بوتين: هدفنا الرئيسي السيطرة على منطقة دونباس الأوكرانية... ومستعدون للتفاوض

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يحضر جلسة عامة للمنتدى الاقتصادي الشرقي في فلاديفوستوك (أ.ف.ب)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يحضر جلسة عامة للمنتدى الاقتصادي الشرقي في فلاديفوستوك (أ.ف.ب)
TT

بوتين: هدفنا الرئيسي السيطرة على منطقة دونباس الأوكرانية... ومستعدون للتفاوض

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يحضر جلسة عامة للمنتدى الاقتصادي الشرقي في فلاديفوستوك (أ.ف.ب)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يحضر جلسة عامة للمنتدى الاقتصادي الشرقي في فلاديفوستوك (أ.ف.ب)

أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، اليوم (الخميس)، أن «الهدف الرئيسي» لروسيا هو السيطرة على منطقة دونباس الأوكرانية، مؤكداً في الوقت ذاته أن الجيش الروسي يدفع القوات الأوكرانية إلى التراجع من منطقة كورسك، وفق ما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية.

وقال بوتين، أمام منتدى اقتصادي في فلاديفوستوك في شرق روسيا: «كان هدف العدو (من مهاجمة منطقة كورسك الروسية) إثارة التوتر لدينا وجعلنا مضطرّين لإعادة نشر قواتنا من منطقة إلى أخرى ووقف هجومنا في المناطق الرئيسية؛ خصوصاً في دونباس التي يمثّل تحريرها أولويتنا».

وأضاف: «نجحت قواتنا المسلّحة في تثبيت الوضع ودفع الجيش الأوكراني إلى التراجع تدريجياً» من منطقة كورسك الروسية.

وفي سبتمبر (أيلول) 2022، أعلنت روسيا ضمها منطقة دونيتسك (شرق) بالإضافة إلى 3 مناطق أوكرانية أخرى.

وقال بوتين إن دخول أوكرانيا إلى كورسك جعل تقدم موسكو في شرق أوكرانيا أسرع، موضحاً أن «العدو أضعف نفسه في مناطق رئيسية، فيما سرّع جيشنا عملياته الهجومية».

وأشار بوتين إلى أن موسكو بدأت دحر القوات الأوكرانية من المنطقة الحدودية، حيث سيطرت على بعض البلدات والقرى.

وأضاف: «نجحت قواتنا المسلحة في استعادة استقرار الوضع وبدأت دحر (العدو) تدريجياً من أراضينا».

وتابع: «إنه واجب مقدس على الجيش الروسي أن يفعل كل ما بوسعه لطرد العدو من أراضيه وحماية مواطنينا».

من جهة أخرى، أعلن بوتين استعداده لإجراء مفاوضات مع كييف على أساس المحادثات التي عُقدت في ربيع عام 2022، إذا طلبت أوكرانيا ذلك.

وكانت موسكو تستبعد أي نقاش على خلفية الهجوم الأوكراني على منطقة كورسك.

وفي أغسطس (آب)، شنّت أوكرانيا هجوماً غير مسبوق على منطقة كورسك الروسية، حيث أرسلت آلاف الجنود عبر الحدود وسيطرت على بلدات عدة. وبعد فترة وجيزة، أكّد بوتين أنه لا يمكن أن تكون هناك مفاوضات.

وخلال جلسة حوار في المنتدى الاقتصادي، سأل بوتين: «هل نحن مستعدّون للتفاوض معهم؟ لم نرفض ذلك قط».

وأضاف: «إذا ظهرت رغبة في التفاوض (لدى أوكرانيا)، لن نرفض»، مؤكداً في الوقت ذاته أن هذه المحادثات «لن تتم بناء على بعض المطالب العابرة، ولكن يجب أن تستند إلى الوثائق التي تم الاتفاق عليها وتوقيعها في إسطنبول» ربيع عام 2022.

وكان الكرملين أعلن مراراً أنّ روسيا وأوكرانيا على وشك التوصل إلى اتفاق في ربيع 2022، بعد وقت قصير من بدء الهجوم الروسي على أوكرانيا.

والخميس، قال الرئيس الروسي: «تمكنّا من التوصل إلى اتفاق، هذا هو الهدف، ويشهد على ذلك توقيع رئيس الوفد الأوكراني هذه الوثيقة، ما يعني أن الجانب الأوكراني كان راضياً بشكل عام عن الاتفاقات التي تم التوصل إليها».

وأضاف: «لم يدخل (الاتفاق) حيّز التنفيذ فقط لأنه صدر أمر بعدم القيام بذلك، لأن النخب في الولايات المتحدة وأوروبا، بعض الدول الأوروبية، أرادت إلحاق هزيمة استراتيجية بروسيا».


