زيلينسكي يتوعّد في ذكرى الاستقلال بشن هجمات انتقامية أخرى ضد روسيا

يعدّ أن الحرب «عادت» إلى بوتين... ويوقع على قانون «الجنائية الدولية» وآخر يحظر الكنيسة الروسية

الرئيس فولوديمير زيلينسكي في خطاب بالفيديو في ذكرى استقلال أوكرانيا جرى تسجيله كما قال في المنطقة الحدودية حيث شنّت كييف هجومها المفاجئ في روسيا (أ.ف.ب)
الرئيس فولوديمير زيلينسكي في خطاب بالفيديو في ذكرى استقلال أوكرانيا جرى تسجيله كما قال في المنطقة الحدودية حيث شنّت كييف هجومها المفاجئ في روسيا (أ.ف.ب)
TT

زيلينسكي يتوعّد في ذكرى الاستقلال بشن هجمات انتقامية أخرى ضد روسيا

الرئيس فولوديمير زيلينسكي في خطاب بالفيديو في ذكرى استقلال أوكرانيا جرى تسجيله كما قال في المنطقة الحدودية حيث شنّت كييف هجومها المفاجئ في روسيا (أ.ف.ب)
الرئيس فولوديمير زيلينسكي في خطاب بالفيديو في ذكرى استقلال أوكرانيا جرى تسجيله كما قال في المنطقة الحدودية حيث شنّت كييف هجومها المفاجئ في روسيا (أ.ف.ب)

فيما تحيي كييف ذكرى استقلالها الـ33 عن الاتحاد السوفياتي، مع دخول الغزو الروسي عامه الثالث، توعّد الرئيس فولوديمير زيلينسكي، السبت، بردود انتقامية أخرى ضد روسيا، ووقّع قانوناً يحظر الكنيسة الأرثوذكسية المرتبطة بموسكو، وآخر يصادق على نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، ما يسمح للبلاد بالانضمام إلى المحكمة، ويقربها أكثر من الاتحاد الأوروبي.

آلية عسكرية أوكرانية عند الحدود الروسية - الأوكرانية (أ.ف.ب)

وقال زيلينسكي إن روسيا تريد «تدمير» أوكرانيا، لكن الحرب «عادت إلى ديارها»، وذلك في شريط فيديو جرى تصويره في منطقة غابات مهجورة أطلقت منها كييف هجومها المفاجئ على روسيا في 6 أغسطس (آب)، إذ شنّت كييف هجومها المفاجئ، وتوغلت في منطقة كورسك في الجنوب الغربي الروسي، مضيفاً أن أوكرانيا «تفاجِئ مرة أخرى»، متوعداً بأن روسيا سوف «تعرف ما هو الانتقام».

وعدّ أن روسيا بشنّها الغزو في 2022 «كانت تسعى لشيء واحد: تدميرنا. وبدلاً من ذلك، نحتفل اليوم بالذكرى الثالثة والثلاثين لاستقلال أوكرانيا. وما جلبه العدو إلى أرضنا عاد الآن إلى دياره».

ووصف زيلينسكي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين -كما نقلت عنه «وكالة الصحافة الفرنسية»- بأنه «رجل عجوز مريض من الساحة الحمراء، يهدد الجميع باستمرار بالزر الأحمر».

منذ أيام لوّحت موسكو بالتهديد بكارثة نووية في حال شنّ الجيش الأوكراني هجوماً على محطة كورسك النووية الواقعة في المنطقة التي تشن فيها كييف هجوماً منذ أسبوعين. وبدأت أوكرانيا هجوماً كبيراً على هذه المنطقة الحدودية الروسية، واستولت على عشرات البلدات ومئات الكيلومترات.

من جهتها، تواصل القوات الروسية تحقيق مكاسب ميدانية في شرق أوكرانيا، وتؤكد أنها تلحق خسائر بالأوكرانيين، وتمنع محاولاتهم التقدم في عمق الأراضي.

زيلينسكي خلال زيارته لسومي قرب الحدود مع روسيا أمس (أ.ب)

منذ بدء الهجوم الأوكراني على روسيا، فرّ أكثر من 130 ألف شخص من القتال والتفجيرات، وفق السلطات في منطقة كورسك. وذكرت وكالة «تاس» للأنباء أن 31 مدنياً على الأقل قتلوا، وأصيب 143 آخرون بجروح.

