احتجاجات المزارعين الفرنسيين مستمرة وتتمدّد إلى دول أوروبية

جرارات المزارعين في مواجهات آليات الشرطة على طريق سريع جنوب باريس (أ.ب)
جرارات المزارعين في مواجهات آليات الشرطة على طريق سريع جنوب باريس (أ.ب)
TT

احتجاجات المزارعين الفرنسيين مستمرة وتتمدّد إلى دول أوروبية

جرارات المزارعين في مواجهات آليات الشرطة على طريق سريع جنوب باريس (أ.ب)
جرارات المزارعين في مواجهات آليات الشرطة على طريق سريع جنوب باريس (أ.ب)

اتسعت دائرة الحصار الذي يفرضه المزارعون في فرنسا اليوم، الأربعاء، رغم محاولات الحكومة تهدئة حراكهم الغاضب الذي امتد إلى عدة دول أوروبية للتنديد خاصة بسياسات الاتحاد الأوروبي.

صباح الأربعاء، واصل المزارعون التقدم بجراراتهم لتطويق ليون (جنوب شرق)، ثالث مدينة في فرنسا بعد باريس ومرسيليا. وإلى الشمال، انطلقت قافلة مزارعين متجهة من الجنوب الغربي نحو سوق رونجيس، أكبر سوق للمنتجات الطازجة في العالم والذي يزود المنطقة الباريسية بالإمدادات.

وأدت الأحداث المناخية القاسية وإنفلونزا الطيور وارتفاع أسعار الوقود وتدفق المنتجات الأوكرانية المعفاة من الرسوم الجمركية، إلى تنامي السخط بين المزارعين.

شاحنات وجرارات تقع طريقاً سريعاً قرب سوق رونجيس للبيع بالجملة قرب باريس (رويترز)

في شرق فرنسا، عند إحدى نقاط الاغلاق المائة التي أحصتها السلطات، قالت جوانا ترو، وهي مزارعة حبوب ومربية مواشي شاركت في التعبئة «لا نريد بالضرورة أن نتلقى مساعدات، إننا نريد قبل كل شيء تعرفة مُرضية».

وعلى الرغم من تدابير الدعم، بما في ذلك إلغاء الزيادة الضريبية على الديزل الزراعي وتقديم مساعدة لمنتجي النبيذ بقيمة 80 مليون يورو، فشلت الحكومة في تهدئة الغضب وتحاول التحرك على الجبهة الأوروبية.

ويتوجه وزير الزراعة مارك فيسنو إلى بروكسل اليوم للبحث في «الحالات الأوروبية الطارئة»، وقررت باريس الدخول في مواجهة مع المفوضية الأوروبية لمعارضة إبرام اتفاقية تجارية مع تكتل «ميركوسور» الذي يضم أبرز القوى التجارية في أميركا اللاتينية (البرازيل والأرجنتين وأوروغواي وباراغواي).

وأكد وزير الاقتصاد الفرنسي برونو لومير الأربعاء لقناة «سي نيوز» أن اتفاق التجارة الحرة مع دول زراعية مهمة «لا يعود بالفائدة على مربينا ولا يمكن ولا يجوز توقيعه في وضعه الحالي».

وكانت باريس قد أعربت صراحة عن معارضتها لإبرام هذا الاتفاق التجاري، مما سبب توترات مع المفوضية الأوروبية المسؤولة عن المفاوضات التجارية للدول الأعضاء في التكتل.

ومن المقرر أن يجتمع الرئيس إيمانويل ماكرون الذي رفض «تحميل أوروبا المسؤولية» لكنه تعهد الدفاع عن العديد من مطالب المزارعين الفرنسيين في بروكسل، مع رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين الخميس، على هامش القمة الأوروبية حول دعم أوكرانيا.

وقد صاغت المفوضية بالفعل تنازلات بشأن مسألة إراحة الأرض الالزامية.

