خيبة أمل أوكرانية من امتناع أوستن عن رفع القيود على استخدام الأسلحة الأميركية

مشاركة أوروبا لا تقنع ترمب والجمهوريين بمواصلة تقديم المساعدات

وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي قبل بدء المحادثات بينهما في كييف يوم الاثنين (أ.ف.ب)
وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي قبل بدء المحادثات بينهما في كييف يوم الاثنين (أ.ف.ب)
TT

خيبة أمل أوكرانية من امتناع أوستن عن رفع القيود على استخدام الأسلحة الأميركية

وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي قبل بدء المحادثات بينهما في كييف يوم الاثنين (أ.ف.ب)
وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي قبل بدء المحادثات بينهما في كييف يوم الاثنين (أ.ف.ب)

في خطابه قبل مغادرته كييف، بعد زيارته الخاطفة التي قد تكون الأخيرة له، حاول وزير الدفاع الأميركي، لويد أوستن، أن يقدم تطمينات لكل من أوكرانيا وحلفاء واشنطن، بأن الولايات المتحدة ستحافظ على دعمها، في مواجهة الحرب الروسية المستمرة على هذا البلد. بيد أن خطابه كان مصمماً أيضاً للرد على انتقادات الجمهوريين المتشككين في تقديم المزيد من المساعدات لأوكرانيا.

اجتماع الوفدين الأميركي والأوكراني في كييف يوم الاثنين (رويترز)

ورغم أن زيارته تضمنت الإعلان عن 400 مليون دولار من المساعدات العسكرية الأميركية الجديدة، غير أن الضغوط الهائلة التي تتعرض لها حكومة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، بسبب استمرار بلاده في خسارة الأراضي أمام روسيا، وخصوصاً في الجبهة الشرقية، وفشلها في الحصول على تأييد الأوروبيين لخطة «تحقيق النصر»، طرحت الكثير من علامات الاستفهام حول مستقبل هذه الحرب.

كما أن ما يقرب من 5 مليارات دولار متبقية في حساب المساعدات العسكرية الأميركية لأوكرانيا هذا العام تنفد بسرعة، ومن غير الواضح ما الذي سيفعله البيت الأبيض في عهد كامالا هاريس أو دونالد ترمب، مع الكونغرس الجديد الذي سيأتي بعد انتخابات 5 نوفمبر (تشرين الثاني)، بشأن هذا الأمر العام المقبل.

خيبة أمل أوكرانيا

ولعل خيبة الأمل الكبرى التي أصيب بها الأوكرانيون أيضاً، جاءت من فشلهم في الحصول على إشارة واضحة من أوستن، تفيد بأن القيود المفروضة على استخدام الصواريخ الأميركية بعيدة المدى، سترفع للسماح لهم باستهداف عمق الأراضي الروسية.

ولطالما أكدت كييف بأن تحقيق النصر، بات مرهوناً، ليس فقط في حصولها على عضوية حلف «الناتو»، بل وفي تمكينها من خوض «حرب عادلة» مع روسيا، التي لا تتوانى عن استخدام شتى أنواع الأسلحة، وتحصل على مساعدات غير مشروطة من إيران وكوريا الشمالية، التي تشير التقارير أخيراً إلى أنها قد تكون أرسلت قوات للقتال إلى جانب روسيا.

وأبلغت حكومة كوريا الجنوبية عن تحرك القوات الكورية الشمالية إلى قواعد في روسيا، وظهرت مقاطع فيديو على الإنترنت لتلك القوات وهي ترتدي الزي الروسي. غير أن وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) وكذلك البيت الأبيض، قالا إنهما يبحثان في هذه التقارير، لكنهما لم يؤكداها.

ورغم ذلك، امتنع أوستن عن الإشارة إلى أن الولايات المتحدة ستوافق على رغبة أوكرانيا في الانضمام على الفور إلى حلف «الناتو»، أو إلى رفع القيود على استخدام الأسلحة. وبدا أن إغفاله الحديث عن هذا الأمر، سيؤدي إلى ترك أوكرانيا تواصل القتال كما هو منذ أشهر، في حين تحصل على جولات جديدة من الذخائر والمعدات العسكرية، لكنها محبطة بشدة من عدم حصول تغيير في الموقف الأميركي.

