أوكرانيا تقر بتدهور وضع قواتها على الجبهة الشرقية

الكرملين اقترح اعتماد محادثات 2022 كأساس لمفاوضات السلام مع كييف

جنود أوكرانيون يطلقون الصواريخ باتجاه القوات الروسية في منطقة دونيتسك (رويترز)
جنود أوكرانيون يطلقون الصواريخ باتجاه القوات الروسية في منطقة دونيتسك (رويترز)
TT
20

أوكرانيا تقر بتدهور وضع قواتها على الجبهة الشرقية

جنود أوكرانيون يطلقون الصواريخ باتجاه القوات الروسية في منطقة دونيتسك (رويترز)
جنود أوكرانيون يطلقون الصواريخ باتجاه القوات الروسية في منطقة دونيتسك (رويترز)

أقرّ رئيس الأركان الأوكراني أولكسندر سيرسكي، السبت، بأن الوضع على الجبهة الشرقية «تدهور بشكل كبير في الأيام الأخيرة»، مشيراً إلى «تصعيد» في هجوم الجيش الروسي الذي يدفع خصوصاً باتجاه تشاسيف يار، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

منطقة استراتيجية

وتُعدّ تشاسيف يار منطقة استراتيجية، إذ تبعد أقل من ثلاثين كيلومتراً جنوب شرق كراماتورسك، المدينة الرئيسية في المنطقة الخاضعة للسيطرة الأوكرانية، والتي أصبحت محطة مهمة للسكك الحديد والخدمات اللوجستية للجيش الأوكراني.

وكتب سيرسكي عبر منصة «تلغرام» أن «الوضع على الجبهة الشرقية تدهور بشكل كبير في الأيام الأخيرة. وهذا عائد خصوصا إلى تصعيد كبير في هجوم العدو بعد الانتخابات الرئاسية في روسيا» التي جرت في منتصف مارس (آذار). وأضاف أن الجيش الروسي يهاجم المواقع الأوكرانية في قطاعي ليمان وباخموت «بمجموعات هجومية مدعومة بمركبات مدرعة»، وكذلك في قطاع بوكروفسك.

وأوضح أولكسندر سيرسكي أن ذلك «أصبح ممكناً بفضل الطقس الحار والجاف الذي جعل معظم المناطق المفتوحة متاحة للدبابات». وتابع بأنه رغم الخسائر، ينشر الجيش الروسي «وحدات مدرعة جديدة»، ما يسمح له بتحقيق «نجاحات تكتيكية».

وكثّف الروس ضغوطهم حول تشاسيف يار في الأيام الأخيرة، بينما تقول كييف إن هذه المدينة الأساسية في الشرق تتعرض «لنيران متواصلة».

جنود أوكرانيون يطلقون صاروخاً باتجاه القوات الروسية بالقرب من خط المواجهة في منطقة دونيتسك (رويترز)
جنود أوكرانيون يطلقون صاروخاً باتجاه القوات الروسية بالقرب من خط المواجهة في منطقة دونيتسك (رويترز)

وأكد أولكسندر سيرسكي أنه تم تعزيز المناطق المهددة بوسائل دفاع جوي. وقال إن «مسألة التفوق التقني على العدو في مجال الأسلحة عالية التقنية تطرح من جديد... بهذه الطريقة وحدها يمكننا التغلب على عدو أكبر»، عاداً أنه من الضروري أيضاً «تحسين جودة تدريب العسكريين».

وتطلب كييف من حلفائها الغربيين المزيد من الذخائر وأنظمة الدفاع الجوي منذ أشهر. لكن المساعدات آخذة في النفاد بسبب العقبات السياسية في واشنطن، ما يجبر الجنود الأوكرانيين على الاقتصاد في ذخيرتهم.

ويواجه الجيش الأوكراني أيضاً تحديات في التجنيد، في مواجهة قوات روسية أكبر حجماً وأفضل تجهيزاً.

