ألمانيا تقلل من تهديدات روسيا وتتمسك بالاتفاقية الأمنية مع واشنطن

دعوات في برلين للاستعداد لولاية جديدة لترمب

المستشار الألماني أولاف شولتز مع زعيم الحزب المسيحي الديمقراطي المعارض فريدرش ميرز يشاركان في الذكرى 80 لمحاولة الانقلاب على النازيين في 20 يوليو ببرلين (رويترز)
المستشار الألماني أولاف شولتز مع زعيم الحزب المسيحي الديمقراطي المعارض فريدرش ميرز يشاركان في الذكرى 80 لمحاولة الانقلاب على النازيين في 20 يوليو ببرلين (رويترز)
TT

ألمانيا تقلل من تهديدات روسيا وتتمسك بالاتفاقية الأمنية مع واشنطن

المستشار الألماني أولاف شولتز مع زعيم الحزب المسيحي الديمقراطي المعارض فريدرش ميرز يشاركان في الذكرى 80 لمحاولة الانقلاب على النازيين في 20 يوليو ببرلين (رويترز)
المستشار الألماني أولاف شولتز مع زعيم الحزب المسيحي الديمقراطي المعارض فريدرش ميرز يشاركان في الذكرى 80 لمحاولة الانقلاب على النازيين في 20 يوليو ببرلين (رويترز)

قللت ألمانيا من تحذيرات موسكو لها بالسماح للولايات المتحدة بنشر أسلحة بعيدة المدى على أراضيها. بينما برزت دعوات في برلين للاستعداد لولاية جديدة لدونالد ترمب في البيت الأبيض.

وقال المتحدث باسم الخارجية الألمانية، سيباستيان فيتشر، إن التهديدات الروسية لن تدفع ببرلين إلى العدول عن الاتفاق الذي أبرم في واشنطن قبل أسبوعين.

وأكد فيتشر أن ألمانيا «لن تخضع للترهيب»، وذلك تعليقاً على تصريحات للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الأحد، قال فيها إنه سيتعين على روسيا الرد بخطوات مماثلة في حال تم نشر أسلحة أميركية بعيدة المدى في ألمانيا بدءاً من عام 2026.

واشنطن تعتزم نشر صواريخ «كروز» في ألمانيا بدءاً من عام 2026 (رويترز)

ويثير الاتفاق الذي عقده المستشار الألماني، أولاف شولتز، مع الرئيس الأميركي، جو بايدن، في العاصمة الأميركية على هامش قمة حلف شمال الأطلسي، خلافات داخل ألمانيا خصوصاً داخل حزب المستشار نفسه. وكتب عدد من السياسيين داخل الحزب الاشتراكي رسالة للمستشار دعوه فيها «لتذكر سياسة الحزب السابقة السلمية مع روسيا»، ورفض نشر الصواريخ الأميركية. وذكرت الرسالة التي وقع عليها عدد من السياسيين الفاعلين داخل الحزب؛ من بينهم الأمين العام السابق للحزب نوربرت فالتر - بورجانز، أن الأمر يتعلق «بتحويل بلد ذات كثافة سكانية عالية إلى هدف لضربة نووية».

ولكن المستشار دافع عن الاتفاق، قائلاً إنه يثبت التزام واشنطن بأمن ألمانيا وبـ«الناتو». وتبرر ألمانيا الاتفاقية بأن روسيا نفسها نشرت صواريخ «إسكندر» بعيدة المدى والقادرة على حمل أسلحة نووية، في كالينينغراد الواقعة بين ليتوانيا وبولندا.

طائرة «يوروفايتر» ألمانية تحلّق فوق إحدى ضواحي كولونيا بألمانيا 23 أكتوبر 2023 (رويترز)

ويسمح الاتفاق بنشر صواريخ أميركية بعيدة المدى في ألمانيا؛ مثل صواريخ «توماهوك» التي يمكن أن تصل إلى روسيا والقادرة على حمل رؤوس نووية، إضافة إلى صواريخ فرط صوتية. وكان نشر تلك الصواريخ محظوراً بحسب اتفاقية تم توقيعها بين الولايات المتحدة وروسيا، وانسحبت منها واشنطن في ظل إدارة الرئيس السابق دونالد ترمب عام 2019، بعد اتهامها لروسيا بخرقها. وانسحبت عقب ذلك روسيا كذلك من الاتفاقية، لكنها قالت إنها ستبقى ملتزمة فيها. ولكن بعد الاتفاقية الأخيرة بين واشنطن وبرلين، قالت موسكو إن التزامها بها لن يستمر في حال نشر تلك الصواريخ بألمانيا.

