتها، أكدت ساندو: «اليوم أكثر من أي وقت مضى، علينا أن نتحد، وأن نحافظ على السلام، وأن نحمي أصواتنا، وأن نحمي استقلالنا». وأضافت: «يريد اللصوص شراء أصواتنا، ويريدون شراء بلدنا، لكن قوة الشعب أعظم بكثير من أي من أفعالهم غير المشروعة».

في المقابل، وعد ستويانوغلو الذي غالباً ما يستخدم كلمات روسية في خطابه، بأنه سيكون «رئيس الجميع»، داعياً إلى سياسة خارجية متوازنة «لا تقسم المجتمع». وعند حضوره إلى مركز اقتراع برفقة زوجته وابنتيه، دعا إلى «مولدوفا لا تتسول بل تطور علاقات متناغمة مع الشرق والغرب في آن واحد»، وفق ما ذكرت «وكالة الصحافة الفرنسية».

«ثمن باهظ»

ناخبون مولدوفيون في موسكو (إ.ب.أ)

ويشهد هذا البلد الفقير الذي يعول على المساعدات الأوروبية، استقطاباً شديداً بين شتات وعاصمة مؤيدين بقوة لمستقبل أوروبي، ومناطق ريفية ومنطقة ترانسدنيستريا الانفصالية، ومنطقة غاغاوزيا ذات الحكم الذاتي، القريبة من روسيا. وفي كيشيناو، أبدت المتقاعدة أكسينيا (56 عاماً) أسفها؛ إذ «لا تزال بقايا سوفياتية تطبع حتى العظم» هذه الجمهورية السوفياتية السابقة.

من جانبها، أوضحت ناتاليا غرايديانو (56 عاماً) المقيمة في آيرلندا، حيث تنظم حفلات أعراس، وقدمت إلى مولدوفا للإدلاء بصوتها، متحدثة لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «نحن بلد صغير بقلب كبير، نريد أن تكون أوروبا بيتنا». في المقابل، ترفض زينوفيا زاهاروفنا (75 عاماً) الذوبان في الاتحاد الأوروبي، وتتمسك بضرورة البقاء «مستقلين»، والحفاظ على «السلام». وأوضح أندري كورارارو من مجموعة «واتشدوغ» للدراسات أن «كثيرين يخشون الانجرار إلى الحرب»، وسيختارون بالتالي «مرشحاً على توافق مع موسكو، إذ يرون في ذلك ضمانة بعدم التعرض لهجوم».

وتتابع بروكسل وواشنطن هذه الانتخابات من كثب، وتبديان مخاوف من محاولات روسية لبلبلة العملية. وقبل موعد الاقتراع، أفادت الشرطة بحدوث حملات تضليل إعلامي مكثفة من خلال رسائل إلكترونية مزورة وتهديدات بالقتل، فيما وصف رئيس الوزراء دورين ريسيان ذلك بـ«هجوم عنيف»؛ يهدف إلى «زرع الهلع والخوف»، وردع الناخبين عن التوجه إلى مراكز الاقتراع. ورأى خبير مجموعة «واتشدوغ» أن مولدوفا «تدفع ثمناً باهظاً» لقرارها قطع الروابط مع موسكو. وأوضح أن «الضغوط غير مسبوقة، والأموال التي تُنفق لتنفيذ أنشطة زعزعة الاستقرار هذه هائلة»، متحدثاً عن مبالغ إجمالية تفوق مائة مليون دولار. والهدف على حد قوله هو إعادة البلاد إلى «فلك موسكو».


مقالات ذات صلة

ترمب: هذا اليوم سيكون «الأهم في تاريخ أميركا»

الولايات المتحدة​ المرشح الرئاسي الجمهوري والرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب يوجه تحية للحشد في ختام تجمعه الأخير للحملة في ساحة فان أندل في غراند رابيدز بولاية ميشيغان بالولايات المتحدة الأميركية، 5 نوفمبر 2024 (رويترز)

ترمب: هذا اليوم سيكون «الأهم في تاريخ أميركا»

قال الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، اليوم (الثلاثاء)، إن اليوم سيكون «الأهم في تاريخ أميركا».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ السيناتور جيه دي فانس المرشح الجمهوري لمنصب نائب الرئيس (أ.ب)

