شولتس وستارمر يعتزمان إبرام معاهدة «تعيد تحديد» العلاقة البريطانية الأوروبية

أولاف شولتس وكير ستارمر في برلين (رويترز)
أولاف شولتس وكير ستارمر في برلين (رويترز)
TT

شولتس وستارمر يعتزمان إبرام معاهدة «تعيد تحديد» العلاقة البريطانية الأوروبية

أولاف شولتس وكير ستارمر في برلين (رويترز)
أولاف شولتس وكير ستارمر في برلين (رويترز)

أعلن المستشار الألماني أولاف شولتس ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر اليوم الأربعاء في برلين عن معاهدة ثنائية غير مسبوقة سيوقعها البلدان بهدف «إعادة تحديد» العلاقات الثنائية بعد بريكست.

ووفقا لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، قال ستارمر في أول زيارة يقوم بها إلى ألمانيا منذ تولي مهامه في مطلع يوليو (تموز) إن المعاهدة ستكون «فرصة جيل» لتوطيد العلاقات بين البلدين في عدة مجالات، ولا سيما التجارة والدفاع والعلوم والتكنولوجيا.

وأوضح أن إعادة تحديد العلاقات مع ألمانيا ومع الاتحاد الأوروبي عموما «لا تعني أنه ينبغي الرجوع عن بريكست أو العودة إلى السوق الموحدة أو الاتحاد الجمركي، بل تعني علاقة وثيقة أكثر».

وأثنى شولتس خلال مؤتمر صحافي مشترك على هذه المبادرة، مشيرا إلى أنه يعتزم التجاوب مع «اليد الممدودة» من لندن.

وقال: «خلال الأشهر المقبلة، سنعمل معا على صياغة» المعاهدة التي «تعكس مدى علاقاتنا»، مشددا على أنه «ليس هناك حتى الآن معاهدة من هذا النوع بين ألمانيا والمملكة المتحدة».

وأوضح: «معا، نريد تعزيز الدعامة الأوروبية للحلف الأطلسي. وفي هذا السياق، فإن تعاونا أكبر على صعيد السياسة الأمنية سيلعب أيضا دورا مهما».

وأكد المسؤولان دعمهما لأوكرانيا في ظل الحرب التي تشنها روسيا عليها منذ فبراير (شباط) 2022.

وفي وقت تعتزم برلين خفض الميزانية المخصصة للمساعدة العسكرية لأوكرانيا العام المقبل، قال شولتس إن «ألمانيا وبريطانيا ملتزمتان بحزم إلى جانب أوكرانيا. وسنواصل دعمنا المالي والاقتصادي والسياسي والعسكري ما دام ذلك ضروريا».

كذلك أكد ستارمر أن الدعم لأوكرانيا سيستمر «ما دام ذلك ضروريا».

ويتوجه ستارمر مساء الأربعاء إلى باريس لحضور افتتاح دورة الألعاب البارالمبية، وسيستقبله الرئيس إيمانويل ماكرون الخميس في قصر الإليزيه.


مقالات ذات صلة

للمرة الأولى منذ 5 سنوات... تركيا تشارك باجتماع غير رسمي للاتحاد الأوروبي

أوروبا وزير الخارجية التركي هاكان فيدان (الخارجية التركية)

للمرة الأولى منذ 5 سنوات... تركيا تشارك باجتماع غير رسمي للاتحاد الأوروبي

تشارك تركيا في الاجتماع غير الرسمي لوزراء خارجية الدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبي (غيمنيتش) الذي يعقد في بروكسل، الخميس، للمرة الأولى منذ 5 سنوات

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
بيئة من أمام مقر الاتحاد الأوروبي في بروكسل (رويترز)

منظمتان غير حكوميتين تقاضيان الاتحاد الأوروبي بسبب أهدافه البيئية

قررت منظمتان بيئيتان رفع دعوى قضائية ضد المفوضية الأوروبية لأنها حددت أهدافاً مناخية «غير كافية» للدول الأعضاء في انتهاك لالتزاماتها بموجب اتفاق باريس المناخي.

