برلين: مخاوف من تحول احتفالات ليلة رأس السنة إلى أعمال شغب

وزيرة الداخلية تحذر من «ليلة غضب أعمى» على خلفية الحرب في غزة

سيدة تشتري مفرقعات نارية لليلة رأس السنة في برلين (إ.ب.أ)
سيدة تشتري مفرقعات نارية لليلة رأس السنة في برلين (إ.ب.أ)
TT

برلين: مخاوف من تحول احتفالات ليلة رأس السنة إلى أعمال شغب

سيدة تشتري مفرقعات نارية لليلة رأس السنة في برلين (إ.ب.أ)
سيدة تشتري مفرقعات نارية لليلة رأس السنة في برلين (إ.ب.أ)

ليس غريباً أن تتحول شوارع برلين ليلة رأس السنة إلى «مواجهات بالمفرقعات النارية». لكن هذا العام، تتخوف السلطات الألمانية من أن تتحول هذه المواجهات الاحتفالية عادة إلى مواجهات حقيقية بين سكان العاصمة والشرطة، تغذّيها التوترات في الأشهر الأخيرة على خلفية منع مظاهرات مؤيدة لفلسطين.

وعبّرت وزيرة الداخلية نانسي فيزر عن مخاوفها من أن تتحول احتفالات رأس السنة في برلين إلى احتجاجات عنيفة بسبب الحرب في غزة، وقالت: «أنا قلقة من أن تتحول احتفالات رأس السنة إلى يوم غضب أعمى، وعنف غير محسوب في بعض المدن، خصوصاً ضد الشرطة أو عمال الإنقاذ». والعام الماضي، شهدت أحياء برلين التي تعيش فيها جاليات عربية كبيرة جرعة من هذه الاشتباكات وأعمال الشغب عندما أحرق «محتفلون» حافلةً في وسط شارع زوننآليه المعروف بـ«شارع العرب» في مقاطعة نويكولن، وأطلقوا المفرقعات على رجال الشرطة وسيارات الإطفاء حتى الإسعاف. ولم يتمكن عناصر الشرطة آنذاك الذين تفاجأوا بحجم الغضب الموجه ضدهم، من المواجهة، بل اكتفوا بترك المنطقة تشتعل طوال الليل.

إجراءات استباقية

هذا العام، تبدو السلطات في برلين عازمة على منع تكرار مشاهد شبيهة. فقد منعت المفرقعات في المناطق الأكثر حساسية، مثل شارع العرب ومنطقة ساحة ألكسندر وسط برلين. وزادت عدد سيارات الشرطة المنتشرة في هذه المناطق، واستقدمت تعزيزات من الشرطة الفيدرالية وشرطة ولايتي ساكسونيا وساكسونيا السفلى للتصدي لأي محاولات لخرق القواعد الجديدة، بمنع استخدام المفرقعات في تلك المناطق. وحذّر المسؤولون بأنه لن يكون هناك تهاون مع من يخرق القانون.

مفرقعات نارية لليلة رأس السنة تباع في أحد الأكشاك في برلين (إ.ب.أ)

وذهب عناصر الشرطة والإسعاف أبعد من ذلك بنشر فيديوهات «توعية» تطلب من المحتفلين بعدم الاعتداء عليهم «لأننا هنا لخدمتهم». وحذروا، في المقابل، من أن الاعتداء على الشرطة قد يكلف المعتدين 3 سنوات في السجن و«يضيع مستقبلهم». وطوال الأشهر الماضية، عملت الشرطة مع البلديات المحلية في برلين لتوعية الشبان في المدارس على دور الشرطة وضرورة احترامهم، وناشدوا الأهالي المساعدة في توعية أبنائهم على ضرورة عدة الاعتداء على الشرطة.

