​قمة سويسرا حول السلام الأوكراني تمهد الطريق أمام محادثات مع روسيا

البيان الختامي لم يحظ بإجماع الدول المشاركة.... وبوتين يطالب بـ«ضمانات»

رئيسة الاتحاد السويسري والرؤساء الأوكراني والغاني والتشيلي ورئيس الوزراء الكندي ورئيسة المفوضية الأوروبية خلال المؤتمر الصحافي للقمة الأحد (رويترز)
رئيسة الاتحاد السويسري والرؤساء الأوكراني والغاني والتشيلي ورئيس الوزراء الكندي ورئيسة المفوضية الأوروبية خلال المؤتمر الصحافي للقمة الأحد (رويترز)
TT

​قمة سويسرا حول السلام الأوكراني تمهد الطريق أمام محادثات مع روسيا

رئيسة الاتحاد السويسري والرؤساء الأوكراني والغاني والتشيلي ورئيس الوزراء الكندي ورئيسة المفوضية الأوروبية خلال المؤتمر الصحافي للقمة الأحد (رويترز)
رئيسة الاتحاد السويسري والرؤساء الأوكراني والغاني والتشيلي ورئيس الوزراء الكندي ورئيسة المفوضية الأوروبية خلال المؤتمر الصحافي للقمة الأحد (رويترز)

اتفقت عشرات الدول التي عقدت قمة دولية حول أوكرانيا، الأحد، على أنه يتعين على كييف الدخول في حوار مع روسيا حول إنهاء الحرب مع تأكيد دعمها القوي لاستقلال أوكرانيا ووحدة أراضيها.

وبعد أكثر من سنتين على الغزو الروسي، أمضى قادة وكبار المسؤولين من أكثر من تسعين دولة نهاية الأسبوع في منتجع جبلي سويسري لحضور قمة تاريخية ليومين، مخصصة لحل أكبر صراع في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية.

رئيسة الاتحاد السويسري والرئيس الأوكراني خلال القمة الأحد (رويترز)

وجاء في البيان الختامي للقمة التي عقدت في منتجع بورغنستوك المطل على بحيرة لوسيرن: «نعتقد أن التوصل إلى السلام يتطلب مشاركة جميع الأطراف وحواراً بينها». وأضاف: «نؤكد مجدداً التزامنا بمبادئ السيادة والاستقلال، ووحدة أراضي كل الدول بما فيها أوكرانيا، ضمن حدودها المعترف بها دولياً».

وفي البيان الختامي الذي صدر بنهاية القمة التي استمرت يومين في سويسرا، أيدت غالبية كبرى من المشاركين المائة كذلك دعوة إلى تبادل الجنود الأسرى لدى الجانبين المتحاربين، وإعادة الأطفال الأوكرانيين الذين نقلتهم موسكو من أوكرانيا.

لكن البيان الختامي لم يحظ بدعم جميع المشاركين، حيث ذكرت الحكومة السويسرية، الأحد، أن المملكة العربية السعودية والإمارات والهند وجنوب أفريقيا وتايلاند وإندونيسيا والمكسيك كانت من بين الدول التي اختارت عدم التوقيع على البيان.

وبعد أن وقف زعماء العالم معاً لتقديم دعمهم السبت، أعرب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي عن أمله في الحصول على اتفاق دولي حول اقتراح لإنهاء الحرب يمكن أن يقدمه إلى موسكو.

الكرملين يطالب بضمانات

وشدّدت القمة، الأحد، على الأمن الغذائي وتجنب كارثة نووية وإعادة الأطفال الذين نقلتهم روسيا من أوكرانيا، فيما حددت الدول أسس الطريق نحو إنهاء الحرب.

وعقدت القمة التي غابت عنها روسيا والصين، فيما تواجه أوكرانيا صعوبات في ميدان المعركة، حيث ينقصها العدة والعتاد.

وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد طالب الجمعة باستسلام أوكرانيا بوصفه أساساً لمحادثات السلام. وقوبلت دعوة بوتين لأوكرانيا إلى الانسحاب من جنوب وشرق البلاد بالرفض على نطاق واسع في القمة.

