نساء أوكرانيات تعرّضن للاغتصاب من جنود روس يخرجن عن صمتهن

أوكرانيات مدنيات لدى حضورهن تدريباً على استخدام الأسلحة والمعدات الطبية القتالية في كييف (أ.ف.ب)
أوكرانيات مدنيات لدى حضورهن تدريباً على استخدام الأسلحة والمعدات الطبية القتالية في كييف (أ.ف.ب)
TT

نساء أوكرانيات تعرّضن للاغتصاب من جنود روس يخرجن عن صمتهن

أوكرانيات مدنيات لدى حضورهن تدريباً على استخدام الأسلحة والمعدات الطبية القتالية في كييف (أ.ف.ب)
أوكرانيات مدنيات لدى حضورهن تدريباً على استخدام الأسلحة والمعدات الطبية القتالية في كييف (أ.ف.ب)

بعد عامين على اندلاع الحرب الروسية - الأوكرانية، بدأت نساء أوكرانيات تعرّضن للعنف الجنسي على أيدي جنود روس التحدث عن الفظائع التي واجهنها، بعدما تغلّبن على خوفهن وقرّرن رفع الصوت لمساندة «الضحايا الصامتات».

داريا زيمنكو إحدى هؤلاء الناجيات

في بداية اندلاع الحرب في فبراير (شباط) من عام 2022 وعندما بدأت القوات الروسية التقدم نحو كييف، لجأت زيمنكو إلى غافرونشتشينا، وهي قرية والديها الواقعة قرب العاصمة الأوكرانية.

وبعد ذلك بفترة وجيزة، سيطر الروس على هذه القرية. وذات يوم، اقتحم عدد من الجنود السكارى والمسلحين منزل العائلة وقالوا إن زيمنكو مطلوبة للاستجواب.

ما حدث لهذه الشابة بعد ذلك يشكّل جزءاً مما تقول السلطات الأوكرانية إنها حملة واسعة النطاق ومنهجية من الاعتداءات الجنسية التي يقوم بها الجنود الروس.

في 28 مارس (آذار) من عام 2022، اقتاد الجنود زيمنكو إلى منزل مهجور وطلبوا منها خلع ملابسها.

وقالت زيمنكو البالغة من العمر 33 عاماً: «أدركت أن هذا لن يكون استجواباً. استمر الأمر ساعتين».

في اليوم التالي، عاد الجنود واغتصبوها مجدداً. لكن بعد ذلك بفترة وجيزة، استعادت القوات الأوكرانية السيطرة على القرية.

آلاف الضحايا منذ فبراير 2022

تقول السلطات الأوكرانية إنها وثّقت أكثر من 300 حالة عنف جنسي ارتكبها جنود روس.

لكن «النطاق الحقيقي للعنف الجنسي يصعب تصوره»، وفق ما قالت أولكسندرا ماتفييتشوك، رئيسة المركز الأوكراني للحريات المدنية الحائز جائزة نوبل للسلام عام 2022.

ويقدّر الناشطون أن عدد هذه الحالات يصل إلى الآلاف؛ لأن العديد من الضحايا يفضلن التزام الصمت بسبب وصمة العار المرتبطة بالعنف الجنسي.

وقالت زيمنكو لوكالة الأنباء الفرنسية في العاصمة باريس: «التحدث عن ذلك مؤلم جداً، لكنني أشعر اليوم بأنه من الضروري أن أوضح ما مررت به؛ لأن روسيا تواصل تعذيب الناس وارتكاب جرائم جنسية بشكل يومي في أوكرانيا».

في العام 2023، أصبحت زيمنكو عضواً في «سيما أوكرانيا» التي تضم نساءً أوكرانيات تعرّضن للعنف الجنسي والعنف القائم على النوع الاجتماعي نتيجة الحرب.

وقالت زيمنكو إن التحدث علناً نيابة عن اللواتي لا يمكنهن القيام بذلك لأنهن في مناطق تحتلها روسيا أو يخشين وصمة العار «كان في غاية الأهمية».

والأسبوع الماضي، شاركت مع نساء أخريات في مؤتمر صحافي في باريس حول «عمليات الاغتصاب الجماعي» التي ارتكبها جنود روس في أوكرانيا.

واتّهمت كييف والغرب روسيا بارتكاب العديد من جرائم الحرب في أوكرانيا، وهو ما تنفيه موسكو.

