أدلين أويمو... مرشحة من أصول مهاجرة تواجه صعود التطرف في ألمانيا الشرقية

تعرضت لاعتداء في مدينة كوتباس وتخشى فوز «البديل» في الانتخابات المحلية

المرشحة عن الحزب المسيحي الديمقراطي أدلين أبيمنوي أويمو في الانتخابات المحلية بولاية براندنبورغ خلال لقاء مع «الشرق الأوسط» في مدينة كوتباس (الشرق الأوسط)
المرشحة عن الحزب المسيحي الديمقراطي أدلين أبيمنوي أويمو في الانتخابات المحلية بولاية براندنبورغ خلال لقاء مع «الشرق الأوسط» في مدينة كوتباس (الشرق الأوسط)
TT

أدلين أويمو... مرشحة من أصول مهاجرة تواجه صعود التطرف في ألمانيا الشرقية

المرشحة عن الحزب المسيحي الديمقراطي أدلين أبيمنوي أويمو في الانتخابات المحلية بولاية براندنبورغ خلال لقاء مع «الشرق الأوسط» في مدينة كوتباس (الشرق الأوسط)
المرشحة عن الحزب المسيحي الديمقراطي أدلين أبيمنوي أويمو في الانتخابات المحلية بولاية براندنبورغ خلال لقاء مع «الشرق الأوسط» في مدينة كوتباس (الشرق الأوسط)

تخصص أدلين أبيمنوي أويمو، مرشحة الحزب المسيحي الديمقراطي في الانتخابات بولاية براندنبورغ شرقي ألمانيا، ساعتين يومياً منذ أيام للتجول في مدينتها كوتباس، تقرع الأبواب وتُعرّف الناخبين بنفسها. دائماً، يرافقها شخص واحد على الأقل من فريقها. وعندما تريد تعليق صورها في المدينة أو الوقوف في الشارع للترويج لحملتها، باتت تُبلّغ الشرطة مسبقاً. فتعرضها للضرب على يد سيدة ألمانية قبل بضعة أسابيع، جعلها تشعر بالصدمة والخوف.

أويمو هي المرشحة السوداء الوحيدة في ولاية براندنبورغ. فهي من أصول كاميرونية، ولدت في مدينة كومبا، ووصلت إلى ألمانيا قبل 22 عاماً، ودرست في جامعة براندنبورغ للتكنولوجيا. تقول إنها طوال هذه السنوات التي عاشتها في كوتباس، لم تتعرض يوماً لحادث مثل الذي تعرضت له قبل أسبوعين.

اعتداء صادم

كانت أويمو تعلق يافطة في ساحة المدينة، وكان معها ابنتاها وزوجها، ثم اقتربت منها سيدة ألمانية في العشرينات من العمر، وبدأت تسألها عما تفعله. الحديث الذي بدأ عادياً ثم تطور ليصبح عدائياً، بحسب ما تروي أويمو لـ«الشرق الأوسط». بدأت السيدة تسقط كيلاً من الشتائم على أويمو وتهينها بلون بشرتها، وتقول لها إنها وعائلتها «ليسوا حتى من البشر». وبعد أن اتصلت أويمو بالشرطة، زاد غضب السيدة التي انقضت عليها وأمسكتها من رقبتها تحاول خنقها. بعد دقائق وصلت الشرطة وطلبت لها سيارة الإسعاف.

المرشحة عن الحزب المسيحي الديمقراطي أدلين أبيمنوي أويمو في الانتخابات المحلية بولاية براندنبورغ خلال لقاء مع «الشرق الأوسط» في مدينة كوتباس (الشرق الأوسط)

تبدو أويمو حزينة وهي تتذكر الحادثة، ولكنها أيضاً تبدو قوية ومصممة على المضي قدماً. وتقول: «منذ أكثر من 20 عاماً في كوتباس، كانت صدمة، لأنه لم يسبق لي أن تعرضت لشيء من هذا المثيل، حتى الإهانات التي تعرضت لها والاعتداء الجسدي، ولكن هذا منحني تحفيزاً إضافياً للقتال».

ورغم أن مدينة كوتباس اشتهرت قبل سنوات بالمظاهرات الأسبوعية المناهضة للاجئين، فإن أويمو تقول إنها لطالما شعرت بأن كوتباس هي مدينتها التي احتضنتها عندما وصلت إليها، وعلمتها اللغة من دون حتى أن تدخل مدرسة خاصة.