لكن وكالات أنباء روسية نقلت عن المتحدث باسم الكرملين ديميتري بيسكوف أن الرئيس بوتين لا يستبعد إجراء محادثات مع أوكرانيا، لكن ستكون هناك حاجة إلى ضمانات من أجل مصداقية أي مفاوضات.

وتابع بيسكوف أن أوكرانيا يجب أن «تفكر» في اقتراح السلام الذي طرحه الرئيس بوتين مؤخراً، لأن وضع قواتها على الجبهة «يزداد سوءا». وقال المتحدث باسم الكرملين إن «دينامية الوضع الحالي على الجبهة تظهر لنا بشكل واضح أنه سيزداد سوءاً بالنسبة للأوكرانيين. ومن المرجح أن يفكر سياسي يضع مصالح الوطن فوق مصالحه ومصالح أسياده في مثل هذا الاقتراح» في إشارة إلى الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.

وأعلنت روسيا الأحد السيطرة على قرية جديدة في جنوب أوكرانيا، في إطار مواصلة تقدمها البطيء على الجبهة.

أطفال ومخاوف نووية

وتمحورت المحادثات في بورغنستوك حول نقاط مشتركة بين خطة السلام التي قدمها زيلينسكي المؤلفة من عشر نقاط والتي عرضها في أواخر عام 2022، وقرارات الأمم المتحدة بشأن الحرب التي تمت الموافقة عليها بدعم واسع.

وكانت تلك محاولة لحشد الدعم الأوسع من خلال التمسك بحزم بالمواضيع التي يغطيها القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة.

وانقسمت الدول المشاركة إلى ثلاث مجموعات عمل، الأحد، للنظر في السلامة والأمن النوويين، والقضايا الإنسانية، والأمن الغذائي وحرية الملاحة في البحر الأسود، وبحثت أيضاً الجوانب الإنسانية بالنسبة للقضايا المتعلقة بأسرى الحرب والمعتقلين المدنيين والمعتقلين ومصير المفقودين. كما ناقشت إعادة الأطفال الذين نقلوا من الأراضي الأوكرانية المحتلة إلى روسيا.

تناولت المحادثات المتعلقة بالأمن الغذائي تراجع الإنتاج الزراعي والصادرات، والذي كان له تأثير مضاعف في جميع أنحاء العالم؛ إذ كانت أوكرانيا واحدة من سلال الخبز في العالم قبل الحرب.

وتركزت المحادثات ليس فقط على تدمير الأراضي الخصبة من خلال العمليات العسكرية، إنما أيضاً على المخاطر المستمرة التي تشكلها الألغام والذخائر غير المنفجرة.

وقالت الدولة المضيفة سويسرا إن «إيجاد حل سياسي في أوكرانيا يظل أمراً حاسماً لتحقيق استقرار أسعار المواد الغذائية في السوق العالمية». وأدت هجمات مدفعية على سفن في البحر الأسود إلى ارتفاع تكلفة النقل البحري.

وأضافت سويسرا أن «ضمان الشحن الحر والآمن في البحر الأسود لن يؤدي فقط إلى تعزيز الأمن الغذائي في كثير من الدول ذات الدخل المنخفض، بل سيعيد الاستقرار إلى المنطقة أيضاً».

ونظرت مجموعة السلامة النووية في الوضع الهش الذي يحيط بسلامة وأمن محطات الطاقة النووية في أوكرانيا، وخصوصا في زابوريجيا، حيث تم إغلاق كل المفاعلات منذ منتصف أبريل (نيسان).

وركزت المحادثات على الحد من مخاطر وقوع حادث ناجم عن خلل أو هجوم على المنشآت النووية في أوكرانيا.

