كل الخيوط الروسية في «هجوم كروكوس» تقود إلى «الرابط الأوكراني»

فرضية تورط كييف تغطي على تجاهل تحذيرات متعددة من تمدد نشاط «داعش»

سفراء وممثلو بعثات دبلوماسية في روسيا يحضرون حفل وضع الزهور على النصب التذكاري لضحايا «هجوم كروكوس» خارج موسكو السبت (رويترز)
سفراء وممثلو بعثات دبلوماسية في روسيا يحضرون حفل وضع الزهور على النصب التذكاري لضحايا «هجوم كروكوس» خارج موسكو السبت (رويترز)
TT

كل الخيوط الروسية في «هجوم كروكوس» تقود إلى «الرابط الأوكراني»

سفراء وممثلو بعثات دبلوماسية في روسيا يحضرون حفل وضع الزهور على النصب التذكاري لضحايا «هجوم كروكوس» خارج موسكو السبت (رويترز)
سفراء وممثلو بعثات دبلوماسية في روسيا يحضرون حفل وضع الزهور على النصب التذكاري لضحايا «هجوم كروكوس» خارج موسكو السبت (رويترز)

مع توجيه اتهام رسمي مباشر للسلطات الأوكرانية بتدبير الهجوم الدموي في 22 مارس (آذار) على مركز كروكوس التجاري والترفيهي غربي العاصمة الروسية، بات واضحاً أن جهات التحقيق الروسية أغلقت مجال البحث عن فرضيات أخرى محتملة، وعلى رأسها احتمال أن يكون تنظيم «داعش - خرسان» استغل انشغال روسيا بالحرب في أوكرانيا، وتوجيه الجهد الأمني والعسكري نحو الحدود الغربية للبلاد للإعلان بقوة وبوسائل دموية عن توسيع نشاطه وحضوره المباشر في الأراضي الروسية.

وبعد مرور ساعات قليلة على إطلاق الاتهامات المباشرة من جانب وزارة الخارجية ضد كييف، وتقديم لائحة «طلبات» بينها اعتقال مسؤولين أمنيين بارزين، بما يعني الطلب من أوكرانيا بأن تقرّ رسمياً بمسؤوليتها عن الهجوم، حمل تأكيد لجنة التحقيقات المركزية الروسية أنها أطلقت نشاطاً دولياً للتحقيق «في ممارسات إرهابية تقوم بها الأجهزة الأمنية الأوكرانية والأميركية ضد روسيا» إشارة جديدة إلى أن كل الخيوط الروسية تذهب نحو إبراز فرضية وحيدة تقوم على «الرابط الأوكراني» للهجوم الدموي مع كل ما قد يحمل ذلك من تداعيات على صعيدي العملية العسكرية ميدانياً، والتحركات السياسية في إطار تصعيد حدة المواجهة مع الغرب.

وأفادت لجنة التحقيق في بيان بأنها «ستحقق في تنظيم وتمويل وسلوك الأعمال الإرهابية من قِبل الولايات المتحدة وأوكرانيا والدول الغربية الموجهة ضد روسيا».

ووفقاً للبيان، فقد تم «تنظيم فحص إجرائي في هذا الشأن في المكتب المركزي للجنة التحقيق الروسية».

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع له في الكرملين الاثنين (أ.ب)

اللجوء إلى المحاكم الدولية

وتزامن ذلك، مع إعلان الناطقة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا أن روسيا «تعتزم اللجوء للمحاكم الدولية (...) ويتم إعداد وثائق حول تورط كييف في الهجمات الإرهابية على الأراضي الروسية». وأوضحت زاخاروفا أنه تم إرسال مذكرة بشأن مكافحة الإرهاب إلى أوكرانيا عبر قنوات دبلوماسية. وتابعت: «نحن نتحدث عن مطالبات في إطار الاتفاقية الدولية لقمع الهجمات الإرهابية بالقنابل والاتفاقية الدولية لقمع تمويل الإرهاب. وضرورة القبض الفوري وتسليم جميع المتورطين في هذه الهجمات الإرهابية».