ثورة الضحايا الأوكرانيات

من جهتها، قدّرت أليسا كوفالنكو، وهي مخرجة أفلام وثائقية حائزة جوائز، أن نحو 80 في المائة من النساء ضحايا العنف الجنسي يلتزمن الصمت.

وقالت كوفالنكو (36 عاماً) التي عرضت أفلامها في مهرجانات دولية من بينها مهرجان «كان» هذا العام، لوكالة الصحافة الفرنسية: «لكن نسبة الـ20 في المائة التي تتحدث علناً تشكّل ثورة».

حظيت هذه المخرجة باهتمام دولي من خلال فيلمها «Alisa in Warland» عام 2015 الذي يدور حول الصراع في شرق أوكرانيا. وتعمل كوفالنكو حالياً على إتمام فيلمها الجديد «Traces» الذي يدور حول النساء اللواتي تعرّضن للعنف الجنسي أثناء الحرب.

وهي نفسها تعرّضت لاعتداء جنسي أثناء عملها على فيلم «Alisa in Warland» في منطقة دونيتسك عام 2014 حين ضمّت روسيا شبه جزيرة القرم.

أوقفت خلال مغادرتها المنطقة في 15 مايو (أيار) 2014. وروت: «كانوا مقتنعين بأنني قناصة». احتجزها الانفصاليون الموالون لروسيا لأيام، وهددوا بقطع أذنيها وأصابعها.

كما تعرّضت لاعتداء جنسي عندما اقتادها ضابط روسي إلى شقة في مدينة كراماتورسك المحتلة. وقالت: «أجبرني على خلع ملابسي والدخول إلى حوض استحمام، ثم تعرّضت للاعتداء».

بعد الاعتداء، أغرقت نفسها في العمل وسجّلت اسمها للمشاركة في القتال في أوكرانيا بعد الحرب.

«لا يمكن الشفاء»

يقول الناشطون إن المحظورات المرتبطة بالعنف الجنسي يتم التخلص منها تدريجاً في أوكرانيا.

وقالت إيرينا دوفغان (62 عاماً) مؤسِّسة «سيما أوكرانيا» إن عدداً متزايداً من النساء على استعداد للتحدث الآن لأن الحرب الروسية ما زالت مستمرة.

وأضافت: «تواجه نساء أخريات خطر التعرّض لاعتداء: هذه صرختنا ونداؤنا للحصول على المساعدة».

وروت دوفغان، وهي في الأصل من منطقة دونيتسك، أنها أُوقفت بعدما تمرّد الانفصاليون المؤيدون لروسيا على كييف في العام 2014. وأشارت إلى أنها تعرّضت لانتهاكات بعدما اتُّهمت بدعم الجيش الأوكراني.

وقالت زيمنكو إنها «قررت في البداية أن تنسى هذه التجربة المروعة»، لكنها كانت تعاني بانتظام نوبات قلق، فلجأت إلى «سيما أوكرانيا» للحصول على مساعدة نفسية، لكن ما زالت تراودها كوابيس.

وختمت بالقول: «لا يمكن الشفاء بعد تجربة مماثلة».


مقالات ذات صلة

الاتحاد الأوروبي قلق إزاء تقرير عن إنتاج روسيا طائرات مُسيرة بدعم صيني

أوروبا جندي روسي يطلق طائرة مُسيرة صغيرة خلال أحد التدريبات (لقطة من فيديو لوزارة الدفاع الروسية)

الاتحاد الأوروبي قلق إزاء تقرير عن إنتاج روسيا طائرات مُسيرة بدعم صيني

قالت متحدثة باسم الاتحاد الأوروبي إن التكتل يساوره «قلق بالغ» إزاء تقرير ذكر أن روسيا تطوِّر برنامج طائرات مُسيرة هجومية بدعم من الصين.

