اتخذت لجنة الانتخابات المركزية الروسية قرارا بإجراء انتخابات الرئاسة المقررة في مارس (آذار) المقبل، في المناطق الأوكرانية التي تم ضمها بشكل أحادي إلى روسيا العام الماضي. وجاء القرار على الرغم من تحذيرات أوساط روسية في وقت سابق بأن الخطوة قد تواجه صعوبات ميدانية واسعة.
وبذلك تكون اللجنة حسمت الجدل حول هذا الموضوع، بعدما أعلنت رئيستها إيلا بامفيلوفا في وقت سابق، أن القرار النهائي بهذا الشأن يجب أن يتخذ بعد إجراء مشاورات مع الجيش الروسي والأجهزة الأمنية والهيئات القيادية في تلك الأقاليم، فضلاً عن الرئاسة الروسية التي كان لها كما يبدو الكلمة الرئيسية في حسم النقاش.
ونقلت وكالة أنباء «نوفوستي» الرسمية أن أعضاء اللجنة «اتخذوا هذا القرار بعد مشاورات مع جهاز الأمن الفيدرالي ووزارة الدفاع ورئيسي جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك الشعبيتين ومنطقتي زابوروجيا وخيرسون».
وأعلن نائب رئيس لجنة الانتخابات نيكولاي بولايف أن اللجنة سوف توجه خطابا رسميا في شأن قرارها إلى رئيس البلاد بصفته صاحب السلطة العليا، ورئيس مجلس الاتحاد (الشيوخ) وهي الجهة التي تشرف بحكم الدستور على إجراء الانتخابات. وقال بولايف: «يجب علينا إبلاغ رئيس روسيا ومجلس الاتحاد على الفور بالقرار المتخذ. أطلب منكم إعداد مسودات الرسائل وإرسالها إلى الرئيس والمجلس».
وقال المسؤول الروسي إن اللجنة درست التفاصيل المتعلقة بآليات إجراء التصويت، وهي «مستعدة لمحاولات تعطيل التصويت في المناطق الجديدة من روسيا». وتابع بولايف: «أنا واثق من أن المهمة التي حددناها لأنفسنا عند اتخاذ هذا القرار سيكون لها أثر إيجابي. وليس لدي أدنى شك في أننا سنتعامل معها بجدارة».
ومع إعلان هذا القرار، تكون موسكو قد سارت خطوة نحو تذليل العقبة الأولى التي اعترضت إجراء استحقاقات انتخابية في «منطقة العمليات العسكرية» التي تخضع لأحكام الطوارئ. ويحظر الدستور الروسي إجراء استحقاقات في مناطق من هذا النوع، لكن الرئيس فلاديمير بوتين كان قد مهّد لتذليل العقبة القانونية عندما وقع في مايو (أيار) الماضي قانونا فيدراليا يرفع الحظر المفروض على إجراء الانتخابات والاستفتاءات في المناطق التي تطبق فيها الأحكام العرفية أو أحكام الطوارئ.
«خارج السيطرة»
لكن تبقى أمام السلطات الروسية العقبة الثانية الأكثر خطورة، كما يقول خبراء في موسكو، وهي كيفية التعامل مع واقع لا تسيطر عليه عمليا في كل الأراضي بالمناطق الأربع، وأنها تواجه مقاومة شديدة وهجمات متواصلة فيها. ومن الناحية الإجرائية فإن هذا يعني أن السكان الأصليين لتلك المناطق الذين لجأت غالبيتهم إلى مناطق مختلفة «لن يكونوا قادرين على المشاركة في عمليات تصويت، أو أن الجزء الأعظم منهم وهم الفئات التي فضلت اللجوء إلى عمق الأراضي الأوكرانية لن يكونوا راغبين بذلك» وفقا لتعليق محلل أوكراني رأى أيضاً أن «العالم لن يعترف بأي نتائج تستعد موسكو لفبركتها في هذه المناطق لإعطاء انطباع وكأن الأقاليم قامت بعملية تفويض جديدة لبوتين».
«غواصتان لمراقبة المحيط الهادي»
في غضون ذلك، حضر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مراسم بثها التلفزيون اليوم الاثنين لرفع علم روسيا على غواصتين تعملان بالطاقة النووية وقال إنهما ستبدآن في تسيير دوريات في المحيط الهادي. وسافر بوتين إلى مدينة سيفيرودفينسك بالشمال لتدشين الغواصتين كراسنويارسك والإمبراطور ألكسندر الثالث. وقال بوتين: «قريبا ستبدأ غواصتا ألكسندر الثالث وكراسنويارسك في مراقبة المحيط الهادي».