رئيس جهاز الأمن الأوكراني فاسيل ماليوك (رويترز)

موسكو تطالب برئيس الأمن الأوكراني

ومن بين المطالب المقدمة اعتقال رئيس جهاز الأمن الأوكراني فاسيل ماليوك، الذي وفقاً لزاخاروفا «اعترف بشكل ساخر في 25 مارس (آذار) بأن أوكرانيا نظمت تفجير جسر القرم في أكتوبر (تشرين الأول) 2022 وكشف تفاصيل تنظيم هجمات إرهابية أخرى في روسيا».

كما أشارت زاخاروفا إلى أن المذكرة التي أُرسلت إلى أوكرانيا تتضمن وثائق تتعلق بانفجار جسر القرم، ومقتل الصحافية الروسية داريا دوغينا والمراسل الحربي فلادلين تاتارسكي وآخرين.

يبدو الربط الذي سارعت موسكو إلى توثيقه بين «هجوم كروكوس» وسلسلة من «الأعمال الإرهابية» التي تحمل بصمة الأجهزة الخاصة الأوكرانية موجهاً بشكل مباشر إلى تثبيت الاتهام الروسي ضد كييف وتحويله فرضية وحيدة يتم التعامل معها كأمر «مثبت ومؤكد». وهو أمر تحدثت عنه الدبلوماسية الروسية، موضحة أنه سيتم إعداد مذكرة منفصلة تتعلق بهجوم كروكوس فور إغلاق التحقيقات بشكل نهائي.

وقالت زاخاروفا إن «نظام كييف اتبع عمداً طريق الإرهاب والتطرف، والسلطات الأوكرانية لم تدرك فداحة مثل هذه الأعمال». وأشارت إلى أنه «لا يزال من غير المعروف ما إذا كان قرار دعم الأعمال الإرهابية قد تم اتخاذه تحت تأثير دول أجنبية أو من قِبل سلطات كييف بشكل مستقل».

وأقرّت زاخاروفا أن المطالب الحالية لموسكو تجاه كييف لا تتعلق مباشرة حتى الآن بهجوم كروكوس، وتحدثت عن مذكرة أخرى سوف يتم إرسالها بطلبات جديدة بعد انتهاء الشق الرسمي من التحقيقات الجارية، لكن توقيت تقديم «الطلبات» وأسلوب عرضها يوضح أن موسكو سارعت إلى استخدام الوضع الداخلي والدولي الذي وفّره هجوم كروكوس لجهة التعاطف مع ضحايا الحادث لتعزيز تحركها ضد كييف وتسريع وتيرته.

«الموت يقابل بالموت»

لا تبدو التداعيات المحتملة لإصرار موسكو على إبراز فرضية «الرابط الأوكرانية» بعيدة عن التوقعات، والسياسيون الروس لا يخفون أن على موسكو أن تذهب بعيداً في عملية الانتقام من «منفذي الهجوم وكل الأطراف والشخصيات التي شاركت بطريقة أو بأخرى في تدبيره والتخطيط له أو تمويله». وعبارة نائب رئيس مجلس الأمن القومي ديمتري مدفيديف «الموت سوف يقابَل بالموت» غدت الشعار الرئيسي للحملات الإعلامية ولتقييمات الخبراء المقربين من الكرملين للسيناريوهات اللاحقة.

في هذا الإطار، يضع بعضهم تصوراً لزيادة الضغط السياسي ومحاولة استخدام منابر دولية لتقديم «ملف إرهاب» ضد أوكرانيا.

أشخاص ينتظرون في طابور لوضع ورد على النصب التذكاري لضحايا «هجوم كروكوس» خارج موسكو (رويترز)

خطط للرد ميدانياً

وعلى الصعيد الميداني، هناك خطط عدة يتم تداولها على صفحات وسائل الإعلام تحمل توقيعات شخصيات عسكرية وأمنية بارزة، بينها التقدم شرقاً بحملة قوية ومركزة تجاه خاركيف وشمالاً تجاه كييف، بهدف السيطرة على الأولى وإنشاء ما يشبه منطقة عازلة على طول الحدود مع روسيا تمنع وصول الهجمات بالمدفعية والمسيّرات وحتى الصواريخ المتوسطة إلى عمق الأراضي الروسية. وفيما يتعلق بكييف، فالهدف ممارسة أقوى ضغط عسكري على القيادة الأوكرانية ومراكز صنع القرار السياسي والعسكري.

