دول التكتل الأوروبي تلوح بسحب الرئاسة الدورية من المجر وتهدد بطردها من الاتحاد

ما زالت غير راضية عن «مهمة» أوربان لـ«السلام» وتعدّه «شوكة في خاصرة» أوروبا

رئيسة «المفوضية الأوروبية» أورسولا فون دير لاين بين عدد من المسؤولين الأوروبيين في بروكسل (إ.ب.أ)
رئيسة «المفوضية الأوروبية» أورسولا فون دير لاين بين عدد من المسؤولين الأوروبيين في بروكسل (إ.ب.أ)
TT

دول التكتل الأوروبي تلوح بسحب الرئاسة الدورية من المجر وتهدد بطردها من الاتحاد

رئيسة «المفوضية الأوروبية» أورسولا فون دير لاين بين عدد من المسؤولين الأوروبيين في بروكسل (إ.ب.أ)
رئيسة «المفوضية الأوروبية» أورسولا فون دير لاين بين عدد من المسؤولين الأوروبيين في بروكسل (إ.ب.أ)

ما زالت تداعيات «مهمة السلام» التي أطلقها رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان منذ بداية تسلّم بلاده الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي مطلع هذا الشهر تتفاعل وتتجه نحو مزيد من التصعيد، فيما لوحّ بعض الدول الأعضاء بسحب الرئاسة الدورية من المجر، أو اللجوء إلى تفعيل «المادة السابعة» من المعاهدة التأسيسية التي تتناول «تعليق الحقوق العائدة إلى إحدى الدول»؛ أي طردها من «الاتحاد».

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان في الكرملين (أ.ب)

وتقول مصادر أوروبية رفيعة تحدثت إلى «الشرق الأوسط» إنه رغم معرفة العواصم الكبرى في الاتحاد، والولايات المتحدة، بمبادرة أوربان التي استهلها بزيارة كييف حيث دعا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إلى اتخاذ قرار بوقف إطلاق النار، فإن التطورات الأخيرة وما انكشف من المحادثات التي أجراها رئيس الوزراء المجري في موسكو وبكين، رفعت منسوب القلق بين الشركاء الأوروبيين الذين صاروا يعدّون أوربان «شوكة في خاصرة» الاتحاد، ويتهمونه صراحة بأنه يعمل بتوجيهات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب.

عرقل أوربان مرات عدة مساعدات الاتحاد الأوروبي لكييف وحاول مراراً وتكراراً منع فرض عقوبات ضد روسيا (أ.ف.ب)

وأمام الضغوط والانتقادات المتزايدة داخل الاتحاد، بعث أوربان، يوم الأحد الماضي، بتقريرين إلى رئيس «المجلس الأوروبي» شارل ميشال وإلى قادة الدول الأعضاء، لخّص فيهما المحادثات التي أجراها في العواصم الثلاث، مشدداً على ضرورة إطلاق مبادرة سلام أوروبية من غير انتظار الولايات المتحدة؛ «لأن المعارك على الجبهة في الأشهر المقبلة ستكون أكثر مأساوية من أي وقت مضى».

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مستقبلاً على مدخل «قصر الإليزيه» رئيس وزراء المجر فيكتور أوربان (رويترز)

ويقول أوربان في الوثيقة التي اطلعت عليها «الشرق الأوسط»، والتي بعث بها في شكل مذكرة دبلوماسية، بعد أن اتهمه عدد من القادة الأوروبيين باستغلال الرئاسة الدورية لبذر التفرقة واستعجلوه توضيح مبادرته، إن محادثاته أظهرت «وجود احتمالات أكبر للتجاوب مع مقترحات وقف إطلاق النار وخريطة طريق نحو مفاوضات السلام». ويضيف أن «زعامة الولايات المتحدة مقيّدة في الوقت الراهن بسبب من حملة الانتخابات الرئاسية، وبالتالي لا يمكن أن ننتظر منها القيام بأي مبادرة من هذا النوع في الأشهر المقبلة، وعلينا أن نفكّر في إطلاق مبادرة تستلهم روحية الاستقلالية الاستراتيجية الأوروبية».

