ماكرون للتركيز على البُعد الأوروبي في محادثاته مع الرئيس الصيني

يراهن على تعزيز علاقته الشخصية مع شي... وإقناعه بالضغط على موسكو

الرئيسان ماكرون وجينبينغ خلال الزيارة التي قام بها الأول إلى الصين في أبريل 2023 (أ.ف.ب)
الرئيسان ماكرون وجينبينغ خلال الزيارة التي قام بها الأول إلى الصين في أبريل 2023 (أ.ف.ب)
TT

ماكرون للتركيز على البُعد الأوروبي في محادثاته مع الرئيس الصيني

الرئيسان ماكرون وجينبينغ خلال الزيارة التي قام بها الأول إلى الصين في أبريل 2023 (أ.ف.ب)
الرئيسان ماكرون وجينبينغ خلال الزيارة التي قام بها الأول إلى الصين في أبريل 2023 (أ.ف.ب)

للمرة الثالثة في 10 سنوات، تفرش باريس السجاد الأحمر تحت قدمي الزعيم الصيني شي جينبينغ الذي يقوم بزيارة دولة من يومين لفرنسا، في إطار جولة أوروبية ستقوده لاحقاً إلى صربيا والمجر. وليس اختيار الرئيس الصيني عام 2024 لزيارة فرنسا من باب الصدفة. والسبب أنه يصادف الذكرى الستين لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين باريس وبكين، حيث كانت فرنسا السباقة، غربياً، في الاعتراف بالصين الشعبية قبل أن تلحق بها، بعد سنوات، دول غربية أخرى آخرها الولايات المتحدة الأميركية التي أقامت علاقات دبلوماسية مع الصين في عام 1978.

وجاء شي جينبينغ إلى فرنسا في عام 2014 في الذكرى الخمسين للعلاقات مع فرنسا، وعاد إليها مرة أخرى في عام 2019 في الذكرى الخامسة والخمسين للمناسبة نفسها. وتعدّ هذه الزيارة ثاني مرة يستقبل فيها الرئيس إيمانويل ماكرون نظيره الصيني، منذ وصوله إلى قصر الإليزيه ربيع عام 2017 .

تنسيق أوروبي

قبل أن تحط طائرة جينبينغ في مطار أورلي، جنوب العاصمة باريس، قام ماكرون بسلسلة اتصالات مع عدد من نظرائه الأوروبيين لتنسيق المواقف، ولإبراز جبهة موحدة بخصوص الملفات الخلافية بين الاتحاد الأوروبي والصين. وأهم من تواصل معهم كان المستشار الألماني أولاف شولتس، الذي دعاه إلى عشاء عمل في قصر الإليزيه مساء الخميس الماضي وطلب منه الانضمام إليه في المحادثات مع جينبينغ، على غرار ما فعله في عام 2019 مع المستشارة السابقة أنجيلا ميركل. ونقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» عن «مصدر مطلع» أن شولتس اعتذر عن المشاركة بسبب زيارة مقررة له إلى لاتفيا وليتوانيا.

المستشار الألماني أولاف شولتس اعتذر عن المشاركة في محادثات الإليزيه بين ماكرون وجينبينغ (إ.ب.أ)

وكان شولتس قد قام بزيارة رسمية إلى بكين منتصف الشهر الماضي. وبحسب المصدر المذكور، فإن ماكرون أراد إضفاء طابع «خاص» على العشاء مع شولتس مساء الخميس، لذا تم برفقة زوجتيهما، في مطعم «لا روتوند» الباريسي الشهير الواقع في الدائرة السادسة في العاصمة، الذي يرتاده إيمانويل ماكرون بانتظام. ودرج المسؤولان على التشاور لدى كل استحقاق أو اجتماع مهم.

وقبل زيارة شولتس لبكين، تشاور مع ماكرون عبر الفيديو. ونُقل عن الناطق باسم المستشارية الألمانية أن «المشاورات المسبقة بين ألمانيا وفرنسا دائماً ما تكون وثيقة جداً»، واصفاً إياها بـ«الممارسة الجيدة، وسنواصل هذا التعاون الفرنسي - الألماني في هذا المجال، لا سيما فيما يتعلق بموضوع الأمن».

