«إف 16» الأميركية ستساعد أوكرانيا... لكنها ليست «الحل المعجزة»

الرئيس الأوكراني داخل مقاتلة «إف 16» خلال زيارة إلى الدنمارك في أغسطس الماضي (رويترز)
الرئيس الأوكراني داخل مقاتلة «إف 16» خلال زيارة إلى الدنمارك في أغسطس الماضي (رويترز)
TT

«إف 16» الأميركية ستساعد أوكرانيا... لكنها ليست «الحل المعجزة»

الرئيس الأوكراني داخل مقاتلة «إف 16» خلال زيارة إلى الدنمارك في أغسطس الماضي (رويترز)
الرئيس الأوكراني داخل مقاتلة «إف 16» خلال زيارة إلى الدنمارك في أغسطس الماضي (رويترز)

تشكل مقاتلات «إف16» الأميركية؛ التي بدأ تسليمها لأوكرانيا، انتصاراً للرئيس فولوديمير زيلينسكي، إلا إنها، وفق خبراء، لن تكون كافية وحدها لسد ثغرات الدفاع الجوي في هذا البلد المحاصر من جانب الجيش الروسي.

وأعلنت الدول الأعضاء في «حلف شمال الأطلسي (ناتو)»، الأربعاء، خلال قمة لقادتها في واشنطن، أنها بدأت ترسل مقاتلات «إف16»إلى أوكرانيا من الدنمارك وهولندا. وسيجري استخدام هذه المقاتلات بسرعة.

تزويد أوكرانيا بمقاتلات من طراز «إف 16»... (أ.ب)

وأكد وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، خلال القمة، أن هذه الطائرات «ستحلّق في سماء أوكرانيا هذا الصيف لضمان قدرة أوكرانيا على مواصلة الدفاع عن نفسها بشكل فعّال ضد العدوان الروسي».

ورحّب الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، بهذه الخطوة، عادّاً أن المقاتلات «تقرّب السلام العادل والدائم، وتثبت أن الإرهاب يجب أن يفشل في كل مكان وفي كل الأوقات».

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي رفقة رئيس الوزراء الهولندي مارك روته في زيارة لقاعدة جوية تضم طائرات «إف 16»... (أ.ب)

وفي التفاصيل، وعدت هولندا بإرسال 24 مقاتلة من طراز «إف16»، وبلجيكا 30 بحلول عام 2028، والدنمارك 19، من هذه الطائرات متعددة المهام. وستسلّم النرويج، من جهتها، 6 مقاتلات «إف16» إلى أوكرانيا، على أن تبدأ عمليات نقلها هذا العام، وفق ما أعلن رئيس الوزراء النرويجي يوناس غار ستور.

رمز قوي

وقال الخبير في «مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية»، مارك كانسيان: «من الناحية الرمزية؛ هذا مهم جداً».

وأضاف أن «هذا هو حقاً آخر أمر عدّه زيلينسكي مهماً للدفاع عن أوكرانيا»، في إشارة إلى سلسلة كاملة من الأسلحة الغربية سعى الرئيس الأوكراني جاهداً من أجل حصول بلاده عليها؛ من قاذفات صواريخ «هيمارس»، إلى بطاريات صواريخ «باتريوت»، إلى دبابات «أبرامز»، التي كانت واشنطن مترددة في إرسالها إلى أوكرانيا.

ورأى الخبير أن «هذا سيساعد دفاعهم الجوي، لكنه لن يكون الحل المعجزة»؛ لأنه «بكل بساطة، لن يكون هناك ما يكفي» منها، على حد قوله.

وفي منتصف مايو (أيار)، أعلن الرئيس الأوكراني أن بلاده بحاجة إلى ما بين 120 و130 مقاتلة من طراز «إف16» لإنهاء السيطرة الروسية على أجواء بلاده. ووعدت الدول الغربية في المجموع بإرسال أقل من 100 مقاتلة من هذا الطراز، على أن يكون تسليمها على دفعات متباعدة.

ضربات مدمرة

وحقق الجيش الروسي في الأشهر الأخيرة تقدماً ميدانياً في أوكرانيا، ملحقاً خسائر فادحة بالجنود الأوكرانيين من خلال إلقاء «قنابل» من طائرات، ويعود بعض هذه القنابل إلى الترسانة السوفياتية، وتُوجّه عن بعد إلى هدفها.