وبخصوص التطورات الميدانية في أوكرانيا، تواصلت مواجهات ضارية على كل خطوط التماس. وأعلن الجيش الأوكراني أنه أسقط فجر الاثنين ثمانية صواريخ أطلقتها روسيا باتجاه كييف فيما تحدثت السلطات المحلية عن إصابة أربعة أشخاص تم إسعافهم. ومن جهة أخرى، أعلنت القوات الجوية لكييف أن موسكو أطلقت ليل الأحد - الاثنين 18 مسيّرة من طراز «شاهد» من شبه جزيرة القرم قبل أن تدمرها الدفاعات الأوكرانية، «ومعظمها في منطقة ميكولاييف» (جنوب). وقالت القوات الجوية الأوكرانية على «تلغرام»: «وفق المعلومات الأولية، حوالي الساعة الرابعة صباحا» بدأت روسيا «هجوما صاروخيا على منطقة كييف». وأضافت «في المجمل، دمر الدفاع الجوي ثمانية أهداف جوية كانت تحلق في اتجاه العاصمة في مسار باليستي».
بدورها، أعلنت موسكو أنها حققت تقدما طفيفا على محور بلدة مارينكا في دونيتسك، فيما استمرت الهجمات الأوكرانية على غالبية المحاور وخصوصا في خيرسون وزابوريجيا ودونيتسك على الرغم من بروز توقعات بأن تهدأ وتيرة القتال قريبا «مع زيادة كثافة الثلوج وبروز صعوبات أمام محاولات التقدم» وفقا لوسائل إعلام روسية قالت إن موسكو «جهزت لمواجهة الهجوم الأوكراني مساحات واسعة من مناطق الألغام الأرضية التي سوف تمنع أي محاولات للتقدم عندما تشتد صلابة الأرض بفعل الثلوج».
وأفاد الناطق العسكري الروسي بأن «القوات الروسية المهاجمة عززت مواقعها قرب بلدة غورغييفكا في مدينة مارينكا، وتقوم بتنفيذ جولات استطلاع في حزام الغابات المجاور للبلدة، لتحديد نقاط إطلاق النار الأوكرانية وتدميرها». وأشار إلى أن وحدات القوات الأوكرانية التي انسحبت جزئيا من المدينة واصلت قصفها بقذائف الهاون وقاذفات القنابل اليدوية.
وأعلنت وزارة الدفاع الروسية في الإحاطة اليومية لمجريات القتال، تكبيد الجيش الأوكراني أكثر من 570 قتيلا وجريحا وإحباط 18 هجوما على محور دونيتسك، خلال الساعات الـ24 الماضية، وإسقاط 24 مسيرة أطلقتها قوات كييف على مختلف المحاور خلال هذه الفترة.
واللافت، وفقا للبيان العسكري الروسي، أن الهجمات التي قالت موسكو إنه تم إحباطها اتسعت في نطاقها لتشمل عمليات كل خطوط التماس. وأشار الناطق إلى صد هجوم واسع على محور كوبيانسك في مقاطعة خاركيف شرق أوكرانيا، وفي كراسني ليمانسك في دونيتسك، حيث واجهت القوات الروسية 18 هجوماً قالت إنها أحبطتها.
كذلك، أعلنت موسكو صد هجوم واسع في جنوب دونيتسك ونجاحها في «القضاء على 80 عسكريا أوكرانيا وتدمير مدافع وأسلحة غربية». وفي زابوريجيا صدت القوات الروسية وفقاً للإحاطة 4 هجمات، ومثلها على محور خيرسون. وقال البيان العسكري إنه تم إسقاط 24 مسيرة في لوغانسك ودونيتسك وزابوروجيا وخيرسون.
«هدوء الطموحات»
على صعيد آخر، قال سفير المهام الخاصة بوزارة الخارجية الروسية روديون ميروشنيك إن ظروف الشروع بمفاوضات جادة قد تنضج حين «تهدأ الطموحات السياسية لأطراف غربية». وقال ميروشنيك إن الصراع الأوكراني سوف ينتهي بالتفاوض مع الغرب وليس مع أوكرانيا. وبحسب الدبلوماسي، فإن الظروف لبدء المفاوضات ستكون ناضجة «عندما تخمد حماسة الرعاة، وعندما تهدأ الطموحات السياسية، وعندما (...) يفهم الشعب الأوكراني في نهاية المطاف أن الحكومة الموجودة في أوكرانيا اليوم ليست حكومة أوكرانية».