أوربان مع رئيسة وزراء إيطاليا جورجا ميلوني في القمة الأوروبية (أ.ب)

ويشير أوربان في تقريره لنظرائه في الاتحاد إلى أنه تناول في محادثاته مع الزعيم الصيني شي جينبينغ السيناريوهات المحتملة للحرب في أوكرانيا بعد الانتخابات الرئاسية الأميركية... «حيث طرحت له أن رئيساً جديداً منتخباً في واشنطن سيكون تحت ضغط قوي لتقديم إنجاز سياسي سريع، حتى قبل تسلمه منصبه، وأن وقفاً لإطلاق النار يمهّد لمحادثات سلام سريعة ومكثّفة لا شك في أنه سيحظى باهتمام الإدارة الجديدة». ويقول أوربان إن الرئيس الصيني لم يعلّق على هذا السيناريو.

ويستعرض رئيس الوزراء المجري في تقريره رؤية القيادة الصينية للحرب الدائرة في أوكرانيا، مشدداً على ضرورة فتح قنوات الحوار مع بكين حول الخلافات التجارية القائمة بين الطرفين؛ الأوروبي والصيني، وأن بكين ترحّب بوساطته. ويقول أوربان إن «الرئيس الصيني يعدّ سياسة بلاده سياسة سلام، بينما سياسة الولايات المتحدة وأوروبا هي سياسة حرب يتبع فيها الجانب الأوروبي تلقائياً الموقف الأميركي».

الرئيس الصيني شي جينبينغ ورئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان في بكين أمس (أ.ف.ب)

ويضيف أوربان أن الرئيس الروسي ينظر بإيجابية إلى مقترح السلام الذي نوقش في ربيع عام 2022 خلال المرة الوحيدة التي أجرت فيها موسكو وكييف مفاوضات مباشرة بوساطة تركية. وينصّ ذلك الاقتراح على أن تبقى شبه جزيرة القرم تحت الاحتلال الروسي لكن من غير اعتراف أوكرانيا بذلك، وأن تسحب كييف طلب انضمامها إلى «حلف شمال الأطلسي»، مع وضع حدود لعديد القوات المسلحة الأوكرانية وقدراتها، وأن تعطي الدول الغربية ضمانات أمنية لأوكرانيا، بصفتها «دولة محايدة»، في حال تعرضها للهجوم.

بوتين وأوربان في الكرملين الجمعة (مكتب رئيس الوزراء المجري - أ.ف.ب)

وكان عدد من الزعماء الأوروبيين قد نبّهوا أوربان في الأيام الأخيرة إلى أنه ليس مكلفاً التفاوض حول أي شيء مع روسيا بالنيابة عن «الاتحاد»، فيما أكّدت كييف أن الولايات المتحدة والصين والاتحاد الأوروبي هي الجهات الوحيدة التي يمكن أن تلعب دور الوساطة في هذا النزاع. وفي تصريحات له قبل أن يتوجه إلى واشنطن للمشاركة في قمة «حلف شمال الأطلسي»، رد أوربان على الاتهامات بأنه يستغلّ الرئاسة الدورية لخدمة أغراض مشبوهة، بقوله إنه لم يقدّم خلال محادثاته في كييف وموسكو وبكين أي اقتراح باسم الاتحاد الأوروبي.

إلى ذلك قرر الاجتماع الدوري الذي يعقده مندوبو الدول الأعضاء في «الاتحاد» أسبوعياً، والذي يشكّل القاعدة التحضيرية الأساسية للاجتماعات على مستوى الوزراء والزعماء، إدراج بند على جدول أعمال اجتماعه هذا الأربعاء تحت عنوان: «حالة بودابست» بهدف مناقشة هذا الملف وإقفاله بأقصى سرعة ممكنة كما أفاد مصدر دبلوماسي، مشيراً إلى أن كثيراً من الدول الأعضاء بدأ يتجه نحو «مقاطعة» الرئاسة المجرية، بالاعتذار عن عدم المشاركة في اجتماعات «المجلس» على مستوى الوزراء، والاكتفاء بانتداب سفراء أو موظفين كبار.


مقالات ذات صلة

روسيا تكثف هجماتها على أوكرانيا قبل اجتماع الحلفاء في رامشتاين

أوروبا عناصر الدفاع المدني يحاولون إخماد نيران ناجمة بعد هجوي جوي في كوستيانتينيفكا بإقليم دونيتسك (أ.ف.ب)

روسيا تكثف هجماتها على أوكرانيا قبل اجتماع الحلفاء في رامشتاين

أفاد مسؤولون أوكرانيون بأن روسيا شنت هجوماً بطائرات مسيَّرة، ليل السبت - الأحد، على العاصمة الأوكرانية كييف والبنية التحتية لميناء أوديسا.