ويرى الإليزيه أن هذا النوع من المشاورات سيتيح للرئيس الفرنسي «التحادث مع شي جينبينغ من منظور أوروبي». وفي أي حال، فإن الاتحاد الأوروبي سيكون مُمثّلاً برئيسة المفوضية أورسولا فون دير لاين، التي ستشارك في جانب من محادثات يوم الاثنين، حيث يتوقع أن تُثار خلالها النزاعات التجارية بين الصين والاتحاد الأوروبي، فيما العلاقات الثنائية الفرنسية - الصينية ستكون مقصورة على ماكرون وجينبينغ.

برنامج حافل

لن تتوانى باريس عن العمل بأعلى المراسم البروتوكولية لتكريم ضيفها الكبير، حيث يستقبله رئيس الحكومة غبريال أتال لدى نزوله من الطائرة في مطار أورلي بعد ظهر الأحد، فيما الاستقبال الرسمي سيتم الاثنين في «قصر الأنفاليد» بحضور الرئيس ماكرون.

جانب من استقبال شي لنظيره الفرنسي في بكين أبريل 2023 (أ.ب)

ووفق البرنامج الذي وزّعه قصر الإليزيه، فإن ماكرون سيكون الثلاثاء في استقبال جينبينغ في مطار مدينة «تارب» الواقعة في منطقة البيرينيه (جنوب فرنسا)؛ حرصاً منه على إضفاء طابع «شخصي» على هذا الشق من الزيارة. وقبلها، سيُقام على شرف الزعيم الصيني «عشاء دولة» في قصر الإليزيه عقب عدة جلسات متلاحقة من المحادثات الثنائية، وبحضور فون دير لاين في جانب منها.

كذلك، حضّر الإليزيه برنامجاً خاصاً لعقيلة الرئيس الصيني، وإحدى محطاته زيارة متحف «أورسي» المعروف المطل على نهر السين. وبحسب الرئاسة، فإن التنظيم دخل في التفاصيل، ومنها التعرف على اللوحات وأقسام المتحف التي تود عقيلة جينبينغ زيارته.

رهان خاسر

ومنذ وصوله إلى قصر الإليزيه، دأب ماكرون على نهج السعي لبناء علاقات شخصية وخاصة مع عدد من زعماء العالم. إلّا أن نتائجه جاءت دوماً ضعيفة. فقد مارس هذا النهج مع الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، الذي دعاه ليكون ضيف الشرف في احتفالات العيد الوطني في يوليو (تموز) عام 2017، إلا أن ذلك لم يمنع ترمب من انتهاج سياسة عدائية، إلى حد ما، إزاء الاتحاد الأوروبي والتنديد بشركاء بلاده في الحلف الأطلسي بسبب ضعف مساهمتهم المالية في الحلف، وتنفيذ سياسات اقتصادية وتجارية حمائية أضرّت بالاقتصاد الفرنسي والأوروبي.

كذلك، جرّب الخطة نفسها مع الرئيس فلاديمير بوتين الذي خصّه بدعوة لزيارة شخصية مميزة إلى منتجعه الصيفي في حصن «بريغونسون» المطل على مياه المتوسط، في أغسطس (آب) 2019. وسعى، بالتوازي، إلى إقناع «مجموعة السبع» بإعادة روسيا إليها بعد أن أصر الرئيس الأسبق باراك أوباما على استبعادها، بعد ضم شبه جزيرة القرم في عام 2014. وكانت النتيجة أن بوتين أغدق الوعود على ماكرون، ومنها أنه لن يغزو أوكرانيا، وذلك خلال زيارة سبقت بأيام انطلاق «العملية العسكرية الخاصة»، وهو الاسم الذي تطلقه موسكو على حربها على أوكرانيا.

أوكرانيا أوّلاً

يأمل ماكرون أن تساعد زيارة جينبينغ والمحادثات الرسمية والخاصة التي ستحصل بينهما على «زحزحة» بكين عن السياسة التي تنتهجها إزاء روسيا والحرب في أوكرانيا. والقناعة الغربية المترسخة تعد أن بكين هي الطرف الوحيد القادر على التأثير على بوتين، نظراً لحاجة الأخير إليها سياسياً واقتصادياً وتجارياً وعسكرياً.