توسع الحراك

وامتد الحراك الغاضب إلى جميع أنحاء القارة، فبعد التظاهرات التي شهدتها ألمانيا وبولندا ورومانيا وبلجيكا وإيطاليا في الأسابيع الأخيرة، أعلنت النقابات الزراعية الرئيسية الثلاث في اسبانيا الثلاثاء انضمامها إلى التحرك، مع عمليات تعبئة في كل أنحاء البلاد خلال الأسابيع المقبلة للتنديد بالقواعد الأوروبية.

احتجاج لمزارعين إيطاليين في أفيلينو بجنوب البلاد (إ.ب.أ)

وشهدت إيطاليا أيضا تظاهرات عفوية في الأسابيع الأخيرة، واحتج الثلاثاء عشرات المزارعين بجراراتهم قرب ميلانو (شمال) قائلين إنهم تعرضوا «للخيانة من أوروبا».

من جهتها، تعهّدت الحكومة اليونانية التي تواجه أيضا احتجاجات متزايدة من القطاع الزراعي، الثلاثاء تسريع دفع المساعدات المالية للمزارعين المتضررين من فيضانات العام الماضي.

وساهمت السياسة الزراعية الأوروبية المشتركة الجديدة التي عززت الأهداف البيئية الملزمة منذ العام 2023، وقانون «الميثاق الأخضر» الأوروبي، وإن لم يدخل حيز التنفيذ بعد، بشكل خاص في إثارة الغضب.

وإذ كانت فرنسا المستفيد الأول من الإعانات الزراعية الأوروبية التي تجاوزت قيمتها تسعة مليارات يورو سنويا، إلا أن مزارعيها نددوا بالسياسة الزراعية المشتركة.

وأكد رئيس الحكومة غابريال أتال الذي تولى منصبه قبل أقل من شهر، الثلاثاء ضرورة «وجود استثناء زراعي فرنسي» ووعد بأن تكون الحكومة جاهزة للاستجابة للأزمة.

وصدرت تعليمات للشرطة الفرنسية التي تمت تعبئتها بكثافة، بعدم التدخل.

لكن وزير الداخلية جيرالد دارمانان حذر المزارعين «من الدخول إلى رونجيس والمطارات الباريسية وباريس. لكن إذا اضطروا إلى ذلك، فإني أكرر بالطبع، أننا لن نسمح بذلك إطلاقاً»، وفق ما أوردته وكالة الصحافة الفرنسية.


مقالات ذات صلة

الآلاف يتظاهرون في أوروبا دعماً لغزة بعد عام على اندلاع الحرب

أوروبا فلسطينيون يحملون أعلاماً ولافتات في سيدني بأستراليا خلال مظاهرة تطالب بوقف إطلاق النار في غزة (أ.ف.ب)

الآلاف يتظاهرون في أوروبا دعماً لغزة بعد عام على اندلاع الحرب

تظاهر آلاف الأشخاص دعما لغزة في أوروبا وجنوب أفريقيا ومئات في فنزويلا في الذكرى السنوية الأولى لبدء الحرب بين إسرائيل وحركة «حماس».

«الشرق الأوسط» (لندن)
أوروبا امرأة أفغانية تدفع عربة يد خارج مدينة مزار شريف (أ.ف.ب)

القضاء الأوروبي: كل النساء الأفغانيات يحق لهن طلب وضع لاجئ في دول الاتحاد

قضت محكمة العدل الأوروبية، الجمعة، بأن الجنسية والجنس «كافيان» لدولة عضو في الاتحاد الأوروبي لمنح حق اللجوء للنساء الأفغانيات بسبب «الإجراءات التمييزية».

«الشرق الأوسط» (فيينا)
أوروبا رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان يصل إلى قمة زعماء الاتحاد الأوروبي في بروكسل ببلجيكا 30 مايو 2022 (رويترز)

«المفوضية الأوروبية» تقاضي المجر بتهمة انتهاك الحقوق الأساسية للاتحاد

قررت «المفوضية الأوروبية»، اليوم (الخميس)، اتخاذ إجراءات قانونية ضد المجر على خلفية انتهاك الحقوق الأساسية للاتحاد الأوروبي.

