غروسي: قُرب المعارك من محطة كورسك النووية «خطير للغاية»

TT

غروسي: قُرب المعارك من محطة كورسك النووية «خطير للغاية»

تظهر الصورة المنشورة التي قدمتها الخدمة الصحافية لشركة روساتوم الروسية، مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافاييل غروسي (وسط الصورة) أثناء زيارته لمحطة الطاقة النووية كورسك في كورشاتوف، منطقة كورسك، روسيا، 27 أغسطس 2024 (إ.ب.أ)
تظهر الصورة المنشورة التي قدمتها الخدمة الصحافية لشركة روساتوم الروسية، مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافاييل غروسي (وسط الصورة) أثناء زيارته لمحطة الطاقة النووية كورسك في كورشاتوف، منطقة كورسك، روسيا، 27 أغسطس 2024 (إ.ب.أ)

حذّر مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافايل غروسي، خلال زيارة الثلاثاء إلى محطة كورسك النووية الروسية، من أن قربها من المنطقة؛ حيث تدور المعارك بين القوات الروسية والأوكرانية، «خطير للغاية»، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

وأفاد غروسي بأن زيارته إلى المنطقة أتاحت له «تفقّد الأجزاء الأهم» في المحطة الواقعة على بعد أقل من 50 كيلومتراً عن المعارك التي اندلعت في المنطقة منذ العملية الأوكرانية غير المسبوقة عبر الحدود.

وقال بعد زيارتها إن «محطة للطاقة النووية من هذا النوع قريبة إلى هذا الحد من نقطة تماس أو جبهة عسكرية أمر خطير للغاية».

وأضاف: «وجود عمليات عسكرية على بُعد بضعة كيلومترات من هنا تجعلها محط اهتمام مباشر».

وتابع: «في نهاية المطاف، قد يبدو ذلك بسيطاً ومجرد حسّ سليم: لا تهاجموا محطة للطاقة النووية».

وأكّد أنه «يتواصل عن قرب» مع السلطات الروسية، وسيزور كييف الأسبوع المقبل لعقد محادثات مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، مشدداً على أهمية مواصلة الحوار.

وأوضح أن محطة كورسك تعمل حالياً في ظل «ظروف قريبة جداً من الطبيعية».

حذّرت الوكالة الدولية مراراً من خطورة القتال حول المحطات النووية بعد العملية العسكرية التي أطلقتها روسيا في أوكرانيا في فبراير (شباط) 2022.

وفي الأيام الأولى للنزاع، سيطرت القوات الروسية على محطة زابوريجيا النووية في جنوب أوكرانيا، كما سيطرت لمدة وجيزة على محطة تشرنوبيل الخارجة عن الخدمة شمالاً.

أطلقت أوكرانيا عمليتها المباغتة في كورسك في السادس من أغسطس (آب)، وأفادت بأنها تحقق تقدّماً، في وقت تتقدّم القوات الروسية من جانبها في شرق أوكرانيا.

اتّهم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الأسبوع الماضي، أوكرانيا بمحاولة شن هجوم على محطة كورسك؛ حيث عُثر على شظايا مسيّرة قرب منشأة تخزين الوقود النووي المستهلك التابعة للمحطة.

وقال غروسي، الثلاثاء: «تم إبلاغي بتأثير المسيّرات، وعُرضت عليّ بعض بقاياها والآثار التي خلّفتها».

«عواقب خطيرة»

وقبل الزيارة، لفت غروسي إلى أنه «سيقيّم ما يحصل (في المحطة) بشكل مستقل؛ نظراً إلى خطورة الوضع».

تقع المحطة على بعد نحو 60 كلم عن الحدود الروسية الأوكرانية، قرب نهر سيم، وعلى بعد أقل من 50 كلم عن مدينة كورسك، عاصمة المنطقة التي تعد نحو 440 ألف نسمة.

وتضم المحطة 4 مفاعلات، بالإضافة إلى مفاعلين قيد الإنشاء، رغم أن اثنين فقط يعملان، وأُغلق مفاعلان آخران.

وتشبه جميع المفاعلات الأربعة تلك التي في محطة تشرنوبيل النووية؛ أي لا توجد قبّة واقية في محيطها.

وقال غروسي إن «المقارنة بين تشرنوبيل وكورسك مبالغ بها. لكنه نوع المفاعل نفسه، ولا توجد حماية خاصة».

وأضاف أن «ذلك مختلف عن باقي المفاعلات في العالم؛ حيث توجد القبّة المعهودة. إنها مختلفة تماماً. إنها أشبه بمبنى في الطرف الآخر من الشارع يضم كل هذه المواد النووية».

كما حذّر من أنه عندما تعمل المحطة «تكون الحرارة أعلى بكثير. وفي حال وقوع تصادم أو أمر يمكن أن يؤثر عليها، فيمكن أن تنجم عنه عواقب خطيرة».

