تركيا: هل ستمهد الانتخابات المحلية طريق التجديد لإردوغان؟

إمام أوغلو يتقدم في استطلاعات الرأي بإسطنبول رغم التحديات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان (رويترز)
TT

تركيا: هل ستمهد الانتخابات المحلية طريق التجديد لإردوغان؟

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان (رويترز)

طفت على السطح قضية طرح دستور جديد لتركيا وسط الأجواء الساخنة للانتخابات المحلية التي ستُجرى في 31 مارس (آذار) الحالي بعدما أطلق الرئيس رجب طيب إردوغان تصريحاً أكد فيه أن هذه الانتخابات ستكون الأخيرة له.

وعلى الرغم من أنه معروف، بحكم الدستور، أن الفترة الحالية لإردوغان في رئاسة البلاد هي الأخيرة؛ لأنه لا يحق له الترشح لولاية جديدة بعد انتهاء ولايته الحالية عام 2028، فقد أثارت تصريحاته جدلاً واسعاً حول احتمال تغيير الدستور وإجراء انتخابات مبكرة، وهو ما سيسمح لإردوغان بالترشح مجدداً.

وتصاعدت حدة الجدل، بعدما كتب وزير العدل السابق النائب الحالي بالبرلمان التركي عن مدينة شانلي أورفا جنوب شرقي تركيا، بكير بوزداغ، في حسابه على «إكس» أن إردوغان يمكنه أن يكون مرشحاً للرئاسة مرة أخرى، إذا أجريت الانتخابات العامة مبكراً. وأضاف «هذه الانتخابات هي الانتخابات الأخيرة، كما قال رئيسنا، لأنه وفقاً للدستور مدة ولاية الرئيس هي 5 سنوات، ويمكن انتخاب الشخص رئيساً مرتين على الأكثر، لكن وفقاً للدستور، إذا قرر البرلمان تجديد الانتخابات خلال الولاية الثانية للرئيس، فيجوز له أن يترشح مرة أخرى (الدستور مادة 116 فقرة 3)»، وتابع «ما يحمله الغد غير معروف... ربما، عندما يحين الوقت، قد يقرر البرلمان تجديد الانتخابات وتمهيد الطريق لرئيسنا ليصبح مرشحاً للمرة الثالثة، عسى أن يكون ذلك غداً.... عسى أن يكون خيراً... دعونا نر».

وكان إردوغان قال خلال لقاء مع وقف الشباب التركي الجمعة، إن الانتخابات المحلية في 31 مارس ستكون «الأخيرة» له، مضيفاً «أواصل العمل دون توقف. نركض دون أن نتنفس لأنه بالنسبة إليّ هذه هي النهاية. ومع السلطة الممنوحة لي بموجب القانون، فإن هذه الانتخابات هي انتخاباتي الأخيرة، لكن النتيجة ستكون بركة لإخواني الذين سيأتون من بعدي. سيكون هناك انتقال للثقة».

جدل قانوني

وأثار ترشح إردوغان في انتخابات الرئاسة الأخيرة في مايو (أيار) الماضي، جدلاً قانونياً أيضاً بسبب تفسير الفقرة 3 من المادة 101 من الدستور التركي التي تمنع ترشح الشخص للرئاسة أكثر من مرتين، بينما ترشح إردوغان في 2014، ثم في 2018، لكن تم عدّ انتخابات 2018 الأولى له بعد تعديل الدستور في 2017، وإجراء الانتخابات على قاعدة جديدة أقرت بموجب هذا التعديل، وبالتالي أصبح من حقه أن يترشح للمرة الثانية في 2023.

وعلّقت المعارضة التركية على تصريحات إردوغان الأخيرة، قائلة إنها تثير السخرية، لأن هذه هي المرة الرابعة منذ عام 2009 التي يقول إردوغان: «ستكون هذه هي المرة الأخيرة التي أترشح فيها»، سواء بالنسبة للبرلمان أو لرئاسة «حزب العدالة والتنمية» الحاكم التي تركها في 2014 بسبب اشتراط الدستور، قبل تعديله في 2017، أن يكون الرئيس محايداً، لكنه عاد إلى رئاسة الحزب في 2018 بعد تعديل الدستور، وكذلك بالنسبة لرئاسة الجمهورية.