عَلم ألمانيا يرفرف أمام مبنى «الرايخستاغ» في برلين (أرشيفية - رويترز)

ومن بين الأحزاب المعترضة حزب «البديل لألمانيا» اليميني المتطرف، وأيضاً الأحزاب التي تنتمي لأقصى اليسار. ورغم أن حزب المعارضة الرئيسي (المسيحي الديمقراطي) الذي تنتمي إليه المستشارة السابقة أنجيلا ميركل، أيد الاتفاق، فهو دعا إلى الاستعداد لولاية ثانية محتملة للرئيس السابق، دونالد ترمب، وما قد يعقبه ذلك من قرارات من بينها احتمال إلغاء ترمب لاتفاقية نشر الصواريخ بعيدة المدى التي وقعها بايدن وشولتز.

وقال رئيس الحزب المسيحي، فريدرش ميرتز في مقابلة بصحيفة «دي فيلت»، إنه «بغض النظر عمن سيخلف جو بايدن، فعلينا في ألمانيا وأوروبا أن نستعد لواقع أن الأميركيين سيؤمنون ضمانات أمنية ولكن بتحفظ، ما يعني أنه سيتعين علينا أن نبذل المزيد من أجل دفاعنا».

وتنشر الولايات المتحدة أسلحة نووية سرية في ألمانيا منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، وهي تعدّ المظلة الأمنية الأساسية للبلاد منذ هزيمة النازيين. وفي عهد ترمب الأول، سيطرت التوترات على العلاقات الثنائية بين الولايات المتحدة وألمانيا بسبب انتقادات ترمب الدائمة لبرلين لعدم وفائها بالتزاماتها المالية لحلف شمال «الناتو»، وعدم إنفاق 2 في المائة من ناتجها الإجمالي على دفاعها. ولكنها منذ الحرب في أوكرانيا، زادت من إنفاقها العسكري، وهي ستفي هذا العام بإنفاقها بنسبة 2 في المائة على دفاعها. ومع ذلك، فإن البنية الأساسية للجيش الألماني ضعيفة، وهو غير قادر على خوض حروب بسبب سياسات الحكومات المتعاقبة منذ عقود أبقتها ضعيفة عن قصد لأسباب تاريخية.

ولكن عهد ترمب الأول والمخاوف من سحب واشنطن مظلتها الأمنية عن برلين، تسبب بمخاوف كبيرة في ألمانيا وأشعل النقاشات حول ضرورة تقوية الجيش. وجاءت الحرب في أوكرانيا لتغير من سياسة برلين الدفاعية وتجعلها ملتزمة بزيادة إنفاقها الدفاعي. والآن عادت هذه المخاوف مع ازدياد حظوظ ترمب بالعودة إلى البيت الأبيض. وبالفعل بدأ الحزب المسيحي الديمقراطي، الذي قد يعود إلى الحكم في الانتخابات المقبلة نهاية العام الحالي، يعد لسيناريوهات عودة ترمب إلى البيت الأبيض وتبعات ذلك على ألمانيا.

من داخل مصنع لصناعة الأسلحة والمعدات القتالية في ألمانيا (أرشيفية - رويترز)

وقد أوفد زعيم الحزب ميرتز مجموعة من السياسيين من حزبه إلى الولايات المتحدة للمشاركة في مؤتمر الحزب الجمهوري، الذي أُعلنت فيه تسمية ترمب مرشحاً رسمياً للحزب. ورغم المخاوف من أن المساعدات الأميركية لأوكرانيا قد تتقلص أو حتى تتوقف كلياً، وهو ما عبر عنه ميرتز في مقابلته مع «دي فيلت»، فإن الحزب اليميني الوسط يسعى لبناء علاقات جيدة مع ترمب والمسؤولين المحيطين به من الآن، استعداداً لوصوله إلى السلطة.


مقالات ذات صلة

زيلينسكي يتهم بوتين بارتكاب جرائم حرب «جديدة»

أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في كلمته المسائية عبر الفيديو (ا.ف.ب)

زيلينسكي يتهم بوتين بارتكاب جرائم حرب «جديدة»

اتهم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بارتكاب جرائم حرب جديدة بعد الهجوم الصاروخي على مدينة دنيبرو بصاروخ جديد متوسط المدى.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن (ا.ب)

أوستن: قوات كوريا الشمالية المحتشدة في روسيا ستشارك في الحرب «قريباً»

أعلن وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، اليوم (السبت)، أن بلاده تتوقع أن الآلاف من القوات الكورية الشمالية المحتشدة في روسيا ستشارك «قريباً» في القتال ضد أوكرانيا

«الشرق الأوسط» (سيدني)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي جو بايدن مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بقمة دول مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو بالبرازيل (أ.ف.ب)