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
الاقتصاد أبراج شركات عالمية ومحلية في وسط برلين (رويترز)

استمرار تراجع «ثقة الشركات» في ألمانيا خلال أغسطس للشهر الثالث

أظهر مسح اليوم الاثنين استمرار تراجع «ثقة الشركات» الألمانية للشهر الثالث على التوالي في أغسطس (آب) الحالي، مما يقوض آمال تعافي أكبر اقتصاد في أوروبا.

«الشرق الأوسط» (برلين)
شؤون إقليمية وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي (أ.ب)

عراقجي يدعو الاتحاد الأوروبي إلى «تصحيح السياسات»

دعا وزير الخارجية الإيراني الجديد، عباس عراقجي، إلى الحوار مع الاتحاد الأوروبي من أجل حلّ قضايا ثنائية.

شؤون إقليمية وزير الخارجية التركي ومفوض شؤون التوسعة بالاتحاد الأوروبي أوليفر فارهيلي عقب مباحثاتهما في أنقرة (الخارجية التركية)

تركيا تشارك في اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي

رحّبت تركيا بدعوتها للمشاركة في الاجتماع غير الرسمي لوزراء خارجية الدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبي (غيمنيتش) في بروكسل في 29 أغسطس (آب) الحالي.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

كير ستارمر يمد يده للأوروبيين في ألمانيا بعيداً عن «بريكست»

أولاف شولتس وكير ستارمر في برلين (رويترز)
أولاف شولتس وكير ستارمر في برلين (رويترز)
TT

كير ستارمر يمد يده للأوروبيين في ألمانيا بعيداً عن «بريكست»

أولاف شولتس وكير ستارمر في برلين (رويترز)
أولاف شولتس وكير ستارمر في برلين (رويترز)

انتظر رئيس الحكومة البريطانية السابق ريشي سوناك 18 شهراً قبل أن يزور برلين، في حين لم يطل انتظار رئيس الحكومة الجديد السير كير ستارمر أكثر من شهرين، فيما قد تكون الإشارة الأوضح على المقاربة المختلفة التي تعتمدها حكومة حزب العمال مع ألمانيا، التي تشكل مع بريطانيا الدولتين الكبريين اقتصادياً في الاتحاد الأوروبي.

أمّا برلين التي يقودها كذلك زعيم من اليسار الوسط، فبدت أيضاً سعيدة بـ«إعادة إطلاق» العلاقات مع بريطانيا، الجملة التي يكررها الزعيم العمالي منذ حملته الانتخابية.

أولاف شولتس وكير ستارمر في برلين (أ.ب)

واستقبل المستشار الألماني أولاف شولتس رئيس الوزراء البريطاني بحفاوة، رغم أن الرجلين التقيا في برلين بعيد أيام قليلة من فوز ستارمر، ولكن ليس من خلال زيارة رسمية، بل رياضية، عندما حضر الزعيم العمالي مباراة إنجلترا لكرة القدم في كأس الأمم الأوروبية. والتقى الرجلان كذلك مرة ثانية في واشنطن خلال مشاركتهما في قمة حلف شمال الأطلسي في مطلع يوليو (تموز)، وأيضاً لدى استضافة لندن قمة للمجموعة السياسية الأوروبية في إنجلترا.

وأكد رئيس الوزراء البريطاني عزمه على التقارب مع الاتحاد الأوروبي بعد «بريكست»، معلناً في هذا السياق توقيع معاهدة تعاون «طموحة» وغير مسبوقة قريباً مع ألمانيا.

