معضلة كييف... ماذا بعد العملية «الجريئة» في كورسك الروسية؟

أوكرانيا تأمل أن يخفف التوغل المفاجئ الضغط على جبهتها الشرقية

جنود أوكرانيون يعملون على إصلاح آلية عسكرية متضررة قرب منطقة سومي على الحدود مع روسيا (رويترز)
جنود أوكرانيون يعملون على إصلاح آلية عسكرية متضررة قرب منطقة سومي على الحدود مع روسيا (رويترز)
TT

معضلة كييف... ماذا بعد العملية «الجريئة» في كورسك الروسية؟

جنود أوكرانيون يعملون على إصلاح آلية عسكرية متضررة قرب منطقة سومي على الحدود مع روسيا (رويترز)
جنود أوكرانيون يعملون على إصلاح آلية عسكرية متضررة قرب منطقة سومي على الحدود مع روسيا (رويترز)

مثّل الغزو الأوكراني المفاجئ لمقاطعة كورسك إحراجاً للرئيس الروسي، فيلاديمير بوتين، وفي الوقت نفسه دفعة معنوية كبيرة للأوكرانيين، الذين أمضوا آخِر سنة في معارك دفاعية دموية.

وتظل المعضلة أمام القيادة الأوكرانية، وفقاً لصحيفة «وول ستريت جورنال»، هي: هل تتقدم أكثر في الأراضي الروسية، وتدفع بمزيد من القوات والمُعدات التي تحتاج إليها بشدة في الجبهة الشرقية؛ حيث تكافح لصدّ التقدم الروسي، أم لا؟

خلال أيام معدودة، تقدمت أوكرانيا نحو 30 كيلومتراً من الحدود، لتُظهر لأعدائها وشعبها وحلفائها أنها ما زالت تُقاتل ويمكنها إلحاق الضرر بجارتها الكبرى.

وما زال الهدف النهائي من عملية كورسك غير واضح. وتشير تقارير روسية إلى أن التقدم السريع للقوات الأوكرانية في كورسك تحقَّق بفضل مُعدات حرب إلكترونية قطعت الاتصالات الروسية، وسمحت بتقدم سريع للآليات في المناطق الروسية، مدعومة بهجمات من الطائرات المُسيّرة وفي حماية الدفاع الجوي.

جنود أوكرانيون يقفون أمام آلية عسكرية قرب منطقة سومي على الحدود مع روسيا (رويترز)

وربح الأوكرانيون بعملية كورسك موطئ قدم في روسيا يمكّنهم من إرسال مجموعات استطلاع للبحث عن نقاط ضعف روسية، واستقدام قِطع المدفعية لقصف أهداف داخل عمق أراضيها.

وأظهرت مقاطع فيديو طابور مدرَّعات روسية دمّرته ضربة أوكرانية قبل أن يصل إلى الجبهة، ورغم التصريحات المتكررة من المسؤولين الروس بأنهم تصدّوا للهجوم الأوكراني، فإن وزارة الدفاع الروسية اعترفت، الأحد، بأنها نفّذت ضربات ضد القوات الأوكرانية على عمق 30 كيلومتراً داخل روسيا.

ويقول ضابط أوكراني في جبهة شاسيف يار، لصحيفة «وول ستريت جورنال»: «بالطبع هذه ضربة لبوتين، وأحببتُ رؤية طابورهم المدرَّع المدمَّر، وإذا واصلنا فعل ذلك لأيام فستكون ضربة مفيدة».

وقال مسؤول أميركي إن واشنطن ترى أن أحد أهداف عملية كورسك هو قطع خطوط الإمداد الروسية للجبهة الشرقية، التي ينفّذ فيها الجيش الروسي هجوماً منذ مايو (أيار) الماضي.

وتقول الصحيفة إنه بعيداً عن الانتصارات التكتيكية، أظهرت أوكرانيا قدرتها على التخطيط بسرية لعملية هجومية وتنفيذها، خصوصاً بعد فشل هجومها المضاد، الصيف الماضي، والذي طرح تساؤلات في الداخل والخارج حول قدرتها على الاستمرار في حرب الخنادق الطاحنة أمام الهجوم الروسي.

ويقول جون ناغل، مقدم متعاقد بالجيش الأميركي ومدرس في كلية الحرب، إن عملية الهجوم على كورسك غيّرت الرؤية الاستراتيجية.