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يتحدث إلى رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو خلال القمة الأحد (أ.ب)

وقال رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو في الخطاب الختامي: «عندما يحل سلام عادل ومستدام، سنكون جميعاً هناك لمساعدة أوكرانيا على إعادة الإعمار». وأضاف أن «الأشخاص الذين فقدوا حياتهم، والعائلات التي دمرت، لن يتمكنوا من إعادتهم. هذه هي النتيجة الأكثر إيلاماً للحرب: المعاناة الإنسانية». وتابع: «هذه الحرب غير الشرعية التي تشنها روسيا يجب أن تنتهي»، لكنه أقر بأن «الأمر لن يكون سهلاً».

قمة ثانية محتملة

وتتجه الأنظار أيضاً إلى احتمال عقد قمة ثانية، حيث تريد أوكرانيا أن تقدم لروسيا خطة اتفق عليها دولياً للسلام. وقالت الرئيسة السويسرية فيولا أمهيرد في كلمتها الختامية: «يبقى هناك سؤال رئيسي: كيف ومتى يمكن إشراك روسيا في العملية؟». وأضافت: «لقد سمعنا ذلك في كثير من بياناتكم: الحل الدائم يجب أن يشمل الطرفين»، مع الاعتراف بأن «الطريق أمامنا طويلة ومليئة بالتحديات».

ولم يذكر زيلينسكي ما إذا كان مستعداً للدخول في محادثات مباشرة مع بوتين لإنهاء الحرب رغم أنه استبعد في السابق إجراء محادثات مباشرة معه.

وقالت رئيسة جورجيا سالومي زورابيشفيلي للصحافيين: «يجب أن تنضم روسيا إلى العملية لأن روسيا مسؤولة عن بدء العملية التي تسمى الحرب». ومن جهته، قال رئيس وزراء كرواتيا أندريه بلينكوفيتش إن موسكو قد تنضم إلى القمة المقبلة «إذا ذهبنا في الاتجاه الصحيح، وكانت الظروف مناسبة».


مقالات ذات صلة

روسيا تعلن سيطرتها على بلدة أخرى شرق أوكرانيا

أوروبا جنود أوكرانيون يطلقون مدفع «هاوتزر M101» باتجاه القوات الروسية في إقليم دونيتسك في 22 مارس 2024 (أرشيفية - أ.ب)

روسيا تعلن سيطرتها على بلدة أخرى شرق أوكرانيا

أعلنت روسيا، الأحد، سيطرتها على بلدة أخرى في منطقة دونيتسك بشرق أوكرانيا، في حين تواصل موسكو تقدمها ببطء في ميدان المعركة. وقالت وزارة الدفاع الروسية في بيان:…

«الشرق الأوسط» (موسكو – كييف)
أوروبا جنود أوكرانيون يستخدمون كشافاً في أثناء بحثهم عن طائرات دون طيار في السماء فوق كييف (رويترز)

أوكرانيا تقصف مستودع ذخيرة داخل روسيا بطائرات مسيَّرة

 قال مصدر أمني، الأحد، إن طائرات مسيَّرة أوكرانية قصفت مستودع ذخيرة داخل روسيا الليلة الماضية.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا أفراد وحدة أوكرانية يتدربون على إطلاق المسيّرات في وسط أوكرانيا (رويترز)

روسيا تلجأ لسلاح المناطيد لصد «الدرونز» الأوكرانية

قالت صحيفة «تليغراف» البريطانية، السبت، إن روسيا تخطط لبناء شبكة من المناطيد لإحباط هجمات الطائرات دون طيار من أوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (لندن)
أوروبا رسائل روسية متناقضة حول وساطة تركيا لإنهاء حرب أوكرانيا

رسائل روسية متناقضة حول وساطة تركيا لإنهاء حرب أوكرانيا

أكد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أنه اتفق مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين على استمرار الوساطة التي تقوم بها تركيا لإنهاء الحرب في أوكرانيا.

سعد عبد الرازق (أنقرة)
أوروبا الرئيس الروسي ورئيس الوزراء المجري خلال مؤتمرها الصحافي في الكرملين الجمعة (إ.ب.أ)

العواصم الأوروبية الكبرى كانت على علم مسبق بزيارة أوربان لموسكو

أكّدت مصادر دبلوماسية أن معظم العواصم الأوروبية كانت على علم مسبق بزيارة رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان لموسكو في «مهمة سلام» قوبلت بانتقادات أوروبية واسعة.