انفتاح روسي على «السلام»

وبينما تصعد القوات الروسية الضغط العسكري شرق وجنوب أوكرانيا، لمّحت موسكو إلى انفتاحها على محادثات سلام محتملة.

وكشف المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف، الجمعة، أن اتفاق سلام غير مكتمل في عام 2022 بين روسيا وأوكرانيا قد يكون الأساس لمفاوضات جديدة، معتبراً في الوقت ذاته أنه لا يوجد ما يشير إلى أن كييف مستعدة للمحادثات، وفقاً لوكالة «رويترز».

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يتفقد التحصينات الجديدة للجنود الأوكرانيين في منطقة خاركيف يوم 9 أبريل (رويترز)
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يتفقد التحصينات الجديدة للجنود الأوكرانيين في منطقة خاركيف يوم 9 أبريل (رويترز)

وقال الرئيس فلاديمير بوتين مراراً وتكراراً إن روسيا وأوكرانيا كانتا على وشك الاتفاق على إنهاء الأعمال القتالية في محادثات إسطنبول في أبريل (نيسان) 2022، لكن أوكرانيا تراجعت عن الأمر بمجرد تراجع القوات الروسية بالقرب من كييف. وذكرت التقارير أن الاتفاق تضمن بنوداً تطالب أوكرانيا بتبني وضع محايد من الناحية الجيوسياسية، وعدم الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي، والحد من حجم قواتها المسلحة، ومنح وضع خاص لشرق أوكرانيا، وهي نقاط رفضها الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.

وفي تصريحات يوم الخميس، أثار بوتين مرة أخرى موضوع محادثات السلام المحتملة، وقال إنه منفتح على ما وصفها بـ«مفاوضات واقعية». لكنه يعارض المؤتمر رفيع المستوى الذي يستمر يومين، الذي ستستضيفه سويسرا في يونيو (حزيران) بناء على طلب أوكرانيا، الذي يسعى لتحقيق السلام، قائلاً إنه لا معنى له إذا لم تشارك روسيا.

ومن وجهة نظر بوتين، فإن الاجتماع لا يأخذ في الاعتبار الحقائق الحديثة، بما في ذلك ضم موسكو لأراضٍ جديدة في أوكرانيا.

محادثات 2022

في المقابل، بدا أن زيلينسكي، الذي التقى الطلاب في غرب أوكرانيا الجمعة، يستبعد استخدام محادثات 2022 أساساً لمزيد من المناقشات، قائلاً إن الاجتماعات في ذلك الوقت لم تكن محادثات بالمعنى الحقيقي. وقال الرئيس الأوكراني: «لا»، عندما سئل عما إذا كانت محادثات 2022 في روسيا البيضاء وتركيا لديها القدرة على وقف الحرب. وأوضح في مقطع مصور نشره على موقعه على الإنترنت: «تجري المفاوضات عندما يريد الجانبان التوصل إلى اتفاق. هناك جوانب مختلفة، ولكن عندما يكون هناك طرفان». وتابع: «لكن عندما يعطيك أحد الطرفين، بغض النظر عن البلد أو المدينة، إنذاراً نهائياً، فهذه ليست مفاوضات».

جندي أوكراني من استخبارات وزارة الدفاع الأوكرانية يتحكم في طائرة بحرية بدون طيار في أوكرانيا في 11 أبريل 2024 (أ.ف.ب)
جندي أوكراني من استخبارات وزارة الدفاع الأوكرانية يتحكم في طائرة بحرية بدون طيار في أوكرانيا في 11 أبريل 2024 (أ.ف.ب)

واعترف مسؤول أوكراني كبير بأن الجانبين كانا على وشك التوصل إلى اتفاق في تركيا عام 2022، لكنه قال إن كييف لم تأخذ الاقتراح إلى أبعد من ذلك؛ لأنها لا تثق في الجانب الروسي لتنفيذ أي اتفاق.