«الشرق الأوسط» (كييف - لندن - واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب خلال لقاء سابق مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (رويترز)

تقرير: ترمب طلب نصيحة بوتين بشأن تسليح أوكرانيا في عام 2017

كشف تقرير صحافي أن الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب طلب نصيحة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بشأن تسليح الولايات المتحدة لأوكرانيا في عام 2017.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شؤون إقليمية رئيس البرلمان التركي نعمان كورتولموش (من حسابه في «إكس»)

رئيس البرلمان التركي: لا مفاوضات لحل أزمة أوكرانيا من دون روسيا

أكد رئيس البرلمان التركي نعمان كورتولموش ضرورة إدراك أميركا وبعض الدول الأوروبية استحالة نجاح أي مفاوضات لإنهاء الحرب في أوكرانيا من دون روسيا.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أوروبا زيلينسكي يصافح الرئيس الأميركي جو بايدن على هامش اجتماعات الجمعية العامة بنيويورك في 25 سبتمبر (أ.ف.ب)

زيلينسكي يستعدّ لطرح «خطة النصر» في اجتماع الحلفاء الأسبوع المقبل

أعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أن بلاده ستطرح «خطة النصر» في اجتماع دوري لحلفائها في رامشتاين بألمانيا.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا انفجار في السماء خلال هجوم روسي بطائرة مسيّرة على كييف (رويترز)

إعلانات روسية أوكرانية متبادلة باستهداف بنى تحتية حيوية

كييف تعلن عن هجوم بمسيرات ونشوب حرائق في مستودعات وقود روسية وعن إسقاط 19 طائرة مهاجمة

«الشرق الأوسط» (موسكو) «الشرق الأوسط» (كييف)

زيلينسكي يستعدّ لطرح «خطة النصر» في اجتماع الحلفاء الأسبوع المقبل

زيلينسكي يصافح الرئيس الأميركي جو بايدن على هامش اجتماعات الجمعية العامة بنيويورك في 25 سبتمبر (أ.ف.ب)
زيلينسكي يصافح الرئيس الأميركي جو بايدن على هامش اجتماعات الجمعية العامة بنيويورك في 25 سبتمبر (أ.ف.ب)
TT

زيلينسكي يستعدّ لطرح «خطة النصر» في اجتماع الحلفاء الأسبوع المقبل

زيلينسكي يصافح الرئيس الأميركي جو بايدن على هامش اجتماعات الجمعية العامة بنيويورك في 25 سبتمبر (أ.ف.ب)
زيلينسكي يصافح الرئيس الأميركي جو بايدن على هامش اجتماعات الجمعية العامة بنيويورك في 25 سبتمبر (أ.ف.ب)

أعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، السبت، أن بلاده ستطرح «خطة النصر» في اجتماع دوري لحلفائها في رامشتاين بألمانيا، في 12 أكتوبر (تشرين الأول)، وفقاً لوكالة «رويترز».

وكتب في منشور على منصة «تلغرام»: «سنطرح خطة النصر، خطوات واضحة ومحددة لإنهاء الحرب على نحو عادل». وكانت أوكرانيا قد تحدثت في الشهور القليلة الماضية عن خطة لإنهاء الحرب التي انطلقت بعد الغزو الروسي في فبراير (شباط) 2022.

ولم يتمّ الكشف عن تفاصيل الخطة؛ لكن زيلينسكي قدَّمها للرئيس الأميركي جو بايدن، وكذلك للمرشحين الرئيسيين في الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة، عندما زار واشنطن، الشهر الماضي.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، إن الخطة تتضمن «عدداً من الخطوات البناءة» التي ستتعاون الولايات المتحدة مع أوكرانيا بشأنها.

غير أن صحيفة «وول ستريت جورنال» نقلت عن مسؤولين أميركيين لم تكشف هوياتهم، القول إن الخطة ما هي إلا طلب معاد للحصول على مزيد من الأسلحة، ورفع القيود المفروضة على استخدام الصواريخ بعيدة المدى، وتفتقر إلى استراتيجية شاملة.