وبحسب مصادر الإليزيه، فإن ماكرون «سيسعى لتشجيع جينبينغ على استخدام هذه الأوراق للضغط على موسكو حتى تُغيّر حساباتها (في أوكرانيا)، ولتسهم الصين في إيجاد حلول لهذه الحرب». وسبق لماكرون خلال زيارته لبكين، في أبريل (نيسان) من العام الماضي، أن دعا الرئيس الصيني «لحثّ روسيا على تحكيم العقل»، و«الدفع باتّجاه لمّ الجميع حول طاولة المفاوضات».

رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين والرئيس الصيني شي جينبينغ ورئيس مجلس الاتحاد الأوروبي شارل ميشال في بكين ديسمبر 2023 (د.ب.أ)

وبحسب المصادر الفرنسية، فإن الصين تُقدّم دعماً عسكرياً أساسياً مكّن روسيا من تعزيز صناعاتها العسكرية، من خلال تزويدها بالآلات الدقيقة للصناعات الدفاعية والرقائق الإلكترونية وبالمحركات المستخدمة في تصنيع المسيرات. وتضيف هذه المصادر أن «لا إثباتات» تفيد بأن الصين تقدم منظومات من الأسلحة لروسيا.

كذلك، فإن ماكرون سوف يشجع الصين على المشاركة في المؤتمر الواسع للسلام في أوكرانيا الذي ستستضيفه سويسرا. لكن المرجح أن تتغيب عنه بكين بسبب عدم دعوة روسيا إليه. ثم إن استجابة الصين للرغبات الغربية ليس أمراً مضموناً، إذ سبق لكثير من الزعماء الغربيين أن دعوها لذلك، ولا نتيجة حتى اليوم؛ نظراً للحسابات الاستراتيجية الصينية.

الحمائية الصينية

صباح الاثنين، تنضمّ فون دير لاين إلى ماكرون وجينبينغ في قصر الإليزيه في جلسة ذات طابع اقتصادي، في ظل خلافات صينية - أوروبية حول السياسة الحمائية التي تتبعها بكين من جهة، والمساعدات الحكومية التي تقدمها لشركاتها من جهة أخرى، الأمر الذي من شأنه، وفق النظرة الأوروبية، نسف «المنافسة الشريفة» بين الشركات لدى الجانبين. لكن يوجد تمايز في مواقف الدول الأوروبية بشأن السياسة المشتركة الواجب اتباعها، وقد أقر بذلك الرئيس ماكرون في المقابلة المطولة التي نشرتها له صحيفتا «لا تريبون دو ديمانش»، و«لا بروفانس» صباح الأحد، وفيها أشار إلى «غياب الإجماع» بين الأوروبيين بشأن الاستراتيجية الواجب اتباعها.

وقال ماكرون إن «بعض الأطراف لا يزالون يرون الصين كأنها سوق للبيع»، في حين أنها «تقوم بالتصدير بشكل هائل نحو أوروبا». كذلك لا يريد الرئيس الفرنسي أن تنتهج أوروبا «سياسة التبعية» للولايات المتحدة، مُصراً على وصفها شريكاً. ويريد ماكرون، كما جاء في المقابلة نفسها، العمل على توفير «حماية أفضل لأمننا القومي»، والتمتع «بواقعية أكبر بكثير في دفاعنا عن مصالحنا»، و«نيل المعاملة بالمثل» في عمليات التبادل مع الصين.

ضباط شرطة ينزعون لافتة نصبها نشطاء «التبت الحرة» أمام قوس النصر في باريس للاحتجاج على زيارة شي 4 مايو (أ.ب)

ولتأكيد الأهمية التي توليها باريس لعلاقتها الاقتصادية والتجارية مع الصين، فإن منتدى اقتصادياً موسعاً سيلتئم الاثنين بمشاركة كثير من رؤساء الشركات من الجانبين، على هامش زيارة جينبينغ. وما يهم فرنسا بالدرجة الأولى، اجتذاب الاستثمارات الصينية في عدد من القطاعات المهمة، وعلى رأسها إنتاج البطاريات الكهربائية، وذلك في إطار السياسة الهادفة إلى اعتماد السيارات الكهربائية والتخلي تدريجياً عن استخدام المشتقات النفطية والغاز. وسبق للصين أن أقامت مصنعاً مشابهاً في صربيا، وقد بدأ بالإنتاج.

