«الكرملين» يشيد بـ«مبادرة أوربان الجادة» ويؤكد استعداده للحوار

رئيس الوزراء المجري يواجه منتقديه في واشنطن بعد «جولة سلام» ختمها في بكين

صورة مركبة للرئيس الصيني شي جينبينغ ورئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان في بكين (أ.ف.ب)
صورة مركبة للرئيس الصيني شي جينبينغ ورئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان في بكين (أ.ف.ب)
TT

«الكرملين» يشيد بـ«مبادرة أوربان الجادة» ويؤكد استعداده للحوار

صورة مركبة للرئيس الصيني شي جينبينغ ورئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان في بكين (أ.ف.ب)
صورة مركبة للرئيس الصيني شي جينبينغ ورئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان في بكين (أ.ف.ب)

أكد «الكرملين» استعداده للتعامل بشكل إيجابي مع «أي مبادرة جادة للسلام». وقال الناطق الرئاسي الروسي دميتري بيسكوف، إن الرئيس فلاديمير بوتين «يؤيّد عن قناعة تامة تقديم الجهود السياسية والدبلوماسية، من أجل التوصل إلى حل ينهي الأزمة الأوكرانية».

وبدا أن «الكرملين» سعى لتوظيف الزخم، الذي أحدثته جولة رئيس الوزراء المجري، فيكتور أوربان، والحراك الذي تسعى تركيا لتنشيطه؛ لدفع عملية سياسية. وقال بيسكوف، الاثنين: «الرئيس بوتين يفضّل هذه الجهود (السياسية) بخصوص النزاع الأوكراني، وبالطبع، نحن لم نرفض قط التفاوض، بل على العكس من ذلك، نحن أيّدنا المفاوضات بخصوص أوكرانيا وبمشاركة الأطراف المعنية كافّة».

الرئيس الصيني شي جينبينغ ورئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان في بكين الاثنين (أ.ف.ب)

جاء هذا التعليق رداً على سؤال حول رؤية «الكرملين» إمكانية تنشيط «منصة سلام»، وفقاً لاقتراح وزير خارجية تركيا هاكان فيدان.

في الوقت ذاته، أشاد الناطق الروسي بجهود أوربان، ووصف تحركه بأنه ينطلق من «مبادرة جادة».

وكان أوربان زار، خلال الأسبوع الأخير، أوكرانيا وروسيا والصين، في مسعى لكسر الجمود وإطلاق عملية سياسية تنهي الصراع حول أوكرانيا. لكن جهوده قُوبلت بانتقادات واسعة من جانب الغرب، ووُصفت بأنها تهدف إلى كسر عزلة بوتين.

وقال بيسكوف إن الرئيس الروسي لم يحمّل أوربان أي رسالة إلى الرئيس الأميركي جو بايدن، أو إلى دول «حلف الأطلسي»، والمشاركين في قمة الأخير، التي تنطلق في واشنطن، الثلاثاء.

أضاف: «السيد أوربان يعمل بناء على مبادرة جادة قائمة على أساس مصادر أولية لموازنة مواقف مختلف الأطراف... ونحن نقدّر عالياً هذه الجهود».

الرئيس الصيني شي جينبينغ ورئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان خلال محادثات موسعة بحضور وفدي البلدين في بكين الاثنين (إ.ب.أ)

وكان أوربان، الذي سيتوجه إلى العاصمة الأميركية لحضور قمة «الناتو»، قد أعلن أنه أعد تقريراً تفصيلياً إلى الاتحاد الأوروبي و«المفوضية الأوروبية» عن الحوارات التي أجراها في كييف وموسكو وبكين.

وقال رئيس مكتب أوربان، غيرغيي غوياش: «في كل حالة، وفي غضون ساعات قليلة بعد انتهاء المفاوضات، وجّه رئيس الوزراء رسالة إلى زعماء الاتحاد الأوروبي وأعضاء مجلس الاتحاد الأوروبي، أي رؤساء الدول والحكومات، وكذلك إلى رئيسة المفوضية».

