اليسار الفرنسي المتطرف يهدّد ماكرون بتنحيته دستورياً بتهمة «الإخلال بواجباته»

مبادرة «فرنسا الأبية» تُحدث انقساماً في «الجبهة الشعبية»... ويمكن أن تفجّرها من الداخل

إيمانويل ماكرون خلال مشاركته في احتفال تحرير قرية «بورن ليه ميموزا» القريبة من المنتجع الصيفي «بريغونسون» لرؤساء الجمهورية (إ.ب.أ)
إيمانويل ماكرون خلال مشاركته في احتفال تحرير قرية «بورن ليه ميموزا» القريبة من المنتجع الصيفي «بريغونسون» لرؤساء الجمهورية (إ.ب.أ)
TT

اليسار الفرنسي المتطرف يهدّد ماكرون بتنحيته دستورياً بتهمة «الإخلال بواجباته»

إيمانويل ماكرون خلال مشاركته في احتفال تحرير قرية «بورن ليه ميموزا» القريبة من المنتجع الصيفي «بريغونسون» لرؤساء الجمهورية (إ.ب.أ)
إيمانويل ماكرون خلال مشاركته في احتفال تحرير قرية «بورن ليه ميموزا» القريبة من المنتجع الصيفي «بريغونسون» لرؤساء الجمهورية (إ.ب.أ)

يوم 7 يوليو (تموز)، خسر معسكر الرئيس الفرنسي الانتخابات البرلمانية بعدما حلّت «الجبهة الشعبية الجديدة» في المرتبة الأولى، بحصولها على 193 نائباً، وفي اليوم التالي قدّم غابريال أتال استقالة حكومته، إلا أن إيمانويل ماكرون انتظر 9 أيام حتى قبولها، وهي فترة ليست مألوفة في فرنسا.

وبعد مرور شهر كامل على الاستقالة، و40 يوماً على ظهور نتائج الانتخابات، ما زالت فرنسا من غير حكومة كاملة الصلاحيات، وما زالت الحكومة المستقيلة تقوم بتصريف الأعمال اليومية، ولا يبدو ماكرون مستعجلاً لاستخلاص النتائج من خسارة معسكره للانتخابات، ولم يعمد لتعيين شخصية من المجموعة البرلمانية الأكثر عدداً في البرلمان (الجبهة الشعبية)، بحجة أنها لم تحصل على الأكثرية البرلمانية المطلوبة، أي 289 نائباً، التي من شأنها أن توفر لها الديمومة، وللبلاد الاستقرار، إلا أنه يتناسى أن كلاً من الكتل الثلاث الرئيسية في البرلمان الجديد لا تملك أكثرية؛ إذ إن الكتلة الوسطية التي تدعمه حلّت في المرتبة الثانية، بحصولها على 166 نائباً، بينما مجموعة اليمين المتطرف المنبثقة من حزب «التجمع الوطني» حصلت على 123 نائباً.

كذلك فإن التحالف الممكن بين الكتلة الوسطية ونواب حزب «اليمين الجمهوري (التقليدي)» الذي لم يحصل إلا على 47 مقعداً، يبقى بعيداً عن الأكثرية المطلقة (213 نائباً).

ميلونشون يحيّي مناصريه اليساريين (غيتي - أ.ف.ب)

تهديد ماكرون بالتنحية

إزاء هذا الوضع السياسي المعقّد، اختار ماكرون أسهل الحلول، وهو الانتظار؛ تارةً بحجة الألعاب الأولمبية، وضرورة وجود حكومة وإن مستقيلة للإشراف عليها، وضمان حصولها بسلام وأمن، وتارةً أخرى بانتظار أن تتفاهم الكتل النيابية (أو بعضها) فيما بينها، للتمكن من تحقيق أكثرية تدعمها في الندوة البرلمانية، لكن ما لا يريده ماكرون هو تشارُك السلطة التنفيذية مع حكومة من اليسار تريد أن تطبق حرفياً البرنامج الحكومي الذي انتُخب نوابها على أساسه.