ويمكن لطائرات «إف16» تنفيذ اعتراضات متوسطة المدى ضد هذه القاذفات الروسية التي تسقط قنابلها على بعد عشرات الكيلومترات من خط المواجهة.

وأكد مارك كانسيان أنه يمكن أيضاً استخدام طائرات «إف16» لتنفيذ ضربات بعيدة المدى، على سبيل المثال استهداف الجزء الخلفي للجبهة الروسية.

«سمفونية جوية»

وعدّ الخبير في «مؤسسة راند للأبحاث»، مايكل بونرت، أن تسليم أوكرانيا طائرات «إف16» «يوضح التزاماً طويل الأمد» تجاهها؛ لأن منح هذه الطائرات المقاتلة ينطوي على إجراءات مستدامة من حيث الخدمات اللوجيستية وتدريب الطيارين.

وأشار إلى أن هذه الطائرات ستكون قادرة على المساعدة في «تعقب وإسقاط صواريخ (كروز) كتلك المستخدمة في الهجمات على كييف»، وكذلك المساعدة في الدفاع عن أجزاء من الأراضي الأوكرانية غير المحمية ببطاريات دفاع جوي.

لكن بونرت رأى أن الاستفادة من هذه الطائرات ستكون نسبية، مستخدماً تشبيهاً موسيقياً، وقال: «اليوم؛ السمفونية الجوية في أوكرانيا محدودة جداً، ولا تضم كل الآلات الموسيقية».

تزويد أوكرانيا بمقاتلات من طراز «إف 16»... (أ.ب)

ورأى أنه «مع إضافة طائرات (إف16) يبدو الأمر مثل إضافة آلات نحاسية عندما تكون هناك آلات إيقاعية ووترية. لكنها مجرد آلة موسيقية» إضافية.


مقالات ذات صلة

ملامح التحالفات في القرن الحادي والعشرين

تحليل إخباري قادة دول حلف شمال الأطلسي خلال اجتماعهم في واشنطن الثلاثاء الماضي (د.ب.أ)

ملامح التحالفات في القرن الحادي والعشرين

يُعتبر جسم ما، أو منظومة (System) معيّنة، مستقرّاً، فقط عندما يكون مجموع القوى التي تُمارس عليه مساوياً للصفر. هكذا هي قوّة الأشياء وتأثير الجاذبية.

المحلل العسكري
أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي  (أ.ب)

زيلينسكي يؤيد مشاركة روسيا في قمة مقبلة حول السلام في أوكرانيا

عبَّر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الاثنين، للمرة الأولى عن تأييده مشاركة روسيا في قمة مقبلة حول السلام في أوكرانيا تنظمها كييف.

«الشرق الأوسط» (كييف )
أوروبا جنود استطلاع أوكرانيون يطلقون طائرة مُسيرة عند خط المواجهة بمنطقة دونيتسك (أ.ب)

روسيا تعلن إسقاط 22 مُسيرة أوكرانية خلال الليل

أسقطت روسيا 22 مسيّرة أوكرانية في غرب البلاد وفوق شبه جزيرة القرم وفق ما أعلنت وزارة الدفاع الروسية

«الشرق الأوسط» (موسكو)
خاص أمين عام «الناتو» خلال مؤتمر صحافي بواشنطن في 11 يوليو (أ.ب) play-circle 01:30

خاص ستولتنبرغ لـ«الشرق الأوسط»: وجّهنا «رسالة قوية» إلى الصين... وأتوقّع استمرار الدعم الأميركي لأوكرانيا

قال أمين عام «الناتو» ينس ستولتنبرغ، في حوار مع «الشرق الأوسط» إن «الالتزام الأميركي بدعم أوكرانيا يصب في مصلحة الولايات المتحدة الأمنية».