السيناريو الثاني يقوم، وفقاً للمتحمسين له، على التقدم جنوباً وتوسيع مساحة المعركة لتشمل نيكولايف وتصل إلى أوديسا بهدف حرمان أوكرانيا من أي نفوذ على البحر الأسود والوصول إلى حدود مولدوفا، حيث مقاطعة بريدنوستروفيه الانفصالية التي ترى فيها أوساط روسية «دونباس الجديدة».

ومع هذه التوجهات العسكرية تتعالى أصوات بضرورة إطلاق العنان لتنظيم موجة عمليات استهداف لشخصيات عسكرية وأمنية أوكرانية تتهمها روسيا بأنها ضالعة في الهجمات على روسيا. ومن اللافت أن بعض المعلقين الروس رأى أن يسترجع تجربة إسرائيل في الانتقام لعملية ميونيخ في 1972 بملاحقة وقتل كل الشخصيات التي وردت على لائحة الاتهام الإسرائيلية بتدبير العملية.

وبهذا المعنى، يرى الخبراء أن تداعيات الإصرار على «الرابط الأوكراني» لهجوم كروكوس سوف تنعكس في توسيع المعركة جغرافياً وتعميقها سياسياً وليس فقط مع أوكرانيا، بل في إطار المواجهة الأشمل مع الغرب.

السيناريو الآخر

في المقابل، لا تبرز في أي تغطيات روسية في وسائل الإعلام الرسمية أو عبر تصريحات المسؤولين الروس أي إشارات إلى السيناريو الآخر. ماذا لو كانت «داعش - خراسان» تقف بالفعل وراء الهجوم؟

ويقول خبراء أمنيون إن «داعش - خراسان» أصبح الكتلة الأقوى والأكثر صلابة بعد تقويض قدرات التنظيم في مناطق عدة أخرى بينها العراق وسوريا، وأن هذا التنظيم بات يشكل الخطر الأكبر ليس فقط في أفغانستان ومنطقة آسيا الوسطى، بل تمدد ليوسع نشاطه في مناطق أخرى عدة، بينها روسيا. وهنا يبرز سؤال طرحه أحد الخبراء حول أسباب تبني التنظيم لعملية روسيا رغم أنها تقع ضمن منطقة نفوذ التكتلات الإرهابية في منطقة القوقاز وليس في منطقة نفوذه المعهودة؟

الجواب، وفقاً للخبراء، أن التنظيم بات حالياً يتولى قيادة كل فروع «داعش» في العالم، وقد يكون الكشف عن ارتباط هجوم كروكوس بأعضاء في التنظيم الدولي تم اعتقالهم في داغستان الأحد، وأقرّوا بصلتهم بالهجوم عبر تقديم الأسلحة والأموال إلى المنفذين، إشارة مهمة إلى صحة الفرضية التي يطرحها هؤلاء الخبراء.

وكانت هيئة الأمن الفيدرالي الروسي أفادت الاثنين بأنه «ثبت أن المسلحين المحتجزين متورطون بشكل مباشر في تمويل وتوفير أموال لمرتكبي العملية الإرهابية، وقد اعترف أحد المحتجزين بأنه وفّر الأسلحة للإرهابيين الذين هاجموا (كروكوس سيتي هول)، وسلّمها في منطقة ميتيشي بضواحي العاصمة موسكو».

هؤلاء المحتجزون أنفسهم متهمون بتخطيط وتنفيذ سلسلة عمليات إرهابية في منطقة القوقاز خلال الآونة الأخيرة بينها تنفيذ تفجير في مدينة كاسبيسك (داغستان).

العنصر الثاني الذي يعزز فرضية تمدد نشاط «داعش» في روسيا يستند إلى التسريبات التي ظهرت حول تحذيرات تلقتها موسكو من أطراف عدة بهجوم وشيك محتمل.

«هل حذّرت طهران موسكو من الهجوم؟»

وكان لافتاً الاثنين، أن الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف نفى توافر معلومات لديه حول قيام إيران أخيراً بنقل تحذير حول تهديدات أمنية قبل الهجوم الإرهابي على «كروكوس».