وقال أوستن: «لا توجد رصاصة فضية. ولا توجد قدرة واحدة يمكنها قلب المد. ولا يوجد نظام واحد يمكنه إنهاء هجوم بوتين». وأضاف: «لا تخطئوا. الولايات المتحدة لا تسعى إلى الحرب مع روسيا». وقال أوستن: «ما يهم هو الطريقة التي ترد بها أوكرانيا. ما يهم هو التأثيرات المجمعة لقدراتكم العسكرية. وما يهم هو البقاء مركّزين على ما ينجح».

مفصل تاريخي

وفي خطابه، كرر أوستن وصف المعركة الحالية بأنها «معركة بين الغرب ضد روسيا وكوريا الشمالية وإيران»، عادّاً إياها بأنها «مفصل في التاريخ». وقال: «يجب أن نستمر في مواجهة شبح روسيا العدوانية - المدعومة من قبل الأنظمة الاستبدادية الأخرى من كوريا الشمالية إلى إيران». وأضاف: «إذا سقطت أوكرانيا تحت حذاء بوتين، فسوف تقع أوروبا بأكملها تحت ظل بوتين».

وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن يصل إلى كييف بعد رحلة قطار ليلية من بولندا... وتستقبله السفيرة الأميركية لدى أوكرانيا بريدجيت برينك (رويترز)

وفي حين أشار إلى أن أوروبا تتقاسم الكثير من العبء، وبأنها وضعت الأساس للرد على التحديات التي يثيرها تمسك الكثير من الجمهوريين بمعارضة المساعدات الأميركية، غير أن جهود الأوروبيين قد لا تكون كافية لتمكين الأوكرانيين من مواصلة حربهم.

وأشار أوستن إلى أن «عشرات الحلفاء والشركاء يقدمون الآن مساعدات أمنية لأوكرانيا أكثر مما تقدمه الولايات المتحدة، كنسبة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي»، مضيفاً أن الدول الخمسين الأعضاء التي تشكل مجموعة الاتصال الدفاعية الأوكرانية، قدمت أكثر من 51 مليار دولار مساعدات أمنية مباشرة لأوكرانيا. وهو رقم، حاول من خلاله القول إن الأوروبيين، يقدمون مساعدات متساوية تقريباً، لما تقدمه الولايات المتحدة، في محاولة لإقناع الجمهوريين بأن العبء متساوِ بين الشركاء.

وقدمت الولايات المتحدة بالفعل 58 مليار دولار، وهو مبلغ يثير انتقادات الجمهوريين من أنصار الرئيس السابق، دونالد ترمب، ويرونه دليلاً على أن أوروبا لا تقدم ما فيه الكفاية لتوفير أمنها.

الزعامة الأميركية على المحك

وقال أوستن: «بالنسبة إلى أي شخص يعتقد أن الزعامة الأميركية مكلفة، حسنا، فكّر في ثمن التراجع الأميركي. لم تحشد أميركا بشكل منهجي مثل هذا العدد الكبير من البلدان منذ الحرب العالمية الثانية لتقديم مثل هذا النطاق من المساعدات الصناعية والعسكرية لشريك محتاج».

غير أن تلك التأكيدات لا تلقى ترحيباً من الجمهوريين، لا، بل تساءل السيناتور جيه دي فانس، الذي اختاره ترمب لمنصب نائب الرئيس، عن سبب وجوب تمويل واشنطن لدفاع أوكرانيا، داعياً إلى اتفاق سلام تتنازل فيه أوكرانيا عن بعض الأرض لروسيا. وهو ما تسبب بضجة كبيرة الشهر الماضي، عندما رد زيلينسكي على فانس واصفاً إياه بأنه «متطرف للغاية»، وبأن «فكرة أن العالم يجب أن ينهي هذه الحرب على حساب أوكرانيا غير مقبولة». وهو ما أدى إلى قيام ترمب باحتواء هذا الخلاف، وقام بلقاء زيلينسكي في محاولة لطمأنته.