«التحرر من شياطين موسكو»

ووقّع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، السبت، قانوناً يحظر الكنيسة الأرثوذكسية المرتبطة بروسيا في أوكرانيا، ونُشر القرار على الموقع الإلكتروني للبرلمان الأوكراني. وأقر زيلينسكي القانون، ونددت روسيا بهذه الخطوة بوصفها «غير مشروعة».

وسعت أوكرانيا إلى إبعاد نفسها عن الكنيسة الروسية منذ عام 2014، وتسارعت الجهود منذ الغزو الروسي عام 2020. وأعلن زيلينسكي أن «الكنيسة الأرثوذكسية الأوكرانية تتخذ اليوم خطوة نحو التحرر من شياطين موسكو».

جنود روس يطلقون النار باتجاه مواقع أوكرانية في مكان غير معلن (إ.ب.أ)

وانفصلت الكنيسة الأرثوذكسية الأوكرانية رسمياً عن بطريركية موسكو في عام 2022، لكن المسؤولين الأوكرانيين كثيراً ما يتهمون رجال الدين فيها بالبقاء موالين لروسيا. وقد حظي الغزو الروسي بدعم من رأس الكنيسة الأرثوذكسية في البلاد البطريرك كيريل، وهو حليف قوي للرئيس فلاديمير بوتين.

وكانت الكنيسة الأرثوذكسية الروسية تشرف على قسم كبير من الأبرشيات الأوكرانية، غاضبة بسبب الانقسام التاريخي في عام 2019 الذي أدى إلى قيام فرع للكنيسة مقره كييف.

ووصفت موسكو هذا الحظر بأنه يُشبه «الاضطهادات في الإمبراطورية الرومانية في عهد نيرون وديوكلتيانوس، وما يُسمى بنزع المسيحية عن فرنسا، والقمع الملحد في الاتحاد السوفياتي».

ووصفت كنيسة موسكو القانون بأنه «إعلان سياسي» سيؤثر على «مئات الأديرة». وبموجب القانون، جرى وضع حد زمني للمجموعات الدينية لقطع روابطها مع روسيا.

زيلينسكي مع ضباط ميدان قرب الحدود الروسية (أ.ف.ب)

كما وقّع زيلينسكي على قانون تصديق بلاده على نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، ما يسمح للبلاد بالانضمام إلى المحكمة. والقانون المنشور على الموقع الإلكتروني للبرلمان خطوة مهمة أيضاً لجهود أوكرانيا الرامية إلى الاقتراب أكثر من الاتحاد الأوروبي.

وذكرت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، في بيان السبت، أن أوكرانيا «تتحرك بسرعة لا تصدق باتجاه الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي». وفي مقطع فيديو قصير، نشرته على حسابها على موقع التواصل الاجتماعي، «إكس»، بمناسبة يوم استقلال أوكرانيا، قالت أورسولا فون دير لاين: «أوروبا ستكون دائماً بجانب أوكرانيا، نظراً لأن أوكرانيا هي أوروبا. حريتكم هي حريتنا. أمنكم هو أمننا».

وأضافت: «والآن تتحركون بسرعة لا تصدق نحو الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي. لقد وقفنا إلى جانبكم، منذ اليوم الأول، وسنواصل القيام بذلك ما دام الأمر يتطلب ذلك. المجد لأوكرانيا».

يشار إلى أن أوكرانيا أصبحت مرشحة رسمياً لعضوية الاتحاد الأوروبي، في يونيو (حزيران) 2022، بعد 4 أشهر من الغزو الروسي الشامل للبلاد، ومحاولتها الفاشلة للإطاحة بالحكومة في كييف. وجرت الجولة الأولى من مفاوضات انضمام أوكرانيا رسمياً للاتحاد الأوروبي، في يونيو هذا العام.

روسيا وأوكرانيا تتبادلان 115 أسيراً

وفي ذكرى الاستقلال، تبادلت روسيا وأوكرانيا 115 أسير حرب من كل جانب، السبت، بعد مفاوضات بوساطة إماراتية. وهذه أول عملية تبادل للأسرى بين البلدين منذ التوغل الأوكراني في منطقة كورسك، وهو أكبر هجوم داخل الأراضي الروسية تنفذه قوة أجنبية منذ الحرب العالمية الثانية. وذكرت وزارة الدفاع الروسية أن العسكريين الروس الذين شملتهم عملية التبادل جرى أسرهم في كورسك.