نجلاء حبريري (واشنطن)
أوروبا سفن محمَّلة بالحبوب الأوكرانية تنتظر عمليات التفتيش في خليج البسفور (رويترز)

إردوغان: الغرب لم يحقق النتائج المتوقعة من دعمه أوكرانيا

إردوغان يقول إن الغرب لم يحصل على النتائج المتوقعة لدعمه أوكرانيا في الحرب مع روسيا، مؤكداً ضرورة العودة إلى الدبلوماسية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

روسيا ترفض دعوة أوكرانيا لها لحضور «قمة سلام»... وتذكّر بشروطها

بوتين يفتتح طريقاً برياً سريعاً يربط موسكو بسانت بطرسبرغ أمس (أ.ف.ب)
بوتين يفتتح طريقاً برياً سريعاً يربط موسكو بسانت بطرسبرغ أمس (أ.ف.ب)
TT

روسيا ترفض دعوة أوكرانيا لها لحضور «قمة سلام»... وتذكّر بشروطها

بوتين يفتتح طريقاً برياً سريعاً يربط موسكو بسانت بطرسبرغ أمس (أ.ف.ب)
بوتين يفتتح طريقاً برياً سريعاً يربط موسكو بسانت بطرسبرغ أمس (أ.ف.ب)

رفضت موسكو دعوة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي للمشاركة في لقاء دولي موسع جديد حول أوكرانيا. وقلل الكرملين من أهمية الحديث عن «قمم سلام» مشدداً على الشروط الروسية لإطلاق حوار جاد حول التسوية السياسية.

وقال الناطق الرئاسي الروسي، دميتري بيسكوف، لقناة «زفيزدا» التلفزيونية التابعة لوزارة الدفاع، إن موسكو «بحاجة إلى فهم ما يعنيه زيلينسكي عندما تحدث عن مؤتمر السلام الثاني».

وقال إن اللقاءات السابقة التي جرى تنظيمها ولم تحضرها روسيا «لم تكن قمم سلام على الإطلاق». وكان زيلينسكي قد أعلن أن روسيا «يجب أن تشارك» في المؤتمر الثاني لحل النزاع في أوكرانيا.

ووفقاً له، من المقرر الانتهاء من الاستعدادات للاجتماع الجديد بحلول نوفمبر (تشرين الأول) المقبل. وأعاد بيسكوف التذكير بالشروط التي حددها الرئيس فلاديمير بوتين لإطلاق عملية تسوية نهائية في أوكرانيا.

ونصت الأفكار التي طرحها بوتين قبل أسابيع على 4 شروط رئيسية تقوم على إقرار كييف بالواقع السياسي والعسكري الجديد بما في ذلك مسألة ضم مناطق في شرق وجنوب البلاد إلى روسيا، والانسحاب نهائياً من تلك المناطق.

وإعلان الحياد العسكري عبر الامتناع بشكل رسمي وموثق عن الانضمام إلى أحلاف أو تكتلات، ونزع سلاح الدولة الأوكرانية، وتوثيق آليات للرقابة على عدد وعتاد القوات المسلحة، فضلاً عن التزام كييف بالامتناع عن تطوير أسلحة نووية.

وإلغاء كل العقوبات الغربية المفروضة على روسيا. ورفضت كييف والغرب هذه الشروط. ورأى الطرفان فيها دعوة للاستسلام. وكانت «قمة السلام الأولى» قد عُقدت في سويسرا، الشهر الماضي، بدعوة من كييف وبلدان غربية، بحضور ممثلين عن 90 بلداً، بالإضافة إلى 8 جمعيات دولية، بما في ذلك الاتحاد الأوروبي ومجلس أوروبا والأمم المتحدة.

ولم ترسل برن دعوة إلى موسكو للمشاركة في المؤتمر حول أوكرانيا، ولم يكن هناك ممثلون عن الجانب الروسي في هذا الحدث. وأعلن المنظمون في حينها أنه سيجري ترتيب «قمة ثانية» في وقت لاحق، على أن توجّه الدعوة لروسيا للمشاركة فيها. وفي السياق نفسه، قال رئيس لجنة الشؤون الدولية في مجلس الدوما ليونيد سلوتسكي، إن روسيا لن تشارك في أي «قمم سلام» بشروط أوكرانيا أو الغرب.

زيلينسكي يحضر احتفالاً بذكرى تأسيس دولة أوكرانيا في كييف الاثنين (أ.ف.ب)

ووصف بيسكوف تصريحات زيلينسكي بأن «ممثلي روسيا يجب أن يحضروا في القمة الثانية» بأنها «غير مقبولة على الإطلاق». وزاد أنه فضلاً عن أسلوب توجيه الدعوة، فإن المضمون السياسي ليس متوفراً أيضاً لإنجاح أي لقاء دولي، ما لم يجرِ الأخذ في الحسبان الموقف الروسي الداعي إلى «إطلاق مفاوضات جادة على أساس الحقائق الحالية، بما في ذلك الحقائق الإقليمية، المعتمدة في الدستور الروسي». بدوره، أكد نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل غالوزين، أن الجانب الروسي «لا يقبل لغة الإنذارات، ولا ينوي المشاركة في مثل هذه الأحداث والفعاليات الفاشلة».