من جانبه، قال بيسكوف إن الكثير تغير منذ عام 2022، بما في ذلك ما قال إنه إضافة أربع مناطق جديدة إلى الأراضي الروسية، في إشارة إلى أجزاء من أوكرانيا تطالب موسكو بسيادتها عليها. لكن بيسكوف أشار إلى أن اتفاق إسطنبول غير المكتمل قد يظل الأساس لمحادثات جديدة، وأن روسيا مستعدة لذلك. وعندما سئل عما إذا كانت موسكو شعرت بأي استعداد من الجانب الأوكراني لإجراء محادثات، قال: «لا، لا نشعر بذلك».

وتؤكد أوكرانيا أنها تريد استعادة كامل أراضيها، بما في ذلك شبه جزيرة القرم التي ضمتها موسكو في عام 2014، ومغادرة كل جندي روسي أراضيها.


مقالات ذات صلة

تقرير: جنود كوريون شماليون يشنون «هجمات انتحارية» استعداداً لهجوم روسي على كورسك

أوروبا جندي روسي يطلق النار على مواقع أوكرانية قرب منطقة كورسك (أرشيفية - أ.ب)

تقرير: جنود كوريون شماليون يشنون «هجمات انتحارية» استعداداً لهجوم روسي على كورسك

شن جنود كوريون شماليون «هجمات انتحارية» على القوات الأوكرانية الموجودة في منطقة كورسك استعداداً لهجوم روسي يهدف إلى استعادة السيطرة على المنطقة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الخليج ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان والرئيس الروسي فلاديمير بوتين (الخارجية السعودية)

محمد بن سلمان وبوتين يستعرضان هاتفياً جهود حل الأزمة الأوكرانية

استعرض ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان هاتفياً مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الجهود المبذولة لحل الأزمة الأوكرانية.

«الشرق الأوسط» (جدة)
أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الخميس متحدثاً للصحافة الخميس عن نتائج الاجتماع الأميركي - الأوكراني في جدة يوم 12 مارس (إ.ب.أ)

زيلينسكي: تصريحات بوتين بشأن وقف إطلاق النار تنطوي على «تلاعب»

اعتبر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الخميس أن التصريحات التي أدلى بها نظيره الروسي فلاديمير بوتين بشأن اقتراح أميركي لهدنة مؤقتة في الحرب تنطوي على تلاعب.

«الشرق الأوسط» (كييف )
العالم الرئيس الأميركي دونالد ترمب (رويترز) play-circle 00:15

ترمب: بوتين أدلى بتصريح «واعد» لكن «غير كامل» بشأن أوكرانيا

عدّ الرئيس الأميركي، الخميس، أن نظيره الروسي أدلى بتصريح «واعد للغاية» بشأن وقف محتمل لإطلاق النار في أوكرانيا، لكنه أضاف أنه لم يكن «كاملاً».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا مركبة عسكرية أوكرانية تمر من نقطة عبور حدودية مع روسيا بمنطقة سومي في أوكرانيا يوم 14 أغسطس 2024 وسط الغزو الروسي لأوكرانيا (أ.ف.ب) play-circle

أوكرانيا تأمر بإخلاء قرى متاخمة لمنطقة كورسك الروسية

أمرت السلطات الأوكرانية بإخلاء 8 قرى وبلدات حدودية متاخمة لكورسك؛ التي تتقدم فيها قوات موسكو مع محاولتها استعادة السيطرة الكاملة على هذه المنطقة الروسية.

«الشرق الأوسط» (كييف)

تقرير: جنود كوريون شماليون يشنون «هجمات انتحارية» استعداداً لهجوم روسي على كورسك

جندي روسي يطلق النار على مواقع أوكرانية قرب منطقة كورسك (أرشيفية - أ.ب)
جندي روسي يطلق النار على مواقع أوكرانية قرب منطقة كورسك (أرشيفية - أ.ب)
TT
20

تقرير: جنود كوريون شماليون يشنون «هجمات انتحارية» استعداداً لهجوم روسي على كورسك

جندي روسي يطلق النار على مواقع أوكرانية قرب منطقة كورسك (أرشيفية - أ.ب)
جندي روسي يطلق النار على مواقع أوكرانية قرب منطقة كورسك (أرشيفية - أ.ب)

شن جنود كوريون شماليون «هجمات انتحارية» على القوات الأوكرانية الموجودة في منطقة كورسك استعداداً لهجوم روسي يهدف إلى استعادة السيطرة على المنطقة، وفقاً لصحيفة «إندبندنت» البريطانية.