إزاء هذا الوضع المعقّد، وما يبدو أنه رهان ماكرون على الزمن ليفعل فعله، وتحديداً تفكّك جبهة اليسار بسبب خلافات مكوناتها الآيديولوجية وأجنداتها السياسية، لم يتردّد التشكيل الأكثر جذريةً، المتمثّل بحزب «فرنسا الأبية»، في رفع سيف التهديد بإقالة ماكرون من منصب رئاسة الجمهورية، استناداً إلى المادة 68 من الدستور التي تحدّد الآلية لذلك، ففي إعلان وقّعه زعيم الحزب والمرشح الرئاسي السابق جان لوك ميلونشون، وكذلك منسّقه العام النائب إيمانويل بومبار، ورئيسة مجموعته في البرلمان ماتيلد بانو، ونشرته صحيفة «لا تريبون دو ديمانش»، الأحد، اتهم ماكرون بتنفيذ «انقلاب دستوري»، وبـ«الاستئثار بالسلطة»، ووجّه إليه «إنذاراً رسمياً» بالعمل على تنحيته في حال «عدم قبوله نتائج الانتخابات التشريعية»، و«رفضه تسمية لوسي كاستيت رئيسةً للحكومة»، وذلك بتهمة «عدم القيام بواجباته» الدستورية. وجاء في التحذير أيضاً الإشارة إلى أن البند 68 من الدستور يتيح ذلك.

وأضاف بومبار، الاثنين، أن شرط حيازة عُشر أعضاء المجلس النيابي متوافر للحزب الذي لديه 72 نائباً، مضيفاً أن ماكرون يتمتع بدعم لا يصل إلى ثلث العدد الإجمالي للنواب البالغ 577 نائباً، وإذ رأى منسق عام الحزب «تنحية ماكرون أمراً يتمتع بالصدقية» سارع إلى القول، وبجملةٍ لا تحتمل التأويل، في حديث لإذاعة «آر تي أل»، متوجهاً إلى ماكرون: «إذا لم تفعل (ولم تسمِّ كاستيت)، فسنلجأ إلى كل الأدوات الدستورية من أجل تنحيتك».

لوسي كاستيت الوجه الجديد الذي اقترحته الجبهة الشعبية اليسارية لرئاسة الحكومة الفرنسية الجديدة (أرشيفية - أ.ف.ب)

لكن التهديد شيء، وتنفيذه شيء آخر؛ إذ إن الشروط التي يمكن أن تُفضي إلى تنحية ماكرون غير متوافرة، فالدستور ينص على التصويت لصالح التنحية بنسبة الثلثَين في البرلمان بمجلسَيه (النواب والشيوخ)، وهذا غير متوافر لحزب «فرنسا الأبية»، كذلك يتعين أن تُوافق عليه «المحكمة العليا» المشكّلة من أعضاء من مجلسَي البرلمان بالتساوي، وأيضاً بنسبة الثلثين، وتتمتّع المحكمة بمهلة شهرين للقيام بمهمتها، وهذا يعني عملياً أن الإطاحة بماكرون بالوسائل الدستورية أمر مستحيل، ولم يسبق أبداً، منذ ولادة الجمهورية الخامسة في خمسينات القرن الماضي، أن ظهرت مطالبة بتنحّي أيّ من رؤساء الجمهورية الـ7 الذين تعاقبوا على رئاسة فرنسا.

«خدمة» للرئيس

يتّضح، بالنظر لما سبق، أن حزب «فرنسا الأبية» يريد ممارسة ضغوط قوية على رئيس الجمهورية؛ ليضع حداً لاستراتيجية التأجيل والمماطلة وربح الوقت، لكن مصادر سياسية ترى أنه ليس من المؤكد أن ما أقدم عليه سيشكّل تهديداً لماكرون، خصوصاً أن 3 مكونات (من أصل 4) من «الجبهة الشعبية الجديدة» أعربت عن معارضتها خطة التنحية. ونقلت صحيفة «لو موند» المستقلة، في عددها ليوم الاثنين، عن مصادر رئاسية قولها إن ماكرون «يؤدي مهمته الدستورية، وفي غياب أكثرية مطلقة فإنه يستشير الكتل السياسية من أجل تسمية رئيس للحكومة»، كذلك ندّدت هذه المصادر بـ«الهياج الذي لا يتلاءم؛ لا مع النص الدستوري، ولا مع روحية (نُظم) الجمهورية»، مضيفةً أن ما يحصل يعكس «رغبةً في إثارة الفوضى، وليس في ذلك ما يُطمئن».

أوليفيه فور رئيس الحزب الاشتراكي المنضوي في «الجبهة الشعبية الجديدة» يحتفل وسط أنصاره (أرشيفية - أ.ب)

فضلاً عن ذلك، ترى هذه المصادر أن ما أقدم عليه ميلونشون ومجموعته من شأنه أن يُفضي إلى 3 نتائج؛ الأولى: إحداث انقسام عميق داخل جبهة اليسار، والثانية: إسداء خدمة للرئيس ماكرون، والثالثة: عزل «فرنسا الأبية».

