القمة الفرنسية - الأردنية توجّه 5 رسائل حول غزة والضفة والتصعيد في لبنان

ماكرون وعبد الله الثاني ناقشا في باريس الوضع الإنساني في القطاع ووقف الحرب ودعم السلطة الفلسطينية

الرئيس الفرنسي وعقيلته مع العاهل الأردني والملكة رانيا على باب قصر الإليزيه الاثنين (إ.ب.أ)
الرئيس الفرنسي وعقيلته مع العاهل الأردني والملكة رانيا على باب قصر الإليزيه الاثنين (إ.ب.أ)
TT

القمة الفرنسية - الأردنية توجّه 5 رسائل حول غزة والضفة والتصعيد في لبنان

الرئيس الفرنسي وعقيلته مع العاهل الأردني والملكة رانيا على باب قصر الإليزيه الاثنين (إ.ب.أ)
الرئيس الفرنسي وعقيلته مع العاهل الأردني والملكة رانيا على باب قصر الإليزيه الاثنين (إ.ب.أ)

مجموعة رسائل وجهها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والعاهل الأردني عبد الله الثاني بمناسبة اجتماعهما في قصر الإليزيه، الاثنين، في إطار غداء عمل حضره وزيرا خارجية البلدين ستيفان سيجورنيه وأيمن الصفدي ومستشارون لرئيسي الدولتين.

وجاء اجتماع الإليزيه، وفق بيان صدر ليل الاثنين ــ الثلاثاء عن القصر الرئاسي، استكمالاً للتواصل بين الطرفين إن بمناسبة الزيارة السابقة للعاهل الأردني إلى باريس في شهر فبراير (شباط) الماضي أو مؤخراً بمناسبة استقبال ماكرون مجموعة الاتصال الخاصة بالملف الفلسطيني المشكَّلة من الجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي. وتجدر الإشارة إلى أمرين: الأول، أن الاجتماع لم يعقبه أي تصريح صحافي من الملك عبد الله الثاني أو الرئيس الفرنسي. والثاني، أن الأخير غارق في متابعة تطورات الحملة من أجل الانتخابات التشريعية التي ستجرى جولتها الأولى، يوم الأحد. وتفيد استطلاعات الرأي أن «ائتلاف الوسط» الداعم لماكرون سيُمْنَى بهزيمة غير مسبوقة، حيث سيفقد كثير من نوابه مقاعدهم لصالح اليمين المتطرف ممثلاً بـ«التجمع الوطني»، أو لصالح «الجبهة الشعبية الجديدة»، وهي تحالف أحزاب اليسار والخضر.

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مرحباً بالملك عبد الله الثاني لدى وصوله إلى المقر الرئاسي الاثنين (إ.ب.أ)

الوضع الإنساني الكارثي في غزة

شكَّل الوضع في غزة والتوترات المتصاعدة بين «حزب الله» وإسرائيل المحور الرئيسي للقاء وللرسائل التي وجهها زعيما البلدين. وتتناول أولاها الوضع الإنساني المتدهور في القطاع، والتخوف من حصول مجاعة تضرب بشكل رئيسي الأطفال، وفق التقارير الصادرة عن منظمات دولية وعلى رأسها الأمم المتحدة. ودعا رئيسا الدولتين، وفق بيان الإليزيه، إلى «رفع جميع العوائق على كل المعابر الأرضية التي تحول دون وصول المساعدات الإنسانية لسكان غزة». وحرص ماكرون على الإشادة بالمؤتمر الإنساني لدعم غزة الذي جاء بمبادرة من الأردن والذي التأم في 11 يونيو (حزيران) وبالجهود التي تبذلها عمّان من أجل إقامة ممر إنساني لنقل المساعدات الغذائية بين الأردن وغزة والتي تحظى بدعم فرنسا. وسبق لباريس وعمّان أن تعاونتا في إيصال المساعدات جواً، ونفذتا عمليات مشتركة. لكن هذه الوسيلة، رغم فائدتها، لا تستجيب، وفق الاختصاصيين، إلا جزئياً لحاجات ما يزيد على مليوني فلسطيني. كذلك، فإن المرفأ الذي أقامه الجيش الأميركي على شاطئ غزة لإيصال المساعدات بحراً لم تثبت جدواه، وتعطل استخدامه بسبب أمواج البحر. وحذّر العاهل الأردني، وفق وكالة «بترا»، من خطورة استمرار استهداف المنشآت الإغاثية في غزة، مثمناً دعم فرنسا لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، التي تؤدي دوراً محورياً في تقديم الخدمات لنحو مليوني فلسطيني بالقطاع.

