كيف جدّد الملك البريطاني تشارلز أساليب التواصل الملكي مع الشعب والإعلام؟

الملك البريطاني تشارلز الثالث (متداولة)
الملك البريطاني تشارلز الثالث (متداولة)
TT

كيف جدّد الملك البريطاني تشارلز أساليب التواصل الملكي مع الشعب والإعلام؟

الملك البريطاني تشارلز الثالث (متداولة)
الملك البريطاني تشارلز الثالث (متداولة)

منذ تولّيه العرش بعد وفاة والدته الملكة إليزابيث الثانية في سبتمبر (أيلول) 2022، أظهر الملك البريطاني تشارلز الثالث أداء «لا تشوبه شائبة» في مجال التواصل مع الإعلام والشعب البريطاني، وفق تقييم المراقبين، وقد أحدث «ثورة صغيرة» أيضاً في هذا المجال. فمع حفاظه على التقاليد الملكية، قدّم شفافية بشأن الإعلان عن وضعه الصحي، وأبدى مواقفه في القضايا السياسية، على عكس والدته إليزابيث التي التزمت الحياد السياسي خلال ولايتها التي امتدت 70 عاماً.

 

نجاح في التواصل

فوفق صحيفة «لوموند» الفرنسية، الخميس 29 فبراير (شباط) 2024، يرى المعلّقون الملكيون، أنّ الملك تشارلز الثالث نجح في خطاباته دون أخطاء. فعندما أصبح تشارلز ملكاً في سبتمبر 2022، رجّح كثيرون أنّ العاهل الجديد سيواجه صعوبة في المهمة التي تنتظره. كانت الملكة إليزابيث قد احتفلت قبل أشهر قليلة بيوبيل استثنائي - سبعون عاماً على حكمها - وكانت تحظى بشعبية كبيرة لدى الشعب البريطاني. وكان تشارلز ابنها الأكبر، الذي ظلّ ولياً للعهد لمدة نصف قرن، شخصية مثيرة للجدل. فرغم أنه يحظى باحترام كبير لالتزامه الطويل الأمد بشؤون البيئة، تعرّض تشارلز للانتقاد بسبب تدخلاته وحياته الخاصة المضطربة.

التزم الملك تشارلز التقاليد في تحرّكاته منذ توليه العرش: فقد حافظ على لقاءاته في بداية الأسبوع مع رئيس الوزراء البريطاني، وكذلك على الرسالة التي يوجّهها الملك سنوياً للشعب بمناسبة عيد الميلاد، وحافظ كذلك على عظمة حفل التتويج الملكي و«الارتباطات العامة» الكثيرة العزيزة على والدته.

الملك البريطاني تشارلز الثالث يلتقي رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك في قصر باكنغهام في لندن، في أوّل لقاء شخصي بينهما منذ تشخيص إصابة الملك بالسرطان... الصورة في 21 فبراير 2024 (رويترز)

ابتكار أسلوب جديد

لكنّ الملك البالغ من العمر 75 عاماً، ابتكر في مجال التواصل الملكي، إذ عمل على تحديثه. وآخر مثال على ذلك كان الكشف عن إصابته بالسرطان في 6 فبراير. فالمواضيع الخاصة بصحة الأسرة الملكية عادة ما كانت الأسرة المالكة تتحفظ في الإفصاح عنها. قال قصر باكنغهام (مقر الملكية) في 6 فبراير إن الملك يعاني من «نوع من السرطان»، ولكن دون أن يحدد نوع السرطان، لكنه أشار إلى أنه ليس سرطان البروستاتا، حتى لو كان العلاج الذي خضع له للتو، والذي تم خلاله تشخيص حالته، يهدف إلى تصحيح تضخم البروستاتا.

فخلال العام الأخير من حكم والدته الملكة، التي توفيت عن عمر يناهز 96 عاما، لم يظهر للعلن أي معلومة بشأن صحتها، باستثناء «مشكلات التنقل» هذه التي أعلن عنها قصر باكنغهام لإلغاء ظهورات الملكة العلنية أحياناً في اللحظة الأخيرة. وعندما دخلت الملكة إلى المستشفى نهاية عام 2021، ذكر بيان ملكي أنّ «معنوياتها جيدة». وحين توفيت أُرجعت وفاتها إلى «الشيخوخة»، كما حدث مع زوجها الأمير فيليب الذي توفي في أبريل (نيسان) 2021. وقبل ذلك، لم يتم الكشف عن إصابة والدها الملك جورج السادس بسرطان الرئة إلا بعد وفاته في فبراير 1952. وفي سبتمبر 1951 خضع الملك جورج لعملية إزالة كاملة للرئة اليسرى، لكنّ الجراحين أشاروا آنذاك إلى وجود «تشوهات هيكلية» للرئة، وفق «لوموند».