روسيا تسيطر على قرية جديدة

جنازة أحد مقاتلي «كتيبة آزوف» الأوكرانية في منطقة تشيرينيف (أ.ب)

ميدانياً، أعلنت روسيا، السبت، سيطرتها على قرية جديدة قرب مدينة بوكروفسك، التي تُعدّ تقاطعاً لوجيستياً بالنسبة للجيش الأوكراني في شرق البلاد، وتتقدّم باتّجاهها قوات موسكو تدريجياً منذ أسابيع. وقالت وزارة الدفاع الروسية، في تقرير يومي: «بفضل العمل النشط والحاسم، حرّرت وحدات القوات الجنوبية قرية جيلانوي فتوروي». وتحمل هذه المنطقة اسم «جيلاني دروغويي» باللغة الأوكرانية. وتقع هذه القرية إلى جنوب شرق مدينة أوكرايينسك، التي سيطر عليها الجيش الروسي أواخر سبتمبر (أيلول) الماضي. وفي هذا القطاع من الجبهة، تسعى القوات الروسية للسيطرة على مدينة بوكروفسك التي تُعدّ تقاطعاً لوجيستياً أساسياً بالنسبة للجيش الأوكراني، وحيث تقع مناجم فحم كبيرة. وفي المناطق التي تحتلها روسيا في شرق أوكرانيا، أُصيب 11 شخصاً بجروح، السبت، في قصف مدفعي وهجمات بطائرات من دون طيار على مدينة غورليفكا، وفقاً لرئيس البلدية إيفان بريخودكو. وقُتل شخصان في ضربات روسية على زابوريجيا في جنوب أوكرانيا، وفقاً لحاكم المنطقة إيفان فيدوروف. إضافة إلى ذلك، جُرح مدني في هجوم بمسيّرة أوكرانية على فورونيغ الروسية، وفق ما أفاد به حاكم المنطقة ألكسندر غوسيف.

هجوم أوكراني بسيارة مفخخة

تَسَبَّبَ الهجوم بالمسيرة المفخخة بمقتل أحد العاملين في محطة زابوريجيا النووية (رويترز)

وفي زابوريجيا، أسفر هجوم أوكراني بسيارة مفخخة عن مقتل مسؤول في محطة الطاقة النووية التي تحتلّها روسيا، وفق ما أعلن مسؤولون من البلدين. وهاجمت كييف كثيراً من الأشخاص البارزين، الذين وصفتهم بـ«المتعاونين» و«الخونة» للعمل مع القوات الروسية. وقالت مديرية الاستخبارات العسكرية الأوكرانية إن انفجار سيارة مفخخة، الجمعة، أدّى إلى مقتل أندري كوروتكي، الذي حدّدته على أنه «رئيس الأمن المادي» في المحطة. ووصفته بأنه «مجرم حرب»، و«تعاون طواعية مع الغزاة الروس»، وقدّم تفاصيل عن موظفي المصنع «الموالين لأوكرانيا» و«شارك في قمع موظفي المصنع». ونشرت المديرية شريطاً مُصوّراً منخفض الجودة تظهر فيه سيارة بيضاء تسير ببطء قبل أن تنفجر، ما أدى إلى تدمير السيارة، وانتشار الحطام والدخان في كل مكان.

من جهتها، أعلنت لجنة التحقيق الروسية التي تُحقّق في الجرائم الكبرى، أن عبوة ناسفة بدائية الصنع وُضعت تحت سيارته في منزله، ثم انفجرت عندما بدأ القيادة. وأوضحت: «توفي الضحية متأثراً بجراحه في المستشفى»، مضيفة أنه تم فتح قضية جنائية. وأكّدت السلطات المدعومة من روسيا في المنشأة أن كوروتكي قُتل في «هجوم إرهابي ارتكبه نظام كييف». ووصف مدير المحطة المُعيَّن من قبل روسيا، يوري تشيرنيشوك، الهجوم بأنه «متهور» و«تجب محاسبة منفّذيه». ووفق المحطة، فإن كوروتكي كان أيضاً رئيساً سابقاً للمجلس المحلي في مدينة إينيرغودار التي تسيطر عليها روسيا، والتي تقع فيها محطة الطاقة النووية. واستولت القوات الروسية على المحطة، أكبر منشأة نووية في أوروبا، في الأسابيع الأولى من غزوها عام 2022.