هل تتخلى سويسرا عن حيادها التاريخي؟... تقرير يوصي بالتقارب مع «الناتو» والاتحاد الأوروبي

التهديد الروسي وتراجع مبيعات الأسلحة يثيران نقاشاً حول مستقبل الحياد السويسري

أمين عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي مع رئيس الاتحاد السويسري إيغناسيو كاسيس خلال زيارة له إلى سويسرا قبل يومين (إ.ب.أ)
أمين عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي مع رئيس الاتحاد السويسري إيغناسيو كاسيس خلال زيارة له إلى سويسرا قبل يومين (إ.ب.أ)
TT

هل تتخلى سويسرا عن حيادها التاريخي؟... تقرير يوصي بالتقارب مع «الناتو» والاتحاد الأوروبي

أمين عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي مع رئيس الاتحاد السويسري إيغناسيو كاسيس خلال زيارة له إلى سويسرا قبل يومين (إ.ب.أ)
أمين عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي مع رئيس الاتحاد السويسري إيغناسيو كاسيس خلال زيارة له إلى سويسرا قبل يومين (إ.ب.أ)

بعد قرون من التمسك بالحياد وعدم التحالف، تواجه سويسرا تحدياً غير مسبوق يدفعها إلى إعادة النظر في موقفها الدفاعي التاريخي.

ووفقاً لتقرير أصدرته مجموعة من الخبراء، الخميس، ونشرته شبكة «بوليتيكو»، أوصى بتعزيز التعاون العسكري مع الاتحاد الأوروبي وحلف «الناتو»، وهو ما يثير تساؤلات حول مستقبل الحياد السويسري الذي استمر لأكثر من 500 عام.

وفقاً للتقرير، فإن التهديد الذي يشكله الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على أمن أوروبا بأكملها، إلى جانب انخفاض مبيعات الأسلحة السويسرية، يدفعان البلاد لإعادة تقييم استراتيجيتها الدفاعية.

التقرير يقترح مراجعة سياسة الحياد التي اتبعتها سويسرا منذ عام 1515، مشدداً على الحاجة إلى قدرة دفاعية مشتركة مع حلفائها الأوروبيين.

التغيرات في المشهد الأمني الأوروبي

يشير التقرير إلى أن الغزو الروسي لأوكرانيا في عام 2022، أحدث تحولات جذرية في الأمن الأوروبي، حيث تخلت كل من السويد وفنلندا عن حيادهما التاريخي وانضمتا إلى حلف «الناتو».

هذه التغيرات دفعت الخبراء إلى دعوة الحكومة السويسرية لمراجعة موقفها والاستعداد للتعاون مع «الناتو» والاتحاد الأوروبي في مجالات مثل التدريب المشترك والدفاع الصاروخي.

تأثير الحياد على صناعة الأسلحة

تأثر قطاع صناعة الأسلحة السويسري بشكل ملحوظ بسياسة الحياد، حيث تراجعت صادرات الأسلحة، العام الماضي، بنسبة 27 في المائة لتصل إلى أقل من 700 مليون فرنك سويسري (800 مليون دولار). ويُعزى هذا الانخفاض إلى القوانين الصارمة لتصدير الأسلحة، والتي تعرقل بيعها للدول التي تخوض نزاعات. كما أثرت هذه السياسات على علاقات سويسرا مع الدول الأوروبية التي تسعى لتسليح أوكرانيا بمكونات سويسرية الصنع.

مقترحات تفجيرية وتحديات داخلية

التقرير، الذي أعده مجموعة من الدبلوماسيين والمسؤولين العسكريين السابقين، أثار جدلاً حتى قبل نشره. ووُصف بأنه تفجيري في الأوساط السياسية السويسرية، حيث يُتوقع أن يواجه مقاومة شديدة في البرلمان، خاصة من الأحزاب اليسارية المسالمة واليمين المتطرف القومي.

ويركز التقرير أيضاً على التهديدات غير التقليدية مثل الهجمات السيبرانية والتضليل الإعلامي، داعياً إلى الدفاع الشامل الذي يتطلب إشراك المجتمع بأكمله في الاستعداد لمواجهة أي صراع محتمل.

خطوات نحو التقارب

في ظل هذه التحولات، يبدو أن الحكومة السويسرية تمهد الطريق لتقارب أكبر مع حلف «الناتو» والاتحاد الأوروبي. فقد شارك وفد سويسري مؤخراً في اجتماع مع وكالة دعم وتوريد الناتو (NSPA)، كما وافقت الحكومة على المشاركة في مشاريع تعاونية ضمن الاتحاد الأوروبي، تتعلق بالدفاع السيبراني والتنقل العسكري.

يبقى السؤال المطروح: هل ستتخلى سويسرا عن حيادها التاريخي لتنضم إلى التحالفات العسكرية الغربية؟ الوقت وحده كفيل بالإجابة عن هذا السؤال الذي قد يعيد رسم خريطة الأمن في أوروبا.


مقالات ذات صلة

«الناتو» يعزّز انتشاره العسكري في بحر البلطيق بعد تخريب كابلات

أوروبا سفن تابعة لـ«الناتو» تبحر خلال مناورات السواحل الشمالية في بحر البلطيق 18 سبتمبر 2023 (رويترز)

«الناتو» يعزّز انتشاره العسكري في بحر البلطيق بعد تخريب كابلات

قال الأمين العام لحلف الناتو، اليوم (الثلاثاء)، إن «الناتو» سينشر سفناً وطائرات ومسيرات في بحر البلطيق ردا على تخريب عدة كابلات بحرية يشتبه في وقوف روسيا وراءه.