ملكة بريطانيا آنذاك إليزابيث الثانية والأمير تشارلز يقفان على شرفة خلال احتفال اليوبيل البلاتيني (70 عاماً) على حكم الملكة إليزابيث... الصورة في لندن، يوم 5 يونيو 2022 (رويترز)

تغذية شهية الصحافيين

يتمتع هذا التحديث للتواصل الملكي أيضاً بميزة متمثلة في تغذية شهية الصحافيين (لمعرفة معلومات إضافية يتيحها القصر الملكي) وتهدئة فضولهم لبعض الوقت. وكان من المؤكد أنّ غياب الملك تشارلز أثناء علاجه قد نبّه وسائل الإعلام وأثار التكهنات. فالملك في وضع جيد يتيح له أن يعرف، بعد عقود من الخبرة، أنه من الأفضل التفاعل مع الصحف الشعبية بدلاً من تجاهلها، تحت خطر التعرض لمضايقات المصورين. ومثال على ذلك أنّ قصر باكنغهام أعلن نهاية يناير (كانون الثاني) الماضي أن أميرة ويلز كايت ميدلتون خضعت لعملية جراحية في الأمعاء، وأنها لن تستأنف ارتباطاتها العامة قبل عيد الفصح، موضحاً أن السبب ليس سرطانياً.

إبداء رأي سياسي وتفاعُل

ويتميّز عهد تشارلز الثالث أيضاً بإبداء الملك آراءه السياسية: انخرط تشارلز في المجال السياسي الذي تجنبته والدته الملكة إليزابيث الثانية بعناية.

في 24 فبراير الحالي، بمناسبة مرور عامين على الغزو الروسي لأوكرانيا، أعرب الملك عن دعمه الملحوظ لكييف في بيان أدان فيه «العدوان الذي لا يوصف» الذي تعرض له الأوكرانيون منذ «الهجوم غير المبرر» الروسي على بلادهم.

وأبدى الملك تشارلز تفاعلاً وتأثراً برسائل التضامن الكبيرة التي وصلته بعد تشخيصه بالسرطان. إذ كشف الملك، وفق صحيفة «الغارديان» البريطانية، أنه بكى بسبب الرسائل وبطاقات الدعم التي تلقاها منذ تشخيصه بالمرض.

الملك البريطاني تشارلز الثالث (الثاني من اليمين) مع أفراد العائلة الملكية على شرفة قصر باكنغهام خلال حفل تكريم الملك تشارلز يوم عيد ميلاده الرسمي، في لندن ببريطانيا، 17 يونيو 2023 (رويترز)

انخراط الملك بوسائل التواصل

وبحسب مجلّة «الناس» People الأميركية الأسبوعية، يكتب الملك تشارلز من الحسابات الرسمية للعائلة المالكة البريطانية على «إنستغرام» و«إكس» («تويتر» سابقاً)، حيث أرسل الملك الرسائل برسم أعيد تصميمه، إذ كان تشارلز تولى حسابات وسائل التواصل الاجتماعي @Royal Family الخاصة بالعائلة الملكية، وذلك بعد وفاة الملكة إليزابيث في سبتمبر 2022.

وقد أحدث مكتب الملك سلسلة منشورات جديدة تسمى «الأسبوع الملكي» The Royal Week، حيث شارك الصور وملخصات قصيرة عن آخر ارتباطات الملك تشارلز والملكة كاميلا والأمير ويليام وكايت ميدلتون وبقية أفراد العائلة المالكة الذين هم في الخدمة الملكية.

 

 


مقالات ذات صلة

الأمير هاري: عودة ميغان إلى بريطانيا «لا تزال خطرة»

يوميات الشرق الأمير البريطاني هاري وزوجته ميغان ماركل (رويترز)

الأمير هاري: عودة ميغان إلى بريطانيا «لا تزال خطرة»

أعلن الأمير البريطاني هاري أن عودة زوجته ميغان دوقة ساسكس إلى المملكة المتحدة «لا تزال تُعتبر خطرة».

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق الأميرة ديانا الى جانب طفليها هاري (يمين) وويليام (رويترز)

رسالة من ديانا إلى مدبرة منزلها تكشف «عشق» ويليام لشقيقه الصغير

تصف رسالة كتبتها الأميرة البريطانية الراحلة ديانا بخط يدها كيف أن الأمير ويليام «يعشق شقيقه الصغير» ويغمره بالعناق والقبلات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق الملك البريطاني تشارلز يظهر إلى جانب كيت ميدلتون (أ.ب)

«تمنيات بالشفاء»... الملك تشارلز وكيت تلقيا 27 ألف بطاقة بعد إصابتهما بالسرطان

كشف القصر الملكي عن أن الملك البريطاني تشارلز وكيت ميدلتون زوجة ابنه ويليام، تلقيا عدداً كبيراً من بطاقات الدعم بعد تشخيص إصابتهما بالسرطان.