دمار ألحقته ضربات إسرائيلية بمنزل قُتلت فيه شقيقة إسماعيل هنية وآخرون من أقربائه في مخيم الشاطئ قرب مدينة غزة الثلاثاء (رويترز)

وتتمثل الرسالة الثانية بالدعوة إلى وقف فوري ودائم لإطلاق النار، والإعراب عن الدعم لخطة السلام الشاملة التي اقترحها الرئيس الأميركي جو بايدن وتبناها مجلس الأمن الدولي قبل أسابيع. وشدد رئيسا الدولتين على الحاجة الملحة لتنفيذ خطة بايدن «دون إبطاء»، علماً أن هذه الخطة تراوح مكانها. ودعا ماكرون وعبد الله الثاني إلى إطلاق سراح جميع الرهائن بمن في ذلك الرهينتان الفرنسيتان لدى «حماس» أو تنظيم فلسطيني آخر. وتوافق الطرفان على «مواصلة الجهود المشتركة من أجل التوصل إلى حل دائم وذي مصداقية (للنزاع الفلسطيني ــ الإسرائيلي) على قاعدة إقامة دولتين». وفي هذا السياق، أكد ماكرون «التزام فرنسا بالعمل، إلى جانب شركائها الأوروبيين وفي الجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي، من أجل تحديد إطار يتيح بناء السلام والاستقرار للجميع في منطقة الشرق الأوسط». وخلا بيان الإليزيه من أي إشارة إلى استعداد فرنسا للاعتراف بالدولة الفلسطينية بعكس ما أعلنته 4 دول أوروبية مؤخراً (إسبانيا وآيرلندا وفنلندا وسلوفينيا). وترى باريس أن الوقت «غير ملائم» الآن لخطوة كهذه يتعين أن تكون «مفيدة»، وأن تأتي في إطار «مسار» للسلام. ونقلت وكالة «بترا» أيضاً أن الملك عبد الله الثاني حذّر من خطورة توسع دائرة الصراع في المنطقة، ما يهدد الأمن الدولي، مشدداً على أن حل الدولتين هو السبيل الوحيد لتحقيق السلام العادل والشامل.

جثامين ضحايا بينهم أقرباء لقيادي حركة «حماس» إسماعيل هنية في المستشفى الأهلي العربي بمدينة غزة الثلاثاء (رويترز)

الضفة الغربية واعتداءات المستوطنين

ولا تشكل غزة وحدها مصدر قلق؛ فالضفة الغربية تغلي منذ شهور، وعمليات الجيش الإسرائيلي والمستوطنين تدفع الوضع باتجاه التفجير. وجاء في بيان الإليزيه أن رئيسي البلدين «أعربا عن قلقهما العميق» إزاء الوضع في الضفة الغربية، و«أدانا بشدة أعمال العنف التي يرتكبها المستوطنون». وسبق لباريس أن فرضت عقوبات على مجموعة منهم. بيد أن هذه العقوبات لا يبدو أنها أحدثت أي تغيير في تصرف المستوطنين الذي يرتكبون اعتداءاتهم غالباً تحت أنظار الجيش الإسرائيلي وقواه الأمنية، وبدعم من وزراء معروفين. وحذر العاهل الأردني من الأعمال العدائية التي يرتكبها المستوطنون المتطرفون بحق الفلسطينيين والإجراءات أحادية الجانب التي تستهدف الوضع التاريخي والقانوني القائم في الأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية في القدس.