فمن جهة، سارع أوليفيه فور، الأمين العام للحزب الاشتراكي، إلى النأي بحزبه عن خطط «فرنسا الأبية»، بتأكيده أن ما صدر عنها «لا يلزم سواها».

وذهب باتريك كانير، رئيس المجموعة الاشتراكية في مجلس الشيوخ، أبعد من ذلك؛ إذ رأى أن ما صدر عن اليسار المتشدّد بمثابة «استفزاز لا فائدة منه»، و«عمل معزول» ستكون نتيجته الأولى «إضعاف الجبهة الشعبية الجديدة ولوسي كاستيت».

كذلك انتقد فابيان روسيل، الأمين العام للحزب الشيوعي، المبادرة، مؤكداً أن «المطلوب ليس تهديد رئيس الجمهورية بالتنحية، ولا التسبّب بأزمة مؤسساتية»، مشككاً بالأساس القانوني الذي تقوم عليه المبادرة المذكورة، كذلك ذكرت مارين توندوليه، رئيسة حزب «الخضر»، أن دعوة التنحية «لا تحظى بأي دعم»، بينما رأى زميلها يانيك جادو، العضو في مجلس الشيوخ، أن «ما يمكن وصفه بالضغوط الإضافية (على ماكرون) يُبعدنا أكثر فأكثر عن تسمية المرشحة كاستيت، كما ينزع عنا بعض المصداقية التي نحتاج إليها».

مشكلة الدعوة الحقيقية أنها تأتي بعد أن حدّد ماكرون، لأول مرة، موعداً للكتل السياسية في 23 أغسطس (آب) الجاري، لاستشارتها بشأن تسمية رئيس للحكومة، ووعد بأن يعمد إلى القيام بذلك في الأسبوع اللاحق، ورهان ماكرون على انفجار «الجبهة الشعبية» من الداخل قد لا يكون بعيد المنال، بحيث ينفصل الاشتراكيون، وربما الشيوعيون والخضر، عن «فرنسا الأبية»، وينضمّون إلى ما يسميه «القوس الجمهوري»، الذي يخرج منه الطرفان المتشدّدان يميناً ويساراً. من هنا، فإن اسم رئيس الوزراء الاشتراكي السابق برنار كازنوف، آخر رئيس حكومة في عهد الرئيس الاشتراكي فرنسوا هولاند، قد يسهّل انشقاق الاشتراكيين، ما يعني أن رهان ماكرون قد يصبح واقعاً.



ارتياح أوروبي لمرشح ترمب لمنصب مبعوث أوكرانيا وروسيا

ترمب وكيلوغ خلال لقاء سابق عام 2017 (أ.ف.ب)
ترمب وكيلوغ خلال لقاء سابق عام 2017 (أ.ف.ب)
TT

ارتياح أوروبي لمرشح ترمب لمنصب مبعوث أوكرانيا وروسيا

ترمب وكيلوغ خلال لقاء سابق عام 2017 (أ.ف.ب)
ترمب وكيلوغ خلال لقاء سابق عام 2017 (أ.ف.ب)

أثار إعلان الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترمب، عن تعيين الجنرال المتقاعد، كيث كيلوغ، مبعوثاً خاصاً لأوكرانيا وروسيا، ردود فعل إيجابية، داخل الولايات المتحدة وخارجها، وخصوصاً في أوروبا.

وفيما عدّ إعادة ترمب لمستشار رئيسي من ولايته الأولى محاولة للوفاء بوعده الرئيسي في حملته الانتخابية بإنهاء الحرب بين البلدين، عدّ أيضاً مؤشراً على «مقاربة» قد تكون مختلفة عمّا كان متوقعاً من إدارة ترمب، في كيفية إنهاء هذه الحرب. وقال ترمب، في بيان: «كان كيلوغ معي منذ البداية! سنعمل معاً على تأمين السلام من خلال القوة، وجعل أميركا والعالم آمنين مرة أخرى!»، مضيفاً أن كيلوغ سيحمل أيضاً لقب مساعد الرئيس.

فلاديمير بوتين يصافح دونالد ترمب خلال لقاء في اليابان عام 2019 (أ.ب)

السلام من خلال القوة

وقبِل كيلوغ التعيين في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي، قائلاً إنه يتطلع إلى «العمل بلا كلل لتأمين السلام من خلال القوة مع الحفاظ على مصالح أميركا».