لقطة من فيديو نشرته وزارة الدفاع الروسية يُظهر مروحيات كا 52 في طريقها لمواجهة القوات الأوكرانية المتوغلة بكورسك (أ.ب)

مشيراً إلى أن أوكرانيا تبعث رسالة إلى أهم حلفائها؛ الولايات المتحدة، قبل الانتخابات الرئاسية في نوفمبر (تشرين الأول) المقبل، بأنها ما زالت تملك «إرادة القتال».

وتقول الولايات المتحدة إنها لم تتلقّ إخطاراً مسبقاً بالعملية، وهو أمر معتاد في هذا النوع من التحركات التكتيكية.

وتشير مصادر «وول ستريت جورنال» إلى أن البيت الأبيض ليس قلقاً من تصعيد كبير من موسكو، لكن بعض المسؤولين الأميركيين عبّروا عن خوفهم من أن قتل جنود روس على أرضهم قد يدفع بوتين للسماح بردٍّ قاس يتضمن رشقات كبيرة من الصواريخ على المدن الأوكرانية لتدمير بنيتها التحتية.

ويقول المحلل العسكري فرانتز ستيفان غادي، من جنيف، إن المرحلة المقبلة من عملية كورسك تعتمد على الاحتياطي المُتاح لدى كل طرف، وكيف سيستخدمه على الجبهة.

ويتابع: «ستحتاج أوكرانيا إلى نقل جنود وموارد عسكرية إضافية للجبهة؛ للحفاظ على زخم الهجوم، بينما ستسعى روسيا لصدّ الهجوم بسرعة، واستخدام قوتها النارية مثل القنابل المنزلقة».

ويرى غادي، كما نقلت عنه «وول ستريت جورنال»، أن المشكلة الرئيسية في عملية كورسك أنها لا تُغير الوضع على الجبهة الشرقية، حيث ما زالت القوات الروسية تتقدم، وإن كان بوتيرة أبطأ.

جنود أوكرانيون يقودون دبابة سوفياتية قرب منطقة سومي على الحدود مع روسيا (أ.ف.ب)

وأضاف: «عملية كورسك تتطلب قدراً كبيراً من الموارد، خصوصاً جنود المشاة، الذي قد تحتاج إليهم أوكرانيا على جبهة أخرى». وعلى الجبهة الشرقية يعاني الضباط الأوكرانيون قلة عدد الجنود، ويتساءلون عن مغزى مهاجمة الأراضي الروسية، رغم أنهم يأملون بأن تؤدي هذه العملية الهجومية في كورسك إلى تخفيف الضغط على جبهتهم.

ويقول الضابط الأوكراني في جبهة شاسيف يار: «حتى اللحظة، لا نرى أي تغيير، الروس لن يسحبوا وحدات قتالية من هنا إلى كورسك؛ لأن لديهم جنود احتياط».


مقالات ذات صلة

وساطة إماراتية جديدة بين روسيا وأوكرانيا تنجح في إطلاق 50 أسيراً

الخليج الوساطة الإماراتية نجحت حتى الآن في إتمام 11 عملية تبادل أسرى حرب بين روسيا وأوكرانيا (الشرق الأوسط)

وساطة إماراتية جديدة بين روسيا وأوكرانيا تنجح في إطلاق 50 أسيراً

قالت الإمارات إنها نجحت في جهود وساطة بين روسيا وأوكرانيا في إنجاز عملية تبادل أسرى حرب جديدة شملت 50 أسيراً من الجانبين الأوكراني والروسي.

«الشرق الأوسط» (أبوظبي)
أوروبا انفجار طائرة مسيّرة في سماء العاصمة الأوكرانية كييف أثناء غارة روسية، وسط هجوم روسيا على أوكرانيا، 14 يناير 2025 (رويترز)

مستشار بوتين: أوكرانيا ومولدوفا قد تفقدان استقلالهما

قال مستشار للرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن أوكرانيا ومولدوفا يمكن أن تفقدا وضعهما كدولتين مستقلتين، وذلك في مقابلة مع صحيفة «كومسومولسكايا برافدا» الروسية.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
العالم فلسطيني يحمل جسداً ملفوفاً لضحية من ضحايا الغارات الإسرائيلية على غزة (أ.ف.ب)

أكثر من نصفهم في غزة... عدد قياسي لضحايا الأسلحة المتفجرة في 2024

خلُص تقرير جديد إلى أن عدد ضحايا الأسلحة المتفجرة من المدنيين وصل إلى أعلى مستوياته عالمياً منذ أكثر من عقد من الزمان.