وعلّق الكاتب المحلل السياسي مراد يتكين قائلا إن حقيقة تركيز الرئيس على «السلطة التي يمنحها القانون» أججت المناقشات حول التعديلات الدستورية، التي عادت إلى الواجهة مرة أخرى في الأيام الأخيرة، إذ من المحتمل ألا يترشح إردوغان للرئاسة مرة أخرى، لكن منصبه الجديد في السياسة قد يتحدد من خلال التغييرات في الدستور.

وعدّ يتكين أن زعماء المعارضة لا يرغبون في التركيز على مسألة بقاء إردوغان في السلطة، خلال الفترة التي تسبق الانتخابات المحلية «حتى لا يستغل ذلك في الظهور بدور الضحية أو المظلوم».

«أنت أغنية»

لكنه لفت إلى الأغنية التي كانت تذاع من قبل في تجمعات حزب «العدالة والتنمية» الحاكم في منطقة الأناضول: «أنت أغنية، ستدوم مدى الحياة»، والنقاشات التي دارت داخل الحزب قبل التعديلات الدستورية في 2017 حول تغيير المادة 101 من الدستور لإزالة العقبة أمام ترشح إردوغان للمرة الثالثة للرئاسة.

وعقب انتخابه رئيساً للبلاد للمرة الثالثة في مايو الماضي، أكد إردوغان أن قضية وضع دستور مدني ليبرالي للبلاد ستكون أولوية في المرحلة المقبلة.

وجاء هذا الجدل وسط دخول حملات الانتخابات المحلية مرحلتها الحاسمة، حيث تشتد المعركة لا سيما في إسطنبول التي تحوّلت إلى محور هذه الانتخابات، والمعركة الفاصلة بالنسبة لإردوغان الذي يرغب في استعادتها من حزب «الشعب الجمهوري»، وكذلك أنقرة والمدن الكبرى الأخرى التي فازت بها المعارضة في آخر انتخابات محلية في 2019.

عمدة إسطنبول أكرم إمام أوغلو خلال تجمع في المدينة 30 ديسمبر 2023 (رويترز)

أهمية إسطنبول

وأصبحت إسطنبول، أكبر المدن التركية وعاصمة البلاد الاقتصادية، أكبر المدن التي سيتنافس فيها المرشحون على منصب رئاسة بلديتها الذي يشغله حالياً أكرم إمام أوغلو، حيث بلغ عددهم 49 مرشحاً، منهم 22 من الأحزاب السياسية و27 مرشحاً مستقلاً.

وتحتل الانتخابات في إسطنبول أهمية بالغة؛ لكونها ستكون معركة فاصلة في تحديد المصير السياسي لإمام أوغلو (52 عاماً)، الذي ينظر إليه منذ فترة طويلة على أنه زعيم محتمل لحزب «الشعب الجمهوري» المعارض، وكذلك الرئيس المحتمل لتركيا في 2028.

ويواجه إمام أوغلو اختباراً صعباً في الانتخابات المحلية المقبلة بعد انهيار تحالف «الشعب الجمهوري» مع حزب «الجيد»، وكذلك حزب «الديمقراطية ومساواة الشعوب»، و«حزب الشعوب الديمقراطية»، المؤيد للأكراد.

وبحسب أوزر سنغار رئيس شركة «متروبول» لاستطلاعات الرأي، سيعني فوز إمام أوغلو بالانتخابات في إسطنبول للمرة الثانية، إذا تحقق، أنه سيصبح رئيساً لتركيا في 2028.

وأظهر آخر استطلاع للرأي أجرته شركة «كوندا» يومي 2 و3 مارس، وأعلنت نتائجه الأحد، استمرار تقدم إمام أوغلو بنسبة 46.1 في المائة، مقابل حصول مرشح «حزب العدالة والتنمية» الحاكم، مراد كوروم، على 38.9 في المائة من أصوات ناخبي إسطنبول.