«الشرق الأوسط» (لندن)
أوروبا الأمير هاري (أرشيفية - أ.ب)

الأمير هاري: الدعاوى ضد الصحافة ساهمت في انهيار علاقتي بالأسرة المالكة

قال الأمير هاري، متحدثاً في مقاطع نشرت اليوم من فيلم وثائقي جديد، إن معاركه القانونية مع الصحافة الشعبية البريطانية ساهمت في انهيار علاقته بالعائلة المالكة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
أوروبا الأمير البريطاني ويليام (إ.ب.أ)

​الأمير ويليام يرفض الكشف عن الضرائب التي يدفعها

اختار الأمير البريطاني ويليام عدم الكشف عن مقدار الضريبة التي يدفعها على الدخل الخاص الذي يتلقاه من محفظته العقارية الضخمة مما يمثل تغييراً ملحوظاً

«الشرق الأوسط» (لندن)

فرنسا: اضطراب متواصل في حركة القطارات السريعة غداة الهجوم

راكبان في قطار مترو بباريس يشيران إلى برج إيفل (رويترز)
راكبان في قطار مترو بباريس يشيران إلى برج إيفل (رويترز)
TT

فرنسا: اضطراب متواصل في حركة القطارات السريعة غداة الهجوم

راكبان في قطار مترو بباريس يشيران إلى برج إيفل (رويترز)
راكبان في قطار مترو بباريس يشيران إلى برج إيفل (رويترز)

تواصَل، السبت، الاضطراب في حركة القطارات السريعة الفرنسية غداة إعلان شركة السكك الحديدية عن تعرّضها «لهجوم ضخم» أتى قبل ساعات من حفل افتتاح دورة الألعاب الأولمبية الصيفية باريس 2024، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وسجّلت حركة القطارات السريعة تحسناً، السبت، لكن الاضطرابات ما زالت قائمة.

وسيشهد الخطان الشمالي الغربي والجنوبي الغربي تشغيل قطارين سريعين من ثلاثة، بينما سيشهد الخط الشمالي 80 في المائة من الحركة المعتادة للقطارات السريعة، وفق تقديرات شركة السكك الحديدية «إس إن سي إف».

وأوضحت أن الحركة عبر الخط الشرقي ستجري كالمعتاد، مرجحة أن تستمر الاضطرابات، الأحد، على الخط الشمالي، وأن يشهد الخط الأطلسي تحسّناً.

إلا أن شركة «إس إن سي إف» أكدت أن «كل عمليات النقل للفرق والمعتمدين» للمشاركة في أولمبياد باريس، مؤمّنة.

وتعرضت الشركة إلى «هجوم ضخم» ليل الخميس – الجمعة، ما تسبب باضطراب كبير في حركة القطارات أثّر على 800 ألف مسافر قبل حفل الافتتاح. وقالت، الجمعة، إن «العديد من الأعمال الخبيثة المتزامنة» أثرت على خطوطها الأطلسية والشمالية والشرقية.

وفتحت النيابة العامة في باريس تحقيقاً في الهجمات. وأفاد مصدر مقرب من التحقيق بأن العملية كانت «محضّرة بشكل جيد»، وتقف خلفها «الهيكلية ذاتها»، بينما أكد مصدر مقرّب من الملف أن أي طرف لم يعلن مسؤوليته.

وأوضحت الشركة، الجمعة، أن «حرائق متعمدة» أُضرمت في محطات الإشارات في كورتالين على بعد نحو 140 كيلومتراً جنوب غربي باريس، وفي كرواسي على بعد 200 كيلومتر شمال العاصمة، وبايني سور موزيل على بعد 300 كيلومتر إلى الشرق، متحدثة عن «هجوم واسع النطاق».

على خط الجنوب الشرقي، تمكن عمال السكك الحديدية من «إحباط عمل خبيث» في أثناء قيامهم بعمليات صيانة ليلية في فيرجيني، على بعد نحو 140 كيلومتراً جنوب شرقي باريس. ورصد العمال أشخاصاً وأبلغوا قوات الدرك، ما دفعهم إلى الهروب، وفق جان بيار فاراندو، رئيس مجلس إدارة الشركة.

وأعلن فاراندو، الجمعة، أن «الهجوم الضخم» على شبكة القطارات السريعة يؤثر على 800 ألف راكب.

وأضاف: «من المتوقع أن يستمر الوضع طوال عطلة نهاية الأسبوع على الأقل في أثناء إجراء الإصلاحات»، موضحاً أن الحرائق استهدفت أنابيب «تمر عبرها العديد من الكابلات المستخدمة في محطات الإشارات» و«علينا إصلاح الكابل تلو الآخر».

وندد الوزير المنتدب للنقل باتريس فيرغريت بـ«عمل إجرامي مشين».

وقع الهجوم قبيل حفل افتتاح الألعاب الأولمبية، حيث كان العديد من المسافرين يعتزمون التوجه إلى العاصمة، كما أنه سبق عطلة نهاية أسبوعٍ تشهد حركة واسعة في وسائل النقل في موسم العطل الصيفية.

ولجأ موظفو شركة السكك الحديدية إلى إجراءات استثنائية داخل محطات القطار لتسهيل الحركة، مثل السماح بصعود عدد من الركاب يفوق عدد المقاعد، أو عدم التأكد من حيازة كل منهم تذكرة.