وبعد زيارته موسكو قال أوربان إنه «حقّق الهدف الرئيسي» للتحرك الذي وصفه بأنه «مهمة سلام»، مشيراً إلى «بدئه حواراً مع الرئيس فلاديمير بوتين حول أقصر الطرق للسلام في أوكرانيا».

وغرّد على منصة «إكس»: «لقد أنجزت المهمة! وسيجري استكمالها (الاثنين)»، في إشارة إلى زيارته للصين ولقائه الرئيس شي جينبينغ.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان في مؤتمر صحافي مشترك في الكرملين 5 يوليو الحالي (إ.ب.أ)

ودعا الرئيس الصيني، الاثنين، خلال اللقاء مع أوربان إلى «تهيئة الظروف» لإجراء «حوار مباشر» بين كييف وموسكو. وقال شي: «فقط عندما تُظهر القوى العظمى طاقة إيجابية، بدلاً من الطاقة السلبية، سيشهد هذا الصراع ظهور بصيص أمل في وقف لإطلاق النار، في أسرع وقت»، مؤكداً أن الصين والمجر «تتقاسمان» الأفكار نفسها في شأن ضرورة دفع عملية سياسية.

وأضاف: «من مصلحة جميع الأطراف البحث عن حل سياسي من خلال وقف إطلاق النار في أقرب وقت ممكن».

وأكد أوربان أن الصين «لها دور محوري في تهيئة الظروف؛ للتوصل إلى تسوية بين روسيا وأوكرانيا»، مشيراً إلى أن هذا سبب اجتماعه مع شي جينبينغ بعد شهرين فقط من زيارة الرئيس الصيني إلى بودابست.

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يصافح رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان في كييف 2 يوليو الحالي (رويترز)

وأشاد رئيس الوزراء المجري بالمبادرة الصينية للسلام في أوكرانيا. وقال لوسائل إعلام في بكين إن بلاده كانت «دائماً إلى جانب السلام، ولم تكن قط من دعاة الحرب».

وتحاول الصين، التي تتمتع بعلاقات وثيقة مع روسيا، حثّ مختلف الدول على الانضمام إلى خطة سلام مكونة من ست نقاط أصدرتها مع البرازيل في مايو (أيار) الماضي. وتقترح هذه الخطة عقد مؤتمر دولي للسلام «في وقت مناسب» مع إشراك روسيا وأوكرانيا بشكل متساوٍ في هذا المؤتمر.

وينتظر أن يواجه أوربان انتقادات حادة خلال القمة الأطلسية في واشنطن. وكانت زيارته إلى موسكو قد أثارت سجالات حادة داخل الاتحاد الأوروبي، الذي تتولى بلاده منذ مطلع الشهر رئاسته، وعلى مستوى الحلفاء في حلف «الناتو» أيضاً.

وقال الأمين العام لـ«الناتو» ينس ستولتنبرغ، إن النزاع في أوكرانيا «يكشف حجم الارتباط الوثيق بين روسيا والصين وكوريا الشمالية وإيران (...) يريد الرئيس (الصيني) شي جينبينغ والرئيس (الروسي) فلاديمير بوتين، إفشال (الناتو) والولايات المتحدة في أوكرانيا».

وشدّد ستولتنبرغ، المنتهية ولايته، على «أهمية (الناتو) بالنسبة إلى الولايات المتحدة»، لافتاً إلى أن «واشنطن بحاجة إلى هذا الحلف لحل المسائل المتعلقة بالصين».

وفي تعليقه على زيارة أوربان إلى موسكو، قال إنها «لا تغيّر من موقف (الناتو) في مساعدة أوكرانيا، رغم كون المجر دولة عضوة في الحلف».


مقالات ذات صلة

روسيا تكثف هجماتها على أوكرانيا قبل اجتماع الحلفاء في رامشتاين

أوروبا عناصر الدفاع المدني يحاولون إخماد نيران ناجمة بعد هجوي جوي في كوستيانتينيفكا بإقليم دونيتسك (أ.ف.ب)

روسيا تكثف هجماتها على أوكرانيا قبل اجتماع الحلفاء في رامشتاين

أفاد مسؤولون أوكرانيون بأن روسيا شنت هجوماً بطائرات مسيَّرة، ليل السبت - الأحد، على العاصمة الأوكرانية كييف والبنية التحتية لميناء أوديسا.