فانس عن هاريس: خلال يومين سنخرج «القمامة» من واشنطن (فيديو)

وصف السيناتور جيه دي فانس، المرشحُ الجمهوري لمنصب نائب الرئيس، المرشحةَ الديمقراطية للانتخابات الرئاسية كامالا هاريس، بـ«القمامة».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ لقطة من الفيديو المزيف الذي تم تداوله على نطاق واسع على «إكس»

مؤثر أميركي يزعم تلقيه 100 دولار من عميل روسي لنشر فيديو مزيف عن تزوير الانتخابات

قال مؤثر أميركي على وسائل التواصل الاجتماعي إنه حصل على 100 دولار من عميل روسي لنشر مقطع فيديو يدّعي تزوير الانتخابات في ولاية جورجيا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ مسؤولو الانتخابات في ديكسفيل نوتش يقرأون النتيجة (أ.ف.ب)

إعلان أول نتيجة اقتراع في انتخابات الرئاسة الأميركية

أظهرت أول نتيجة اقتراع للانتخابات الرئاسية الأميركية، تم الإعلان عنها في بلدة ديكسفيل نوتش بولاية نيو هامبشاير، تعادل كل من ترمب وهاريس.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس كامالا هاريس تتحدث مع الصحافيين في الطائرة الرئاسية الثانية بمطار ديترويت قبل التوجه إلى ولاية بنسلفانيا أمس (أ.ب)

هاريس قبل ساعات من الانتخابات: سأكون رئيسة لكل الأميركيين

تعهدت كامالا هاريس، مرشحة الحزب الديمقراطي في انتخابات الرئاسة الأميركية، قبل ساعات من الانتخابات المقررة غداً (الثلاثاء)، بأن تكون «رئيسة لكل الأميركيين».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

رئيس الوزراء البريطاني يطالب العالم باليقظة لمواجهة مهربي البشر

رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر يلقي كلمة خلال افتتاح مؤتمر «الجمعية العامة للإنتربول» في غلاسكو ببريطانيا يوم 4 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر يلقي كلمة خلال افتتاح مؤتمر «الجمعية العامة للإنتربول» في غلاسكو ببريطانيا يوم 4 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)
TT

رئيس الوزراء البريطاني يطالب العالم باليقظة لمواجهة مهربي البشر

رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر يلقي كلمة خلال افتتاح مؤتمر «الجمعية العامة للإنتربول» في غلاسكو ببريطانيا يوم 4 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر يلقي كلمة خلال افتتاح مؤتمر «الجمعية العامة للإنتربول» في غلاسكو ببريطانيا يوم 4 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

قال رئيس الوزراء البريطاني، كير ستارمر، أمام مؤتمر دولي لإنفاذ القانون، اليوم (الاثنين)، إن عصابات تهريب البشر الذين يرسلون المهاجرين عبر القناة الإنجليزية في قوارب صغيرة يشكلون تهديداً للأمن العالمي، وإنه يجب التعامل معهم مثل الشبكات الإرهابية.

وقال ستارمر لاجتماع «المنظمة الدولية للشرطة الجنائية (إنتربول)» إن «العالم يحتاج إلى الاستيقاظ لمواجهة خطورة هذا التحدي».

وتابع أنه «يجب النظر إلى تهريب البشر على أنه تهديد أمني عالمي مماثل للإرهاب»، وفق ما نقلته وكالة «أسوشييتد برس».

وقال ستارمر، الذي كان يشغل منصب المدعي العام لإنجلترا وويلز، إن حكومته سوف «تأخذ نهجنا في مكافحة الإرهاب، الذي نعلم أنه ناجح، وستطبقه في التعامل مع العصابات». وأشار إلى أن هذا يعني مزيداً من التعاون بين وكالات إنفاذ القانون، وتنسيقاً أوثق مع الدول الأخرى، وسلطات «معززة» غير محددة لإنفاذ القانون.

وقال ستارمر إنه في عمليات مكافحة الإرهاب، «يمكننا إغلاق حساباتهم المصرفية، وقطع اتصالهم بالإنترنت، واعتقالهم بسبب استعداداتهم للتحرك قبل وقوع الهجوم». وأضاف: «ونحتاج إلى وقف عصابات تهريب البشر أيضاً قبل أن يتحركوا».