ومنذ أيام تنتشر الشرطة بشكل أكبر في «شارع العرب» ومناطق أخرى تعدها «مشكلة». وتسمع طائرات الهليكوبتر تحلق في المنطقة بحثاً عن مخازن مفرقعات نارية غير مشروعة. فقد تم ضبط عدد من المخازن حتى الآن تبيع مفرقعات غير مسموح بها. فبيع المفرقعات محصور في الليلتين قبل رأس السنة فقط لمنع شراء كميات كبيرة وتخزينها.

غضب واسع

لكن كل هذا قد يكون بلا جدوى. فالغضب في المناطق حيث تركز كبير لمن هم من أصول مهاجرة وللمهاجرين، زاد في الأسابيع الماضية ضد الشرطة التي قمعت تظاهرات مؤيدة لفلسطين بالقوة في الكثير من الأحيان. ورغم أن الشرطة كانت تنفذ قوانين الحكومة الألمانية التي قررت منع التظاهرات، فقد واجه عناصر الشرطة انتقادات باستخدام القوة المفرطة ضد المحتجين. وانتشرت فيديوهات لعناصر من الشرطة في بداية حرب غزة، ينتزعون يافطات مكتوبة بالعربية وملصقة في «شارع العرب»، حتى ولو لم تكن مرتبطة بفلسطين.

وزيرة الداخلية الألمانية نانسي فيزر (إ.ب.أ)

وانتقدت رابطة الشرطة عدم منع المفرقعات بشكل كامل في ليلة رأس السنة كما كانت بعض الدعوات، وقالت إن منعها في بعض المناطق يصعب من عملها ويزيده تعقيداً. وأكثر من ذلك، يبدو أن الشرطة ستكون عليها مواجهة تظاهرات مؤيدة لفلسطين تم تسجليها ليلة رأس السنة. وحتى الآن رفض واحدٌ من هذه الطلبات، وقد يتم حظر التظاهرات الأخرى كذلك.

وبررت رئيسة الشرطة في برلين، باربرا سلوفيكن، الحظر بالقول إن هناك «خشية من وقوع جرائم في منطقة التظاهرات التي طلب ترخيصها». وأضافت أن الوضع «عاطفي»، وأن هناك توقعات بأن «يستخدم بعض المحتجين مكان التجمع لارتكاب جرائم». ورأت أنه سيكون من الصعب منع التصعيد، ولذلك كان القرار بعدم منح التظاهرة الترخيص المطلوب.

وتتحدث رئيسة الشرطة عن جرائم تتعلق بمعاداة السامية وهتافات قد تخرج ضد إسرائيل أو مؤيدة لـ«حماس»، المصنفة إرهابية في ألمانيا. ودافع مارتن هيكل، عمدة نويكولن المقاطعة التي تضم أكثر عدد ممن هم من أصول مهاجرة وعربية في برلين، عن الحظر قائلاً إن «العديد من المتظاهرين ليسوا عازمين على إظهار التضامن مع غزة، بل يريدون استخدام التجمع لإثارة الشغب».


مقالات ذات صلة

الديمقراطيون في أميركا يحثّون على التوصل لهدنة في غزة

الولايات المتحدة​ البيت الأبيض (أرشيفية - رويترز)

الديمقراطيون في أميركا يحثّون على التوصل لهدنة في غزة

جدّد عدد من المشرّعين من الحزب الديمقراطي بالولايات المتحدة، الأحد، دعواتهم لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة «حماس» بعد مقتل 6 رهائن في نفق بقطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي أحد أفراد قوات الأمن الإسرائيلية يحاول إخراج مشارك في مظاهرة خارج مكتب رئيس الوزراء في القدس طالبت بالعودة الفورية للرهائن في غزة (رويترز)

هل تغيرت تعليمات احتجاز الأسرى الإسرائيليين في غزة؟

سلّطت الاتهامات المتبادلة بين إسرائيل و«حماس» حول التسبب في قتل المختطفين الإسرائيليين الستة الضوء على ظروف احتجازهم وطبيعة التعليمات المعطاة للمكلفين بحراستهم.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شمال افريقيا فلسطينيون يتفقدون منازلهم شرق دير البلح وسط قطاع غزة بحثاً عن أشياء يمكن انتشالها من بين الأنقاض (أ.ف.ب)

