احتجاجات وأعمال شغب فجّرتها جريمة قتل... ماذا يحدث في بريطانيا؟

متظاهرون خارج مدخل 10 داونينغ ستريت (مقر رئيس الوزراء) في وسط لندن... 31 يوليو 2024 (أ.ف.ب)
متظاهرون خارج مدخل 10 داونينغ ستريت (مقر رئيس الوزراء) في وسط لندن... 31 يوليو 2024 (أ.ف.ب)
TT

احتجاجات وأعمال شغب فجّرتها جريمة قتل... ماذا يحدث في بريطانيا؟

متظاهرون خارج مدخل 10 داونينغ ستريت (مقر رئيس الوزراء) في وسط لندن... 31 يوليو 2024 (أ.ف.ب)
متظاهرون خارج مدخل 10 داونينغ ستريت (مقر رئيس الوزراء) في وسط لندن... 31 يوليو 2024 (أ.ف.ب)

اندلعت أعمال شغب في احتجاجات مناهضة للمهاجرين بمدن وبلدات في شتى أنحاء بريطانيا الأسبوع الماضي، وشنت جماعات يمينية متطرفة هجمات على مساجد وفنادق تؤوي طالبي لجوء.

وفيما يلي تفاصيل عن أسباب اندلاع تلك الاحتجاجات وجهود الحكومة للسيطرة عليها، وفق وكالة «رويترز» للأنباء.

لماذا اندلعت الاحتجاجات؟

في 29 يوليو (تموز)، قُتلت ثلاث فتيات تتراوح أعمارهن بين ست وتسع سنوات خلال هجوم على حفل راقص للأطفال يستلهم أسلوب تايلور سويفت في بلدة ساوثبورت الساحلية في شمال إنجلترا، وأصيب ثمانية أطفال واثنان من البالغين.

وألقت الشرطة القبض على فتى يبلغ من العمر 17 عاما، فيما انتشرت معلومات كاذبة على وسائل التواصل الاجتماعي تفيد بأن المشتبه به مهاجر ينتمي إلى تيار إسلاموي، ما أدى إلى احتجاجات عنيفة مناهضة للمسلمين في ساوثبورت في اليوم التالي ومحاولة مهاجمة مسجد البلدة.

ووجهت السلطات لمنفذ الهجوم تهمتي القتل والشروع في القتل. وقالت الشرطة إنه ولد في بريطانيا ولم تعتبر الهجوم جريمة إرهابية.

شرطة مكافحة الشغب بالقرب من مكان الاضطرابات العنيفة على طريق في ليفربول... 3 أغسطس 2024 (إ.ب.أ)

أين وقعت أعمال الشغب؟

في اليوم التالي لاضطرابات ساوثبورت، تجمع عدة آلاف بالقرب من مكتب رئيس الوزراء كير ستارمر في داوننغ ستريت بوسط لندن واعتقلت السلطات أكثر من مائة شخص عقب اشتباكات مع الشرطة.

واندلعت بعد ذلك أعمال شغب في أكثر من 20 موقعا متفرقا في شتى أنحاء بريطانيا، من سندرلاند في شمال شرق إنجلترا ومانشستر في الشمال الغربي إلى بليماوث في الجنوب الغربي وبلفاست في آيرلندا الشمالية.

وشارك في معظم الاحتجاجات بضع مئات من الأشخاص استهدفوا المهاجرين أو المسلمين وأحرقوا مركبات للشرطة وألقوا حجارة وزجاجات على المساجد وضباط الشرطة.

وتعرضت متاجر، بما فيها المملوكة لآسيويين، للتخريب أو النهب.

وفي روثرهام بشمال إنجلترا تعرّض فندق كان يؤوي مهاجرين للهجوم، وحُطمت نوافذه وأُشعلت النيران في حاوية قمامة كبيرة أمامه.

وقال مسؤولون بالشرطة إن نحو 400 شخص اعتقلوا منذ بداية الاضطرابات، ووُجهت اتهامات لأكثر من 120 شخصا في جرائم تتعلق بأعمال شغب.

من وراء أعمال الشغب؟

اتهم ستارمر «اليمين المتطرف» بالتسبب في أعمال العنف.

وروّج نشطاء مناهضون للهجرة والمسلمين مثل ستيفن ياكسلي لينون، المعروف باسم تومي روبنسون، للاحتجاجات عبر الإنترنت. واتهمهم الساسة ووسائل إعلام بترويج معلومات مضللة لتأجيج التوتر. واتهم روبنسون وسائل الإعلام بنشر أخبار كاذبة عنه.

واتهمت الحكومة شركات وسائل التواصل الاجتماعي بعدم بذل ما يكفي من الجهد لوقف انتشار المعلومات المضللة، في حين قال معهد الحوار الاستراتيجي إن خوارزميات الشركات لعبت دورا مهما في تضخيم المعلومات الكاذبة.