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
أوروبا ضابط من الشرطة الروسية - أرشيفية (رويترز)

روسيا تحاكم أميركياً عمره 72 عاماً بتهمة القتال كـ«مرتزق» لحساب أوكرانيا

يحاكم أميركي في الـ72 من العمر منذ الجمعة في موسكو بتهمة القتال كـ«مرتزق» لحساب أوكرانيا، على ما أفادت به وكالة «ريا نوفوستي» الرسمية للأنباء التي حضرت الجلسة.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا هل تهديدات بوتين «النووية» جدية؟ وكيف يمكن لـ«ناتو» الرد عليها؟

هل تهديدات بوتين «النووية» جدية؟ وكيف يمكن لـ«ناتو» الرد عليها؟

طرحت مجلة «نيوزويك» الأميركية سؤالاً على خبراء بشأن خيارات المتاحة لحلف شمال الأطلسي (ناتو) للرد على تصريحات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
العالم فولوديمير زيلينسكي يصافح كامالا هاريس (رويترز)

هاريس: تنازل أوكرانيا عن أراض هو صيغة للاستسلام وليس السلام

أكّدت نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس التي تتنافس مع دونالد ترمب في انتخابات نوفمبر، للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، أن «دعمها للشعب الأوكراني راسخ».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
العالم وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ.ف.ب)

واشنطن: تهديدات بوتين النووية الجديدة «غير مسؤولة على الإطلاق»

عدَّ وزير الخارجية الأميركي، الخميس، التهديدات الجديدة للرئيس الروسي بشأن الأسلحة النووية «غير مسؤولة على الإطلاق»، بعد إعلانه خططاً لتوسيع استخدامها.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

الاتحاد الأوروبي قلق إزاء تقرير عن إنتاج روسيا طائرات مُسيرة بدعم صيني

جندي روسي يطلق طائرة مُسيرة صغيرة خلال أحد التدريبات (لقطة من فيديو لوزارة الدفاع الروسية)
جندي روسي يطلق طائرة مُسيرة صغيرة خلال أحد التدريبات (لقطة من فيديو لوزارة الدفاع الروسية)
TT

الاتحاد الأوروبي قلق إزاء تقرير عن إنتاج روسيا طائرات مُسيرة بدعم صيني

جندي روسي يطلق طائرة مُسيرة صغيرة خلال أحد التدريبات (لقطة من فيديو لوزارة الدفاع الروسية)
جندي روسي يطلق طائرة مُسيرة صغيرة خلال أحد التدريبات (لقطة من فيديو لوزارة الدفاع الروسية)

قالت متحدثة باسم الاتحاد الأوروبي، الجمعة، إن التكتل يساوره «قلق بالغ» إزاء تقرير ذكر أن روسيا تطوِّر برنامج طائرات مُسيّرة هجومية بدعم من الصين، لاستخدامها في حربها ضد أوكرانيا.

وذكرت وكالة «رويترز» للأنباء، الأربعاء، أن شركة «آي. إي. إم. زد كوبول»، التابعة لشركة الأسلحة الروسية الحكومية (ألماز-أنتي)، طوّرت واختبرت طرازاً جديداً من الطائرات المُسيّرة يسمى «جاربيا-3 (جي 3)» في الصين، بدعم من متخصصين محليين.

واعتمدت «رويترز»، في تقريرها، على مصدرين لدى وكالة مخابرات أوروبية، بالإضافة إلى وثائق حول البرنامج.

وقالت نبيلة مصرالي، المتحدثة باسم الذراع الدبلوماسية للاتحاد الأوروبي: «لاحظنا التقارير المثيرة للقلق، التي ذكرت أن روسيا تُطوّر طائرات مُسيّرة هجومية في الصين لاستخدامها في حربها العدوانية ضد أوكرانيا».

وأضافت، وفقاً لوكالة «رويترز»: «إذا ثبتت صحة التقارير، فهذا يعني أن الشركات الصينية تقدم لروسيا مساعدات فتاكة». وتابعت: «سيكون ذلك مخالفاً للرواية الرسمية التي تسردها الصين بأنها لا تقدم أسلحة فتاكة لدعم روسيا في حربها العدوانية ضد أوكرانيا، ومن ثم نتوقع من السلطات الصينية التحقق والتعامل من هذه التقارير بشكل شامل فوري».

وقالت وزارة الخارجية الصينية، لوكالة «رويترز»، إنها ليست على علم بالبرنامج، مضيفة أن بكين لديها تدابير صارمة للتحكم في تصدير الطائرات المُسيّرة.

ولم تردَّ «كوبول» و«ألماز-أنتي» ووزارة الدفاع الروسية على طلبات للتعليق على التقرير المنشور يوم الأربعاء.