المجر بقيادة أوربان أكثر بلدان الاتحاد الأوروبي تقارباً مع الصين

صورة ملتقطة في 5 مايو 2024 من موقع بناء مصنع لشركة «كاتل» الصينية لصناعة البطاريات بالقرب من ديبريسين ثاني أكبر مدينة في المجر (أ.ف.ب)
صورة ملتقطة في 5 مايو 2024 من موقع بناء مصنع لشركة «كاتل» الصينية لصناعة البطاريات بالقرب من ديبريسين ثاني أكبر مدينة في المجر (أ.ف.ب)
TT

المجر بقيادة أوربان أكثر بلدان الاتحاد الأوروبي تقارباً مع الصين

صورة ملتقطة في 5 مايو 2024 من موقع بناء مصنع لشركة «كاتل» الصينية لصناعة البطاريات بالقرب من ديبريسين ثاني أكبر مدينة في المجر (أ.ف.ب)
صورة ملتقطة في 5 مايو 2024 من موقع بناء مصنع لشركة «كاتل» الصينية لصناعة البطاريات بالقرب من ديبريسين ثاني أكبر مدينة في المجر (أ.ف.ب)

تقاربت المجر بشكل واضح من الصين خلال عهد رئيس الوزراء القومي فيكتور أوربان بخلاف دول الاتحاد الأوروبي، وجذبت استثمارات صينية بمليارات اليورو وباتت تنتشر فيها مشاريع لبناء مصانع كثيرة، كما تقاربت مع روسيا بالقدر نفسه.

ويُتوقع أن يصل الرئيس الصيني شي جينبينغ مساء الأربعاء إلى بودابست في المحطة الأخيرة من جولته الأوروبية، بعدما زار فرنسا وصربيا.

وأشاد وزير الخارجية المجري بيتر سيارتو بـ«زيارة تاريخية»، مذكراً بأن أي رئيس صيني لم يزر الدولة الواقعة في وسط أوروبا منذ عقدين من الزمنـ حسب وكالة الصحافة الفرنسية.

ويبتعد الرئيس شي في المجر عن الحزم الذي أظهره له الأوروبيون على خلفية التوترات التجارية المتراكمة وعن انتقادات تلقاها بشأن الملف الأوكراني، إذ يصل إلى دولة مقرّبة.

وفي حديث لوكالة الصحافة الفرنسية يرى تاماس ماتورا الأستاذ المشارك في جامعة كورفينوس أن شي «يرسل إشارة إلى الاتحاد الأوروبي» باختياره التوجه إلى المجر «أكثر دولة مؤيدة علناً للصين» من بين دول الاتحاد الـ27.

النظر نحو الشرق

ويرى فيكتور أوربان أن زيارة شي تمثل «نجاحاً دبلوماسياً» هو ثمرة سياسته في الانفتاح على الشرق. فمنذ وصول أوربان إلى السلطة في عام 2010 حاول جذب الصين. وعندما ابتعدت بروكسل عن بكين، عزّز هو في المقابل علاقات بلاده معها، رافضاً المواجهة الأيديولوجية بين «الكتل».

وخالفت المجر الاستراتيجية الأوروبية للحد من المخاطر، وفتحت أبوابها للقوة الآسيوية العظمى التي أصبحت المستثمر الرئيسي في البلاد العام الماضي.

ورأى الباحث السياسي يان شيوتونغ من جامعة تسينغهوا المرموقة بعدما زار بودابست مؤخراً أن «العلاقة الثنائية القوية توحي بالثقة للشركات الصينية إذ لا تخشى من تطورات سياسية مزعجة تعطل أعمالها».

وشهدت المجر التي تضم 9.6 مليون نسمة موجة من الاستثمارات الصينية منذ عام 2022، وخصوصاً في مجال السيارات الكهربائية والبطاريات.

وازداد انتشار المصانع الصينية في كل أنحاء المجر بسرعة كبيرة. وتُنشئ شركة «كاتل» CATL الصينية العملاقة لصناعة البطاريات مصنعاً ضخماً لها بالقرب من مدينة دبرتسن (شرق)، في حين تعتزم شركة «بي واي دي» BYD البدء بصناعة المركبات السياحية في سيجد (جنوب) اعتباراً من العام المقبل.

وقدّرت الحكومة المجرية المشاريع الحالية بنحو 15 مليار يورو. وفي المقابل، تستفيد الشركات الصينية من إعفاءات ضريبية، ودعم للبنى التحتية، وعروض عمل.

انسجام بشأن أوكرانيا

إلى ذلك، وقّعت المجر عقداً مع الصين لبناء خط للسكك الحديد فائق السرعة بين بودابست وبلغراد بلغت تكلفته ملياري يورو اقترضتها من بكين في إطار مشروع «طرق الحرير الجديدة» المعروف رسمياً باسم «الحزام والطريق»، وهو مشروع صيني ضخم للاستثمار في البنى التحتية.

ويشمل التعاون بين المجر والصين مجالات عدة. فقد اشترت بودابست لقاحات صينية ضد «كوفيد - 19»، ووعدت باستضافة أول حرم جامعي صيني في الاتحاد الأوروبي، ووقعت مؤخراً على اتفاقية أمنية مثيرة للجدل تسمح بتسيير دوريات للشرطة الصينية في الأراضي المجرية.