وقالت الشرطة إن المتورطين في الاشتباكات كانوا في أغلب الأحيان من مثيري الشغب اليمينيين المتطرفين الذين ينشطون خارج مجتمعاتهم المحلية، ولكن في بعض الحالات انضم إليهم أشخاص لديهم مظالم محلية أو شبان يسعون إلى المشاركة في الفوضى.

كما كان هناك عدد كبير من المتظاهرين شاركوا في احتجاجات مضادة، فضلا عن تجمعات لجماعات مناهضة للفاشية وأخرى لرجال آسيويين في مناطق شهدت احتجاجات أو كان من المتوقع أن تُنظم فيها.

متظاهرون يواجهون عناصر من الشرطة في مانشستر... 3 أغسطس 2024 (إ.ب.أ)

لماذا يحتج الناس؟

يصف كثير من المشاركين أنفسهم بأنهم وطنيون يرون أن المستويات القياسية من الهجرة غير الشرعية تقوض المجتمع البريطاني.

ويقول نشطاء من اليمين المتطرف عبر الإنترنت إن الهجرة تغذي العنف والجريمة، بما في ذلك الاعتداءات على النساء والفتيات، وإن الساسة وفروا للمهاجرين مساكن وأحسنوا معاملتهم. وتقول جماعات حقوق الإنسان إن هذا ببساطة غير صحيح.

كما يتهم البعض من تيار اليمين الشرطة بمعاملة المتظاهرين «الوطنيين» بأسلوب أكثر صرامة من الذي تعاملوا به مع أشخاص شاركوا، على سبيل المثال، في مسيرات مؤيدة لفلسطين في الآونة الأخيرة أو مظاهرات بلاك لايفز ماتر (حياة السود مهمة) في عام 2020.

ورفضت الحكومة والشرطة هذا التوصيف لأسلوب حفظ الأمن في بريطانيا، ووصفه مارك رولي، مفوض شرطة العاصمة، بأنه هراء.

وتقول جماعات مناهضة للعنصرية إن نهب المتاجر والهجمات على الشرطة والمساجد تكشف الدافع الحقيقي وراء أعمال العنف التي اندلعت في كثير من الاحتجاجات، مضيفة أن شعارات الوطنية تستخدم غطاء للتطرف.

وفي استطلاع للرأي أجرته مؤسسة «يوجوف» ونشر أمس الثلاثاء، قال ثلاثة أرباع المشاركين إن مثيري الشغب لا يمثلون آراء بريطانيا ككل، فيما قال سبعة في المائة إنهم يؤيدون العنف.

ما التدابير التي تتخذها الحكومة البريطانية حاليا؟

قال ستارمر إن الحكومة ستستخدم كل وسائل إنفاذ القانون للتصدي لمرتكبي أعمال الشغب والسيطرة على حالة الفوضى.

وزادت الحكومة سعة السجون لتستوعب نحو 600 نزيل إضافي مع الاستعانة بضباط متخصصين في التعامل مع الاضطرابات.

وحكمت محكمة ليفربول كراون، اليوم الأربعاء، على رجل بريطاني، يبلغ من العمر 58 عاما، بالسجن لثلاث سنوات بتهمة إثارة أعمال شغب وعنف، في واحد من أول الأحكام التي صدرت بشأن أعمال الشغب.

وتوعدت الحكومة بملاحقة ليس فقط مثيري الشغب، وإنما أيضا الذين يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي لتأجيج الاضطرابات. واتُّهم رجل باستخدام لغة تنطوي على تهديد أو القيام بأفعال بهدف إثارة الكراهية والعنصرية في منشورات على «فيسبوك».

وعقد وزير العلوم البريطاني بيتر كايل اجتماعا مع ممثلين لشركات «تيك توك» و«ميتا» و«غوغل» و«إكس» لنقل رسالة مفادها أنهم مسؤولون عن المساعدة في وقف التحريض ونشر المعلومات المضللة.


مقالات ذات صلة

نيجيريا: مقتل نحو 21 شخصاً في مظاهرات احتجاجاً على الغلاء

أفريقيا الشرطة النيجيرية تمنع المتظاهرين من التجمع ضمن الاحتجاجات المناهضة للحكومة (رويترز)

نيجيريا: مقتل نحو 21 شخصاً في مظاهرات احتجاجاً على الغلاء

أعلنت منظمة العفو الدولية غير الحكومية لوكالة الصحافة الفرنسية، اليوم (الأربعاء)، أن 21 شخصاً على الأقل قتلوا خلال الاحتجاجات على ارتفاع الأسعار و«سوء الإدارة».