«الشرق الأوسط» (لندن)
أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يلتقي وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس في كييف (د.ب.أ)

زيلينسكي يناقش مع وزير الدفاع الألماني بناء درع شاملة للدفاع الجوي

كشف الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أنه ناقش مع وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس بناء درع شاملة للدفاع الجوي، وتعزيز القدرات الدفاعية الأوكرانية.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا لقاء سابق بين ماكرون وزيلينسكي في باريس (رويترز)

زيلينسكي يناقش مع ماكرون «نشر وحدات» أجنبية في أوكرانيا

أعلن الرئيس الأوكراني، الاثنين، أنه ناقش مع نظيره الفرنسي دعم أوكرانيا واحتمال «نشر وحدات» من العسكريين الأجانب في البلاد، وهي فكرة طرحها حلفاء كييف مؤخراً.

«الشرق الأوسط» (كييف)

استقالة وزيرة بريطانية للاشتباه بتورطها بقضايا فساد في بنغلاديش

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيسة وزراء بنغلاديش السابقة الشيخة حسينة (وسط) وتوليب صديق يحضرون حفلاً في الكرملين عام 2013 (أ.ب)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيسة وزراء بنغلاديش السابقة الشيخة حسينة (وسط) وتوليب صديق يحضرون حفلاً في الكرملين عام 2013 (أ.ب)
TT

استقالة وزيرة بريطانية للاشتباه بتورطها بقضايا فساد في بنغلاديش

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيسة وزراء بنغلاديش السابقة الشيخة حسينة (وسط) وتوليب صديق يحضرون حفلاً في الكرملين عام 2013 (أ.ب)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيسة وزراء بنغلاديش السابقة الشيخة حسينة (وسط) وتوليب صديق يحضرون حفلاً في الكرملين عام 2013 (أ.ب)

أعلنت الوزيرة البريطانية توليب صديق، اليوم الثلاثاء، استقالتها من حكومة كير ستارمر، بعدما ورد اسمها في تحقيقات تجريها بنغلاديش حول الفساد، وتستهدف خالتها رئيسة الوزراء السابقة الشيخة حسينة، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

وأكدت توليب صديق التي تشغل منصب وزيرة الدولة البريطانية للخدمات المالية في رسالة استقالتها، أنها تصرفت «بشفافية كاملة»، معتبرة أن بقاءها في منصبها سيصرف الأنظار عن عمل حكومة حزب العمال.

في نهاية ديسمبر (كانون الأول)، أعلنت لجنة مكافحة الفساد في بنغلاديش أنها فتحت تحقيقاً في احتمال اختلاس الشيخة حسينة وعائلتها خمسة مليارات دولار في إطار صفقة لبناء محطة للطاقة النووية مع روسيا.

وأعلنت اللجنة نفسها، الاثنين، فتح تحقيق آخر ضد الشيخة حسينة وأقاربها، في قضية الاستيلاء على أراض في ضواحي العاصمة دكا.

ومن بين المشتبه بهم في هذه الملفات ابنة أخت الشيخة حسينة، توليب صديق.

وأمر محقّقون في قضايا غسل الأموال في بنغلاديش البنوك الكبرى في البلاد بالإفصاح عن تفاصيل المعاملات المتعلقة بصديق، بوصفه جزءاً من التحقيق.

وقالت صديق في خطاب استقالتها إنها تصرفت «بشفافية كاملة». وشدّدت على أن «ولاءها كان وسيظل دائماً» لحكومة حزب العمال، و«برنامج التجديد والتحول الوطني الذي شرعت فيه». وأضافت: «لذلك قررت الاستقالة من منصبي الوزاري».

وشكر ستارمر صديق على عملها، وقال متوجهاً إليها إنه «لم يتم العثور على أي دليل على مخالفات مالية من جانبك».

وأضاف: «أقدر أنه بهدف وضع حد للتشتيت المستمر عن تنفيذ أجندتنا لتغيير بريطانيا، اتخذتِ قراراً صعباً، وأريد أن أوضح أن الباب ما زال مفتوحاً أمامك للتقدّم».

وبالإضافة إلى منصبها الوزاري، انتُخبت صديق نائبة عن إحدى دوائر لندن.

وكشفت صحف بريطانية، مطلع يناير (كانون الثاني)، عن أن توليب صديق (42 عاماً) كانت تعيش في شقة في لندن حصلت عليها من رجل أعمال مرتبط بحزب «رابطة عوامي»، حزب الشيخة حسينة. وأشير إلى أنها عاشت في السابق في شقة بلندن اشتراها محام دافع عن خالتها.

وذكرت صحف أن صديق وعائلتها حصلوا على عقارات أخرى عديدة في لندن، أو استخدموها بعدما اشتراها أعضاء في حزب «رابطة عوامي» أو شركاء لهم.