صورة وزّعها جهاز الأمن الأوكراني الخميس لجنود روس (أ.ب)

وجميع الجنود الروس المفرج عنهم موجودون حالياً في بيلاروسيا، وسيتلقون الرعاية الطبية عند عودتهم إلى بلدهم. وعبرت الوزارة عن شكرها للإمارات على دورها في تسهيل عملية تبادل الأسرى.

ونشر الرئيس الأوكراني صورة مع أسرى الحرب الأوكرانيين وقد التف كل منهم بعلم البلاد بلونيه الأزرق والأصفر، وعانقوا بعضهم بعضاً. وقال إن العائدين من أفراد حرس الحدود والحرس الوطني والبحرية والقوات المسلحة.

أسرى الحرب الأوكرانيون وقد التف كل منهم بعلم البلاد بلونيه الأزرق والأصفر (أ.ف.ب)

وعبر زيلينسكي عن امتنانه للقوات الأوكرانية التي ساعدت في توفير أسرى للتبادل. وقالت كييف إنها أنشأت منطقة عازلة في منطقة استخدمتها روسيا لقصف أهداف في أوكرانيا.


مقالات ذات صلة

لإنهاء «المرحلة الساخنة» من الحرب... زيلينسكي يقترح وضع أراضٍ أوكرانية تحت مظلة «الناتو»

أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (د.ب.أ)

لإنهاء «المرحلة الساخنة» من الحرب... زيلينسكي يقترح وضع أراضٍ أوكرانية تحت مظلة «الناتو»

دعا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي حلف شمال الأطلسي إلى تقديم ضمانات حماية لأراضي أوكرانيا التي تسيطر عليها كييف من أجل «وقف المرحلة الساخنة من الحرب».

«الشرق الأوسط» (كييف)
آسيا الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون (يمين) وهو يتحدث في مأدبة مع وزير الدفاع الروسي أندريه بيلوسوف (يسار) في دار الثقافة 25 أبريل في بيونغ يانغ (أ.ف.ب - وكالة الأنباء المركزية الكورية الرسمية)

كيم يستقبل بيلوسوف ويؤكد دعم كوريا الشمالية وجيشها لروسيا

أبلغ الزعيم الكوري الشمالي وزير الدفاع الروسي أندريه بيلوسوف بأن من حق موسكو القتال دفاعاً عن النفس في أوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (سيول )
أوروبا جنازة جندي أوكراني قتل خلال المعارك في كورسك (أ.ب)

روسيا وأوكرانيا تتبادلان جثث مئات الجنود

سلمت موسكو جثث 502 من الجنود الأوكرانيين الذين لقوا حتفهم في المعارك ضد القوات الروسية.

«الشرق الأوسط» (كييف)
تحليل إخباري قوات روسية في سوريا (أرشيفية)

تحليل إخباري روسيا المنخرطة في أوكرانيا... كيف تواجه معارك سوريا؟

دخلت موسكو على خط المعارك الساخنة في سوريا بعد اندلاع أوسع مواجهات تشهدها البلاد منذ عام 2020؛ فما خيارات روسيا المنخرطة في الحرب الأوكرانية؟

رائد جبر (موسكو)
أوروبا وزير الدفاع الروسي أندري بيلوسوف مع نظيره الكوري الشمالي نو كوانغ تشول (أ.ب)

أوكرانيا تقصف مستودعاً للنفط ومحطة رادار للدفاع الجوي الروسي

أوكرانيا تقصف ليلاً مستودعاً للنفط بروستوف في روسيا ومحطة رادار للدفاع الجوي الروسي في منطقة زابوريجيا بجنوب أوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (باريس) «الشرق الأوسط» (لندن)

المخابرات البريطانية: روسيا تنفّذ حملة تخريب «متهورة» في أوروبا

مدير جهاز الاستخبارات البريطاني ريتشارد مور (رويترز - أرشيفية)
مدير جهاز الاستخبارات البريطاني ريتشارد مور (رويترز - أرشيفية)
TT

المخابرات البريطانية: روسيا تنفّذ حملة تخريب «متهورة» في أوروبا

مدير جهاز الاستخبارات البريطاني ريتشارد مور (رويترز - أرشيفية)
مدير جهاز الاستخبارات البريطاني ريتشارد مور (رويترز - أرشيفية)

اتهم رئيس جهاز المخابرات الخارجية البريطاني (إم آي 6) روسيا، الجمعة، بإطلاق «حملة متهورة للغاية» للتخريب في أوروبا بالإضافة إلى تكثيف تهديداتها النووية لتخويف دول أخرى، وثنيها عن دعم أوكرانيا.