وفقاً لمعطيات حصلت عليها وكالة «رويترز»، فقد علمت إيران من استجوابات إرهابيين معتقلين قبل وقت قصير من الهجوم على كروكوس أن أعضاء في تنظيم «داعش» انتقلوا إلى روسيا لشن هجوم واسع النطاق، وقد نقلت البيانات إلى موسكو.

ونقلت الوكالة المعطيات عن ثلاثة مصادر متطابقة، وقالت إنه تم الحصول عليها أثناء استجواب المعتقلين على خلفية انفجارات في إيران أدت إلى سقوط ضحايا.

وذكر المصدر الثاني أن المعلومات التي قدمتها إيران تفتقر إلى تفاصيل محددة حول هدف الهجوم وتوقيته. ووفقاً لهذا المصدر، فقد اكتشفت طهران أن أعضاء تنظيم «داعش»، المحظور في روسيا، تلقوا تعليمات بالاستعداد لعملية واسعة النطاق على الأراضي الروسية، وقال أحد الإرهابيين إن الكثير من المسلحين قد غادروا بالفعل إلى روسيا.

وأوضح المصدر الثالث، وهو مسؤول استخباراتي كبير، أنه «لأن إيران كانت ضحية لهجمات إرهابية لسنوات كثيرة، قامت السلطات الإيرانية بواجبها في تحذير موسكو بناءً على المعلومات الواردة من الإرهابيين المعتقلين».

هذه المعطيات نفت موسكو رسمياً أن تكون قد حصلت عليها، كما نفت في وقت سابق صحة معطيات أميركية حول تحذير مماثل نقلته واشنطن إلى الجانب الروسي.

ويقول خبراء إن موسكو لا ترغب في مناقشة فرضية أخرى غير فرضية «الرابط الأوكراني».

وبينما يحذر بعضهم من أن «داعش» يتمدد بالفعل داخل روسيا مستغلاً انشغالها بالحرب الأوكرانية ومواجهتها مع الغرب، وكمؤشر إلى مستوى التمدد يذكر خبراء بأن الأجهزة الروسية نفسها كانت قد أعلنت أكثر من مرة خلال الأشهر الماضية أنها أحبطت هجمات لـ«داعش».

تداعيات تجاهل خطر «داعش» وفقاً لتقديرات خبراء قد تكون كبيرة وخطرة، لكن بعضهم يضيف أن الكرملين قد يكون فضّل أن يعمل على الجبهتين معاً: توسيع حربه على «الإرهاب الأوكراني» وجعلها علنية ومفتوحة، وتعزيز قدراته داخلياً بصمت لمواجهة المخاطر التي يحملها تمدد «داعش».


مقالات ذات صلة

بوركينا فاسو تعيد عقوبة الإعدام لمواجهة توسع الإرهاب

أفريقيا الكابتن إبراهيم تراوري خلال ترؤسه اجتماع الحكومة أمس الخميس (وكالة أنباء بوركينا فاسو)

بوركينا فاسو تعيد عقوبة الإعدام لمواجهة توسع الإرهاب

قررت السلطات العسكرية في بوركينا فاسو، الخميس، إعادة العمل بعقوبة الإعدام التي أُلغيت عام 2018، خصوصاً فيما يتعلق بتهمة الإرهاب.

الشيخ محمد (نواكشوط)
المشرق العربي من عملية ضد «داعش» في ريف إدلب (وزارة الداخلية السورية)

السلطات السورية تحارب «داعش» بقاعدة بيانات وخبرة استخباراتية سابقة

تواصل الحكومة في دمشق حملتها ضد تنظيم «داعش»، التي عملت عليها قبل عملية التحرير في شمال غربي سوريا، مدفوعة حالياً بالعزم على تحقيق الاستقرار طريقاً للتنمية.