مقالات ذات صلة

سفير سوريا بموسكو يستبعد لقاء إردوغان والأسد خلال قمة «بريكس»

شؤون إقليمية لقاء سابق بين إردوغان والأسد في دمشق قبل عام 2011 (أرشيفية)

سفير سوريا بموسكو يستبعد لقاء إردوغان والأسد خلال قمة «بريكس»

استبعدت دمشق عقد لقاء بين الرئيسين السوري بشار الأسد والتركي رجب طيب إردوغان على هامش قمة مجموعة «بريكس» المقبلة في روسيا.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية رئيس البرلمان التركي نعمان كورتولموش (من حسابه في «إكس»)

رئيس البرلمان التركي: لا مفاوضات لحل أزمة أوكرانيا من دون روسيا

أكد رئيس البرلمان التركي نعمان كورتولموش ضرورة إدراك أميركا وبعض الدول الأوروبية استحالة نجاح أي مفاوضات لإنهاء الحرب في أوكرانيا من دون روسيا.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية بهشلي يهدي إردوغان نسخة من كتاب أصدره حديثاً خلال زيارته له في منزله في أنقرة الخميس (الرئاسة التركية)

إردوغان وبهشلي ناقشا الدستور الجديد لتركيا وأوزال يصر على الانتخابات المبكرة

بحث الرئيس التركي رجب طيب إردوغان مع رئيس حزب «الحركة القومية»، دولت بهشلي، في الاستعدادات الجارية لطرح مشروع الدستور الجديد.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية جانب من الجدار الذي أنشأته تركيا على حدودها مع سوريا (وسائل إعلام تركية)

مسؤول عسكري: تركيا مستعدة لمواجهة التهديدات عبر حدودها

قال مصدر عسكري مسؤول بوزارة الدفاع التركية إن القوات المسلحة قادرة على مواجهة جميع التهديدات التي تواجهها تركيا عبر حدودها.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متحدثاً أمام البرلمان الثلاثاء (الرئاسة التركية)

إردوغان يغلق الباب أمام الانتخابات المبكرة ويتمسك بالدستور الجديد

يسيطر النقاش حول الانتخابات المبكرة والدستور الجديد على الأجندة السياسية لتركيا وسط جدل متصاعد بين الحكومة والمعارضة

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

استقالة كبيرة موظفي رئيس الوزراء البريطاني

سو غراي كبيرة موظفي رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر (أرشيفية - أ.ف.ب)
سو غراي كبيرة موظفي رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

استقالة كبيرة موظفي رئيس الوزراء البريطاني

سو غراي كبيرة موظفي رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر (أرشيفية - أ.ف.ب)
سو غراي كبيرة موظفي رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر (أرشيفية - أ.ف.ب)

أعلنت سو غراي، كبيرة موظفي رئيس الوزراء البريطاني، كير ستارمر، استقالتها اليوم الأحد، بعد مواجهتها تدقيقاً مكثفاً خلال الأشهر القليلة الأولى لحكومة حزب «العمال» في السلطة.

ووفق «وكالة الصحافة الفرنسية»، فقد قالت غراي إنها استقالت بعد أن «بات واضحاً لي أن التعليقات المكثفة بشأن منصبي تهدد بأن تتحول عامل تشتيت لجهود الحكومة الحيوية للتغيير».

وتأتي هذه الاستقالة بعد أن تحدثت وسائل إعلام بريطانية عن وجود توترات في أعلى الهرم الحكومي بين غراي وكثير من المستشارين السياسيين، إضافة إلى الكشف عن راتبها الذي يفوق راتب ستارمر.

وطغت الخلافات على مؤتمر حزب «العمال»، الذي انعقد الشهر الماضي، ومن بينها المواجهات الداخلية والغضب من قبول ستارمر هدايا بقيمة آلاف الجنيهات. ومذّاك يحاول رئيس الحكومة إعادة الوضع تحت السيطرة.

وأعرب ستارمر، في بيان اليوم الأحد، عن شكره غراي على خدماتها طيلة مدة توليها منصبها.

وقال: «أود أن أشكر سو على كل الدعم الذي قدمته لي؛ سواء في المعارضة والحكومة، وعملها لإعدادنا للحكومة، ومساندتنا في إطلاق برنامجنا للتغيير».

وأضاف: «أدت سو دوراً حيوياً في تعزيز علاقاتنا مع مناطق ودول» عدة.

وغراي، التي قادت سابقاً تحقيق «بارتي غيت» في الحفلات غير القانونية، التي أقامها رئيس الوزراء المحافظ الأسبق بوريس جونسون، خلال فترة الإغلاق بسبب «كوفيد19»، ستتولى منصباً حكومياً آخر هو «مبعوثة إلى المناطق والدول».

وسيحل مكانها موران ماكسويني، الذي أدار سابقاً حملة الانتخابات لمصلحة حزب «العمال».