ويثير هذا الوضع مخاوف المعارضة التي تندد بالغموض الذي يحيط بالعقود، والتأثير البيئي لمصانع البطاريات، والفساد عادَّة أن هذه المشاريع تُثري «دائرة أوربان».

وإلى جانب العلاقات الاقتصادية، تمكنت المجر من أن تبدو «مفيدة» لبكين في الاجتماعات المتعددة الأطراف، حسبما رأى تاماس ماتورا.

واستخدم فيكتور أوربان الذي ينتقده شركاؤه الغربيون دائماً بسبب ميوله الاستبدادية، حق النقض في الاتحاد الأوروبي عدة مرات لمنع قرارات تؤثر على الصين أو للتخفيف من وطأتها عليها، وخصوصاً فيما يتعلق بقضايا حقوق الإنسان.

ورأى ماتيج سيمالجيك الباحث في معهد أوروبا الوسطى للدراسات الآسيوية ومقره في سلوفاكيا، أن هذا «المنطق ربما يشمل أيضاً حلف شمال الأطلسي» لأن مواقف المجر العضو في الحلف منذ عام 1999 وشركائها تتباين بشأن روسيا.

ويشدّد بيتر سيارتو على أن بلاده «على اتفاق مطلق» مع الصين بشأن القضية الأوكرانية.

وتقدم بكين نفسها كطرف محايد وتدعو باستمرار إلى تسوية سياسية لإنهاء الحرب في أوكرانيا مع المحافظة على تقاربها مع الكرملين، مثل بودابست.


مقالات ذات صلة

قمة «كوب29» تتوصل إلى اتفاق بقيمة 300 مليار دولار لتمويل المناخ

العالم كان من المقرر اختتام قمة «كوب29» أمس الجمعة لكنها امتدت لوقت إضافي (رويترز)

قمة «كوب29» تتوصل إلى اتفاق بقيمة 300 مليار دولار لتمويل المناخ

اتفقت دول العالم بعد أسبوعين من المفاوضات الشاقة، على هدف تمويل سنوي بقيمة 300 مليار دولار لمساعدة الدول الأكثر فقراً على مواجهة آثار تغير المناخ.

«الشرق الأوسط» (باكو)
المشرق العربي الدخان يتصاعد من موقع غارة جوية إسرائيلية استهدفت حياً في الضاحية الجنوبية لبيروت - 22 نوفمبر 2024 وسط الحرب المستمرة بين إسرائيل و«حزب الله» (أ.ف.ب)

الاتحاد الأوروبي يجدد الدعوة لوقف إطلاق نار فوري في لبنان والالتزام بالقرار «1701»

دعت بعثة الاتحاد الأوروبي إلى لبنان، اليوم (الجمعة)، مجدداً إلى التوصل لوقف فوري لإطلاق النار والالتزام بتنفيذ قرار مجلس الأمن «1701» بشكل كامل.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
أوروبا أورسولا فون دير لاين عملت طبيبة مساعدة لعدة أعوام (رويترز)

فون دير لاين تسعف راكباً على متن رحلة إلى زيوريخ

قدّمت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين خدماتها بصفتها طبيبة، عندما شعر أحد الركاب بتوعك على متن رحلة جوية من بروكسل إلى زيوريخ.

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
الولايات المتحدة​ سفينة شحن راسية مُحمَّلة بحاويات (أرشيفية - رويترز)

هل تؤدي رسوم ترمب الجمركية إلى إشعال حرب تجارية مع أوروبا؟

قد تكون الدول الأوروبية من بين الأكثر تضرراً إذا نفذ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب التعريفات الجمركية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا ذخيرة لمدفع هاوتزر أثناء تدريب في قاعدة للجيش الألماني في مونستر (رويترز)

الاتحاد الأوروبي يحقق هدفه بتزويد أوكرانيا بمليون قذيفة مدفعية

أعلن الممثل الأعلى للسياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، اليوم (الثلاثاء)، أن الاتحاد الأوروبي حقق هدفه المتمثل في تزويد أوكرانيا بمليون قذيفة مدفعية.

«الشرق الأوسط» (بروكسل)

ماذا نعرف عن الصاروخ «أوريشنيك» الذي أطلقته روسيا على أوكرانيا؟

TT

ماذا نعرف عن الصاروخ «أوريشنيك» الذي أطلقته روسيا على أوكرانيا؟

صورة نشرتها مؤسسة أوكرانية تُظهر لحظة الهجوم بالصاروخ الباليستي الروسي على مدينة دنيبرو الأوكرانية (أ.ف.ب)
صورة نشرتها مؤسسة أوكرانية تُظهر لحظة الهجوم بالصاروخ الباليستي الروسي على مدينة دنيبرو الأوكرانية (أ.ف.ب)

أشاد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الخميس، بإطلاق بلاده صاروخاً جديداً فرط صوتي على مصنع أسلحة أوكراني. وهذا السلاح، غير المعروف حتى الآن، استخدمته روسيا للمرة الأولى ضد أوكرانيا ولتحذير الغرب.

