حذر الرئيس الجورجي السابق المسجون، من أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سيغزو مولدوفا ودول البلطيق إذا حصل على أرض أوكرانية مقابل السلام.
وقال ميخائيل ساكاشفيلي، الذي كان يقود جورجيا عندما غزتها روسيا في عام 2008، لصحيفة «التلغراف»، إن الرئيس الروسي لن يتوقف عن طموحاته التوسعية إذا تم شراء السلام في أوكرانيا من خلال تنازلات إقليمية.
وكتب في رسالة تم تهريبها من مستشفى السجن الذي يوجد فيه في تبليسي: «إذا تمكنت روسيا من تجميد سيطرتها على جزء من أوكرانيا، فبالطبع ستمتد الحرب إلى أجزاء أخرى من أوكرانيا ومولدوفا ودول البلطيق بعد وقت قصير من هذا التجميد المؤقت... لهذا السبب لن يكون مثل هذا الاتفاق قابلاً للتطبيق أبداً».
ومن المتوقع على نطاق واسع أن يطالب بوتين أوكرانيا بالتخلي عن شبه جزيرة القرم، بالإضافة إلى المقاطعات الأربع المحتلة التي ضمها إلى روسيا في عام 2022 - خيرسون وزابوريجيا ودونيتسك ولوغانسك - كحد أدنى لثمن السلام.
وأصر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي على أنه لن يتخلى عن أي من أراضيه المعترف بها دولياً، لإنهاء الحرب التي بدأتها روسيا، على الرغم من ازدياد عدم اليقين في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بشأن المدة التي يمكن أن يستمروا فيها في تمويل الدفاع عن أوكرانيا.
وقال ساكاشفيلي: «خطة زيلينسكي للسلام هي أساس متين لأي تسوية يتم التفاوض عليها». وأضاف: «من دون احترام سيادة أوكرانيا وسلامة أراضيها، لن يكون هناك سلام حقيقي، بل لن يؤدي ذلك إلا إلى مزيد من تصعيد الصراع».
وفقد ساكاشفيلي نصف وزن جسمه في السجن منذ أن سُجن لمدة 6 سنوات في عام 2021، بتهمة إساءة استخدام السلطة، التي يقول أنصاره إنها عقوبة سياسية فرضها حزب الحلم الجورجي الحاكم، الذي يُنظر إليه على نطاق واسع على أنه موالٍ لروسيا.
وخلال فترتين كرئيس موالٍ للغرب للجمهورية السوفياتية السابقة من عام 2004 إلى عام 2013، أدخل إصلاحات واسعة النطاق، وقام بتسريع تقدم جورجيا نحو عضوية حلف شمال الأطلسي (الناتو) والاتحاد الأوروبي.
وفي عام 2008، غزا بوتين جورجيا لدعم الانفصاليين المدعومين من الكرملين في أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا، وهما إقليمان كانا تحت السيطرة الروسية منذ ذلك الحين، ولكنهما لا يزالان معترفاً بهما دولياً بوصفهما إقليمين جورجيين شرعيين.
وانتهت الحرب بعد 5 أيام بوقف إطلاق النار الذي توسطت فيه فرنسا، وأوقف الدبابات الروسية على بعد 20 ميلاً من تبليسي، وترك 20 في المائة من الأراضي الجورجية محتلة.
ويعتقد ساكاشفيلي أن فشل الغرب في معاقبة بوتين على الغزو شجعه على الاستيلاء على شبه جزيرة القرم في عام 2014 وغزو أوكرانيا عام 2022، وأقنع بوتين بأن «الغرب ضعيف، وغير صبور».
وقال: «في عام 2008، اقتصر شركاؤنا في رد فعلهم على إدانة التصرفات الروسية، ولكن سرعان ما تحول انتباه العالم إلى الأزمة الاقتصادية العالمية... هذا هو الدرس الذي تعلمه بوتين - أنه إذا كان العالم في حالة اضطراب، فإن اهتمام الدول الديمقراطية يتضاءل وتضعف ردود أفعالها».
وأضاف: «كانت الكلمات الأخيرة التي قالها لي بوتين خلال اجتماعنا الأخير هي: (يعدك أصدقاؤك الغربيون بكثير من الأشياء اللطيفة لكنهم لا يفون بها أبداً... أنا لا أعدك بشيء لطيف ولكنني أفي به دائماً)».
وتابع الرئيس السابق: «يرى بوتين كل هذه الصراعات بوصفها حلقات من صراعه الرئيسي مع الولايات المتحدة، والديمقراطية الغربية بشكل عام، وهو مقتنع بأنه قادر على الصمود والتفوق على الغربيين. هل يستطيع زيلينسكي أن يثق به؟ بالطبع لا... لا أحد يستطيع».
ويرى ساكاشفيلي أن هذا الضعف الملحوظ هو أيضاً السبب وراء ضرورة قيام الغرب بدعم أوكرانيا حتى النهاية، «لتجنب حرب أكثر تكلفة مع حلف شمال الأطلسي في المستقبل، وهو ما توقعه القادة العسكريون بالحلف بشكل مزداد في الأشهر الأخيرة».
وقال: «أجد أيضاً أن السرد الجديد في أوروبا بأنه يجب عليهم الاستعداد للهجمات الروسية خلال 3 أو 5 سنوات أمر خطير للغاية... تفترض هذه الرواية انتصار روسيا في أوكرانيا وزيادة تعزيز القوات الروسية التي ستدمج أيضاً مقاتلين من أوكرانيا المحتلة. لا أعتقد أن الغرب قادر على الصمود في وجه هجوم من هذا الجيش الروسي المعزز، وبالتالي فإن الفرصة الوحيدة للدفاع عن نفسه هي جعل النصر الأوكراني ممكناً الآن».
وبعد التصويت على خروجه من منصبه في عام 2012، أصبح ساكاشفيلي مواطناً أوكرانياً، وعمل مستشاراً للرئيس آنذاك بيترو بوروشينكو، وتم تعيينه حاكماً لمدينة أوديسا الساحلية الجنوبية.
وهو حليف قوي لزيلينسكي، ويرى أن الغرب كان بطيئاً للغاية في منح أوكرانيا الأسلحة الحديثة التي يقول إنها كانت ستحقق تقدماً كبيراً، إذا تم نشرها في وقت سابق من الحرب.
وأوضح ساكاشفيلي عندما سئل عما إذا كانت لدى أوكرانيا فرصة واقعية لطرد روسيا بالكامل من المقاطعات المحتلة: «كان بوسع الأوكرانيين أن يفعلوا ذلك بالفعل لولا التردد الغربي المستمر في المرحلة الأولية».
وألقي القبض على ساكاشفيلي في عام 2021، عندما عاد إلى جورجيا لقيادة الاحتجاجات المناهضة للحكومة. ويتلقى العلاج في مستشفى بتبليسي ولا يأكل إلا الوجبات التي تعدها له والدته بعد تعرضه لمحاولة تسمم مزعومة بالمعادن الثقيلة من قبل عملاء روس في وقت لاحق من ذلك العام.
وتصر السلطات الجورجية على أنه يتلقى رعاية طبية كافية، وأنه فقد وزنه بسبب الإضراب عن الطعام لمدة 50 يوماً.