عام 1986، انفجر مفاعل في تشرنوبيل أثناء اختبار للسلامة؛ ما أسفر عن أسوأ كارثة نووية في العالم وصلت الإشعاعات على إثرها إلى أجزاء كبيرة من أوروبا ودفعت الآلاف لإخلاء المنطقة.

وقال المسؤول السابق في الوكالة الدولية للطاقة الذرية، طارق رؤوف: «إن هذا النوع من المفاعلات خضع منذ مدة طويلة إلى عمليات «تطوير كبيرة لمعايير السلامة».

وأوضح مدير عمليات التفتيش السابق لدى الوكالة الدولية روبرت كيلي أن «احتمال وقوع حادث مشابه لتشرنوبيل ينفجر فيه المفاعل ويحترق على مدى أيام هو صفر».

لكنه أضاف أنه بإمكان قنبلة طائشة أو ضربة مدفعية كبيرة على برك تخزين الوقود المستهلك أن تُلحق أضراراً بالوقود وتؤدي إلى انبعاث غازات وجزيئات مشعّة.

«أعلى درجات ضبط النفس»

حذّرت روسيا مراراً من إمكانية تعرّض المحطة إلى القصف منذ اقتحمت القوات والدبابات الأوكرانية كورسك.

وحضّت الوكالة الدولية للطاقة الذريّة كلاً من روسيا وأوكرانيا على ممارسة «أقصى درجات ضبط النفس؛ لتجنّب حادث نووي قد يأتي بعواقب إشعاعية خطيرة».

وأفاد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الأحد، أن قوات بلاده سيطرت على عشرات البلدات وتواصل التقدّم في كورسك. ونزح أكثر من 130 ألف شخص إلى الآن.

وأفادت كييف أن الهجوم على كورسك يهدف لمنع روسيا من تنفيذ ضربات على منطقة سومي وإجبارها على التفاوض «بشروطنا».


مقالات ذات صلة

مسيرات أوكرانية تتسبب في اندلاع نيران بمستودع نفط روسي

أوروبا ألسنة الحريق ترتفع بمنشأة لتكرير النفط في روسيا سابقاً (أرشيفية - وسائل إعلام روسية)

مسيرات أوكرانية تتسبب في اندلاع نيران بمستودع نفط روسي

أفادت عدة قنوات روسية على تلغرام، يوم الأربعاء، بأن طائرات مسيرة أوكرانية تسببت في اندلاع نيران بعدد من خزانات النفط في مستودع جلوبوكينسكايا للنفط.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (د.ب.أ)

زيلينسكي: الحوار مع بوتين سيكون بلا معنى

كشف الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، اليوم (الثلاثاء) عن أن أي محادثات سلام مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين ستكون «فارغة ولا معنى لها».

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا 15 November 2022, Berlin: Director General of the International Atomic Energy Agency (IAEA) Rafael Grossi speaks during a press conference at the German Foreign Office. (dpa)

إحباط محاولة أوكرانية للتوغل في بيلغورود وكييف تقرّ بصعوبات على جبهة دونيتسك

تباينت المعطيات التي قدمها الطرفان الروسي والأوكراني حول الوضع الميداني. فمقابل تأكيد كييف إحراز تقدم جديد، أعلنت روسيا صد هجمات وإجبار الأوكرانيين على التراجع.

رائد جبر (موسكو)
أوروبا جنود أوكرانيون يتجمعون حول مركبة صغيرة في بوكروفسك في أثناء استعدادهم للتوجه إلى المعركة (رويترز)

لماذا تسعى روسيا إلى الاستيلاء على بوكروفسك في شرق أوكرانيا؟

تقترب القوات الروسية من مدينة بوكروفسك ذات الأهمية الاستراتيجية في منطقة دونيتسك بشرق أوكرانيا، مما دفع بعض السكان إلى إخلائها خوفاً من سقوطها.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا زيلينسكي خلال زيارته سومي قرب الحدود مع روسيا الأسبوع الماضي (أ.ب)

زيلينسكي يعلن استخدام كييف مقاتلات «إف 16»... ويرى أن «الحرب ستنتهي بالحوار»

أعلن الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، الثلاثاء، أن كييف استخدمت طائرات مقاتلة من طراز «إف16» تسلمتها من شركائها الغربيين؛ لصد الضربات الجوية الروسية.

إلى يوسف (واشنطن)

لماذا تسعى روسيا إلى الاستيلاء على بوكروفسك في شرق أوكرانيا؟

جنود أوكرانيون يتجمعون حول مركبة صغيرة في بوكروفسك في أثناء استعدادهم للتوجه إلى المعركة (رويترز)
جنود أوكرانيون يتجمعون حول مركبة صغيرة في بوكروفسك في أثناء استعدادهم للتوجه إلى المعركة (رويترز)
TT

لماذا تسعى روسيا إلى الاستيلاء على بوكروفسك في شرق أوكرانيا؟

جنود أوكرانيون يتجمعون حول مركبة صغيرة في بوكروفسك في أثناء استعدادهم للتوجه إلى المعركة (رويترز)
جنود أوكرانيون يتجمعون حول مركبة صغيرة في بوكروفسك في أثناء استعدادهم للتوجه إلى المعركة (رويترز)

تقترب القوات الروسية من مدينة بوكروفسك ذات الأهمية الاستراتيجية في منطقة دونيتسك بشرق أوكرانيا، مما دفع بعض السكان إلى إخلائها خوفاً من سقوطها في الأسابيع المقبلة.