بايدن وماكرون يناقشان الصراعين في أوكرانيا والشرق الأوسط

قال البيت الأبيض إن الرئيس الأميركي جو بايدن ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون ناقشا الصراعين الدائرين في أوكرانيا والشرق الأوسط.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا صورة نشرتها مؤسسة أوكرانية تُظهر لحظة الهجوم بالصاروخ الباليستي الروسي على مدينة دنيبرو الأوكرانية (أ.ف.ب) play-circle 01:12

أوكرانيا تطلب أنظمة حديثة للدفاع الجوي بعد استهدافها بصاروخ باليستي روسي

أعلن الرئيس الأوكراني، الجمعة، أن بلاده تطلب من حلفائها الغربيين تزويدها بأنظمة حديثة للدفاع الجوي، بعدما استهدفتها روسيا، هذا الأسبوع، بصاروخ باليستي فرط صوتي.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أ.ب)

بوتين يأمر بـ«اختبارات» في الوضع القتالي للصاروخ «أوريشنيك»

أمر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بإنتاج كمية كبيرة من الصاروخ الباليستي الجديد فرط الصوتي «أوريشنيك» ومواصلة اختباره في الأوضاع القتالية.

«الشرق الأوسط» (موسكو)

«تهيمنان على برامج التصفح على الهواتف»... بريطانيا تحقق بشأن «أبل» و«غوغل»

شعار «غوغل» على هاتف محمول (أ.ف.ب)
شعار «غوغل» على هاتف محمول (أ.ف.ب)
TT

«تهيمنان على برامج التصفح على الهواتف»... بريطانيا تحقق بشأن «أبل» و«غوغل»

شعار «غوغل» على هاتف محمول (أ.ف.ب)
شعار «غوغل» على هاتف محمول (أ.ف.ب)

قالت هيئة المنافسة والأسواق في المملكة المتحدة، اليوم الجمعة، في تقرير إن شركتي «أبل» و«غوغل» لا توفران للمستهلكين خياراً حقيقياً لبرامج التصفح على الإنترنت للهواتف المحمولة، وأوصت بإحالتهما إلى تحقيقٍ بموجب القواعد الرقمية الجديدة في المملكة المتحدة، والتي من المقرر أن تدخل حيز التنفيذ العام المقبل.

ووجهت هيئة المنافسة والأسواق انتقادات لشركة «أبل»، قائلة إن تكتيكات الشركة المصنعة لهاتف آيفون تعيق الابتكار عن طريق منع المنافسين من منح المستخدمين ميزات جديدة مثل تحميل صفحات الإنترنت بشكل أسرع.

وأفاد تقرير الهيئة بأن شركة «أبل» تفعل ذلك من خلال تقييد تطبيقات الويب المتطورة، والتي لا يتطلب الأمر تنزيلها من تطبيق لمتجر التطبيقات، ولا تخضع لعمولات تطبيق متجر التطبيقات.

وقالت هيئة المنافسة والأسواق البريطانية إن «هذه التطبيقات غير قادرة على الانطلاق بشكل كامل على الأجهزة التي تعمل بنظام تشغيل (آي أو إس) الذي طورته شركة (أبل)»، وجاء ذلك في تقرير مؤقت للهيئة عن تحقيقها بشأن برامج تصفح الهواتف المحمولة، والذي شرعت فيه بعد أن خلصت دراسة أولية إلى أن شركتي «أبل» و«غوغل» لديهما سيطرة فعالة على «الأنظمة البيئية المحمولة».

وتوصل تقرير هيئة المنافسة والأسواق أيضاً إلى أن شركتي «أبل» و«غوغل» تتلاعبان بالخيارات المقدمة لمستخدمي الهواتف المحمولة؛ لجعل برامج التصفح الخاصة بهما هي «الخيار الأكثر وضوحاً أو سهولة».

وقالت الهيئة إن اتفاقاً لتقاسم الإيرادات بين شركتي التكنولوجيا الكبيرتين في الولايات المتحدة «يقلل بشكل كبير من حوافزهما المالية» للتنافس في مجال برامج تصفح الهواتف المحمولة على نظام التشغيل «آي أو إس» الذي تصنعه شركة «أبل» لأجهزة آيفون.

وقالت الشركتان إنهما «ستتعاونان بشكل بناء» مع هيئة المنافسة والأسواق.

وذكرت شركة «أبل» أنها لا توافق على نتائج تقرير الهيئة، وأعربت عن قلقها من أن تؤدي التوصيات إلى تقويض خصوصية وأمن المستخدم.

وأشارت شركة «غوغل» إلى أن انفتاح نظام تشغيل «آندرويد» للأجهزة المحمولة الخاص بها «ساعد في توسيع الاختيار وخفض الأسعار، وأتاح الوصول إلى الهواتف الذكية والتطبيقات»، وأنها «ملتزمة بالمنصات المفتوحة التي توفر الإمكانيات للمستهلكين».