وبينما يدور الحديث منذ شهور عن «اليوم التالي» وعن الجهة التي ستتحمل مسؤولية إدارة قطاع غزة بعد انتهاء الحرب، حرص ماكرون وعبد الله الثاني على تأكيد الحاجة «لدعم السلطة الفلسطينية وليس لإضعافها»، في إشارة إلى ما تقوم به إسرائيل تجاهها. وأعرب الطرفان عن ترحيبهما بـ«الإصلاحات التي أطلقتها» الحكومة الفلسطينية الجديدة، وشددا على ضرورة مواصلتها «من أجل الاستجابة لتطلعات الشعب الفلسطيني والأسرة الدولية». ونددت باريس وعمّان بـ«العوائق» التي تضعها إسرائيل والتي تحول دون نقل الموارد المالية العائدة للسلطة والتي تجبيها إسرائيل، وعدَّتا ذلك «أمراً لا يمكن قبوله».

أما الرسالة الأخيرة فعنوانها الاشتباكات اليومية المتواصلة منذ الثامن أكتوبر (تشرين الأول) الماضي بين «حزب الله» اللبناني وإسرائيل والتي تثير مخاوف كبيرة من أن تفضي إلى حرب مفتوحة. وحتى اليوم، فشلت كل المساعي لتطويقها أو على الأقل لخفض التصعيد. وحذر رئيسا الدولتين من انفجار للأوضاع ستكون تداعياته «كارثية على المنطقة»، وكررا دعوتهما جميع الأطراف إلى «التحلّي بالمسؤولية وضبط النفس».


مقالات ذات صلة

الرئيس الإيراني: تعيين نعيم قاسم أميناً عاماً لـ«حزب الله» «سيعزز المقاومة»

شؤون إقليمية الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان (أ.ب) play-circle 01:32

الرئيس الإيراني: تعيين نعيم قاسم أميناً عاماً لـ«حزب الله» «سيعزز المقاومة»

قال الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، اليوم الثلاثاء، إن تعيين نعيم قاسم خلفاً لحسن نصر الله، أميناً عاماً جديداً لـ«حزب الله» من شأنه أن «يعزز المقاومة».

«الشرق الأوسط» (طهران)
المشرق العربي فتاة فلسطينية تتفقد أنقاض مبنى بعد غارة إسرائيلية في بيت لاهيا شمال قطاع غزة 29 أكتوبر 2024 (أ.ف.ب)

الخارجية الأميركية: الغارة الإسرائيلية على مبنى سكني في شمال غزة «مروعة»

قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، اليوم الثلاثاء، إن أميركا تشعر بالقلق من عدد القتلى الذين سقطوا في هجوم إسرائيلي على مبنى سكني في غزة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شؤون إقليمية فلسطينيون يسيرون في ساحة المركز الصحي الياباني التابع لـ«الأونروا» في خان يونس جنوب قطاع غزة في 29 أكتوبر 2024 وسط الحرب المستمرة بين إسرائيل و«حماس» (أ.ف.ب)

تلميح بريطاني إلى تعليق مبيعات أسلحة لإسرائيل إذا حظرت «الأونروا» في غزة والضفة

لمّحت وزيرة بريطانية إلى أن بريطانيا قد تعلّق مزيداً من مبيعات الأسلحة إلى إسرائيل إذا ما تم فرض حظر على عمل وكالة «الأونروا» داخل غزة والضفة الغربية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية نيران مشتعلة بعد إطلاق صواريخ من قطاع غزة على عسقلان بإسرائيل في 7 أكتوبر 2023 (رويترز)

رغم الحرب... «العنف الداخلي» و«الوضع السياسي» أكبر ما يثير مخاوف سكان جنوب إسرائيل

رغم الحرب الدائرة في غزة ولبنان، فإن سكان النقب الغربي بجنوب إسرائيل يرون أن العنف في المجتمع الإسرائيلي والوضع الداخلي يشكلان أكبر التهديدات لإسرائيل.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
العالم العربي الغموض يخيم على مستقبل نشاط «الأونروا» غداة تصويت الكنيست الإسرائيلي على حظر أنشطتها داخل إسرائيل (إ.ب.أ)

ما تداعيات التشريع الإسرائيلي الجديد بشأن وكالة «الأونروا»؟

يخيم الغموض على مستقبل نشاط وكالة «الأونروا»، الثلاثاء، غداة تصويت الكنيست الإسرائيلي على حظر أنشطتها داخل إسرائيل بما يشمل القدس الشرقية المحتلة.