وقال ريتشارد مور رئيس الجهاز إن أي تراخٍ في دعم أوكرانيا أمام الغزو الروسي الشامل الذي بدأ منذ 2022 سيمنح الجرأة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين وحلفائه، وفق ما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

وذكر مور أن أوروبا وشركاءها على الجانب الآخر من المحيط الأطلسي لا بد أن يصمدوا في مواجهة ما قال إنه عدوان متزايد، وذلك فيما يبدو أنها رسالة إلى إدارة الرئيس الأميركي المقبل دونالد ترمب وبعض الحلفاء الأوروبيين الذين يشككون في الدعم المتواصل لأوكرانيا في الحرب الضارية.

زيادة الضغط على الغرب

قال مور في خطاب في باريس: «كشفنا في الآونة الأخيرة حملة متهورة للغاية للتخريب الروسي في أوروبا، حتى مع لجوء بوتين ومساعديه إلى التهديد النووي لنشر الخوف من تبعات مساعدة أوكرانيا».

وأضاف: «تكلفة دعم أوكرانيا معلومة جيداً، لكن تكلفة عدم دعمها ستكون أعلى بشكل أكبر بكثير. إذا نجح بوتين، فستقيّم الصين التداعيات، وستكتسب كوريا الشمالية الجرأة، وستصبح إيران أخطر».

وقال مور في سبتمبر (أيلول) إن أجهزة المخابرات الروسية أصبحت «جامحة بعض الشيء» في أحدث تحذير من حلف شمال الأطلسي ومن رؤساء آخرين لأجهزة مخابرات غربية مما يصفونها بأنها أفعال روسية عدائية تتنوع من هجمات متكررة عبر الإنترنت إلى إحراق ممتلكات عمداً.

وتنفي موسكو مسؤوليتها عن جميع الحوادث على هذا النحو. ولم ترد السفارة الروسية في لندن بعد على طلب من وكالة «رويترز» للتعليق على تصريحات مور.

وقال رئيس جهاز المخابرات الداخلية (إم آي 5) في بريطانيا، الشهر الماضي، إن جهاز المخابرات العسكرية الروسي يسعى إلى إحداث «فوضى». وقالت مصادر مطلعة على معلومات مخابراتية أميركية لـ«رويترز» إن موسكو على الأرجح ستكثف حملتها على أهداف أوروبية لزيادة الضغط على الغرب بسبب دعمه كييف.

انتظار رئاسة ترمب

ركز مور في معظم حديثه على أهمية تضامن الغرب، قائلاً إن القوة الجماعية لحلفاء بريطانيا ستفوق بوتين الذي ذكر مور أن ديونه للصين وكوريا الشمالية وإيران تزداد.

وعبّر ترمب وجمهوريون آخرون في الولايات المتحدة عن تحفظاتهم بشأن دعم واشنطن الاستراتيجي القوي وإمداداتها بالأسلحة الثقيلة لكييف. وتعهد ترمب بإنهاء الحرب في أوكرانيا سريعاً، إلا أنه لم يوضح الكيفية.

وقال مور: «إذا سُمح لبوتين بالنجاح في تحويل أوكرانيا إلى دولة تابعة لها، فلن يتوقف عند ذلك. سيتعرض أمننا للخطر في بريطانيا وفرنسا وأوروبا والجانب الآخر من المحيط الأطلسي».

وأضاف مور أن العالم يشهد بصورة عامة أخطر أوضاعه خلال 37 عاماً من عمله في المخابرات، إذ يعود تنظيم «داعش» إلى الظهور، وتظل طموحات إيران النووية تهديداً متواصلاً، بالإضافة إلى عدم التيقن بشكل تام حتى الآن من الأثر المترتب على هجمات حركة «حماس» الفلسطينية في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) على إسرائيل على صعيد النزعة للتطرف.

وقال نيكولا ليرنر رئيس المخابرات الخارجية الفرنسية إن أجهزة المخابرات الفرنسية والبريطانية تعمل جنباً إلى جنب «لمواجهة ما يمثل دون شك أحد أكثر التهديدات خطورة، ما لم يكن الأخطر على الإطلاق، في الشهور المقبلة وهو الانتشار النووي الإيراني المحتمل». ودأبت طهران على نفي سعيها إلى تصنيع أسلحة نووية.