سعاد جروس (دمشق)
المشرق العربي عناصر من قوات الأمن السورية (أ.ف.ب)

الداخلية السورية: القبض على متزعم «ميليشيا الدفاع الوطني» في حلب

أعلنت وزارة الداخلية السورية، اليوم الاثنين، القبض على متزعم ما كان يعرف بـ«ميليشيا الدفاع الوطني في محافظة حلب خلال حكم النظام السابق».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي طائرة تتبع القيادة المركزية الأميركية تتزود بالوقود في الجو خلال التدريبات (القيادة المركزية الأميركية عبر منصة إكس)

الجيش الأميركي: نفذنا مع سوريا غارات جوية على مخازن أسلحة لـ«داعش»

قال الجيش الأميركي، الأحد، إنه دمر الأسبوع الماضي 15 موقعاً تضم مخازن أسلحة تابعة لتنظيم «داعش» في جنوب سوريا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أفريقيا يتجمع أولياء أمور الأطفال المختطفين في مدرسة سانت ماري الكاثوليكية الابتدائية والثانوية في منطقة بابيري بنيجيريا الجمعة 28 نوفمبر 2025 (أ.ب)

نيجيريا: مظاهرات تتهم الحكومة بالتقاعس في مواجهة «إرهاب خطف الفتيات»

تظاهر العشرات من عائلات الفتيات المختطفات، السبت، أمام مدرسة سانت ماري الكاثوليكية في بابيري بمنطقة أغوارا في ولاية النيجر، شمال غربي نيجيريا، لتحرير المختطفين.

الشيخ محمد (نواكشوط )

ألمانيا تعيد الخدمة العسكرية وسط مظاهرات معارضة للقانون

لافتة ضد التجنيد خلال المظاهرات التي خرجت في عدة مدن ألمانية تزامناً مع تمرير قانون التجنيد (رويترز)
لافتة ضد التجنيد خلال المظاهرات التي خرجت في عدة مدن ألمانية تزامناً مع تمرير قانون التجنيد (رويترز)
TT

ألمانيا تعيد الخدمة العسكرية وسط مظاهرات معارضة للقانون

لافتة ضد التجنيد خلال المظاهرات التي خرجت في عدة مدن ألمانية تزامناً مع تمرير قانون التجنيد (رويترز)
لافتة ضد التجنيد خلال المظاهرات التي خرجت في عدة مدن ألمانية تزامناً مع تمرير قانون التجنيد (رويترز)

بعد قرابة 15 عاماً على إلغاء التجنيد الإجباري في ألمانيا، مهد البرلمان الفيدرالي (البوندتساغ) لإعادته بعد أن مرر قانوناً يعيد الخدمة العسكرية الاختياري في المرحلة الأولى، على أن يصبح إلزامياً في حال عجزت وزارة الدفاع عن تجنيد أعداد كافية من المتطوعين.

ووسط مظاهرات معارضة للقانون خرجت في أنحاء ألمانيا، قادها بشكل أساسي طلاب المدارس المعنيين بالقانون، صوّت النواب على إعادة التجنيد الاختياري بدءاً من مطلع العام المقبل.

وتأمل الحكومة الألمانية أن ترفع عديد جيشها من 183 ألف عنصر حالياً إلى 270 ألف عنصر ناشط، إضافة إلى 200 ألف آخرين من قوات الاحتياط بحلول عام 2035.

وينص القانون الذي حظي بموافقة أغلبية النواب، على إرسال استمارات لكل من يبلغ الـ18 عاماً، تتضمن معلومات حول الوضع الصحي، وأخرى تتعلق بمدى الاستعداد للخدمة في الجيش. وسيكون الشباب الذكور مجبرين على ملء الاستمارات، فيما تترك اختيارياً للفتيات.

ومن يعدّ قادراً على الخدمة، يتلقى عرضاً للتطوع، لـ6 أشهر بشكل مبدئي يمكن تمديدها. ويمكن للشباب رفض العرض المقدم في المرحلة الأولى. وسيتعين على وزارة الدفاع أن تطلع الحكومة و«البوندستاغ» كل 6 أشهر حول مدى التقدم المحرز في تجنيد مطوعين، على أن يطرح مشرع قانون مرة جديدة في حال لم يتم استقطاب أعداد كافية، يجعل من التجنيد إجبارياً لمن يتم اختياره بالقرعة.

واستغرق الاتفاق على القانون أشهراً بين طرفي الحكومة؛ إذ اعترض الحزب «المسيحي الديمقراطي» الحاكم بزعامة المستشار فريدريش ميريتس على القانون بشكله الأساسي الذي لم يأت على ذكر خطوات إضافية في حال عدم تجنيد أعداد كافية.