وكانت القوات الأوكرانية استولت على المنطقة جراء هجوم مفاجئ شنته في أغسطس (آب).

وشبّه ضابط أوكراني الهجمات الانتحارية لقوات كوريا الشمالية بالهجوم الإلكتروني الذي قد يُعطّل موقعاً إلكترونياً مع محاولات جماعية للدخول عليه.

وقال الضابط لـ«إندبندنت»: «لقد واجهنا موجات بشرية تهاجم مواقعنا، وقتلنا ثمانية من كل عشرة كوريين شماليين، ولكن في بعض المناطق لم يكن لدينا سوى أعداد قليلة من القوات، فواصلوا القتال حتى اجتاحوا المنطقة».

جندي روسي يهمّ بإطلاق قذيفة من مدفع طراز «دي 30» على جبهة كورسك (أ.ب)
جندي روسي يهمّ بإطلاق قذيفة من مدفع طراز «دي 30» على جبهة كورسك (أ.ب)

ووفقاً للصحيفة، أُجبرت أوكرانيا الآن على الانسحاب من معظم كورسك. وتسارعت وتيرة الهجوم عندما مُنعت أوكرانيا من استخدام معلومات الاستخبارات الأميركية عقب خلاف في المكتب البيضاوي بين الرئيس الأميركي دونالد ترمب ونظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي قبل أسبوعين، كما تستخدم القوات الروسية طائرات مسيّرة بعيدة المدى تتحكم بها عن طريق كابلات، مما يجعلها محصنة ضد التشويش.

وقال الضابط الأوكراني إن «مدى هذه الطائرات غير مسبوق؛ إذ يصل إلى 25 كيلومتراً (15 ميلاً)».

وكانت هجمات «الموجة البشرية» التي شارك فيها جنود كوريون شماليون جزءاً من العمليات التي مهدت الطريق للهجوم الروسي، مما سمح لهم بإجبار القوات الأوكرانية على الانسحاب من قرى صغيرة، ولكن فقط بعد مقتل مئات الكوريين الشماليين.

ومع وصول المفاوضين الأميركيين إلى موسكو لإجراء محادثات مع روسيا بشأن اقتراح وقف إطلاق النار المتفق عليه بين واشنطن وكييف، انسحبت القوات الأوكرانية إلى حدودها، مع أوامر بوقف التقدم الروسي هناك.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وزعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وزعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون (أرشيفية - رويترز)

وأضاف الضابط أن القوات الروسية التي نشرت وحداتها الأكثر نخبة من القوات الخاصة ومشاة البحرية والمظليين في كورسك، اتبعت خلال الأيام الثلاثة الماضية تكتيكات مختلفة تماماً عن تلك التي استخدمها الكوريون الشماليون في الموجة الأولى من الهجمات؛ إذ «يقترب الروس بأعداد قليلة جداً، حاملين الكثير من الإمدادات، ويحاولون التسلل إلى أراضينا والبقاء هناك لتعزيز قواتهم، وبعضهم يلجأ للتمويه، مما يجعل العثور عليهم صعباً للغاية».

ولفت إلى محاولة عبور الحدود باستخدام الدراجات الرباعية، وقال: «تعرضنا لهجمات باستخدام 18 دراجة رباعية، كل منها تحمل ثلاثة رجال، ودمّرنا أغلبها بطائرات مسيّرة والمدفعية».

وقال الضابط الأوكراني: «إذا تحدثنا عن التكتيكات الكورية، فالسؤال هو: كم عدد الأشخاص الذين هم على استعداد للتضحية بهم من أجل إحراز تقدم للقوات الروسية؟».