وفيما يلي بعض النقاط الرئيسية عن المدينة والمعركة، وفقاً لتقرير لوكالة «رويترز»:

ما هي بوكروفسك؟

بوكروفسك هي مركز للطرق والسكك الحديدية ومدينة بلغ عدد سكانها قبل الحرب 60 ألف نسمة، وبقي عشرات الآلاف منهم على الرغم من فرار الكثيرين.

وتقع على طريق رئيسي يستخدمه الجيش الأوكراني لإمداد المواقع المتقدمة الأخرى التي تسيطر عليها أوكرانيا، مثل بلدتي تشاسيف يار وكوستيانتينيفكا في منطقة دونيتسك.

يقع منجم الفحم الذي يعد أكبر منتج لفحم الكوك في أوكرانيا، والذي يستخدم في صناعة الصلب، وكان حيوياً لاقتصادها قبل الحرب، على بعد 20 دقيقة بالسيارة إلى الغرب.

منذ عام 2014، عندما فقدت أوكرانيا السيطرة على العاصمة الإقليمية - مدينة دونيتسك - استضافت بوكروفسك جامعة تقنية مهمة، وهي الأكبر والأقدم في المنطقة.

متطوع يساعد امرأة تفر من منزلها بسبب التقدم الروسي في سيليدوف بالقرب من بوكروفسك (رويترز)

لماذا تريد روسيا الاستيلاء على بوكروفسك؟

تقول موسكو إنها ضمت منطقة دونيتسك الشرقية في أوكرانيا، وهو ما ترفضه كييف، وترى أن السيطرة على بوكروفسك تشكل خطوة مهمة نحو ضم المنطقة بأكملها إلى روسيا.

والسيطرة على المدينة، التي تطلق عليها وسائل الإعلام الروسية وصف «بوابة دونيتسك»، من شأنها أن تسمح لموسكو بتعطيل خطوط الإمداد الأوكرانية على طول الجبهة الشرقية بشكل خطير وتعزيز حملتها للاستيلاء على مدينة تشاسيف يار، التي تقع على أرض مرتفعة توفر إمكانية السيطرة على منطقة أوسع.

والضغط على قدرة الجيش الأوكراني على الوصول إلى شبكة الطرق في المنطقة المجاورة من شأنه أن يجعل من الصعب على قوات كييف الاحتفاظ بجيوب من الأراضي على جانبي بوكروفسك، وهو ما قد يسمح لروسيا بتعزيز خط المواجهة والتقدم فيه.

سكان محليون يقتربون من قطار الإخلاء في أثناء فرارهم وسط تقدم القوات الروسية في بوكروفسك بأوكرانيا (رويترز)

ماذا تفعل أوكرانيا للدفاع عن بوكروفسك؟

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الذي حذر من أن الوضع بالقرب من بوكروفسك «صعب»، في 26 أغسطس (آب)، بعد إحاطة من قائد الجيش، إن أوكرانيا قررت «تعزيز» قواتها في قطاع بوكروفسك.

وأوضح أن القطاع يواجه أعنف موجة من الهجمات الروسية، لكنه توقع أن تضطر روسيا إلى التضحية بعشرات الآلاف من القوات لتحقيق أهدافها.

وتضم المنطقة المحيطة ببوكروفسك العديد من المنشآت الصناعية التي من المرجح أن يستخدمها الجيش الأوكراني للتحصن والدفاع عن المدينة، رغم أن روسيا من المرجح أن تستخدم قنابل انزلاقية مدمرة ضدها.

سكان محليون يستقلون قطاراً في أثناء فرارهم من بوكروفسك (رويترز)

وفي الوقت نفسه، تحاول القوات الأوكرانية توسيع سيطرتها على الأراضي التي استولت عليها في منطقة كورسك الغربية في روسيا بعد شن توغل مفاجئ هناك في 6 أغسطس. وكان أحد الأهداف المعلنة لهذه العملية محاولة إجبار روسيا على تحويل قواتها من الجبهة الشرقية لتخفيف الضغط على أماكن مثل بوكروفسك.

لكن أوليكساندر سيرسكي، القائد الأعلى للقوات المسلحة في أوكرانيا، قال إن موسكو فهمت هدف كييف، واستمرت في تركيز جهودها على بوكروفسك، حيث أكد أن الوحدات الروسية الأقوى تتركز هناك.