مقالات ذات صلة

أندريه سيبيها يخلف كوليبا وزيراً للخارجية بعد مصادقة البرلمان الأوكراني

أوروبا زيلينسكي مع وزير الدفاع الأميركي (أ.ب)

أندريه سيبيها يخلف كوليبا وزيراً للخارجية بعد مصادقة البرلمان الأوكراني

البرلمان الأوكراني يصادق على استقالة وزير الخارجية في وقت يجري فيه الرئيس فولوديمير زيلينسكي أكبر تعديل وزاري منذ غزو روسيا

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يجلس داخل مقصورة طائرة «إف - 16» بالدنمارك في 20 أغسطس 2023 (أ.ب)

موسكو تؤكد استعدادها لإجراء مفاوضات مع كييف «دون شروط مسبقة»

بوتين يُبدي استعداده لمفاوضات مع كييف، ويقول إن توغل قواتها في كورسك لم يبطئ التقدم الروسي بشرق أوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا علم حلف الناتو (إ.ب.أ)

أمين عام «الناتو» لا يرى تهديداً عسكرياً حالياً للدول الأعضاء

قال الأمين العام لحلف شمال الأطلسي، ينس ستولتنبرغ، الخميس، إنه لا يرى أي تهديد عسكري حالياً للدول الأعضاء في التحالف العسكري.

«الشرق الأوسط» (أوسلو)
أوروبا المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي (يسار) يزور محطة زابوريجيا (إ.ب.أ)

«الطاقة الذرية»: هناك حاجة لهدم برج التبريد بمحطة زابوريجيا

كشفت الوكالة الدولية للطاقة الذرية عن أنه من المرجح أن تكون هناك حاجة لهدم برج التبريد الذي تضرر في حريق بمحطة زابوريجيا النووية التي تسيطر عليها روسيا.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف (رويترز)

الكرملين «لا يرى أي شروط مسبقة» لمحادثات سلام مع أوكرانيا

نقلت وكالة الإعلام الروسية اليوم (الخميس) عن المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف قوله إن روسيا «لا ترى أي شروط مسبقة» لإجراء محادثات سلام مع أوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (موسكو)

بعد مناورات استمرت 8 أسابيع... ماكرون يكلف ميشال بارنييه تشكيل الحكومة

الرئيس إيمانويل ماكرون ورئيس الحكومة المكلف ميشال بارنييه في حديث هامس في صورة تعود لعام 2019 (أ.ف.ب)
الرئيس إيمانويل ماكرون ورئيس الحكومة المكلف ميشال بارنييه في حديث هامس في صورة تعود لعام 2019 (أ.ف.ب)
TT

بعد مناورات استمرت 8 أسابيع... ماكرون يكلف ميشال بارنييه تشكيل الحكومة

الرئيس إيمانويل ماكرون ورئيس الحكومة المكلف ميشال بارنييه في حديث هامس في صورة تعود لعام 2019 (أ.ف.ب)
الرئيس إيمانويل ماكرون ورئيس الحكومة المكلف ميشال بارنييه في حديث هامس في صورة تعود لعام 2019 (أ.ف.ب)

أخيراً، خرج الدخان الأبيض من القصر الرئاسي مؤشراً لعثور إيمانويل ماكرون، بعد مشاورات مضنية استمرت أياماً وأياماً، على شخصية سياسية، كلّفها رسمياً تشكيل الحكومة الجديدة. وانتهى مسلسل الانتظار الذي شهد توافد قادة الأحزاب والمجموعات البرلمانية في مجلسي النواب والشيوخ مراراً على قصر الإليزيه، للقاء ماكرون ولعرض تصوراتهم لكيفية الخروج من الأزمة السياسية المستحكمة، بعدما بقيت فرنسا 50 يوماً في ظل حكومة غابرييل أتال المستقيلة، وبعد 60 يوماً على إعلان النتائج النهائية للانتخابات التشريعية. وأفضت هذه الانتخابات إلى تصدر تكتل اليسار المسمى «الجبهة الشعبية الجديدة» المشهد الانتخابي بحصوله على 193 مقعداً متقدماً على معسكر ماكرون (166 مقعداً) وعلى حزب «التجمع الوطني» (اليمين المتطرف) الذي حلّ في المرتبة الثالثة (143 نائباً) والذي كانت زعيمته مارين لوبن، المرشحة الرئاسية السابقة، تحلم بالحصول، منفردة، على الأكثرية المطلقة (289 نائباً).