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
أوروبا مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل (أ.ف.ب)

بوريل: يجب تجنُّب أي تدخل عسكري آخر في لبنان

قال مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، الاثنين، إنه من الضروري تجنُّب أي تدخلات عسكرية أخرى في لبنان.

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
أوروبا مارين لوبن (رويترز)

بدء محاكمة مارين لوبن بتهمة اختلاس أموال أوروبية

بدأت محاكمة زعيمة حزب اليمين المتطرف في فرنسا مارين لوبن إلى جانب 24 عضوا في حزب التجمع الوطني، بتهمة استخدام أموال الاتحاد الأوروبي لتمويل رواتب موظفين.

«الشرق الأوسط» (باريس)

حرب أوكرانيا والوضع في الشرق الأوسط أولوية اجتماع بين شولتس وبايدن وماكرون وستارمر

المستشار الألماني أولاف شولتس في المؤتمر السنوي الثالث والعشرين للمجلس الألماني للتنمية المستدامة (د.ب.أ)
المستشار الألماني أولاف شولتس في المؤتمر السنوي الثالث والعشرين للمجلس الألماني للتنمية المستدامة (د.ب.أ)
TT

حرب أوكرانيا والوضع في الشرق الأوسط أولوية اجتماع بين شولتس وبايدن وماكرون وستارمر

المستشار الألماني أولاف شولتس في المؤتمر السنوي الثالث والعشرين للمجلس الألماني للتنمية المستدامة (د.ب.أ)
المستشار الألماني أولاف شولتس في المؤتمر السنوي الثالث والعشرين للمجلس الألماني للتنمية المستدامة (د.ب.أ)

يستقبل المستشار الألماني أولاف شولتس، صباح السبت في برلين، الرئيسَين الأميركي والفرنسي جو بايدن وإيمانويل ماكرون، ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر؛ لبحث الحرب في أوكرانيا، والوضع في الشرق الأوسط، على ما أفاد مصدر حكومي ألماني.

ويندرج هذا اللقاء في إطار زيارة جو بايدن لألمانيا؛ حيث يُنتظَر وصوله مساء الخميس.

ومن المنتظر أن يشارك القادة بعد ظهر السبت في اجتماع للدول الحليفة لأوكرانيا في «قاعدة رامشتاين» الأميركية في جنوب غربي ألمانيا.

في سياق متصل، قال متحدث باسم رئيس الوزراء البريطاني، اليوم (الثلاثاء)، إن ستارمر سيركز خلال المحادثات على الحرب في أوكرانيا، وأحدث التطورات في الشرق الأوسط. وقال المتحدث للصحافيين: «سيناقش القادة الوضع في أوكرانيا، وكذلك التطورات المثيرة للقلق في الشرق الأوسط»، وفق وكالة «رويترز» للأنباء.

ويُعقَد الاجتماع في مرحلة حساسة جداً لأوكرانيا قبل الانتخابات الرئاسية الأميركية في نوفمبر (تشرين الثاني) التي قد يُعاد بعدها النظر في الدعم الذي تتلقاه من واشنطن، أحد مزوديها الرئيسيين بالأسلحة والمال.

وينتقد المرشح الجمهوري دونالد ترمب منذ فترة طويلة تخصيص الولايات المتحدة مليارات الدولارات لدعم أوكرانيا.

ومع التصعيد العنيف المسجل في الشرق الأوسط، جدّد قادة ألمانيا والولايات المتحدة وفرنسا والمملكة المتحدة، في الأيام الأخيرة، دعواتهم لوقف إطلاق النار في غزة، ووقف الحرب الدائرة بين إسرائيل و«حزب الله» اللبناني.

وطلب ماكرون، السبت، وقف إمدادات الأسلحة إلى إسرائيل التي تُستخدَم في قطاع غزة؛ ما أثار غيظ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

وامتنع بايدن حتى الآن عن التهديد بوقف إرسال الأسلحة؛ للضغط على إسرائيل، باستثناء تعليق شحنة قنابل ثقيلة في مايو (أيار).

خلال زيارته لألمانيا سيجري بايدن أيضاً محادثات ثنائية مع المستشار الألماني، والرئيس فرنك فالتر شتاينماير.