«مقتل رهائن» و«ضغوط الداخل» الإسرائيلي... هل يعجّلان «هدنة غزة»؟

فجَّر إعلان إسرائيل العثور على جثث رهائن بقطاع غزة موجة احتجاجات واسعة؛ رفضاً لسياسات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شؤون إقليمية جانب من جنازة ألموغ ساروسي في مدينة رعنانا الإسرائيلية اليوم (أ.ف.ب)

إسرائيل: الرهائن قتلوا من مسافة قريبة جداً بين الخميس وصباح الجمعة

أفادت وزارة الصحة الإسرائيلية بأن التشريح الذي أجري صباح اليوم (الأحد) لجثث الرهائن الـ6 أظهر أنهم قتلوا «من مسافة قريبة جداً بين الخميس وصباح الجمعة».

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شمال افريقيا بدر عبد العاطي خلال لقاء سيغريد كاغ في القاهرة (الخارجية المصرية)

مصر تدين سياسة «الأرض المحروقة» في الضفة الغربية

أدانت مصر «استمرار الاعتداءات العسكرية الإسرائيلية في الضفة الغربية، التي أدت لاستشهاد وإصابة عشرات الفلسطينيين على مدار الأيام الماضية».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

ماكرون يواصل مباحثاته بشأن تعيين رئيس جديد للوزراء

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (د.ب.أ)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (د.ب.أ)
TT

ماكرون يواصل مباحثاته بشأن تعيين رئيس جديد للوزراء

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (د.ب.أ)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (د.ب.أ)

يستقبل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون رئيس الوزراء الاشتراكي السابق برنار كازنوف، والقيادي في حزب الجمهوريين (يمين) كزافييه برتران، الاثنين، في إطار مباحثاته بشأن تعيين رئيس جديد للوزراء بعد نحو شهرين من الانتخابات التشريعية التي أفرزت جمعية وطنية تفتقر إلى غالبية.

وبحسب وكالة الصحافة الفرنسية، يشهد الإعلان عن اللقاءين على تسارع المشاورات التي تدخل مرحلتها النهائية بعد 55 يوماً من الأزمة السياسية. ويتردد اسما الوزيرين السابقين، أحدهما من اليسار، والآخر من اليمين، لتولي رئاسة الحكومة في ظل المشهد السياسي المعقد للغاية.

يلتقي ماكرون صباحاً كازنوف، الذي يرى مراقبون أنه المرشح الأوفر حظاً. وقال مصدر مقرب من الرئيس إن تعيينه رئيساً للوزراء «احتمال، لكنه ليس مؤكداً»، مضيفاً: «إنه خيار ولكن علينا أن ننظر من كثب». ويجتمع الرئيس بعد ذلك مع سلفيه فرنسوا هولاند (2012 - 2017) ونيكولا ساركوزي (2007 - 2012). ومن المتوقع أن يستقبل كزافييه برتران في الإليزيه بعد الظهر.

وبحسب أوساط ماكرون، من المحتمل أن يتم تعيين رئيس جديد للوزراء، الثلاثاء.

شغل برنار كازنوف حقيبة الداخلية في وقت الهجمات الجهادية الدامية عام 2015، كما عيّنه هولاند رئيساً للوزراء في الأشهر الأخيرة من ولايته. ويبحث ماكرون عن رئيس للوزراء لن تعرقل القوى السياسية في الجمعية الوطنية تعيينه.

لذلك استبعد تعيين لوسي كاستيه التي اقترحتها «الجبهة الشعبية الجديدة»، التحالف اليساري الذي تصدر نتائج الانتخابات التشريعية الأخيرة.

وبات تشكيل حكومة جديدة أمراً ملحاً مع ضرورة تقديم موازنة عام 2025 إلى البرلمان، بحلول الأول من أكتوبر (تشرين الأول) على أبعد تقدير.