 

صورة مركبة للمرشحين الثلاثة الذين حلموا برئاسة الحكومة (من اليمين) كزافيه برتران وبرنار كازنوف ودافيد ليسنار رئيس بلدية مدينة كان (أ.ف.ب)

استبعاد 3 مرشحين

ولأن الانتخابات أفضت إلى تشكل 3 مجموعات نيابية يصعب التفاهم في ما بينها، وبالتالي التعاون في إطار حكومي، فإن تسمية رئيس للحكومة يوفر «الاستقرار المؤسساتي»، ولا يسقط في البرلمان لدى أول اختبار، كانت بمثابة تربيع الدائرة. والأمر الثاني الذي تمسك به رئيس الجمهورية هو استبعاد رئيس للحكومة يكون من اليسار، ويعمل على تفكيك ما حرص على بنائه طيلة 7 سنوات. وبحسب منتقديه، وخصوصاً من اليسار، فإن همّه الأول كان أن يبقى سيد اللعبة السياسية في فرنسا. لذا، حرص منذ البداية على استبعاد لوسي كاستيه، مرشحة «الجبهة الشعبية الجديدة»، بحجة أنه لا حظ لها في البقاء وأنها ستسقط في اليوم التالي لتشكيل حكومتها نظراً لمعارضة اليمين بجناحيه المعتدل والمتطرف، وأيضاً «الكتلة الوسطية» أي معسكر نواب ماكرون.

بعد ذلك، تأرجح ماكرون بين عدة مرشحين. أبرزهم اثنان: رئيس الوزراء الاشتراكي السابق برنار كازنوف، والقيادي في حزب الجمهوريين اليميني كزافييه برتران. لكن حسابات البرلمان لم تصبّ في مصلحتهما. فالأول كان سيسقط لمعارضة اليمين والوسط له، ولأنه تمسك بعزمه على قيادة سياسة مستقلة، وليس مواصلة سياسة حكومة غابرييل أتال ونهج ماكرون، وخصوصاً التراجع عن قانون إصلاح سن التقاعد. والثاني أطاحت به معارضة مارين لوبن بسبب خصومة قديمة بينهما ولأن برتران بنى بعض شعبيته على محاربة اليمين المتطرف. وأخيراً، فإن التداول باسم تييري بوديه، رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي القادم من المجتمع المدني، لم يصمد سوى ساعات. فالرجل الذي كان مدرساً في بداية حياته المهنية، لا يملك أي خبرة سياسية، وليس الرجل المناسب لإدارة وضع بالغ الصعوبة.

مارين لوبن زعيمة حزب التجمع الوطني مع رئيس الحزب جوردان بارديلا (أرشيفية - رويترز)

لوبن صانعة «رؤساء الحكومات»

كان ميشال بارنييه، وزير الخارجية الأسبق والمفوض الأوروبي الذي كلف مهمة التفاوض المعقدة مع الجانب البريطاني للاتفاق على شروط خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي، المستفيد النهائي من خروج المرشحين الثلاثة من السباق. وأصدر الإليزيه البيان الذي كان ينتظره الجميع، وجاء فيه أن رئيس الجمهورية «كلّف ميشال بارنييه تشكيل حكومة لخدمة البلاد والفرنسيين»، مضيفاً أن التعيين «يأتي عقب دورة غير مسبوقة من المشاورات التي حرص خلالها الرئيس، وفقاً لواجبه الدستوري، على أن يستوفي رئيس الوزراء والحكومة المقبلة الشروط اللازمة لتحقيق أكبر قدر ممكن من الاستقرار وإعطاء أنفسهم فرصاً لتوحيد الصفوف على أوسع نطاق ممكن».

حقيقة الأمر أن تسمية بارنييه لم تصبح ممكنة إلا بعد توفر شرطين: الأول، قبول حزب «الجمهوريون» اليميني المعتدل المشاركة في الحكومة، وهو ما كان يرفضه لوران فوكييز، رئيس الحزب الذي لم يكن «يرى فائدة من ركوب قطار» الرئيس ماكرون المتهالك في آخر سنوات عهده تحضراً للاستحقاقات المقبلة، وعلى رأسها الاستحقاق الرئاسي الذي ينوي فوكييز الخوض فيه. والثاني (والأهم)، أن مارين لوبن قبلت ألا يعمد حزبها لطرح الثقة بالحكومة الجديدة التي بطبيعة الحال يرفضها اليسار، ولأن الجمع بين أصوات جبهة اليسار واليمين المتطرف سيوفر أكثرية ساحقة لإسقاطها. من هنا، فإن مارين لوبن تحوّلت إلى «صانعة الرؤساء». وبعد أن كان هم ماكرون إضعاف وإبعاد حزب «التجمع الوطني» في الانتخابات الأخيرة من خلال السير في ما سمي «القوس الجمهوري»، ها هو يتحول إلى «رهينة» بين يديها رغم بقاء حزبها خارج الحكومة. والمفارقة الأخيرة أن جان فيليب تانغي، أحد أقطاب اليمين المتطرف، الرئيس المفوض لمجموعة الحزب البرلمانية، لم يتردد، في حديث صحافي لإذاعة «فرانس أنتير»، عن مهاجمة بارنييه شخصياً، حيث وصفه (حرفياً) بأنه «أحد أغبى السياسيين الذين أنجبتهم الجمهورية الخامسة على الإطلاق، فهو لا يفهم شيئاً مما يُعطى له سوى الأوراق» التي تحضر له لقراءتها.