وكان كيلوغ قد شغل في السابق منصب رئيس الأركان في مجلس الأمن القومي، ومستشار الأمن القومي لنائب الرئيس السابق، مايك بنس، خلال فترة ولاية ترمب الأولى. ونقلت وسائل إعلام أميركية عن مسؤولين أوروبيين، قولهم: «إن اختيار كيلوغ ليس الأسوأ على الإطلاق»، بعدما كان من المتوقع على نطاق واسع أن يكون المرشحون الآخرون لهذا المنصب، بما في ذلك رئيس المخابرات السابق ريك غرينيل، أكثر تشككاً في تقديم أي مساعدات إضافية لأوكرانيا.

الرئيسان الأميركيان جو بايدن ودونالد ترمب خلال اجتماعهما في البيت الأبيض 13 نوفمبر الماضي (أ.ب)

وكان كيلوغ قد زعم في السابق أن واشنطن يجب أن تسلح أوكرانيا بشرط أن تدخل كييف في محادثات سلام مع روسيا. وفي ورقة سياسية كتبها إلى جانب مسؤول سابق آخر في إدارة ترمب، فريد فليتز، زعما أن الولايات المتحدة يجب أن تعلق عضوية أوكرانيا في حلف شمال الأطلسي إلى أجل غير مسمى، في مقابل «صفقة شاملة وقابلة للتحقق مع ضمانات أمنية». وجاء في الاقتراح أن أوكرانيا يجب أن تلتزم باستعادة الأراضي التي احتلتها روسيا بالوسائل الدبلوماسية، وليس القوة، وأن الولايات المتحدة يجب أن تقدم مزيداً من المساعدات لأوكرانيا إذا رفضت روسيا التفاوض. وقال التقرير: «ستواصل الولايات المتحدة تسليح أوكرانيا وتعزيز دفاعاتها لضمان عدم إحراز روسيا مزيداً من التقدم وعدم مهاجمتها مرة أخرى بعد وقف إطلاق النار أو اتفاق السلام... ولكن المساعدات العسكرية الأميركية المستقبلية سوف تتطلب من أوكرانيا المشاركة في محادثات سلام مع روسيا».

ترمب مرتاح لاقتراحات كيلوغ

وفي مقابلة مع «رويترز»، في يونيو (حزيران) الماضي، أوضح كيلوغ الضغوط الدبلوماسية المحتملة على روسيا، وقال إن الولايات المتحدة قد تمنح كييف «كل ما تحتاجه في الميدان». وإذا رفض بوتين الفرصة للتفاوض، فإننا قد نمنحها «كل ما تحتاجه لقتلك في الميدان». واقترح التقرير تمويل إعادة إعمار أوكرانيا من خلال فرض ضرائب على مبيعات الطاقة الروسية. ورغم أنه من غير الواضح إلى أي مدى ستشكل خطة كيلوغ مخططاً لسياسة ترمب تجاه أوكرانيا، لكن ورد أنه تفاعل بشكل إيجابي مع هذه الاستراتيجية عندما تم اطلاعه عليها.

كما أن الحرب في أوكرانيا قضية شخصية، بالنسبة لعائلة كيلوغ، حيث إن ابنته، ميغان موبس، هي رئيسة مؤسسة خيرية، قدّمت المساعدة للمدنيين الأوكرانيين، وأعادت رفات المقاتلين المتطوعين الأميركيين الذين قتلوا في الحرب.

ويأتي اختيار كيلوغ في وقت حرج بالنسبة لأوكرانيا، التي فشل جنودها حتى الآن في احتواء التقدم الروسي على طول الجبهة الشرقية، فيما تستعين موسكو بجنود من كوريا الشمالية لاستعادة المناطق التي احتلتها أوكرانيا في مقاطعة كورسك. واتخذت إدارة الرئيس جو بايدن خطوات لمساعدة أوكرانيا على قلب المشهد الميداني، قبل أي مفاوضات محتملة، بعدما سمح لها بإطلاق صواريخ «أتاكمز» الأميركية في العمق الروسي، رداً على مشاركة الكوريين الشماليين في القتال. كما أذن بتسليمها ألغاماً أرضية مضادة للأفراد، للمساعدة في الحد من استخدام روسيا لفرق هجومية صغيرة في السيطرة سيراً على الأقدام على مواقع أوكرانية. وتعمل إدارته على مدار الساعة لاستخدام مليارات الدولارات، التي سمح بها الكونغرس لتسليح أوكرانيا.