الانتخابات المحلية

عندما التقينا قبل يومين من الانتخابات المحلية في ولاية براندنبورغ، كانت أويمو منشغلة بين التحضير لحملتها، والمساعدة في مهرجان للأطفال. فهي أمينة صندوق «جمعية كرنفال الأطفال في شرق ألمانيا»، وأيضاً عضوة في المجلس الاستشاري للتكامل والهجرة في الولاية منذ عام 2018.

من الواضح أن أويمو ناشطة جداً داخل مجتمعها، وهو ما تقول إنه يساعد في شعورها بالانتماء إلى هذه المدينة. عندما سألتها ما إذا كانت سئمت من التعامل العنصري معها، ردت بالقول إن في معظم الأحيان تحيط نفسها بأشخاص تعرفهم من عملها أو أشغالها التطوعية، وإنهم يشكلون نوعاً من دائرة تصد الصور الأخرى البشعة التي تخرج بشكل مستمر من الولايات الألمانية الشرقية.

وهي لا تنفي وجود العنصرية، ولكنها أيضاً تتحدث عن وجود «الكثير من الأشخاص اللطيفين في كوتباس». وتقول: «في النهاية، قررت البقاء هنا لأنني أشعر بالارتياح، رغم أنني تعرضت لبعض المواجهات العنصرية. لا أقول إنه لا توجد عنصرية ولكن كوتباس مكان جيد للعيش ومريح، وهي مدينة صغيرة حيث هناك الكثير من الأشخاص اللطفاء، وتسمح لك بالعيش حياة عائلية».

صعود حزب «البديل»

ومع ذلك، فإن الشعور بالقلق لا يغادرها. قلق من فوز حزب «البديل لألمانيا» الذي تتنامى شعبيته في الولايات الشرقية، وحالياً يتصدر استطلاعات الرأي في ولايتها براندنبورغ بنسبة 28 في المائة مقابل 27 في المائة للحزب الاشتراكي الذي ينتمي إليه المستشار الألماني أولاف شولتز الذي يقود حكومة الولاية حالياً.

قيادي في حزب البديل لألمانيا خلال فعالية انتخابية في 19 سبتمبر (رويترز)

وقبل أسبوعين، أظهرت الانتخابات المحلية في ولايتي تورنغن وساكسونيا حقيقة تمدد الحزب المتطرف في الولايات الشرقية. فهو حل أولاً في تورنغن بنسبة 32 في المائة، وثانياً في ساكسونيا بنسبة 31 في المائة.

وتصف أويمو هذا التقدم الكبير للحزب في الشرق بأنه «صعب ومحزن ومقلق للمستقبل». وتقول: «آمل ألا يفوزوا، وأنا أبذل ما بوسعي في الحملات وأتحدث مع الناس وأشجعهم للتصويت للحزب الصحيح». قلقها هذا نابع من سياسة الحزب المعادية بشكل كبير ليس فقط للاجئين، ولكن أيضاً للألمان من أصول مهاجرة مثل أويمو نفسها. ورغم أن هذه ليست سياسته المعلنة، لما قد يحمله ذلك من تبعات قانونية، فقد كشفت الصحافة الألمانية نهاية العام الماضي عن اجتماع سري شارك فيه سياسيون رفيعو المستوى من الحزب ناقش ترحيل ملايين اللاجئين والمهاجرين، وحتى الألمان من أصول مهاجرة.

قد تكون مهمة أويمو صعبة في إحدى أكثر المدن تطرفاً في ألمانيا، ولكنها تحتفظ بالأمل. وهي، وكثيرون غيرها، يرون أن اتفاق كل الأحزاب السياسية على رفض التحالف مع «البديل من ألمانيا» رادع، حتى الآن، لوصول الحزب إلى السلطة، على الأقل في الفترة القريبة القادمة.


مقالات ذات صلة

الدعم الشعبي لنتنياهو من لقاء ترمب يتبخر

شؤون إقليمية نتنياهو وترمب في البيت الأبيض يوم 4 فبراير الحالي (د.ب.أ)

الدعم الشعبي لنتنياهو من لقاء ترمب يتبخر

دلت نتائج استطلاع رأي جديد، الجمعة، على أن الارتفاع في شعبية بنيامين نتنياهو في الأسبوع الماضي تبخر في استطلاع هذا الأسبوع.