«الشرق الأوسط» (القدس)

فتحُ تحقيق في فرنسا بشأن نائب سابق وصف سكان غزة بـ«السرطان»

متظاهرون في العاصمة الفرنسية باريس يحتجون على الهجوم العسكري الإسرائيلي في قطاع غزة 27 مايو 2024 (إ.ب.أ)
متظاهرون في العاصمة الفرنسية باريس يحتجون على الهجوم العسكري الإسرائيلي في قطاع غزة 27 مايو 2024 (إ.ب.أ)
TT

فتحُ تحقيق في فرنسا بشأن نائب سابق وصف سكان غزة بـ«السرطان»

متظاهرون في العاصمة الفرنسية باريس يحتجون على الهجوم العسكري الإسرائيلي في قطاع غزة 27 مايو 2024 (إ.ب.أ)
متظاهرون في العاصمة الفرنسية باريس يحتجون على الهجوم العسكري الإسرائيلي في قطاع غزة 27 مايو 2024 (إ.ب.أ)

فُتح تحقيق في فرنسا بعد شكوى قدمتها الرابطة الفرنسية لحقوق الإنسان بشأن تصريحات أدلى بها النائب السابق ميير حبيب شبه فيها فلسطينيي قطاع غزة بـ«السرطان»، حسبما أفادت به النيابة العامة في باريس، الاثنين.

وصف حبيب المعروف بتصريحاته المثيرة للجدل الفلسطينيين بأنهم «سرطان» متحدثاً بلهجة عدائية في مقابلة عبر إذاعة «راديو جي» في 20 أكتوبر (تشرين الأول) 2023 حين سئل عن الرد العسكري الذي ينبغي أن تنفذه إسرائيل عقب الهجوم الذي شنته حركة «حماس» عليها في 7 أكتوبر 2023 وكذلك عن استقبال فلسطينيين.

كما دعا حبيب إلى رفض هؤلاء السكان وإلى التعبير عن الكراهية تجاههم، حسبما كتبت الرابطة على موقعها على الإنترنت.

ورداً على سؤال حول رفض مصر استقبال سكان قطاع غزة الفارين من القصف الإسرائيلي، قال ميير حبيب «إنه التضامن العربي الكبير! لأنهم اليوم يعرفون أن هذا الشعب سرطان».

وفي هذا السياق، قدمت الرابطة الفرنسية لحقوق الإنسان شكوى في 2 فبراير (شباط) بتهمة «الإهانة العامة والتحريض على الكراهية على أساس الأصل أو الانتماء إلى مجموعة عِرقية أو أمة أو عِرق».

وأدت الشكوى التي تم تلقيها في 16 يوليو (تموز)، إلى فتح تحقيق، حسبما أكدت النيابة العامة لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

وقال حبيب لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، الاثنين: «شُوّهت تصريحاتي عمداً». وأضاف: «من الواضح أنني لم أستهدف مطلقاً شعب (غزة) كله، ولكن فقط إرهابيي (حماس)، وكذلك آلاف المدنيين في غزة الذين دعموهم، ورافقوهم للأسف في 7 أكتوبر، مثل أولئك الذين ضربوا الرهائن، وأعدموهم عندما وصلوا إلى غزة».

انتُخب حبيب في عام 2013 نائباً عن الفرنسيين المقيمين في الخارج، وهو مقرب من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وخسر مقعده النيابي خلال الانتخابات التشريعية المبكرة في يوليو.