أحد أفراد الجيش الأوكراني يستخدم الضوء لتفقُّد أثر مسيّرات روسية في كييف (رويترز)

ويقول جون هاردي، كبير الباحثين في الشأن الروسي، في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، المحسوبة على الجمهوريين، إن «لا شيء يمكن أن يغير حقيقة مفادها أن الولايات المتحدة ستجري قريباً انتخابات قد تؤدي نتيجتها إلى تغيير كبير في السياسة الأميركية». ويضيف لـ«الشرق الأوسط» قائلاً، ومع ذلك، أرى أن خطاب أوستن ليس بمثابة طمأنة لأوكرانيا وحلفائها الغربيين، بل رسالة إلى المتشككين الأميركيين في المساعدات المقدمة لأوكرانيا. فقد ذكّر المتشككين بأهمية الدعم الأميركي لأوكرانيا بالنسبة للمصالح والقيم الأميركية. كما ذكّرهم بأن حلفاء أميركا وشركاءها يتحملون حصة كبيرة من عبء دعم أوكرانيا، حيث تعهد الكثير من حلفاء «الناتو» بتقديم مساعدات أكبر لأوكرانيا كنسبة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي مقارنة بالولايات المتحدة.

وأضاف هاردي، كما أتاحت زيارة أوستن فرصة لمناقشة الخطط الأميركية والأوكرانية للأشهر القليلة المقبلة من الحرب، والتي تأمل كييف خلالها في زيادة الدعم الغربي لتعزيز موقف أوكرانيا في مواجهة روسيا. لكنه قال: «من المؤسف أن إدارة بايدن تواصل رفض الموافقة على طلب كييف بالسماح لأوكرانيا باستخدام الصواريخ الغربية لشنّ ضربات داخل روسيا».

ورغم ذلك، قال النائب الجمهوري، مايك والتز، الذي يعتقد أنه سيتسلم منصب وزير الدفاع في إدارة ترمب، في حالة فوزه في الانتخابات، في مقابلة أُجريت معه أخيراً، إنه «من غير المقبول تماماً» أن تقدم الولايات المتحدة وأوروبا مبالغ متساوية تقريباً من الدعم المالي لأوكرانيا. وقال: «أعتقد أن تقاسم الأعباء يجب أن يكون غير متناسب في الواقع من جانبهم، وليس العكس، وإلى أن نجبر هذه المحادثات الصعبة على الحدوث ... فهذا غير مقبول من حيث الأمن الجماعي».


مقالات ذات صلة

بايدن وماكرون يناقشان الصراعين في أوكرانيا والشرق الأوسط

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي جو بايدن مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بقمة دول مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو بالبرازيل (أ.ف.ب)

بايدن وماكرون يناقشان الصراعين في أوكرانيا والشرق الأوسط

قال البيت الأبيض إن الرئيس الأميركي جو بايدن ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون ناقشا الصراعين الدائرين في أوكرانيا والشرق الأوسط.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا صورة نشرتها مؤسسة أوكرانية تُظهر لحظة الهجوم بالصاروخ الباليستي الروسي على مدينة دنيبرو الأوكرانية (أ.ف.ب) play-circle 01:12

أوكرانيا تطلب أنظمة حديثة للدفاع الجوي بعد استهدافها بصاروخ باليستي روسي

أعلن الرئيس الأوكراني، الجمعة، أن بلاده تطلب من حلفائها الغربيين تزويدها بأنظمة حديثة للدفاع الجوي، بعدما استهدفتها روسيا، هذا الأسبوع، بصاروخ باليستي فرط صوتي.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أ.ب)

بوتين يأمر بـ«اختبارات» في الوضع القتالي للصاروخ «أوريشنيك»

أمر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بإنتاج كمية كبيرة من الصاروخ الباليستي الجديد فرط الصوتي «أوريشنيك» ومواصلة اختباره في الأوضاع القتالية.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا صاروخ «يارس» الباليستي الروسي خلال إطلاق تجريبي (لقطة من فيديو لوزارة الدفاع الروسية)

ماذا نعرف عن الصاروخ فرط الصوتي الروسي الذي أُطلق على أوكرانيا؟

أشاد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الخميس، بإطلاق بلاده صاروخاً جديداً فرط صوتي على مصنع أوكراني. وهذا السلاح استخدمته روسيا للمرة الأولى.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا سكان أمام منزل متضرر بهجوم طائرة مسيّرة في منطقة أوديسا جنوب أوكرانيا (أ.ف.ب)

موسكو حذرت واشنطن قبل 30 دقيقة من إطلاق صاروخ «أوريشنيك» متوسط ​​المدى

قالت وزارة الدفاع الروسية إنها استخدمت صاروخاً «باليستياً» متوسط ​​المدى من طراز «أوريشنيك» لأول مرة في أعمال قتالية.