وأراد الحزب الحاكم أن يجعل من التجنيد إجبارياً في القانون نفسه، إلا أن الحزب الاشتراكي الذي ينتمي إليه وزير الدفاع بوريس بيستوريوس رفض اقتراح الحزب الحاكم، وتمسك بضرورة طرح المشروع للتصويت من جديد في حال الضرورة.

لافتة «لا للحرب» خلال مظاهرة ضد التجنيد في ألمانيا (رويترز)

ولكن بيستوريوس يبدو متأملاً بأن يلقى القانون تجاوباً، رغم المظاهرات التي خرجت تزامناً مع التصويت على القانون، واعتراضاً على تحويله إجبارياً. ووصف بيستوريوس المظاهرات التي قادها طلاب المدارس، بأنها «رائعة»؛ لأنها «تظهر أن الشباب مهتمون بالتجنيد». وتحدث عن ضرورة فتح نقاش مع من يهمه الأمر.

ودافع كذلك الحزب الحاكم عن القانون، وقال نوربرت روتغن، نائب الكتلة النيابية للحزب خلال النقاش في البرلمان، إن التصويت مهم، خاصة أمام التهديدات الروسية، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة «لم تعد تعتبر في صفنا».

وصوّت حزب «البديل من أجل ألمانيا»، المصنف يمينياً متطرفاً ضد القانون، وكذلك حزب «دي لينكا» اليساري. وقالت نائبة رئيس كتلة «دي لينكا»، إن «الشباب لديهم مشاريع أخرى غير المخاطرة بحياتهم»، فيما اشتكت سارا ناني، المتحدثة باسم الأمن في الحزب «الخضر»، من أن القانون لا يقدم إجابات حول الخطة الوطنية الدفاعية.

ويشكو عدد كبير من الشبان المعارضين للقانون بأن الحكومة لم تفتح نقاشاً معهم، وأنها لم تأخذ مواقفهم بعين الاعتبار. وقالت رونيا، طالبة من منظمي المظاهرات التي خرجت في العاصمة الألمانية، إن المتظاهرين يؤكدون رفضهم القاطع للتجنيد الإجباري؛ لأنه تعدٍّ على حرية الشباب». وأضافت أن «التبرير بضرورة حماية بلدنا هو مجرد حجة».

وقال شاب من المتظاهرين الذين خرجوا في برلين، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إنه يرى أن الحكومة أخطأت بتمرير قانون من دون نقاش مع المعنيين به؛ أي الذين سيتم استدعاؤهم للخدمة وهم من المولودين في عام 2008 وما بعد.

المستشار الألماني فريدريش ميرتس ووزير الدفاع داخل «البوندستاغ» خلال جلسة التصويت على قانون التجنيد (رويترز)

وقال آخر إن الأمن «لا يتعلق بإجبار الأطفال على الخدمة، وإن الأشهر القليلة التي سيتم التطوع خلالها لن تكون كافية أصلاً لتعلم القتال في الجيش».

وشارك في المظاهرات طلاب في سن الـ12 عاماً، غادروا المدارس باكراً للانضمام للاحتجاجات. وقال أحدهم إنه «لا يريد أن يقاتل»، وإنه سيكون من الخطأ إرسال شباب في الـ18 من العمر للقتال.

وعلقت حكومة المستشارة السابقة أنجيلا ميركل التجنيد الإجباري عام 2011، ومنذ ذلك الحين، يواجه الجيش الألماني صعوبة في جذب متطوعين.

وانخفض عدد الجيش الألماني من 300 ألف عنصر عام 2001 إلى 180 ألفاً اليوم. وتأمل الحكومة بأن تعيد رفع عديد الجيش بحلول عام 2035 إلى 480 ألفاً، من بينهم قوات الاحتياط حالياً، من خلال التطوع الاختياري وجذب المتطوعين بمرتبات تصل إلى 3500 يورو شهرياً.

ومنذ الحرب في أوكرانيا، بدأت ألمانيا بزيادة الاستثمار العسكري، وتعمل على إعادة تقوية جيشها الضعيف عمداً بسبب تاريخها.

ويزداد القلق في ألمانيا، خاصة في ظل إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب التي يتخوف الألمان من أن تسحب المظلة الأمنية التي تزودها بها منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.

ويخطط ترمب لتقليص عدد الجنود الأميركيين المتمركزين في ألمانيا منذ عقود.


