عندما يشارك جو بايدن في مجموعة السبع التي ستُعقد في إيطاليا هذا الأسبوع، سيخيّم شبح سلفه دونالد ترمب على لقاءاته مع القادة الحلفاء الذين لا تحتفظ غالبيتهم بذكريات جميلة عن الرئيس الجمهوري.
وتشكّل الانتخابات الرئاسية الأميركية التي ستجري في نوفمبر (تشرين الثاني) مصدراً لشكوك كبيرة بين حلفائها واختباراً لمدى صلابة الديمقراطية في القوة الرائدة في العالم.
وفي هذا الإطار، يثير انتصار دونالد ترمب وعودة شعاره «أميركا أولاً» فضلاً عن ازدرائه للمنظمات الدولية، بما في ذلك حلف شمال الأطلسي، قلق معظم قادة الدول الحاضرين في إيطاليا هذا الأسبوع.
وفي حديث إلى مجلّة «تايم»، قال «في كلّ اجتماع دولي أحضره، يأخذني أحد القادة جانباً ويقول لي: لا يمكن أن يفوز، لا يمكنك أن تدعه يفوز».
تنفّس الحلفاء الأوروبيون الرئيسيون الصعداء بعد فوز الديمقراطي في العام 2020، خصوصاً أنّه يعدّ مدافعاً متحمّساً عن دور الولايات المتحدة في العالم الذي ظهر بعد الحرب العالمية الثانية. وتتناقض هذه الرؤية مع رؤية دونالد ترمب ونهجه المتقلب تجاه مجموعة السبع، حسب تقرير لوكالة «الصحافة الفرنسية».
«لِكَم من الوقت؟»
في كندا، انتقد رئيس الحكومة جاستن ترودو لدى استضافته القمة في العام 2018 الرئيس الجمهوري ووصفه بأنه «غير أمين وضعيف».
كذلك، غيّر ترمب رأيه وقرّر عدم الانضمام إلى البيان المشترك الذي يختتم تقليدياً هذه القمم. وتلت ذلك صورة انتشرت في جميع أنحاء العالم ظهرت فيها المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل متكئة على طاولة في مواجهة دونالد ترمب الجالس على كرسي وذراعاه متقاطعتان ونظرته ساخرة.
من جهته، روى جو بايدن في مقابلته مع «تايم» كواليس أول مشاركة له كرئيس في قمة مجموعة السبع في المملكة المتحدة في العام 2021. وقال «قلت: أميركا عادت»، قبل أن يردّ عليه الرئيس إيمانويل ماكرون متسائلاً «لكم من الوقت؟». وفي ظل الانتخابات الرئاسية الأميركية، يعود السؤال بقوة إلى هذه القمة في إيطاليا.
فمن جهة، يبرز جو بايدن الذي تعهّد بدعم أوكرانيا في مواجهة روسيا، والحفاظ على صلابة التحالفات الدولية في مواجهة أطماع بكين وموسكو.
ومن جهة أخرى، يظهر دونالد ترمب الذي صرّح بأنّه «سيشجّع» روسيا «على فعل ما تريد» بدول الناتو التي لا تدفع حصّتها من تكاليف الدفاع، والذي غالباً ما يمتدح الطغاة والمستبدّين. ويثير هذا الأمر القلق في أوروبا.
«حليف لا يتزعزع»
يبدو أنّ مجموعة السبع تريد حماية نفسها في مواجهة احتمال تحقيق دونالد ترمب فوزاً جديداً.
ومن هذا المنطلق، تضغط إدارة بايدن خصوصاً على الدول الأعضاء للموافقة على مشروع أميركي يهدف إلى الحفاظ على المساعدات لأوكرانيا من الآن فصاعداً، وذلك باستخدام أرباح الأصول الروسية المصادرة.
ويقضي مشروع القانون بأن تقدّم الولايات المتحدة مبلغاً قدره 50 مليار دولار على شكل قروض سيتمّ بعد ذلك سدادها من خلال الفوائد على تلك الأصول. أمّا الهدف من وراء ذلك، فيتمثّل في تجنّب دفعات أصغر خلال فترة زمنية أطول، قد يلغيها دونالد ترمب لدى عودته إلى البيت الأبيض.
وقال مصدر مطّلع على المناقشات إنّ دول مجموعة السبع تأمل من خلال هذا الإجراء في تفادي تراجع المساعدات المقدّمة لكييف. ووعد البيت الأبيض الثلاثاء بإصدار «إعلانات» بهذا الشأن خلال قمة مجموعة السبع.
يعدّ جو بايدن (81 عاماً) الرئيس الأكبر سنّاً في تاريخ الولايات المتحدة، وقد جعله جدول أعماله المزدحم يتنقّل بين بلاده وأوروبا منذ الأسبوع الماضي.
وقبل توجّهه إلى برينديزي الأربعاء، حضر بايدن في فرنسا احتفالات الذكرى الثمانين لإنزال قوات الحلفاء في النورماندي.
بالنسبة للخبراء السياسيين، سيوجّه جو بايدن الرسالة نفسها إلى مجموعة السبع كما في النورماندي، حيث أشار إلى أنّ دونالد ترمب يشكّل خطراً في الولايات المتحدة وخارجها.
وقال بيتر لوج أستاذ العلاقات العامّة في جامعة جورج واشنطن لوكالة «الصحافة الفرنسية» إنّ الرئيس الديمقراطي حريص أيضاً على «أن يُظهر للحلفاء الأوروبيين أنّ الولايات المتحدة هي حليف راسخ». وأضاف «سيتناقض هذا تماماً مع دونالد ترمب الذي أدانه القضاء، والذي لا يمكن الوثوق به».