«الشرق الأوسط» (موسكو) «الشرق الأوسط» (كييف)

«تهيمنان على برامج التصفح على الهواتف»... بريطانيا تحقق بشأن «أبل» و«غوغل»

شعار «غوغل» على هاتف محمول (أ.ف.ب)
شعار «غوغل» على هاتف محمول (أ.ف.ب)
TT

«تهيمنان على برامج التصفح على الهواتف»... بريطانيا تحقق بشأن «أبل» و«غوغل»

شعار «غوغل» على هاتف محمول (أ.ف.ب)
شعار «غوغل» على هاتف محمول (أ.ف.ب)

قالت هيئة المنافسة والأسواق في المملكة المتحدة، اليوم الجمعة، في تقرير إن شركتي «أبل» و«غوغل» لا توفران للمستهلكين خياراً حقيقياً لبرامج التصفح على الإنترنت للهواتف المحمولة، وأوصت بإحالتهما إلى تحقيقٍ بموجب القواعد الرقمية الجديدة في المملكة المتحدة، والتي من المقرر أن تدخل حيز التنفيذ العام المقبل.

ووجهت هيئة المنافسة والأسواق انتقادات لشركة «أبل»، قائلة إن تكتيكات الشركة المصنعة لهاتف آيفون تعيق الابتكار عن طريق منع المنافسين من منح المستخدمين ميزات جديدة مثل تحميل صفحات الإنترنت بشكل أسرع.

وأفاد تقرير الهيئة بأن شركة «أبل» تفعل ذلك من خلال تقييد تطبيقات الويب المتطورة، والتي لا يتطلب الأمر تنزيلها من تطبيق لمتجر التطبيقات، ولا تخضع لعمولات تطبيق متجر التطبيقات.

وقالت هيئة المنافسة والأسواق البريطانية إن «هذه التطبيقات غير قادرة على الانطلاق بشكل كامل على الأجهزة التي تعمل بنظام تشغيل (آي أو إس) الذي طورته شركة (أبل)»، وجاء ذلك في تقرير مؤقت للهيئة عن تحقيقها بشأن برامج تصفح الهواتف المحمولة، والذي شرعت فيه بعد أن خلصت دراسة أولية إلى أن شركتي «أبل» و«غوغل» لديهما سيطرة فعالة على «الأنظمة البيئية المحمولة».

وتوصل تقرير هيئة المنافسة والأسواق أيضاً إلى أن شركتي «أبل» و«غوغل» تتلاعبان بالخيارات المقدمة لمستخدمي الهواتف المحمولة؛ لجعل برامج التصفح الخاصة بهما هي «الخيار الأكثر وضوحاً أو سهولة».

وقالت الهيئة إن اتفاقاً لتقاسم الإيرادات بين شركتي التكنولوجيا الكبيرتين في الولايات المتحدة «يقلل بشكل كبير من حوافزهما المالية» للتنافس في مجال برامج تصفح الهواتف المحمولة على نظام التشغيل «آي أو إس» الذي تصنعه شركة «أبل» لأجهزة آيفون.

وقالت الشركتان إنهما «ستتعاونان بشكل بناء» مع هيئة المنافسة والأسواق.

وذكرت شركة «أبل» أنها لا توافق على نتائج تقرير الهيئة، وأعربت عن قلقها من أن تؤدي التوصيات إلى تقويض خصوصية وأمن المستخدم.

وأشارت شركة «غوغل» إلى أن انفتاح نظام تشغيل «آندرويد» للأجهزة المحمولة الخاص بها «ساعد في توسيع الاختيار وخفض الأسعار، وأتاح الوصول إلى الهواتف الذكية والتطبيقات»، وأنها «ملتزمة بالمنصات المفتوحة التي توفر الإمكانيات للمستهلكين».