كير ستارمر في برلين يزور مصانع «سيمينز» للطاقة (رويترز)

ووقف الرجلان أمام الصحافيين في مقر المستشارية في برلين ليؤكدا على سعيهما لعلاقات أقرب وأفضل، وأعلنا عن العمل على المعاهدة خلال الأشهر المقبلة للتوقيع عليها مطلع العام، تتضمن تعاوناً في مجالات التجارة والدفاع والهجرة. ورغم الكلام العاطفي الكبير الذي كرره الزعيمان حول ضرورة بناء علاقات أقرب رغم خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، فإن ستارمر نفى نيته العمل لإعادة ضم بريطانيا للاتحاد الأوروبي أو الانضمام إلى السوق الحرة أو السماح بحرية التنقل.

وقال ستارمر إنه «لا يسعى لإعادة النظر في (بريكست) أو الانضمام للسوق الأوروبية المشتركة أو الاتحاد الجمركي، ولكن نريد علاقة أقرب على عدد من الأصعدة».

ووصف ستارمر «النمو» بأنه من أولويات حكومته، وتعهد بتوثيق العلاقات التجارية مع ألمانيا، واصفاً المساعي «لإعادة إطلاق العلاقات» بأنها «فرصة تحدث مرة في كل جيل»، متعهداً بعلاقات أوثق فيما يتعلق بـ«العلوم والتكنولوجيا والتطوير والأعمال والثقافة». ومع ذلك، نفى أن تكون المحادثات قد تطرقت إلى حرية العمل والدراسة للشباب بين الـ18 والـ30 من العمر، وهو ما اقترحه الاتحاد الأوروبي في اتفاقية «بريكست» ورفضته الحكومات المحافظة السابقة.

ورحب شولتس بانفتاح الزعيم البريطاني على علاقات أفضل مع ألمانيا وأوروبا، وقال: «سنعمل على تعزيز التعاون لصالح شعبينا ولصالح أوروبا، ولن نتوقف عند إعلانات التضامن، بل نريد أن نضع علاقاتنا على أسس جديدة كلياً، وسنعمل على تحقيق ذلك في الأشهر المقبلة». وشدد على أن الاتفاقية الثنائية التي سيعمل عليها الطرفان «لم تحدث في السابق في تاريخ العلاقات بين البلدين»، وأنها تظهر أن بريطانيا «شريك خاص» لألمانيا. وتحدث عن أوكرانيا والوضع في الشرق الأوسط، واصفاً بريطانيا بأنها «لطالما كانت شريكاً أساسياً لا غنى عنه في حل المشاكل العالمية وأن هذا لم يتغير منذ مغادرتها الاتحاد الأوروبي».

كما تعتزم برلين ولندن تعزيز التعاون بينهما في مكافحة الهجرة غير القانونية. وقال ستارمر إن «الطريقة الأفضل والأكثر فاعلية لتحقيق ذلك هي التصدي لعصابات المهربين». وتخلى ستارمر منذ توليه السلطة عن مشروع الحكومة المحافظة القاضي بإبعاد المهاجرين غير القانونيين إلى رواندا.

ستارمر يتوسط ضيوف القمة الأوروبية (إ.ب.أ)

وتتسم مسألة الهجرة بحساسية خاصة في البلدين، لا سيما بعد هجمات بسكين وقعت فيهما مؤخراً. ففي بريطانيا، أثار الهجوم في ساوثبورت في نهاية يوليو أعمال شغب عنصرية ومعادية للإسلام، بينما أحيا الاعتداء في زولينغن، الجمعة، الجدل حول استقبال اللاجئين في ألمانيا.

وذكر ستارمر اعتداء زولينغن الذي نفذه لاجئ سوري وتبناه «داعش»، وتسبب بمقتل 3 أشخاص بطعون بسكين. وقال ستارمر إن التعاون الثنائي سيتضمن كذلك تعاوناً لمكافحة الهجرة غير الشرعية من خلال تكثيف تبادل المعلومات.