«الشرق الأوسط» (لاغوس)
أوروبا جانب من المواجهة بين متظاهرين وأفراد من الشرطة في بريستول 3 أغسطس (أ.ف.ب)

لندن تتأهب تحسّباً لمظاهرات اليمين المتطرف وأعمال الشغب

عززت شرطة لندن انتشارها الأمني في العاصمة تأهباً ليوم من المظاهرات التي دعا إليها اليمين المتطرف.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الولايات المتحدة​ جانب من جامعة «هارفارد» في كامبريدج بماساتشوستس في الولايات المتحدة 7 ديسمبر 2023 (رويترز)

قاضٍ أميركي: جامعة «هارفارد» يجب أن تواجه دعوى بسبب معاداة السامية

أخفقت جامعة «هارفارد» في مساعيها لإقناع قاضٍ أميركي برفض دعوى يتهمها فيها طلاب يهود بتحويل حرمها الجامعي إلى مكان لمعاداة السامية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شؤون إقليمية رجل يهودي متشدد في قاعدة تجنيد تل هشومير بإسرائيل 5 أغسطس 2024 (رويترز)

محتجون من اليهود الحريديم يقتحمون قاعدة للجيش الإسرائيلي

قال الجيش الإسرائيلي إن عشرات المحتجين المتزمتين دينياً اقتحموا قاعدة عسكرية تابعة له بالقرب من تل أبيب اليوم الثلاثاء.

«الشرق الأوسط» (القدس)
أوروبا رجلا شرطة يحرسان مسجداً شرق لندن الاثنين (رويترز)

​التأهب مستمر في بريطانيا لمواجهة أعمال الشغب

أعلنت الحكومة البريطانية الثلاثاء أن ستة آلاف عنصر متخصص من قوات الشرطة وُضعوا في حالة استعداد للتعامل مع أعمال الشغب التي يقودها اليمين المتطرف.

«الشرق الأوسط» (لندن)

فرنسا تطلب مساعدة «إف بي آي» في تحقيق تخريب سكك القطارات قبل الأولمبياد

الشرطة الفرنسية تحقق في عمليات تخريب خطوط السكك الحديدية (أ.ف.ب)
الشرطة الفرنسية تحقق في عمليات تخريب خطوط السكك الحديدية (أ.ف.ب)
TT

فرنسا تطلب مساعدة «إف بي آي» في تحقيق تخريب سكك القطارات قبل الأولمبياد

الشرطة الفرنسية تحقق في عمليات تخريب خطوط السكك الحديدية (أ.ف.ب)
الشرطة الفرنسية تحقق في عمليات تخريب خطوط السكك الحديدية (أ.ف.ب)

قال مصدران مطلعان إن الشرطة الفرنسية التي تحقق في عمليات تخريب خطوط سكك حديدية لقطارات فائقة السرعة، وقعت قبل ساعات من انطلاق حفل افتتاح دورة الألعاب الأولمبية في باريس، طلبت مساعدة مكتب التحقيقات الاتحادي الأميركي (إف بي آي).

وبحسب «رويترز»، طلب المحققون المساعدة من المكتب بعدما تلقت مؤسسات إعلامية، منها «رويترز»، رسالة بالبريد الإلكتروني ترجح الشرطة أن الجناة هم من أرسلوها. وورد في الرسالة قائمة طويلة من الشكاوى لكنها لم تعلن المسؤولية صراحة.

وأُرسل البريد الإلكتروني الذي حمل توقيع «وفد غير متوقع» من عنوان تابع لمنظمة (رايز أب دوت نت)، وهي منظمة مقرها سياتل بولاية واشنطن، تقول إنها تقدم «موارد اتصالات وكومبيوتر لحلفاء منخرطين في مكافحة الرأسمالية وأشكال أخرى من القمع».

وكان المخربون قد استهدفوا بعبوات حارقة أربعة خطوط قطارات فائقة السرعة متجهة إلى باريس، مما أدى إلى حالة فوضى في الرحلات قبل ساعات من جلوس الجمهور في أنحاء العالم أمام الشاشات لمتابعة موكب الرياضيين الأولمبيين بطول نهر السين في 26 يوليو (تموز).

ولم تحدث اعتقالات. ويشتبه المسؤولون الفرنسيون في وجود جماعات يسارية متطرفة محلية، لكنهم لم يستبعدوا أيضاً وجود تورط أجنبي.

وأوضح المصدران لـ«رويترز» أن الشرطة الفرنسية طلبت مساعدة مكتب التحقيقات الاتحادي الأميركي؛ لكون مقر منظمة «رايز أب دوت نت» في أميركا.

ورفض مكتب التحقيقات الاتحادي التعليق.

كما لم ترد «رايز أب دوت نت» على رسالة بالبريد الإلكتروني تطلب تعليقاً.