نظير مجلي (تل أبيب)
أوروبا «البوندستاغ» خلال جلسته الاثنين (أ.ف.ب)

زعيم المحافظين في ألمانيا يتهم المستشار بإذكاء «حرب طبقية»

قال ميرتس، إن المستشار يثير «الحقد الاجتماعي» ويذكي «حرباً طبقية». واتهمه بالتسبب في «كارثة تامة» في سوق العمل الألمانية.

«الشرق الأوسط» (برلين)
أوروبا رئيس وزراء كوسوفو ألبين كورتي وأنصاره يحتفلون بالانتصار في بريشتينا الاثنين (رويترز)

كوسوفو: حزب رئيس الوزراء يتصدر الانتخابات لكن من دون أغلبية

حصد معسكر رئيس وزراء كوسوفو المنتهية ولايته ألبين كورتي، 41 في المائة من الأصوات في الانتخابات التشريعية.

«الشرق الأوسط» (بريشتينا - لندن)
أوروبا بدأ الناخبون الكوسوفيون الإدلاء بأصواتهم لانتخاب نوابهم الـ120 (إ.ب.أ)

بدء التصويت في كوسوفو في انتخابات تشكل مؤشراً لشعبية رئيس الوزراء

بدأ الناخبون الكوسوفيون الإدلاء بأصواتهم، الأحد، لانتخاب نوابهم الـ120.

«الشرق الأوسط» (بريشتينا)
أوروبا رئيس وزراء كوسوفو ألبين كورتي للإدلاء بصوته في مركز اقتراع خلال الانتخابات التشريعية في بريشتينا (أ.ف.ب)

كوسوفو تُجري انتخابات عامة يخيم عليها التوتر مع صربيا

فتحت مراكز الاقتراع في كوسوفو أبوابها اليوم (الأحد) في انتخابات عامة، سبقتها حملة انتخابية محتدمة، شهدت مشادات بين مرشحي المعارضة ورئيس الوزراء ألبين كورتي.

«الشرق الأوسط» (بريشتينا)

مؤيدون للمعارض الروسي نافالني يكرمونه في ذكرى وفاته

روس يصطفون لزيارة قبر زعيم المعارضة الراحل أليكسي نافالني بموسكو في الذكرى الأولى لوفاته الأحد (إ.ب.أ)
روس يصطفون لزيارة قبر زعيم المعارضة الراحل أليكسي نافالني بموسكو في الذكرى الأولى لوفاته الأحد (إ.ب.أ)
TT

مؤيدون للمعارض الروسي نافالني يكرمونه في ذكرى وفاته

روس يصطفون لزيارة قبر زعيم المعارضة الراحل أليكسي نافالني بموسكو في الذكرى الأولى لوفاته الأحد (إ.ب.أ)
روس يصطفون لزيارة قبر زعيم المعارضة الراحل أليكسي نافالني بموسكو في الذكرى الأولى لوفاته الأحد (إ.ب.أ)

زار المئات الأحد، قبر أليكسي نافالني في موسكو، على الرغم من خطر التعرض لأعمال انتقامية من قبل السلطات، بعد عام من وفاة أبرز معارضي الكرملين في معتقله بسيبيريا.

وتقاطر أفراد ومجموعات صغيرة، بينهم عائلات مع أطفالها، طوال الصباح إلى مقبرة بوريسوفسكوي في الطقس البارد. وبحلول ساعات الصباح المتأخرة، كانت المقبرة مغطاة فعلياً بجبل صغير من الزهور، واستمر وصول العشرات من الأشخاص، بمفردهم أو في مجموعات صغيرة.

وتوفي نافالني، العدو السياسي الأول للرئيس فلاديمير بوتين، في ظروف غامضة في معتقل بالقطب الشمالي.

وزار عدد من الدبلوماسيين الغربيين، بينهم ممثلون للسفارات الأميركية والفرنسية والإسبانية والنرويجية والاتحاد الأوروبي، قبر المعارض. وكان نافالني ناشطاً صاحب كاريزما في مجال مكافحة الفساد والعدو السياسي الأول لبوتين، وقد صنفه القضاء الروسي «متطرفاً».