شوقي الريّس (بروكسل)

روسيا تعلن سيطرتها على بلدة أخرى شرق أوكرانيا

جنود أوكرانيون يطلقون مدفع «هاوتزر M101» باتجاه القوات الروسية في إقليم دونيتسك في 22 مارس 2024 (أرشيفية - أ.ب)
جنود أوكرانيون يطلقون مدفع «هاوتزر M101» باتجاه القوات الروسية في إقليم دونيتسك في 22 مارس 2024 (أرشيفية - أ.ب)
TT

روسيا تعلن سيطرتها على بلدة أخرى شرق أوكرانيا

جنود أوكرانيون يطلقون مدفع «هاوتزر M101» باتجاه القوات الروسية في إقليم دونيتسك في 22 مارس 2024 (أرشيفية - أ.ب)
جنود أوكرانيون يطلقون مدفع «هاوتزر M101» باتجاه القوات الروسية في إقليم دونيتسك في 22 مارس 2024 (أرشيفية - أ.ب)

أعلنت روسيا، الأحد، سيطرتها على بلدة أخرى في منطقة دونيتسك بشرق أوكرانيا، في حين تواصل موسكو تقدمها ببطء في ميدان المعركة.

وقالت وزارة الدفاع الروسية في بيان: «إن وحدات من الجيش الروسي (حررت بلدة تشيغاري في جمهورية دونيتسك الشعبية)»، وهي إحدى المناطق الأوكرانية التي أعلنت روسيا ضمها. وأضافت: «أن القوات الروسية قامت عبر ذلك (بتحسين وضعها التكتيكي)».

والجيش الروسي، الذي يستفيد من الصعوبات التي يواجهها الجيش الأوكراني في رصّ صفوفه، والحصول على مزيد من الأسلحة والذخائر من الغرب، يحقق مكاسب على الأرض منذ أشهر. وتعد كييف أن أسوأ المعارك على الجبهة تجري حالياً في منطقة دونيتسك.

لكن رغم ذلك، تشن القوات الأوكرانية هي الأخرى هجمات مكثفة على مدى الأشهر الماضية. وفي هذا الصدد، انفجر مستودع للمتفجرات في منطقة فورونيج الروسية المتاخمة لأوكرانيا، بعد هجوم بمسيرة أوكرانية، ليل السبت/ الأحد، على ما أعلنت السلطات المحلية. وكتب الحاكم الإقليمي ألكسندر غوسيف على «تلغرام»: «جري رصد وتدمير كثير من المسيرات خلال الليل بواسطة أنظمة الدفاع الجوي فوق منطقة فورونيج». وأضاف: «أن سقوط الحطام تسبب في نشوب حريق في مستودع» في منطقة بودغورينسكي حيث «بدأ انفجار المتفجرات». وأكد غوسيف: «أن أحداً لم يصب بأذى»، وفقاً للمعلومات الأولية. وجرى إرسال فرق الإنقاذ إلى مكان الحادث، في حين تجري عملية إجلاء السكان من منطقة قريبة من المستودع المشتعل، بحسب المصدر نفسه.

وتستخدم روسيا وأوكرانيا المسيرات على نطاق واسع، بما فيها المسيرات المتفجرة التي يصل مداها إلى مئات الكيلومترات، منذ بدء الهجوم الروسي في فبراير (شباط) 2022. وكثفت أوكرانيا هجماتها على الأراضي الروسية في عام 2024، مستهدفة منشآت الطاقة التي ترى أنها تزود الجيش الروسي والمدن والقرى على الجانب الآخر من الحدود.

والجمعة، كرر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مطلبه بأنه من أجل الوصول إلى السلام يجب أن تنسحب أوكرانيا من المناطق التي أعلنت روسيا ضمها منذ سبتمبر (أيلول) 2022 وهي دونيتسك ولوغانسك وزابوريجيا وخيرسون.