مدير «يوروفيجن» يتوقع مقاطعة 5 دول للمسابقة بسبب مشاركة إسرائيل

مقر اتحاد البث الأوروبي في جنيف - الجهاز الذي ينظم «يوروفيجن» (أ.ف.ب)
مقر اتحاد البث الأوروبي في جنيف - الجهاز الذي ينظم «يوروفيجن» (أ.ف.ب)
TT

مدير «يوروفيجن» يتوقع مقاطعة 5 دول للمسابقة بسبب مشاركة إسرائيل

مقر اتحاد البث الأوروبي في جنيف - الجهاز الذي ينظم «يوروفيجن» (أ.ف.ب)
مقر اتحاد البث الأوروبي في جنيف - الجهاز الذي ينظم «يوروفيجن» (أ.ف.ب)

أعلن مدير مسابقة «يوروفيحن»، مارتن غرين، أن 35 دولة ستشارك في النسخة المقبلة من مسابقة «يوروفيحن» التي ستقام في فيينا في مايو (أيار) 2026، بينما من المتوقع أن تقاطعها خمس دول، بعد قرار السماح لإسرائيل بالمشاركة فيها.

وقال مارتن غرين، في مقابلة مساء الخميس، مع التلفزيون السويدي بعد قرار اتحاد البث الأوروبي السماح بمشاركة إسرائيل في مسابقة الغناء المباشر الأشهر في العالم: «نقدّر أن 35 هيئة بث ستشارك على الأرجح» في النسخة المقبلة.

وبعد القرار الصادر، الخميس، عن هيئة البث الأوروبية، أعلنت إسبانيا وآيرلندا وهولندا وسلوفينيا مقاطعة المسابقة، بينما من المتوقع أن تعلن آيسلندا قرارها في العاشر من ديسمبر (كانون الأول).

وأشار غرين إلى أن خمس دول تعارض بشدّة مشاركة إسرائيل، مضيفاً: «أحترم موقفها تماماً».

وتابع: «آمل حقاً أن تعود في عام 2027 هيئات البث التي تقول إنّها لن تكون حاضرة في السنة المقبلة».

وقد أثارت الحرب في قطاع غزة دعوات متزايدة لاستبعاد إسرائيل من مسابقة الأغنية الأوروبية، في ظل شكوك كذلك بالتلاعب بنظام التصويت.

وشدد غرين على الطابع غير السياسي لهذا الحدث. وقال: «ليست الحكومات هي التي تشارك في (يوروفيحن)، بل هيئات البث العامة والفنانون».

وأشار إلى أنه خلال الاجتماع الذي عُقد الخميس، أجرى أعضاء اتحاد البث الأوروبي نقاشاً «صريحاً وصادقاً ومهماً أيضاً... ما اتفقوا عليه هو اقتناعهم الراسخ بأنه لا ينبغي استخدام مسابقة الأغنية الأوروبية منصةً سياسية».

وأكد أن المسابقة يجب أن تحافظ على «مقدار معيّن من الحياد».


الجيش الأوكراني يعلن استهداف مصنع كبير للكيماويات في جنوب روسيا

حريق في منطقة ستافروبول (أرشيفية)
حريق في منطقة ستافروبول (أرشيفية)
TT

الجيش الأوكراني يعلن استهداف مصنع كبير للكيماويات في جنوب روسيا

حريق في منطقة ستافروبول (أرشيفية)
حريق في منطقة ستافروبول (أرشيفية)

قال الجيش الأوكراني في ساعة متأخرة من يوم الخميس إن قواته ضربت مصنعا كبيرا للمواد الكيميائية في منطقة ستافروبول بجنوب روسيا، ما أدى إلى اندلاع حريق.

وكتبت هيئة الأركان العامة للجيش على تطبيق تلغرام أن مصنع نيفينوميسكي أزوت تعرض للقصف يوم الخميس، موضحة أن المنشأة تنتج مكونات للمتفجرات ووصفتها بأنها واحدة من أكبر المنشآت من هذا النوع في روسيا.

ولم يصدر على الفور رد فعل من جانب المسؤولين الروس، ولم تتمكن رويترز من التحقق من صحة ما أعلنه الجيش الأوكراني بشكل مستقل.