«الشرق الأوسط» (كييف - لندن - واشنطن)
تحليل إخباري زعماء «الناتو» خلال انعقاد قمتهم في واشنطن يوم 9 يوليو 2024 (د.ب.أ)

تحليل إخباري قيادة «الناتو» الجديدة... دائماً كما تشتهي رياح واشنطن

تولى رئيس وزراء هولندا السابق مارك روته، الثلاثاء، منصب الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو)، حيث تسلم المهمة من سلفه ينس ستولتنبرغ.

شوقي الريّس (بروكسل)
العالم جنود مشاركون بمناورات لـ«الناتو» في لاتفيا (أرشيفية - إ.ب.أ)

تبديل على رأس «الناتو»... لكن لا تغيير متوقعاً في عمل الحلف

يتولى رئيس الوزراء الهولندي السابق، مارك روته، الثلاثاء، قيادة «حلف شمال الأطلسي (ناتو)» من دون توقع إحداث تغيير في عمل «الحلف».

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
شؤون إقليمية الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متحدثاً أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة الثلاثاء الماضي (الرئاسة التركية)

إردوغان: تركيا ستعيد تقييم علاقاتها بأميركا بعد انتخاب رئيسها الجديد

قال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إن بلاده ستعيد تقييم علاقاتها مع الولايات المتحدة عقب الانتخابات الرئاسية الأميركية في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.

سعيد عبد الرازق (أنقرة:)
أوروبا هل تهديدات بوتين «النووية» جدية؟ وكيف يمكن لـ«ناتو» الرد عليها؟

هل تهديدات بوتين «النووية» جدية؟ وكيف يمكن لـ«ناتو» الرد عليها؟

طرحت مجلة «نيوزويك» الأميركية سؤالاً على خبراء بشأن خيارات المتاحة لحلف شمال الأطلسي (ناتو) للرد على تصريحات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

وزير خارجية البوسنة والهرسك: نسعى للتعاون مع «الناتو» لتدابير أمننا

وزير الخارجية البوسني (الشرق الأوسط)
وزير الخارجية البوسني (الشرق الأوسط)
TT

وزير خارجية البوسنة والهرسك: نسعى للتعاون مع «الناتو» لتدابير أمننا

وزير الخارجية البوسني (الشرق الأوسط)
وزير الخارجية البوسني (الشرق الأوسط)

في ظل المخاطر التي تطوِّق بلاده من كل الجوانب، أقر وزير خارجية البوسنة والهرسك ألمدين كوناكوفيتش بسعي بلاده لتعزيز تعاونها مع حلف شمال الأطلسي (الناتو)، وتفعيل تدابير أمنها الداخلي، بما في ذلك مبادرات الأمن السيبراني وتحديث قطاع الدفاع، مشدداً على ضرورة إيقاف إراقة الدماء التي تُسكب في غزة فوراً.

وقال الوزير في حديث مع «الشرق الأوسط» إن بلاده تأمل الوصول لعضوية كاملة في الاتحاد الأوروبي بحلول عام 2030؛ «لذا يمكننا أن نقول إن أهدافنا متوافقة لنفس المدى الزمني، مع برامج ومشاريع التعاون مع «رؤية 2030» السعودية.

وزير خارجية البوسنة والهرسك ألمدين كوناكوفيتش (الشرق الأوسط)

ويرى الوزير أن الحرب الروسية ـ الأوكرانية تعيد تشكيل التحالفات العالمية، مبيناً أن بلاده تتعامل بحذر مع التحديات الجيوسياسية المعقدة، كما أقر بأن المخاطر المشتركة مع أوروبا، تتمثل في القضايا الأمنية، واضطرابات سلسلة التوريد والتجارة، والانقسامات السياسية، والتضخم، في وقت تعتمد فيه بلاده بشكل كبير على الطاقة الروسية، خصوصاً الغاز الطبيعي.