«الشرق الأوسط» (هلسنكي)
شؤون إقليمية تخت روانتشي يطلِع لجنة الأمن القومي على نتائج الجولة الثانية من الحوار مع الأوروبيين مطلع الشهر الماضي (موقع البرلمان)

طهران: المحادثات مع الأوروبيين في جنيف «بنَّاءة وصريحة»

وصفت إيران الجولة الجديدة من الحوار بشأن برنامجها النووي المثير للجدل مع فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة في جنيف بـ«الجدية والصريحة والبنَّاءة».

«الشرق الأوسط» (لندن - جنيف)
الخليج Kaja Kallas

إشارات أوروبية لانفراجة في عقوبات سوريا

أرسلت 6 دول أعضاء في الاتحاد الأوروبي إشارات بانفراجة في العقوبات المفروضة على سوريا، داعية إلى تعليقها مؤقتاً في قطاعات مثل النقل والطاقة والخدمات المصرفية.

«الشرق الأوسط» (بروكسل) عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي سفيرة الاتحاد الأوروبي لدى لبنان ساندرا دو وال (صورة من حسابها على إكس)

سفيرة الاتحاد الأوروبي لدى لبنان تأمل تشكيل حكومة «سريعاً» لإطلاق إصلاحات «ملحة»

أعربت سفيرة الاتحاد الأوروبي لدى لبنان ساندرا دو وال، الاثنين، عن أملها في تشكيل حكومة جديدة في لبنان «سريعاً» من أجل إطلاق إصلاحات «ملحة».

المشرق العربي صورة ملتقطة في يناير 2025 في العاصمة السعودية الرياض تظهر المبعوث الخاص للأمم المتحدة غير بيدرسن والممثلة العليا للشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس في اجتماع لكبار الدبلوماسيين من الشرق الأوسط وأوروبا لمناقشة الوضع في سوريا (د.ب.أ) 
play-circle 01:15

6 دول في الاتحاد الأوروبي تدعو لتخفيف مؤقت للعقوبات على سوريا

دعت ست دول أعضاء في الاتحاد الأوروبي الاتحاد إلى تعليق العقوبات المفروضة على سوريا مؤقتاً في قطاعات مثل النقل والطاقة والخدمات المصرفية.

«الشرق الأوسط» (بروكسل)

مستشار بوتين: أوكرانيا ومولدوفا قد تفقدان استقلالهما

انفجار طائرة مسيّرة في سماء العاصمة الأوكرانية كييف أثناء غارة روسية، وسط هجوم روسيا على أوكرانيا، 14 يناير 2025 (رويترز)
انفجار طائرة مسيّرة في سماء العاصمة الأوكرانية كييف أثناء غارة روسية، وسط هجوم روسيا على أوكرانيا، 14 يناير 2025 (رويترز)
TT

مستشار بوتين: أوكرانيا ومولدوفا قد تفقدان استقلالهما

انفجار طائرة مسيّرة في سماء العاصمة الأوكرانية كييف أثناء غارة روسية، وسط هجوم روسيا على أوكرانيا، 14 يناير 2025 (رويترز)
انفجار طائرة مسيّرة في سماء العاصمة الأوكرانية كييف أثناء غارة روسية، وسط هجوم روسيا على أوكرانيا، 14 يناير 2025 (رويترز)

قال مستشار للرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن أوكرانيا ومولدوفا يمكن أن تفقدا وضعهما كدولتين مستقلتين، وذلك في مقابلة مع صحيفة «كومسومولسكايا برافدا» الروسية نُشرت اليوم الثلاثاء.

وقال نيكولاي باتروشيف، السكرتير السابق لمجلس الأمن القومي الروسي: «لا يمكن استبعاد أن تختفي أوكرانيا من الوجود هذا العام»، وفق وكالة «رويترز» للأنباء.

أما بالنسبة لمولدوفا، فقال إنه من المرجح «أن تنضم إلى دولة أخرى أو تختفي من الوجود تماماً».

يذكر أن باتروشيف مساعد مقرب من بوتين ومدافع عن مزاعم القوة العظمى لروسيا، على الرغم من أنه مسؤول فقط عن سياسة الشحن في الكرملين منذ عام 2024.

صورة تظهر دماراً نتيجة هجوم صاروخي روسي في زابوريجيا، أوكرانيا 10 ديسمبر 2024 (أ.ب)

وأوضح باتروشيف أن موسكو لن تقبل بتسوية سلمية مع أوكرانيا إلا إذا احتفظت بشبه جزيرة القرم التي ضمتها، وكذلك مناطق لوغانسك ودونيتسك وزابوريجيا وخيرسون الأوكرانية.

وفيما يتعلق بخطط الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب لإنهاء الحرب، قال باتروشيف: «أفترض أن محادثات بشأن أوكرانيا بين روسيا والولايات المتحدة يجب أن تتم دون مشاركة دول غربية أخرى».

وأضاف أنه لا يوجد ما يمكن مناقشته مع الاتحاد الأوروبي أو مع المملكة المتحدة.