كيف عززت حرب أوكرانيا و«كوفيد» حظوظ اليمين المتطرف في الانتخابات الأوروبية؟

جنود أوكرانيون على مشارف كييف (أرشيفية - رويترز)
جنود أوكرانيون على مشارف كييف (أرشيفية - رويترز)
TT

كيف عززت حرب أوكرانيا و«كوفيد» حظوظ اليمين المتطرف في الانتخابات الأوروبية؟

جنود أوكرانيون على مشارف كييف (أرشيفية - رويترز)
جنود أوكرانيون على مشارف كييف (أرشيفية - رويترز)

أظهرت أزمتان تاريخيتان هما جائحة «كوفيد - 19»، والغزو الروسي لأوكرانيا، مزايا أوروبا، بحسب بروكسل، لكنهما مع ذلك عزّزتا موقع أحزاب اليمين المتطرف، التي كشفت استطلاعات الرأي أن حظوظها كبيرة في الانتخابات الأوروبية.

قبل انتخابات 9 يونيو (حزيران) الحالي، استطلعت «وكالة الصحافة الفرنسية» في بلدين أوروبيين رمزيَّين الرأي، وهما النمسا التي كانت أول من أوصل هذا التيار إلى السلطة عام 2000، والمجر حيث وعد رئيس الوزراء فيكتور أوربان «باجتياح بروكسل» بعقيدته «غير الليبرالية».

وجعل الزعيم القومي من مفهوم «الحرب أو السلم» رهان حملته الانتخابية، وطرحه على ملصقات البلاد الواقعة في أوروبا الوسطى، وكان في صلب كل خطاباته.

وبالنسبة إلى النائب الأوروبي من حزبه (فيدس) بالاز هيدفيغي: «رد الاتحاد الأوروبي على الحرب» كان سيئاً.

وإذا كان موقف أوربان جيداً فذلك، وفقاً لهيدفيغي، «لأنه يقول علناً ما يدور في ذهن كثير من الناخبين».

وذلك ينطبق في كل أرجاء أوروبا.

وعن وقف إطلاق النار ومفاوضات السلام، قال إن «معظم الناس يريدون ذلك».

وأكد أن العقوبات لم تكن «الرد الصحيح» لأنها «لم تمنع استمرار الأعمال العدائية».

وهو ما يسمح لحزب «فيدس»، الذي يتولى السلطة منذ 14 عاماً، بأن يتصدر مجدداً استطلاعات الرأي مع نوايا تصويت تتراوح بين 39 في المائة و48 في المائة، وفقاً للمعاهد.

تشاؤم الناخبين

وقالت كاثرين فيشي، الخبيرة في السياسة الأوروبية، إنه منذ الانتخابات الأخيرة، نجحت أحزاب اليمين المتطرف في الرد على وضع اقتصادي متردٍ، من خلال تشديد خطابها.

ورغم الطلب الجماعي على لقاحات مضادة لـ«كوفيد-19»، وحملة التضامن مع كييف ورسالة الوحدة... فان الاتحاد الأوروبي «يواجه اليوم وضعاً أسوأ مما كان عليه في 2019 رغم تحقيق هذه النجاحات كلها».

زائر يمر أمام نموذج مضيء لفيروس «كورونا» في باريس (أرشيفية - رويترز)

وبحسب المحللة من مركز «كاونتر بوينت» للأبحاث في لندن، فإن «الإشادة بالنجاحات التي حققتها أوروبا تعني عدم فهم تشاؤم ناخبي اليمين المتطرف» في مواجهة «معيشة أكثر تكلفة».

وغالباً ما يقدم فيكتور أوربان نفسه على أنه «حامي» الشعب من عدم الاستقرار والتغيير، سواء أكان ذلك مرتبطاً بالهجرة غير الشرعية أم ظهور أقليات مجتمع الميم أم الميثاق الأخضر لمواجهة احترار المناخ.

وفي النمسا المجاورة، استراتيجية مماثلة ورابحة.

بعدما وصل إلى أدنى مستويات التأييد قبل 5 سنوات بعد فضائح فساد، يتصدر حزب «الحرية» النمساوي استطلاعات الرأي مع حصوله على نسبة تتراوح بين 25 في المائة و30 في المائة من تأييد المستطلعة آراؤهم.

وبالإضافة إلى عامل الحرب، يرتبط هذا الأداء بالقرار الذي فرضه الرئيس الحالي هربرت كيكل، بدعم قضية المناهضين للتلقيح ضد الطبقة السياسية بكاملها، المسؤولة عن أخطاء في إدارة الأزمة.

تشكُّل فقاعات

أمام إجراءات العزل، بما فيها لغير الملقّحين ومشروع فاشل للتطعيم الإلزامي، هزّت البلاد مظاهرات حاشدة.

وقال أندرياس مولتسر، الذي مثل حزب «الحرية» النمساوي في ستراسبورغ بين عامَي 2004 و2014 لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، «تم بعد ذلك تنشيط فئات غير مسيسة من المجتمع».

ونجح حزبه في مواكبة التحرك، بل تعزيزه بفضل قنواته للبث.

بالنسبة إلى مارتن روتر، أحد منظّمي هذه التجمعات، فإن الحزب المحافظ الحاكم «فقد ناخبين»؛ بسبب مواقف صارمة تبناها بشأن فيروس «كورونا». وعديد منهم «انضموا إلى صفوف حزب الحرية النمساوي»؛ بسبب موقفه الواضح بشأن هذا الموضوع المثير للجدل.

وهي ظاهرة سجّلت داخل الاتحاد الأوروبي وفقاً لفيشي مع الرغبة نفسها في «استقطاب النقاشات».