مليارات الدولارات لم تنفق

ورغم ذلك، قد لا يتمكن بايدن من استخدام كل الأموال قبل نهاية عهده، ما سيترك لترمب حرية القرار فيما يجب فعله بالأموال المتبقية. وقال مسؤولون أميركيون إن الإدارة لا تزال لديها أكثر من 6.5 مليار دولار بما يُعرف بسلطة السحب الرئاسي، التي تسمح لوزارة الدفاع بنقل الأسلحة والمعدات إلى أوكرانيا من مخزوناتها الخاصة. ومع ذلك، قالوا إن البنتاغون وصل إلى الحد الأقصى للأسلحة التي يمكنه إرسالها إلى أوكرانيا كل شهر، دون التأثير على قدرته القتالية، ويواجه تحديات لوجستية في توصيل الأسلحة. وسيتعين على الولايات المتحدة شحن أسلحة بقيمة تزيد عن 110 ملايين دولار يومياً، أو أقل بقليل من 3 مليارات دولار في ديسمبر (كانون الأول) ويناير (كانون الثاني)، لإنفاق الأموال المتبقية في الوقت المناسب، وهو ما قد يكون مستحيلاً.

وقال أحد كبار المسؤولين الدفاعيين إن البنتاغون يهدف الآن إلى نقل أسلحة بقيمة 500 مليون دولار إلى 750 مليون دولار شهرياً من مخزوناته إلى أوكرانيا، وهو ما يمثل زيادة عن متوسط ​​المبلغ في الأشهر السابقة. لكن أي زيادة في السحب من مخزونات البنتاغون قد تؤثر على استعداد الجيش الأميركي، وهو ما لا يرغب به قادة البنتاغون.

وقال مسؤولون دفاعيون أميركيون إن الشحنات القادمة من المتوقع أن تكون في معظمها ذخيرة ومدفعية، لسهولة شحنها، بينما يستغرق نقل المعدات الثقيلة كالمركبات المدرعة والدبابات أشهراً.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب خلال اجتماع لهما في اليابان عام 2019 (رويترز)

المشكلة في الأفراد لا الأسلحة

بيد أن مشكلة تسليم الأسلحة الأميركية لأوكرانيا ليست الوحيدة التي تعيق إمكانية دعم موقفها في المفاوضات. وبعدما تراجع البيت الأبيض عن ثقته بتسليم ما تبقى من الأسلحة في موعدها، قال إن التحدي الرئيسي لأوكرانيا ليس الأسلحة، بل القوة المقاتلة. وقال مسؤول كبير في البيت الأبيض للصحافيين، يوم الأربعاء، إن «الأوكرانيين لديهم الآن مخزونات من الأدوات الحيوية والذخيرة والأسلحة التي يحتاجون إليها للنجاح في ساحة المعركة... لكن اليوم، التحدي الأكثر إلحاحاً لأوكرانيا هو القوى المقاتلة». وقال إن كييف لا تحشد ما يكفي من الناس للقتال، وتحتاج على الأقل إلى 160 ألف جندي إضافي لملء صفوفها وتثبيت خطوط المواجهة، مقترحاً خفض سنّ التجنيد من 21 عاماً إلى 18 عاماً.

وقال مسؤولون إن الولايات المتحدة لديها أيضاً أكثر من ملياري دولار متبقية لتمويل عقود المعدات طويلة الأجل. وقال مسؤول كبير في وزارة الدفاع إن البنتاغون يعمل على الحصول على أكبر قدر ممكن من هذه الأموال، بموجب عقد بحلول 20 يناير. وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، طلبت إدارة بايدن من الكونغرس 24 مليار دولار إضافية للأسلحة لأوكرانيا. وسيتم تخصيص 8 مليارات دولار منها لعقود طويلة الأجل لتوريد الأسلحة لأوكرانيا، في حين سيتم استخدام 16 مليار دولار لتجديد المخزونات الأميركية.

ورغم أن ما قد يقرره ترمب بالأموال المتبقية ستكون له آثار على ساحة المعركة، وقد يساعد في تحديد مقدار النفوذ الذي تتمتع به كييف في أي مفاوضات سلام محتملة مع روسيا، فإن تعيينه كيلوغ، الذي يدعم السعي إلى تسوية تفاوضية من موقع القوة، خفّف من تلك المخاوف.

وقال كيلوغ، في مقابلة مع محطة «فوكس نيوز»، الأسبوع الماضي، إن موافقة بايدن على استخدام أوكرانيا للصواريخ «أعطت ترمب في الواقع مزيداً من النفوذ». وأضاف: «هذا يمنح الرئيس ترمب قدرة أكبر على التحول من هذا الوضع».

ويرجح أن يعمل كيلوغ بشكل وثيق مع مايكل والتز، الذي اختاره ترمب لمنصب مستشار الأمن القومي، حيث أشاد بكيلوغ الأربعاء، قائلاً في منشور على «إكس» إن كيلوغ «ملتزم بتحويل الحرب في أوكرانيا إلى حلّ سلمي».