ميشال بارنييه متحدثاً في 18 ديسمبر 2020 أمام البرلمان الأوروبي (إ.ب.أ)

غير أن مارين لوبن أكدت أن حزب «التجمع الوطني» «سينتظر سماع خطاب بارنييه بشأن السياسة العامة» أمام البرلمان قبل تحديد موقف بشأن منحه الثقة أم لا. وليس كلامها سوى وسيلة كي لا تقول إنها لا تعارض تسميته. وقال مصدر في الحزب المذكور إن «التجمع الوطني لا يريد أن يظهر بمظهر من يدفع إلى استمرار الأزمة السياسية». فضلاً عن ذلك، يرى اليمين المتطرف أن مواقف بارنييه بشأن الهجرات إلى فرنسا قريبة من مواقف من مواقفه، وقد برزت عندما كان مرشحاً لخوض المنافسة الرئاسية في عام 2022. وما زالت طروحاته بشأن الهجرات ماثلة أمام الأعين إذ اعتبر، وقتها، أن من الضروري لفرنسا «استعادة السيادة القانونية حتى لا تبقى خاضعة لقرارات القضاء الأوروبي أو المجلس الأوروبي لحقوق الإنسان» ما بدا غريباً، وقتها، عن مسؤول أمضى سنوات طويلة في أحد أبرز المناصب الأوروبية.

وتجدر الإشارة أن ماكرون تشاور مطولاً مع لوبن مساء الثلاثاء، رغم أنه استبعدها عن المشاورات، مع حزب «فرنسا الأبية» الذي يتزعمه جان لوك ميلونشون. وما كان ماكرون ليكلف بارنييه لو لم يحصل على تطمينات منافسته على الرئاسة لدورتي عام 2017 و2022.

ونقلت وكالة «فرانس برس» عن مصدر رئاسي أن بارنييه، وزير الخارجية السابق المخضرم «متوافق مع ماكرون»، ولديه حظوظ في نيل تأييد البرلمان. ومن جانب اليسار، عدّ ميلونشون وحلفاء له من داخل كتلة اليسار أن تكليف بارنييه يعني أن الانتخابات «سُرقت من الفرنسيين». ورأى أوليفييه فور، الأمين العام للحزب الاشتراكي، أن البلاد ستدخل «في أزمة حكم».

يبلغ بارنييه من العمر 73 عاماً، وبذلك يعدّ أكبر رئيس حكومة في تاريخ فرنسا الحديث. وكان قد دخل السياسة من باب الحزب الديغولي حيث انتخب نائباً وهو في سن السابعة والعشرين، وبقي نائباً حتى عام 199. كذلك انتخب عضواً في مجلس الشيوخ، كما شغل عدة مناصب حكومية، حيث عين وزيراً للبيئة ووزيراً للزراعة ووزيراً للخارجية، قبل أن ينتخب نائباً أوروبياً. وداخل الاتحاد الأوروبي، عيّن مفوضاً للسوق الأوروبية الداخلية، ونائباً لرئيس المفوضية. ومن أهم ما حقّقه داخل الاتحاد التفاوض مع لندن في ملف البريكست، حيث برزت مواهبه كمفاوض محنك وشديد المراس. ولا شك أنه سيحتاج لكل اللياقة الدبلوماسية التي يتقنها لممارسة مهمته الجديدة، فعليه أن يعثر على توافق الحد الأدنى في برلمان ممزق. وثمة من يرى أن مهمته لن تتعدى عاماً واحدا، إذ قد يعمد ماكرون إلى حل المجلس النيابي عندما يتيح له الدستور ذلك، أي بدءاً من يونيو (حزيران) المقبل، بعد مرور عام كامل على حل البرلمان للمرة الأولى.