وتواجه بريطانيا مثل ألمانيا تحديات كثيرة بسبب الهجرة غير الشرعية واستغلال أحزاب يمينية متطرفة أحداثاً في خطابات شعبوية. ولكن تزايد قلق الناخبين في ألمانيا خاصة بعد عملية الطعن في زولينغن، دفعت حتى بشولتس الذي تعتمد حكومته سياسة صديقة للهجرة، إلى الإعلان عن خطوات لتشديد مواجهة الهجرة غير الشرعية. وتبين أن منفذ عملية الطعن كان قد دخل ألمانيا بطريقة غير شرعية وصدر فيه قرار بالترحيل إلى بلغاريا، الدولة الأولى في الاتحاد الأوروبي التي دخلها. ولكن السلطات الألمانية لم تنجح في ترحيله بسبب أخطاء بيروقراطية.

وصدر إعلان مشترك في ختام اللقاء الذي غادر بعده ستارمر متوجهاً إلى باريس، تعهد فيه الطرفان بـ«نقل» العلاقات الثنائية إلى «مرحلة جديدة». وأعلنا عن بدء مشاورات لتوقيع اتفاقية ثنائية وإجراء مشاورات حكومية مشتركة بهدف التوقيع على الاتفاقية مطلع العام المقبل. وجاء في البيان أن الاتفاقية ستعكس «الروابط المتنوعة بين البلدين والشعبين والحكومتين استناداً إلى عضوية ألمانيا في الاتحاد الأوروبي وعلاقة بريطانيا بالاتحاد الأوروبي».

الرئيس إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر على هامش قمة المجموعة السياسية الأوروبية في بريطانيا في يوليو (إ.ب.أ)

ومن بين النقاط التي ذكرها الإعلان المشترك، تقوية أمن ودفاع أوروبا، والاستمرار بدعم أوكرانيا. وأعلن الطرفان عن عمل وزارتي دفاع البلدين على اتفاقية أمنية جديدة «تقوي الروابط بين قطاعات وصناعات الدفاع».

كذلك بحث ستارمر وشولتس اللذان يعدّ بلداهما من كبار الداعمين لأوكرانيا، المساعدات العسكرية لكييف. ولزم حلفاء كييف الغربيون الحذر في ردود فعلهم على الهجوم الذي تشنّه القوات الأوكرانية في منطقة كورسك الروسية منذ السادس من أغسطس (آب). وبعدما أعلن شولتس أن هذا الهجوم أُعد «سراً» وأن ألمانيا تتابعه «بانتباه»، أكد الأربعاء أن برلين، ثاني أكبر مزودي أوكرانيا بعد الولايات المتحدة، ستواصل دعمها لكييف في تصديها للهجوم الروسي، رغم خطط حكومته بخفض الموازنة المخصصة لهذا الدعم إلى النصف في 2025. من جانبه، أكد ستارمر التزامه بدعم أوكرانيا «طالما أن ذلك ضروري».

غير أن المسؤولَين أعلنا أنه ليس هناك «أي قرار جديد» بشأن إمدادات الأسلحة لأوكرانيا، في وقت يدعو الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، باستمرار، الدول الغربية للسماح لبلاده باستخدام أسلحتها بعيدة المدى على الأراضي الروسية، وهو ما ترفضه.

ويتخوف الأوروبيون من عودة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب إلى البيت الأبيض بعد الانتخابات الأميركية في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، خصوصاً بعد تحذيراته المتكررة للشركاء الأوروبيين من أنهم سيتعين عليهم الدفاع عن أنفسهم، وأنه لا يمكن للولايات المتحدة أن تستمر بالدفاع عنهم. كما يتخوف الأوروبيون من عدم التزام ترمب بالاستمرار بدعم أوكرانيا في حرب ضد روسيا، في حال عودته للبيت الأبيض.

وتوجه ستارمر، مساء الأربعاء، إلى باريس لحضور افتتاح دورة الألعاب البارالمبية، ويستقبله الرئيس إيمانويل ماكرون، الخميس، في قصر الإليزيه.