وحول سرّ تمسُّك بلاده بالانضمام للاتحاد الأوروبي، قال كوناكوفيتش: «إن الاستقرار والسلام هما المفتاح في طريقنا نحو العضوية الكاملة في الاتحاد الأوروبي، وهذا هو المكان الذي تركز عليه سياستنا الخارجية، حيث يرتبط تراثنا الغربي والأوروبي بفرص وإمكانات الشراكة مع الشرق»، مشدداً على أن الأولوية للوحدة القائمة، على التنمية الاقتصادية، وتعزيز بيئة أعمال أفضل.

وعن تجاوز بلاده محنة تفويج اللاجئين إلى أوروبا عبر بلاده، قال كوناكوفيتش: «نسعى للتوافق مع أنظمة الاتحاد الأوروبي، وندرك أن قضية الهجرة حساسة للغاية من الناحية السياسية في السياق العالمي؛ لذلك نبذل قصارى جهدنا لتنفيذ التدابير التي تحافظ على كرامة وحقوق الإنسان لأولئك الأكثر ضعفاً».

العلاقات مع السعودية

على صعيد العلاقات السعودية ـ البوسنية، قال كوناكوفيتش: «ممتنون إلى الأبد للدعم السعودي لبلادنا في العقود الثلاثة الماضية، لإعادة البناء بعد العدوان والحرب في أوائل التسعينات، فضلاً عن دعم الرياض الأخير للقرار المتعلق بالإبادة الجماعية في عام 1995 في سربرنيتسا، حيث تجاوز عددهم 8 آلاف معظمهم من النساء والأطفال».

وزير خارجية البوسنة والهرسك ألمدين كوناكوفيتش لدى لقائهما بالرياض في شهر أغسطس 2024 (الشرق الأوسط)

وأضاف: «أعتقد اعتقاداً راسخاً أن هناك مجالاً كبيراً لمواصلة تعزيز التعاون الدبلوماسي والاقتصادي. وسنظل ممتنين إلى الأبد للدعم والمساعدة اللذين قدمتهما السعودية لبلادنا في العقود الثلاثة الماضية، ما ساعدنا على إعادة بناء البلاد بعد العدوان والحرب في أوائل التسعينات».

ويرى الوزير أن دعم السعودية الأخير لـ«القرار المتعلق بالإبادة الجماعية في سربرنيتسا، وتحديد يوم عالمي للتأمل وإحياء الذكرى في الجمعية العامة للأمم المتحدة أيضاً أمر نعتز به ونقدره»، بوصفه احتراماً واجباً لضحايا الإبادة الجماعية في عام 1995 الذين تجاوز عددهم 8 آلاف معظمهم من النساء والأطفال.

ووفق كوناكوفيتش، فإن الاستثمارات السعودية بلغت في بلاده 200 مليون يورو بحلول نهاية عام 2023، حيث تشمل أهم الاستثمارات، أول بنك إسلامي في جنوب شرقي أوروبا، وهو بنك البوسنة الدولي (BBI)، مع كون «مجموعة البنك الإسلامي للتنمية» المساهم الأكبر.

وتشمل الاستثمارات السعودية الأخرى عدداً من المشاريع التي طورتها مجموعة «الشدي»، معظمها في مجال العقارات والضيافة، بينما نفذت شركة جنوب أوروبا للاستثمار استثمارات في كثير من المشاريع العقارية والسياحية، بالإضافة إلى مجموعة «ملاك»، حيث يوجد أكثر من 500 شركة في البلاد مسجَّلة برأس مال سعودي.

ونوه بأن لدى الصندوق السعودي للتنمية كثيراً من المشاريع الجارية في البلاد، بالإضافة إلى الطلبات الجديدة التي ستجري الموافقة عليها قريباً من قبل حكومتنا، مثل مؤسسات البحث والتعليم في سراييفو وبانيالوكا، ومشاريع البنية التحتية والرعاية الصحية في أجزاء مختلفة من البلاد، التي تتجاوز قيمتها 115 مليون يورو، «وتمت مناقشة هذه الشراكة مع الرئيس التنفيذي للصندوق السعودي للتنمية، سلطان المرشد، ونتوقع أن تنمو أكثر في المستقبل القريب».