وأضافت: «نتعامل دائماً مع مفهوم (نحن ضد الآخرين)»، وتظهر استطلاعات الرأي أن «الأحكام قاسية جداً على النخب التي كانت في السلطة في زمن (كوفيد-19)».

وأضافت أن «جزءاً كبيراً من الناخبين لا يتأثر بوسائل الإعلام التقليدية... ونرى بوضوح الفقاعات التي تشكّلت» خصوصاً على «تلغرام».

وقال روتر، الناشط في مجال الإعلانات، البالغ 41 عاماً، «كانت الصحافة وقنوات التلفزيون والإذاعات تسير في الاتجاه نفسه»، مؤكداً أنه «قلّل بشكل كبير من نشر الأخبار للعامة».

ولدعم قضيته، لم يعد حزب «الحرية» يتردد في نشر نظريات المؤامرة أو حتى نشر معلومات كاذبة.


مقالات ذات صلة

واشنطن: القوات الكورية الشمالية ستدخل الحرب ضد أوكرانيا «قريباً»

العالم الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون يسير أمام عدد كبير من جنود بلاده (د.ب.أ)

واشنطن: القوات الكورية الشمالية ستدخل الحرب ضد أوكرانيا «قريباً»

أعلن وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن اليوم (السبت) أن بلاده تتوقع أن آلافاً من القوات الكورية الشمالية المحتشدة في روسيا ستشارك «قريباً» في القتال.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ ريتشارد غرينيل الذي شغل منصب مدير المخابرات الوطنية (أ.ب)

ترمب يدرس تعيين مدير مخابرات سابق مبعوثاً خاصاً لأوكرانيا

يدرس الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب اختيار ريتشارد غرينيل الذي شغل منصب مدير المخابرات الوطنية مبعوثاً خاصاً للصراع بين روسيا وأوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن )
أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في كلمته المسائية عبر الفيديو (ا.ف.ب)

زيلينسكي يتهم بوتين بارتكاب جرائم حرب «جديدة»

اتهم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بارتكاب جرائم حرب جديدة بعد الهجوم الصاروخي على مدينة دنيبرو بصاروخ جديد متوسط المدى.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن (ا.ب)

أوستن: قوات كوريا الشمالية المحتشدة في روسيا ستشارك في الحرب «قريباً»

أعلن وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، اليوم (السبت)، أن بلاده تتوقع أن الآلاف من القوات الكورية الشمالية المحتشدة في روسيا ستشارك «قريباً» في القتال ضد أوكرانيا

«الشرق الأوسط» (سيدني)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي جو بايدن مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بقمة دول مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو بالبرازيل (أ.ف.ب)

بايدن وماكرون يناقشان الصراعين في أوكرانيا والشرق الأوسط

قال البيت الأبيض إن الرئيس الأميركي جو بايدن ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون ناقشا الصراعين الدائرين في أوكرانيا والشرق الأوسط.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

خطة هولندية لمكافحة «معاداة السامية»

اشتباكات في أمستردام بعد مباراة كرة قدم بين مكابي تل أبيب وأياكس بالقرب من محطة أمستردام سنترال (رويترز)
اشتباكات في أمستردام بعد مباراة كرة قدم بين مكابي تل أبيب وأياكس بالقرب من محطة أمستردام سنترال (رويترز)
TT

خطة هولندية لمكافحة «معاداة السامية»

اشتباكات في أمستردام بعد مباراة كرة قدم بين مكابي تل أبيب وأياكس بالقرب من محطة أمستردام سنترال (رويترز)
اشتباكات في أمستردام بعد مباراة كرة قدم بين مكابي تل أبيب وأياكس بالقرب من محطة أمستردام سنترال (رويترز)

أعلنت الحكومة الهولندية، اليوم الجمعة، إطلاق خطة جديدة لمكافحة «معاداة السامية»، بعد أسبوعين من صدامات بين مشجعي كرة قدم إسرائيليين وشبان، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وخصص مجلس الوزراء مبلغاً إضافياً قدره 4.5 مليون يورو سنوياً لهذه الخطة، سيجري استخدام جزء منه لتعزيز أمن المؤسسات اليهودية والكنس.

وقال وزير العدل ديفيد فان ويل: «للأسف، ازدادت معاداة السامية في هولندا، خلال العام الماضي، كما أظهرت الأحداث التي وقعت في أمستردام قبل أسبوعين».

بعد مباراة في الدوري الأوروبي «يوروبا ليغ» بين أياكس أمستردام وفريق مكابي تل أبيب الإسرائيلي، في 7 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، تعرّض مشجعون للأخير إلى الملاحقة والضرب في شوارع العاصمة الهولندية، ما أدى إلى إصابة عدد من الأشخاص بجروح، وإثارة سخط في كثير من العواصم الغربية.

واندلعت حوادث متفرقة قبل المباراة، شملت هتافات معادية للعرب رددها مشجعو مكابي وحرق علم فلسطيني في ساحة دام المركزية، قبل أن يتعرض أنصار الفريق الإسرائيلي لأعمال عنف.

وعَدَّت إسرائيل والسلطات الهولندية أن هذه الأحداث «معادية للسامية».

ونُقل خمسة من مشجعي مكابي إلى المستشفى لفترة وجيزة؛ لتلقي العلاج بعد إصابتهم في أعمال العنف التي أثارت غضب قادة غربيين.

وتشمل استراتيجية الحكومة أيضاً تشكيل فريق عمل معنيّ بمعاداة السامية، وإصدار قوانين أكثر صرامة بشأن «تمجيد الإرهاب» والتحقيق في أعمال العنف المرتكبة خلال الاحتجاجات.

كما سيجري استهداف مشجعي كرة القدم من أجل القضاء على الهتافات المعادية للسامية في الملاعب.

وقال رئيس الوزراء ديك شوف، للصحافيين: «إنه مزيج من القمع والوقاية».