فيما يلي ما نعرفه عن هذا الصاروخ التجريبي الذي أُطلق عليه اسم «أوريشنيك»:

آلاف الكيلومترات

حتى استخدامه يوم الخميس، لم يكن هذا السلاح الجديد معروفاً. ووصفه بوتين بأنه صاروخ باليستي «متوسط المدى»، يمكنه بالتالي بلوغ أهداف يتراوح مداها بين 3000 و5500 كيلومتر، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

صاروخ «يارس» الباليستي الروسي قبل إطلاقه (لقطة من فيديو لوزارة الدفاع الروسية)

وحسب الرئيس الروسي، فإن إطلاق الصاروخ كان بمثابة تجربة في الظروف القتالية؛ مما يعني أن هذا السلاح لا يزال قيد التطوير. ولم يعطِ أي إشارة إلى عدد الأنظمة الموجودة، لكنه هدّد بإعادة استخدامه.

تبلغ المسافة بين منطقة أستراخان الروسية التي أُطلق منها صاروخ «أوريشنيك»، الخميس، حسب كييف، ومصنع تصنيع الأقمار الاصطناعية بيفدينماش الذي أصابه الصاروخ في دنيبرو (وسط شرق أوكرانيا)، تقريباً 1000 كيلومتر.

وإذا كان لا يدخل ضمن فئة الصواريخ العابرة للقارات (التي يزيد مداها على 5500 كيلومتر) يمكن لـ«أوريشنيك» إذا أُطلق من الشرق الأقصى الروسي نظرياً أن يضرب أهدافاً على الساحل الغربي للولايات المتحدة.

وقال الباحث في معهد الأمم المتحدة لأبحاث نزع السلاح (Unidir) في جنيف، بافيل بودفيغ، في مقابلة مع وسيلة الإعلام «أوستوروزنو نوفوستي»، إن «(أوريشنيك) يمكنه (أيضاً) أن يهدّد أوروبا بأكملها تقريباً».

وحتى عام 2019 لم يكن بوسع روسيا والولايات المتحدة نشر مثل هذه الصواريخ بموجب معاهدة القوى النووية متوسطة المدى الموقّعة في عام 1987 خلال الحرب الباردة.

لكن في عام 2019 سحب دونالد ترمب واشنطن من هذا النص، متهماً موسكو بانتهاكه؛ مما فتح الطريق أمام سباق تسلح جديد.

3 كلم في الثانية

أوضحت نائبة المتحدث باسم «البنتاغون»، سابرينا سينغ، للصحافة، الخميس، أن «(أوريشنيك) يعتمد على النموذج الروسي للصاروخ الباليستي العابر للقارات RS - 26 Roubej» (المشتق نفسه من RS - 24 Yars).

وقال الخبير العسكري إيان ماتفييف، على تطبيق «تلغرام»، إن «هذا النظام مكلف كثيراً، ولا يتم إنتاجه بكميات كبيرة»، مؤكداً أن الصاروخ يمكن أن يحمل شحنة متفجرة تزن «عدة أطنان».

في عام 2018، تم تجميد برنامج التسليح «RS - 26 Roubej»، الذي يعود أول اختبار ناجح له إلى عام 2012، حسب وكالة «تاس» الحكومية، بسبب عدم توفر الوسائل اللازمة لتنفيذ هذا المشروع «بالتزامن» مع تطوير الجيل الجديد من أنظمة «Avangard» التي تفوق سرعتها سرعة الصوت، ويُفترض أنها قادرة على الوصول إلى هدف في أي مكان في العالم تقريباً.

صاروخ «يارس» الباليستي الروسي على متن شاحنة مدولبة (لقطة من فيديو لوزارة الدفاع الروسية)

حسب بوتين فإن الصاروخ «أوريشنيك» «في تكوينه غير النووي الذي تفوق سرعته سرعة الصوت» يمكن أن تصل سرعته إلى 10 ماخ، «أو 2.5 إلى 3 كيلومترات في الثانية» (نحو 12350 كلم في الساعة). وأضاف: «لا توجد أي طريقة اليوم للتصدي لمثل هذه الأسلحة».

عدة رؤوس

أخيراً، سيتم تجهيز «أوريشنيك» أيضاً بشحنات قابلة للمناورة في الهواء؛ مما يزيد من صعوبة اعتراضه.

وشدد بوتين على أن «أنظمة الدفاع الجوي المتوفرة حالياً في العالم، وأنظمة الدفاع الصاروخي التي نصبها الأميركيون في أوروبا، لا تعترض هذه الصواريخ. هذا مستبعد».

وأظهر مقطع فيديو للإطلاق الروسي نُشر على شبكات التواصل الاجتماعي، ست ومضات قوية متتالية تسقط من السماء وقت الهجوم، في إشارة -حسب الخبراء- إلى أن الصاروخ يحمل ست شحنات على الأقل. يقوم هذا على تجهيز صاروخ بعدة رؤوس حربية، نووية أو تقليدية، يتبع كل منها مساراً مستقلاً عند دخوله الغلاف الجوي.