وكل من يشير علناً إلى المعارض أو إلى منظمته، صندوق مكافحة الفساد، ويُغفل الإشارة إلى إعلان «تطرفهما»، يتعرض لعقوبات شديدة. ولا يزال هذا التهديد سارياً على الرغم من وفاة نافالني في ظروف غامضة في سجن بالقطب الشمالي في 16 فبراير (شباط) 2024، ونفي جميع المتعاونين معه تقريباً خارج روسيا.

والدا زعيم المعارضة الروسية أليكسي نافالني برفقة أقارب ومؤيدين خلال زيارة القبر في موسكو الأحد (رويترز)

تحقيق الحلم

أما أرملة نافالني يوليا نافالنايا التي تولت زمام الأمور في حركته، فمن المقرر أن تشارك في فعالية ببرلين، حيث يعيش كثير من أنصار المعارض الروسي. ودعت يوليا في رسالة مصورة بثت الأحد، إلى مواصلة النضال من أجل روسيا «حرة ومسالمة». وقالت: «نعلم ما الذي نناضل من أجله: روسيا مستقبلية حرة ومسالمة وجميلة، تلك التي حلم بها أليكسي، ممكنة. دعونا نفعل كل شيء لتحقيق حلمه».

تحميل بوتين «المسؤولية»

وفي بروكسل، قالت مسؤولة الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس، في بيان، إن بوتين يتحمل «المسؤولية النهائية» عن وفاة المعارض. وأكدت أن «نافالني ضحى بحياته من أجل روسيا حرة وديمقراطية»، داعية إلى «الإفراج فوراً ودون قيد أو شرط عن محامي أليكسي نافالني وجميع السجناء السياسيين».

وكان المستشار الألماني أولاف شولتس أحد أوائل الزعماء الغربيين الذين كرموا ذكراه الأحد، موجهاً تحية لرجل مات «لأنه ناضل من أجل الديمقراطية والحرية في روسيا». وحذرت قنوات عبر «تلغرام» مؤيدة للكرملين، أنصار المعارض الراحل من زيارة المقبرة.

وجاء في رسالة نشرها الصحافي دميتري سميرنوف، المؤيد للكرملين وقنوات أخرى: «نصيحة مختصرة لمن يعتزمون الذهاب إلى هناك ولكنهم ليسوا متأكدين بعد: لا تذهبوا!». وجاء في رسالة بثتها هذه القنوات إلى «الأخ الأكبر وعينه الساهرة»، مع صورة لعلامة تشير إلى وجود كاميرا مراقبة على أبواب المقبرة.

محاكمات

وفككت السلطات الروسية بشكل منهجي حركة أليكسي نافالني، وأرسلت كثيراً من أنصاره إلى السجن.

وتتم حالياً محاكمة 4 صحافيين في روسيا بتهمة «المشاركة في جماعة متطرفة». وفي يناير (كانون الثاني) الماضي، حُكم على 3 من المحامين المدافعين عن زعيم المعارضة بالسجن لمدد من 3 سنوات ونصف السنة إلى 5 سنوات، لنقلهم رسائله أثناء وجوده رهن الاحتجاز. وتكثّف السلطات الروسية قمعها لمعارضي فلاديمير بوتين، خصوصاً المقرّبين من نافالني، ومنتقدي غزوها لأوكرانيا قبل نحو 3 سنوات.

وأوقف نافالني في يناير 2021 عند عودته من ألمانيا، حيث كان يتلقّى العلاج بعد تعرّضه لتسمّم في سيبيريا حمّل الكرملين مسؤوليته. وحكم عليه بعقوبات مشدّدة على خلفية «التطرّف»، وما زالت ملابسات وفاته في معسكر اعتقال بالقطب الشمالي في فبراير (شباط) 2024، غامضة.

وتأتي هذه الفعاليات التكريمية في وقت أصبحت فيه المعارضة الروسية التي فقدت قائدها ومزقتها الصراعات الداخلية، ضعيفة بشكل غير مسبوق. ويكافح قادتها المنفيون في كثير من البلدان من أجل إحياء روح النضال ضد الرئيس فلاديمير بوتين، خصوصاً في روسيا، حيث يُقابَل أي انتقاد للحكومة بقمع شديد.