يبقى أن زيارة جينبينغ لن تمر من غير حركات احتجاجية من منظمات الدفاع عن حقوق الإنسان، التي ترى أن بكين تدوس عليها في تعاطيها مع مسلمي «الأويغور» والتبتيين وسكان هونغ كونغ. وسيكون لتايوان حصّة في المحادثات، وللأوضاع في بحر الصين، ونزاعات بكين مع كثير من دول تلك المنطقة. لكن فرنسا تريد السعي للتركيز على ما يجمع ويقرب بين الصين والأوروبيين بشكل عام.


مقالات ذات صلة

ماكرون يطلب من أتال البقاء في منصبه رئيساً للوزراء

أوروبا رئيس الوزراء الفرنسي غابريال أتال يتحدث لوسائل الإعلام بعد إعلان نتائج الجولة الثانية من الانتخابات التشريعية في فندق ماتينيون في باريس أمس (إ.ب.أ)

ماكرون يطلب من أتال البقاء في منصبه رئيساً للوزراء

طلب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون اليوم (الاثنين) من رئيس الوزراء غابريال أتال الذي أتى لتقديم استقالته، البقاء في منصبه.

«الشرق الأوسط» (باريس)
أوروبا رئيس وزراء فرنسا غابريال أتال (أ.ف.ب)

رئيس وزراء فرنسا: سأقدم استقالتي للرئيس صباح غد

تتجه فرنسا صوب تشكيل برلمان دون أن يحقق أي حزب الأغلبية في الانتخابات التي جرت، اليوم (الأحد).

«الشرق الأوسط» (باريس)
تحليل إخباري الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وعقيلته بريجيت لدى إدلائهما بصوتيهما في لو توكيه بشمال فرنسا الأحد (أ.ف.ب)

تحليل إخباري القرار السياسي في فرنسا ينتقل من «الإليزيه» إلى البرلمان

القرار السياسي في فرنسا ينتقل من قصر الأليزيه الى البرلمان بسبب نتائج الانتخابات وتراجع إئتلاف الوسط الداعم للرئيس الفرنسي.

ميشال أبونجم (باريس)
أوروبا الرئيس إيمانويل ماكرون مقترعاً الأحد الماضي في منتجع «لو توكيه» (رويترز)

​مساعٍ فرنسية لتشكيل تحالف حكومي واسع

مساعٍ استباقية لتشكيل تحالف واسع لحكم فرنسا حال فشل اليمين المتطرف في الحصول على الأكثرية المطلقة.

ميشال أبونجم (باريس)
أوروبا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يغادر مركز الاقتراع أثناء زيارته له للتصويت في الجولة الأولى من الانتخابات البرلمانية الفرنسية المبكرة في لو توكيه باري بلاج 30 يونيو 2024 (رويترز)

فرنسا: غموض وتوتر قبل 3 أيام من الجولة الثانية للانتخابات التشريعية

قبل ثلاثة أيام من الدورة الثانية للانتخابات التشريعية الفرنسية التي شهدت جولتها الأولى اختراقاً غير مسبوق لليمين المتطرف، يبقى عدم اليقين سيد الموقف.

«الشرق الأوسط» (باريس)

بلفاست تستقبل ستارمر «بتفاؤل حذر»

رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر (أ.ب)
رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر (أ.ب)
TT

بلفاست تستقبل ستارمر «بتفاؤل حذر»

رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر (أ.ب)
رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر (أ.ب)

يزور رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، اليوم الاثنين آيرلندا الشمالية حيث يتطلع المسؤولون المحليون إلى تحسين العلاقات مع الحكومة الجديدة في لندن بعد التوتر الناتج عن «بريكست».

ويأمل الوحدويون والجمهوريون أن يجلب زعيم حزب العمال مزيداً من الاستقرار والتزاماً أكبر تجاه هذا الإقليم البريطاني وأن يضفي هدوءاً على العلاقات مع دبلن.

وقال جيمس باو الأستاذ في جامعة كوينز في بلفاست لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «هناك تفاؤل حذر مع هذه الحكومة الجديدة، ولكن لأسباب مختلفة».

عقب الانتخابات التشريعية التي جرت الخميس، احتفظ شين فين، الحزب القومي الأكبر، بمقاعده السبعة ليصبح الحزب الآيرلندي الشمالي الأكثر تمثيلاً في البرلمان البريطاني في لندن.

وتفوّق على منافسه الرئيسي، الحزب الوحدوي الديموقراطي (دي يو بي)، الذي خسر ثلاثة من مقاعده الثمانية، اثنان منها لصالح أحزاب وحدوية أخرى.

رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر يصافح الوزير الأول لآيرلندا الشمالية ميشيل أونيل بقلعة ستورمونت في بلفاست (رويترز)

يقول خبراء إن هذه النتيجة ستعزز حزب شين فين غير الممثل تقليديا في مجلس العموم إذ يعارض السيادة البريطانية في آيرلندا الشمالية، في خطته للمطالبة باستفتاء أو «استطلاع حول الحدود»

من أجل الوحدة الآيرلندية.

وبات الحزب الذي كان الجناح السياسي السابق للجيش الجمهوري الآيرلندي خلال فترة الاضطرابات، القوة الأولى في الجمعية المحلية الآيرلندية الشمالية.

ودعت رئيسة «شين فين» ماري لو ماكدونالد الجمعة الحكومة البريطانية الجديدة إلى إظهار «حيادها» وقبول شرعية تغيير دستوري.

لكن جيمس باو رأى أن «الأساسيات لم تتغير» من وجهة نظر انتخابية، مع توزيع الأصوات بصورة شبه متساوية بين الوحدويين المتمسكين بمكانة آيرلندا الشمالية داخل المملكة المتحدة، والقوميين الآيرلنديين.

وأضاف أن ستارمر ووزيره الجديد لشؤون آيرلندا الشمالية هيلاري بن «لن يشعرا بأنهما مضطران لإدراج تصويت بشأن الحدود على جدول الأعمال».

والوحدويون يتحالفون تقليدياً مع الحزب المحافظ البريطاني، لكنهم قلما أسفوا على هزيمته بعد بقائه 14 عاماً في السلطة.

وقال زعيم الحزب الوحدوي الديموقراطي غافن روبنسون إن ستارمر «شخص تربطنا به علاقة جيدة»، مرحباً بفوز العماليين «الاستثنائي».

وأوضح باو أن الوحدويين «يأملون أن يتمكن كير ستارمر من الدفع إلى مزيد من التوافق مع الاتحاد الأوروبي (بشأن التجارة)، ما سيحدّ من وطأة بريكست على الإقليم».

ويعتبر الوحدويون أن القواعد التجارية ما بعد «بريكست» التي وافق عليها الحزب الوحدوي الديموقراطي بصعوبة بعد أشهر من العرقلة المؤسساتية، تقيم حدوداً في بحر آيرلندا بين آيرلندا الشمالية وباقي المملكة المتحدة.

- العلاقات الإنجليزية الآيرلندية

وتنص إحدى البنود القليلة المتعلقة بآيرلندا الشمالية في برنامج الحزب العمالي على تعديل قانون «الإرث والمصالحة» المثير للجدل الذي حمل آيرلندا على رفع القضية إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان.

وينص القانون الذي دخل حيز التنفيذ في مايو (أيار) على وضع حد للتحقيقات والشكاوى المدنية والملاحقات الجنائية للجرائم المرتكبة في فترة الاضطرابات، ويمنح الحصانة للمقاتلين السابقين من كل الأطراف.

رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر بعد اجتماعه في بلفاست (رويترز)

كذلك، ذكر جون تونج أستاذ العلوم السياسية في جامعة ليفربول أن جميع الأحزاب تأمل أن يكون العماليون «أكثر انفتاحاً» على مراجعة المخصصات التي تقدمها لندن لإيرلندا الشمالية.

من جهته، رأى الكاتب الصحافي أليكس كاين المقيم في بلفاست أن ستارمر الذي ساهم في الماضي في إعادة تنظيم صفوف الشرطة في آيرلندا الشمالية، قد يضفي المزيد من «الانسجام» على العلاقات بين المملكة المتحدة وآيرلندا، ومع الاتحاد الأوروبي عموماً.

وأوضح أن العلاقات البريطانية الآيرلندية «لم تتدهور فحسب، بل كادت تصل إلى حد القطيعة الكاملة» خلال المفاوضات حول الخروج من الاتحاد الأوروبي وبسبب قانون «الإرث والمصالحة».

وأثنى رئيس الوزراء الآيرلندي سايمن هاريس على فوز ستارمر وقبل دعوة لزيارة مقر رئاسة الحكومة في 17 يوليو (تموز).

وأكد أن المسؤولين مصممان على «إعادة إطلاق» العلاقات الثنائية و«تعزيزها».