ترمب «مستعد» للتوسط حال توليه الرئاسة

إلى ذلك، قال رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان في رسالة لزعماء دول الاتحاد الأوروبي إن المرشح الجمهوري للرئاسة الأميركية دونالد ترمب مستعد للعمل «على الفور» وسيط سلام في الحرب الروسية الأوكرانية إذا فاز في انتخابات نوفمبر (تشرين الثاني). وصاغ أوربان الرسالة التي وجّهها إلى رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال، ووزعت على كل زعماء الاتحاد الأوروبي، بعد أن أجرى محادثات مع ترمب وزعماء أوكرانيا وروسيا والصين. وكتب أوربان في الرسالة: «بوسعي (...) يقيناً القول إنه بعد فترة وجيزة من فوزه في الانتخابات، لن ينتظر (ترمب) حتى تنصيبه، سيكون مستعداً للعمل وسيط سلام على الفور. لديه خطط مفصلة وراسخة لذلك».

مخاوف روسية من اتهامها باستخدام «الكيماوي»

على صعيد آخر، أعلن المندوب الروسي الدائم لدى منظمة حظر الأسلحة الكيماوية فلاديمير تارابرين أن دولاً غربية «تستعد لتوجيه اتهامات باطلة ضد روسيا حول استخدام أسلحة كيماوية».

الجيش الأوكراني يقصف بالمدفعية مواقع روسية الأحد (رويترز)

وقال إن ممثلي بعض البلدان الغربية «يعملون بنشاط مع الأمانة الفنية للمنظمة من أجل إجبارها على اتخاذ بعض الخطوات الرامية إلى اتهام روسيا بشكل باطل باستخدامها أسلحة كيماوية».

وأشار تارابرين إلى أن الجانب الروسي يتصدى لذلك بكل الطرق الممكنة، ويحاول إحباط كل تلك المحاولات بحقائق ملموسة، وأكد أن روسيا «لم تشكل، ولا يمكن أن تشكل، تهديداً كيماوياً لأوكرانيا»، لافتاً إلى أن «موسكو لا تستبعد في الوقت نفسه دعوة خبراء منظمة حظر الأسلحة الكيماوية لدراسة الأدلة على استخدام كييف هذه الأسلحة».

وفي وقت سابق، أكد رئيس قوات الدفاع الإشعاعي والكيماوي والبيولوجي في القوات الروسية إيغور كيريلوف «تسجيل حالات استخدام القوات الأوكرانية ذخيرة محلية الصنع جرى إسقاطها من مسيّرات تحمل مواد كيماوية سامة بما في ذلك حمض الهيدروسيانيك».

وزاد خلال إحاطة في مجلس الدوما (النواب) أن الولايات المتحدة «لديها سيطرة كاملة على أنشطة منظمة حظر الأسلحة الكيماوية، ولتصفية الحسابات مع الدول غير المرغوب فيها، أنشأت واشنطن آلية إسناد في المنظمة، سبق أن جرى استخدامها للتحقيق في حالات استخدام الأسلحة الكيماوية في سوريا».

وأضاف المسؤول العسكري: «وفقاً للمعلومات المتاحة، تستعد الولايات المتحدة وألمانيا وأوكرانيا والأمانة الفنية لمنظمة حظر الأسلحة الكيماوية لإطلاق مهمة خاصة للتحقيق فيما يسمى حقائق عن استخدام الأسلحة الكيماوية في أوكرانيا من أجل توجيه اتهامات ضد روسيا. ومن المفترض أن تبدأ الأطراف إجراء التحقيق، وتلفيق أدلة ضد روسيا». وأضاف قائد قوات الدفاع الإشعاعي والبيولوجي الروسية أن الغرب يضغط في المقابل لمنع المنظمة الدولية من فتح تحقيق في الاتهامات التي تقدمها موسكو ضد كييف حول استخدامات متكررة لأسلحة وتقنيات كيماوية.